"قوات الفجر".. الجناح العسكري للإخوان

"قوات الفجر".. الجناح العسكري للإخوان

"قوات الفجر".. الجناح العسكري للإخوان


01/05/2024

ماهر فرغلي

يستدعى الإخوان النظام الخاص المسلح وقت الأزمة، ويخفونه وقت الدعوة، وحيثما أرادوا يشرعنون الأدلة على جواز الحالة الأولى أو الثانية، وخلال الأيام الفائتة اتضح هذا الأمر، فى ظهور «قوات الفجر» بشكل لم يسبق له مثيل فى استعراضات عسكرية فى عكار بلبنان.

ولمن لا يعلم فـ«قوات الفجر» تشكّلت من بعض الشباب المنتمين إلى الجماعة الإسلامية (الإخوان المسلمون - لبنان) بعد الاجتياح الإسرائيلى عام 1982، فى المناطق الجنوبية من صيدا إلى قرى العرقوب الحدودية، وبعد حملة اعتقالات طالت الجماعة الإسلامية من قبَل القوات الإسرائيلية، طالت القيادات والعناصر التابعة للجماعة فى صيدا، انتقلت مجموعات من الجماعة إلى طرابلس وبيروت، واستأجرت لهم بيوتاً، والبعض منهم كان يتحرك لشن هجمات على طريق صيدا - بيروت، وكان التنسيق مع «حزب الله»، الذى كان فى أولى بداياته المتواضعة.

وعقب تحرير صيدا فى 16 فبراير 1985 حافظت «الجماعة الإسلامية» على قوة «رمزية» لها فى عداد قوات «حزب الله» فى الجنوب تعمل وفق قرار قيادته، ثم اختفت منذ عام 2006، وظهرت مؤخراً عقب أحداث غزة الأخيرة، لتعلن عن عملياتها العسكرية فى الجنوب اللبنانى، ولتلعب دوراً بديلاً عن «حزب الله»، فى اتفاق بين الطرفين، وفى يوم 21 أكتوبر الماضى، قالت، فى بيان، إنها وجّهت ضربات صاروخية جديدة ومركّزة، استهدفت مواقع إسرائيلية فى الجنوب، وحققت فيها إصابات مباشرة.

فى عام 2019 لم يتمكن أمين الجماعة الإسلامية «عزام الأيوبى» من بسط سيطرته على الجماعة وجناحها العسكرى بشكل قوى، الأمر الذى دفعه لاتخاذ قرار بإقالة قائد «قوات الفجر» خالد بديع، وقيادات عسكرية أخرى، بدعوى وجود شوائب مالية وتنظيمية فى عمل الجهاز، وعيّن طلال الحجار، من منطقة إقليم الخروب جنوبى بيروت، قائداً جديداً للجهاز. لكن جميع المعزولين رفضوا تنفيذ القرار وأصروا على الاستمرار فى مواقعهم، حتى لو أدى ذلك إلى حدوث انشقاقات فى الجماعة، ما اضطر الأمين العام الجديد للتراجع عن قراره.

كان نتاج ذلك انقسام الذراع العسكرية للجماعة إلى قسمين؛ قسم يقوده خالد بديع ويتبع له أفراد «قوات الفجر» فى صيدا (مسقط رأس بديع) وطرابلس وعكار، وقسم آخر بقيادة «الحجار» يتبع له الأعضاء من الإقليم ومناطق الكثافة السنية فى ساحل جبل لبنان والبقاع.

وكان هذا الانقسام يجرى على وقع انقسام آخر داخل الأطر القيادية للجماعة بين خطين سياسيين: واحد موالٍ لتركيا وقطر يتزعمه «الأيوبى» والنائب عماد الحوت، والآخر يريد التحالف مع «حزب الله» و«محور الممانعة»، وتدعمه حركة «حماس» وقياداتها فى لبنان، وعلى رأسهم صالح العارورى، الذى اغتالته إسرائيل بعد 7 أكتوبر.

فيما قائد الجهاز الأمنى لـ«قوات الفجر» هو مقداد قلاوون (سنّى لبنانى من قرية رأس نحاش فى البترون)، وهو المسئول الأول عن تجنيد شبان لبنانيين لصالح جهاز أمن «حماس» من «قوات الفجر».

وتشير الصفحة الرسمية للقوات إلى أنه يطلق عليها (المقاومة الإسلامية - قوات الفجر) لتختلف عن «المقاومة الإسلامية بلبنان» المقصود بها «حزب الله»، وإلى أنها تتبع الجماعة الإسلامية (الإخوان) التى أهم قياداتها ورموزها الأمين العام: الشيخ محمد طقوش. رئيس المكتب السياسى: على أبوياسين. رئيس الجماعة الإسلامية السابق: عماد الحوت. الحاج على بركة، زهير العبيدى، وإبراهيم المصرى، وأما أعضاء المكتب السياسى فهم: الأستاذ مغير سنجابى، المحامى باسم الحوت، والأستاذ عمر سراج، كما أن أهم مؤسسات الجماعة: جمعية النجاة الاجتماعية، رابطة الطلاب المسلمين، رابطة علماء المسلمين، والجمعية الطبية الإسلامية.

وتعمل «قوات الفجر» الآن لتحقيق عدة أهداف، وهى أن تكون المرجعية لأى أعمال عسكرية ضد إسرائيل يقوم بها «حزب الله» ولا يريد الإعلان عنها، كما تخدم الأجندة الحمساوية.

وقد أثبت ظهور «قوات الفجر» وتعاونها مع «حزب الله» الاستراتيجية الجديدة للإسلام السياسى وتشغيله من قبَل الإيرانيين، وأنه لا مشكلة فى التعاون مع إيران لدى غالبية تيارات الإسلام السياسى (حماس - القاعدة - الإخوان) من أجل تحقيق عدة أهداف: التعاون مع إيران يكسب الإخوان وحلفاءها قوة فى المناورة. توفير الدعم، وهذا ما يتضح فى الدعم لـ«حماس والجهاد الإسلامى»، تخفيف الضغط السياسى والتمويلى عن جماعة الإخوان حال فقد الشريك العربى، وتطبيق ما يسمى وحدة الساحات كمحور مفاهيمى للاتحاد بين جماعات الإسلام السياسى.

والحقيقة أن قادة «حزب الله» اتفقوا على استخدام حركة «حماس» للسيطرة على «الجماعة» بشكل كامل حتى باتت «تمتلك تأثيراً كبيراً داخل الجسم التنظيمى للجماعة»، إذ يتقاضى عشرات الأعضاء مخصصات مالية من «حماس».

لقد بدأ الجناح الأمنى والعسكرى المختلط بين قيادة من «حماس» وعناصر من «الجماعة» فى إجراء تدريبات عسكرية منذ العام 2020، أى قبل رحيل عزام الأيوبى عن الأمانة العامة، وذلك رغم رفض «الأيوبى» وخلافه شبه العلنى مع القيّمين على هذا الجهاز، خصوصاً مع رئيس جهاز أمن «الجماعة» فى بيروت سابقاً، محمد طقوش، الذى كان يتحضّر ليتولّى الأمانة العامة من بعد «الأيوبى»، بعد عامين والذى، مثل كثيرين غيره، يتقاضى راتباً من «حماس».

ومن أهم دلالات ظهور «قوات الفجر» فى هذه العروض العسكرية: (1) تأكيد الحضور العسكرى لإخوان لبنان. (2) التوظيف السياسى لعنوان «المقاومة». (3) فرض غطاء سنى حول عمليات «حزب الله»، حيث تملك حضوراً قوياً فى العديد من المناطق الجنوبية الحدودية، خصوصاً فى قرى العرقوب وبعض القرى المتاخمة للحدود (يارين والضهيرة والعباسية)، إضافة إلى دورها فى صيدا ومناطق البقاع الغربى، وكانت لديها سابقاً معسكرات تدريب فى شرق صيدا.

عن "الوطن"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية