تراجعوا عن المشاركة في السباق الرئاسي.. هل أفلست شعبية الإخوان في تونس؟

تراجعوا عن المشاركة في السباق الرئاسي.. هل أفلست شعبية الإخوان في تونس؟

تراجعوا عن المشاركة في السباق الرئاسي.. هل أفلست شعبية الإخوان في تونس؟


06/05/2024

 

بعد أشهر من المشاورات والنقاشات، بدا أن الإخوان، الذين تراجعوا عن الترشح لانتخابات الرئاسية المقررة خريف هذا العام، قد أفلسوا سياسيا وتآكل رصيدهم الانتخابي حد التلاشي، ويقفون اليوم عاجزين عن إيجاد مرشح لإقناع التونسيين مجددا بانتخابهم مرة أخرى، برغم ما عاشته البلاد خلال "العشرية السوداء".

وسبق أن أعلنت حركة النهضة الإخوانية مقاطعة الانتخابات النيابية والمحلية الأخيرة مع توقعها خسارة تعزز من شرعية سعيد المستقرة أصلا، لكن قيادات في الحركة على غرار الأمين العام لحركة النهضة العجمي الوريمي لم يستبعد المشاركة في الانتخابات الرئاسية غير أنه نفى نفيا قاطعا إمكانية ترشيح الحزب الإسلامي لمرشح في الاستحقاق القادم.

وشدد، حينها، على أن النهضة يمكن أن تدعم مرشحا توافقيا يحمل أفكارا تدعو للتعددية السياسية وقادرا على إعادة المسار الديمقراطي، وذلك قبل إعلان عدم المشاركة.

في الأثناء، تعمل العديد من القوى السياسية والأوساط الشعبية على قطع الطريق أمام عودة المنظومة السابقة لجماعة الإخوان وهو ما يظهر في بيانات ومواقف العديد من الأحزاب والحركات السياسية.

ولم يعلن سعيد بعد نيته الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، لكنه قال في تصريحات نقلتها وسائل إعلام، في شباط/فبراير الماضي، إن "الانتخابات ستجري في موعدها"، وإنه "تم احترام كافة المواعيد الانتخابية السابقة".

مناورات إخوانية

والأسبوع الماضي، أعلنت جبهة الخلاص الوطني التي تقودها حركة النهضة الإخوانية عدم مشاركتها بالانتخابات الرئاسية في تشرين الأول/أكتوبر المقبل، بداعي "غياب شروط التنافس" رغم دعوات قيادات فيها للمشاركة بغية تغيير الوضع وذلك في مؤتمر صحفي عقده رئيس جبهة الخلاص الوطني أحمد نجيب الشابي، الثلاثاء، بالعاصمة تونس.

وقال الشابي إن "موقف جبهة الخلاص الوطني (ائتلاف من 6 أحزاب منها حركة النهضة) هو عدم تقديم مرشحا للانتخابات الرئاسية". وأرجع ذلك القرار إلى أن "شروط التنافس غير موجودة"، دون تفاصيل.

لكنه استدرك بأنه "إذا تغيرت الشروط، سيكون لكل حادث حديث"، في إشارة إلى احتمالية مشاركة الجبهة في الانتخابات المرتقبة.

وأضاف "الانتخابات استحقاق نتمسك به، لكن الشروط (من أجل التنافس) منعدمة لكننا سنعمل على تغييرها، وإذا لم تتطور الأمور لن نكون جزءا من المسرحية الانتخابية".

ويرى مراقبون أن موقف جبهة الخلاص مجرد ذريعة بعد التراجع الكبير لخطاب المعارضة منذ اتخاذ الرئيس الإجراءات الاستثنائية في 25 يوليو/تموز 2021 والقيام بإصلاحات والكشف عن حجم الفساد في العشرية الماضية.

تعقيبا على ذلك ، يرى عبد المجيد العدواني الناشط والمحلل السياسي التونسي، أن الإخوان "يناورون خصوصا أنهم يدركون جيدا أن استخدام أوراق محروقة لن يكون في صالحهم"، ويقول في تصريح لـ"العين الإخبارية" إن الإخوان "لم يتفقوا حتى الآن على اسم مرشح، فيما يعتقد أن الاختيار يتأرجح بين أحمد نجيب الشابي رئيس جبهة الخلاص وعبد اللطيف المكي وزير الصحة الأسبق".

واستدرك: "لكن الجماعة تدرك جيدا حجم اللفظ الشعبي لها، فعندما رشحت نائب رئيس حركة النهضة عبد الفتاح مورو في الانتخابات الرئاسية لسنة 2019، خسرت بشكل كبير".

العدواني أشار إلى أن معظم قيادات "النهضة" تعي أن الحركة انتهت سياسيا ولم تعد حزبا صالحا للحكم كما لا يمكنها ترشيح أي شخص من داخلها لذلك أرادت من خلال هذا المؤتمر الصحفي البحث عن توافقات لتتخفى وراءها".

وخلص الخبير إلى أنه "لذلك هناك إمكانية أن تقيم الحركة الإخوانية تحالفا مع شخصية سياسية مرشحة للانتخابات على أمل العودة إلى المشهد السياسي بعد أن لفظها الشارع التونسي".

إفلاس سياسي 

من جهتها، شددت الأستاذة في كلية العلوم القانونية والاقتصادية والتصرف بالجامعة التونسية سلمى السعيدي، على أنه لن يكون للنهضة وجود في المشهد السياسي بعد الانتخابات الرئاسية، ولن تنجح محاولاتها في تعطيل مسيرة الاستحقاق الذي سيتم في موعده، حسب تأكيدات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

وأوضحت السعيدي في تصريح لـ "الاتحاد" أن الحركة انتهت تماماً، ولم يعد لديها أي ظهير شعبي في الشارع التونسي، وبالتالي فإن البلاد تتجه نحو إرساء مشهد سياسي بلا إخوان، بعدما لفظ الشعب الحركة الإخوانية، وأصبحت مكروهة.

وأشارت إلى أن الوعي التونسي بمعركة التحرير والثقة في الرئيس قيس سعيد تظهر من خلال نتائج الاستطلاعات، وهو مؤشر إيجابي على تفاعل المجتمع مع الأحداث السياسية الحالية، بحسب ما أظهرته نتائج الاستطلاعات، رغم العديد من محاولات الضغط وحملات التشويه الممنهج من بعض الجهات المعارضة للتأثير في التصويت في الانتخابات الرئاسية.

وكان عدد من السياسيين قرروا الترشح للانتخابات الرئاسية على غرار النائب السابق الصافي سعيد والأمين العام لحزب الاتحاد الشعبي الجمهوري لطفي المرايحي ورئيسة الحزب الدستوري الحر الموقوفة عبير موسي والإعلامي نزار الشعري والوزير السابق ناجي جلول والوزير الأسبق المنذر الزنادي وغيرهم.

هل يعود الإخوان عبر بوابات أخرى؟

هذا وشهدت حركة "النهضة"، استقالات منذ سنوات كان أبرزها استقالة جماعية لحوالي 113 قياديًا بينهم برلمانيون سابقون، ووزراء سابقون، برروا تحركهم برفض الغنوشي التخلي عن قيادة الحركة، ولم تنجح الحركة التي تم إيقاف معظم رموزها من بينهم رئيسها الغنوشي ونائبه علي العريض، في تنظيم مؤتمرها الحادي عشر وسط خلافات حول قيادتها.

وتتجه الأنظار مؤخراً إلى "حزب العمل والإنجاز"، الذي ضمّ العناصر الإخوانية المستقيلة من حركة النهضة، واستقبل عدداً آخر من المنسحبين الجدد من الحركة التي تواجه قراراً بتصنيها إرهابية.

الحزب الذي أسسه قبل عام الإخواني عبد اللطيف المكي، عقد مؤتمره الأول، السبت، في ظرف سياسي دقيق تمر به البلاد، ما يطرح تساؤلات حول دوره في المستقبل وعلاقته بحركة النهضة التي تعيش ظروفاً صعبة بعد اعتقال رئيسها راشد الغنوشي وعدد من قياداتها في قضايا مختلفة.

ويشكك متابعون لمجريات الأحداث السياسية في تونس في قطع القيادات المنشقة عن النهضة مع الحركة خاصة وأنّ أغلب هذه القيادات لم تقم بأي مراجعات تذكر، حيث تنكر أي دور للحركة في الأزمة السياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد رغم أنّها قادت أغلب الحكومات منذ العام 2011.

ويُعتبر عبد اللطيف المكي، أحد أبرز القيادات العليا لـ"حركة النهضة" الإخوانية، فهو أحد نوابها في البرلمان وكان وزيراً للصحة، ويُعرف بأنّه من صقورها، وكان أحد المرشحين النهضويين لرئاسة الحكومة، وكذلك لخلافة راشد الغنوشي على رأس الحركة لولا إجراءات 25 تموز / يوليو 2021 التي عصفت بالحركة.
 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية