أزمة جفاف تضرب العراق.. ما علاقة إيران وتركيا؟

أزمة جفاف تضرب العراق.. ما علاقة إيران وتركيا؟


15/11/2021

يعيش العراق قلقاً متزايداً بسبب نقص المياه الحاد الذي تعاني منه البلاد، خصوصاً بعد أن باتت أغلب سدوده مهددة بالجفاف بسبب شح الأمطار، وكذلك احتكار تركيا وإيران لمياه الأنهار المشتركة، الأمر الذي أثّر بشكل كبير على المنتجات الزراعية التي يحتاجها العراقيون. 

وحذر عون ذياب عبدالله، المستشار في وزارة الموارد المائية بالعراق، من أنّ "المخزون المائي في السدود وصل إلى أوضاع حرجة بسبب استهلاك كميات كبيرة من المياه في فصل الصيف حيث تعول وزارة الموارد المائية على هطول الأمطار خلال فصل الشتاء".

خفضت وزارة الزراعة العراقية مستويات خطتها الزراعية لجميع المحاصيل خلال العام المقبل إلى النصف بسبب تدني مخزون العراق المائي في نهري دجلة والفرات وروافدهما

وأضاف الحمداني، في كلمته أمام مؤتمر "ابسو لسلامة السدود"، أن "العراق بحاجة لتطوير سدوده لأهميتها الكبيرة في المحافظة على الموارد المائية وتصريفها في الوقت المناسب، وخاصة في ضوء التغيرات المناخية الحالية وقلة الموارد المائية وتناقصها وتذبذب كميات الأمطار".

وأشار إلى أنّ "الزراعة ستتأثر حتماً بذلك، وتم بالفعل تقليص المساحات المزروعة، لكن إذا ما اعتمدنا معالجات صحية، فإنّ ذلك سيخفف من حدة أزمة الجفاف بشكل عام".

وكانت محافظة نينوى، قد احتضنت يومي السبت والأحد الماضيين، فعاليات مؤتمر "ابسو لسلامة السدود"، الذي تنظمه وزارة الموارد المائية بالتعاون مع منظمة ابسو لاستدامة المياه، وتحت شعار (التعاون الدولي وتبادل الخبرات قاعدة ومنطلق لتعزيز سلامة السدود في العراق)، في موقع مشروع سد الموصل.

تقليص الأراضي الزراعية

وخفضت وزارة الزراعة العراقية مستويات خطتها الزراعية لجميع المحاصيل خلال العام المقبل إلى النصف بسبب تدني مخزون العراق المائي في نهري دجلة والفرات وروافدهما.

وقال المتحدث باسم وزارة الموارد المائية العراقية، إنّ "السنة السابقة كانت سنة جفاف والكثير من الخزين المائي تم استخدامه لأغراض الزراعة الصيفية، مبيناً أنّ الوزارة لجأت خلال الموسم الحالي إلى تقليص مساحة الأراضي الزراعية إلى النصف لتأمين الاحتياجات المائية لمناطق جنوب العراق".

وبين المتحدث باسم الموارد المائية أنه في حال شهد العراق تساقط الأمطار بكميات كبيرة فستبدأ الوزارة بعمليات تخزين المياه للاستفادة منها في المواسم المقبلة.

وعاماً بعد عام تزداد أزمة المياه سوءاً في العراق بالتزامن مع تراجع معدلات هطول الأمطار وتمدّد الجفاف، إلى أن بات العراق البلد "الخامس في العالم" الأكثر تأثراً بالتغير المناخي بحسب الأمم المتحدة.

اقرأ أيضاً: مياه العراق.. تناقص رهيب ينذر بكارثة تصل المدن

وقد حذرت عدة جهات حكومية بينها مديرية زراعة الديوانية، اليوم الثلاثاء، من هجرة الفلاحين والمزارعين نحو المدينة في حال تطبيق خطة وزارة الموارد المائية بتقليص المساحات الزراعية.

ودعا مدير الزراعة حسن الوائلي، في تصريح صحفي، وزارة الموارد المائية إلى "استثناء الديوانية من قرار تقليص الأراضي الزراعية لكونها تعد من المحافظات الفقيرة وتعتمد بالدرجة الأساس على الزراعة.

وبين أنّ "الزراعة تشكل ما نسبته 67 بالمائة من موارد المحافظة، وبالتالي فإنّ تقليل حصتها من المياه بنسبة 50 بالمائة سيؤثر بشكل كبير على الوضع الاقتصادي، وقد يدفع نحو هجرة داخلية من الريف إلى المدينة".

تعنت إيراني

وشدد المستشار في وزارة الموارد المائية بالعراق، على عدم توصل بلاده إلى أي اتفاق مع الجانب الإيراني لحل مشكلة المياه لغاية الآن، وذلك على خلفية قطع إيران لمياه الأنهر الفرعية عن العراق منذ أشهر.

قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن منسوب نهر الفرات، الذي يصنفه القانون الدولي نهراً دولياً يعبر عدة دول، انخفض بمعدل 5 أمتار لأول مرة في التاريخ بسبب حجب الجانب التركي لمياه النهر

وأشار إلى أنّ الواردات المائية من إيران تُشكل 18 بالمائة فقط، وهي نسبة قليلة جداً أثرت سلباً على المدن الشرقية ولاسيما محافظة ديالى التي لا تتوفر فيها مصادر مياه بديلة.

وقال المتحدث باسم الوزارة في تصريح لوكالة "يقين" إنه "لغاية الآن لا توجد أي فرصة للقاء مع الجانب الإيراني لغرض التباحث حول موضوع المياه الواردة إلى الأراضي العراقية وقطع تلك الروافد".

وأدى قطع إيران للمياه المنحدرة من أنهر فرعية إلى الأراضي العراقية عبر محافظتي ديالى والبصرة، إلى جفاف نسبة كبيرة من الأراضي في شرق العراق، وزيادة نسبة الملوحة في شط العرب بشكل يهدد حياة أكثر من مليوني ونصف مليون شخص يعيشون فيها.

وتعاني إيران كذلك من جفاف شديد، فقد عرفت العاصمة طهران هذا العام أسوأ جفاف منذ نصف قرن مع انخفاض نسبة الأمطار بنسبة 97 بالمائة، وفق ما أوردته وكالة "فرانس برس".

ويشكو العراقيون من أنّ إيران تقف وراء جفاف نهر سيروان، أحد روافد نهر دجلة، الذي ينبع من إيران ويغذي سدّ دربنديخان في محافظة السليمانية في إقليم كردستان، قبل أن يواصل مسيره إلى محافظة ديالى الزراعية.

ويقول خبراء في المجال إنّ ضعف الموقف الرسمي العراقي يقف وراء الاستغلال المفرط من قبل كلّ من تركيا وإيران لمياه الأنهار التي تنبع من أراضيهما، وعدم التوصل إلى اتفاقيات واضحة مع الجانب العراقي بشأن تقاسم الحصص المائية، ما أدى إلى تفاقم المشكلة من سنة إلى أخرى.

ولوّحت الحكومة العراقية، في تموز (يوليو) الماضي، باللجوء إلى المؤسسات الدولية للحصول على المياه من إيران، وفقاً لاتفاقيات تقاسم المياه، إلا أنها لم تخط أي خطوة نحو تدويل الملف، وفق ما أوردت "العرب" اللندنية.

سدود تركيا

وكان العراق قد توصل أخيراً إلى حلول لأزمة المياه مع تركيا، من خلال إبرام مذكرة تفاهم مشتركة بين الجانبين، صادق عليها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونصّت على التزام تركيا بـ"إطلاق مياه عادلة ومنصفة" للعراق في نهري دجلة والفرات.

اقرأ أيضاً: وزير الموارد المائية العراقي لـ"حفريات": سنحاكم إيران لقطعها المياه عنا

ويبدو أنّ هناك اتفاقاً عراقياً - تركياً على تأجيل إنشاء سد الجزرة لحين إجراء المفاوضات الجانبية للوصول إلى صيغة مرضية للطرفين بشأن الإطلاقات المائية استجابة لطلب العراق؛ لأن تحفظات العراق على إنشاء السد تتوقف على النقص في واردات المياه ونوعية المياه.

وشيدت أنقرة أكثر من 500 سد في العقدين الماضيين، والتي تعتبر بالنسبة للحكومة التركية علامة على الازدهار والتنمية في جنوب شرق البلاد القاحل.

وأكبر تلك السدود كان قد جرى بناؤها على نهر دجلة، وهو سد إليسو، المثير للجدل، والذي بسببه تقلصت مستويات المصب على نهر دجلة بشكل كبير عند بدء ملء الخزان في العام 2019، مما ساهم في أزمة الأمراض المرتبطة بتلوث المياه في شط العرب بمدينة البصرة جنوب العراق.

لوحت الحكومة العراقية، في تموز الماضي، باللجوء إلى المؤسسات الدولية للحصول على المياه من إيران، وفقاً لاتفاقيات تقاسم المياه، إلا أنها لم تخط أي خطوة نحو تدويل الملف

وفي أيار (مايو) لماضي، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن منسوب نهر الفرات، الذي يصنفه القانون الدولي نهراً دولياً يعبر عدة دول، انخفض بمعدل 5 أمتار لأول مرة في التاريخ بسبب حجب الجانب التركي لمياه النهر.

وفي إطار مشروع جنوب شرق الأناضول أو ما يعرف اختصاراً بـ "الغاب"، تمتلك تركيا 5 سدود عملاقة على نهر الفرات، ولا يزال العمل جار على إقامة سدين أخرين.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية