أكبر برنامج إعادة تشجير بالعالم.. ماذا تعرف عن مبادرة "الشرق الأوسط الأخضر"السعودية؟

أكبر برنامج إعادة تشجير بالعالم.. ماذا تعرف عن مبادرة "الشرق الأوسط الأخضر"السعودية؟


29/03/2021

"بصفتنا مُنتِجاً عالمياً رائداً للنفط؛ ندرك تماماً نصيبنا من المسؤولية في دفع عجلة مكافحة أزمة المناخ، وأنّه مثل ما تمثل دورنا الريادي في استقرار أسواق الطاقة خلال عصر النفط والغاز، فإنّنا سنعمل لقيادة الحقبة الخضراء القادمة".

هذا ما قاله ولي عهد السعودية نائب رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، يوم السبت، خلال إعلانه عن مبادرتي "الشرق الأوسط الأخضر" و"السعودية الخضراء"، اللتين ستطلقهما السعودية خلال الأشهر القادمة، بالإضافة إلى العمل على إطلاق تجمّع إقليمي بحضور الشركاء الدوليين لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر في الربع الثاني من العام المقبل.

محمد بن سلمان: نرفض الاختيار المُضلِل بين الحفاظ على الاقتصاد أو حماية البيئة، ونؤمن أنّ العمل لمكافحة التغير المناخي يُعزّز القدرة التنافسية ويطلق شرارة الابتكار ويخلق الملايين من الوظائف

وقال ولي العهد السعودي إنّ المبادرتين سترسمان توجّه المملكة والمنطقة في حماية الأرض والطبيعة وتضعهما على خريطة طريق ذات معالم واضحة وطموحة، وستسهمان في تحقيق الأهداف البيئية العالمية، مشيراً إلى أنّ المبادرتين تأتيان تعزيزاً للجهود البيئية السعودية ضمن رؤية 2030، سيما مبادرة "السعودية خضراء" التي تُعبر عن رغبة المملكة الجادّة في مواجهة ما عانته من تحديات بيئية، لتعزيز الصحة العامة ورفع مستوى جودة الحياة للمواطنين والمقيمين فيها.

وأوضح ولي العهد أنّ المبادرتين تأتيان انطلاقاً من دور المملكة الريادي تجاه القضايا الدولية المشتركة، واستكمالاً لجهودها لحماية كوكب الأرض خلال فترة رئاستها لمجموعة العشرين العام الماضي، الذي نتج عنه إصدار إعلان خاص حول البيئة وتبني مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون، وتأسيس أول مجموعة عمل خاصة للبيئة فيها، وإطلاق مبادرتين دوليتين للحد من تدهور الأراضي وحماية الشعب المرجانية.

اقرأ أيضاً: المبادرة السعودية كشفت ايران

وعبّر ولي العهد عن فخره بالإعلان عن المبادرتين، مشيراً إلى أنّهما مجرد بداية؛ "تحتاج المملكة والمنطقة والعالم أجمع إلى المضي قدماً وبخطى متسارعة في مكافحة التغير المناخي، وبالنظر إلى الوضع الراهن، لم يكن بدء هذه الرحلة نحو مستقبل أكثر خضرة أمراً سهلاً، ولكن تماشياً مع رؤيتنا التطويرية الشاملة، فإننا لا نتجنب الخيارات الصعبة". 

 المنطقة تخسر حوالي 13 مليار دولار كل عام بسبب العواصف الرملية، فضلاً عن أنّ تلوث الهواء من غازات الاحتباس الحراري قد قلّص متوسط عمر المواطنين بمعدل عام ونصف

وأضاف: "نرفض الاختيار المُضلِل بين الحفاظ على الاقتصاد أو حماية البيئة، ونؤمن أنّ العمل لمكافحة التغير المناخي يُعزّز القدرة التنافسية، ويُطلق شرارة الابتكار، ويخلق الملايين من الوظائف. إنّ الجيل الصاعد في المملكة وفي العالم يُطالب اليوم بمستقبل أنظف وأكثر استدامةً، ونحن مدينون لهم بتقديم ذلك، وبهذا الصدد ستعمل المملكة مع كافة شركائها الدوليين من منظمات ودول لتطوير هاتين المبادرتين وما يندرج ضمنها من مبادرات والجداول الزمنية لتحقيقها".

اقرأ أيضاً: هل شجع المجتمع الدولي الحوثيين على رفض المبادرة السعودية؟

وخلال الأعوام السابقة، قامت السعودية بعدد من المبادرات البيئية التي بدأت بتحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع، أبرزها إعادة هيكلة شاملة لقطاع البيئة، وتأسيس القوات الخاصة للأمن البيئي في عام 2019، ورفع نسبة تغطية المحميات الطبيعية من 4 بالمئة إلى ما يزيد عن 14 بالمئة وزيادة الغطاء النباتي في المملكة بنسبة 40 بالمئة، خلال الأربع أعوام الماضية، فضلاً عن تمكّنها من الوصول لأفضل مستوى من الانبعاثات الكربونية للدول المنتجة للنفط.

بدوره، أوضح الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحّر الدكتور خالد عبد القادر أنّ إعلان ولي العهد  "كان في منتهى الوضوح والشفافية والمسؤولية لإيجاد حلول حاسمة لما تتعرّض له البيئة من تحديات".

التحديات البيئية التي تواجهها المنطقة

ولفت الأمير محمد بن سلمان أنّ السعودية ومنطقة الشرق الأوسط تواجه عدداً كبيراً من التحديات البيئية، تتمثّل في ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض نسبة الأمطار وارتفاع موجات الغبار والتصحّر، ما يُشكّل تهديداً اقتصادياً حقيقياً للمنطقة.

ويُقدّر أنّ المنطقة تخسر حوالي 13 مليار دولار كل عام بسبب العواصف الرملية، فضلاً عن أنّ تلوث الهواء من غازات الاحتباس الحراري قد قلّص متوسط عمر المواطنين بمعدل عام ونصف العام.

ولا تتجاوز حصة إنتاج الطاقة النظيفة في الشرق الأوسط اليوم الـ 7 بالمئة، حيث إنّ التقنيات المُستخدمة في إنتاج النفط في المنطقة ليست ذات كفاءة. 

ما أبرز مشاريع المبادرة السعودية؟

تتضمن المبادرة السعودية عدداً من المشاريع أبرزها زراعة 10 مليارات شجرة داخل المملكة العربية السعودية خلال العقود القادمة، ما يضمن إعادة تأهيل حوالي 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، ويؤدي إلى زيادة المساحة المغطاة بالأشجار في الوقت الحالي إلى 12 ضعفاً، الأمر الذي يعني أنّ المملكة ستُسهم بأكثر من 4 بالمئة في تحقيق أهداف المبادرة العالمية للحد من تدهور الأراضي والموائل الفطرية، و1 بالمئة من الهدف العالمي لزراعة ترليون شجرة، بالإضافة إلى أنّ المبادرة ستعمل على رفع الغطاء النباتي، وتقليل انبعاثات الكربون، ومكافحة التلوث وتدهور الأراضي، والحفاظ على الحياة البحرية.

تتضمن المبادرة السعودية عدداً من المشاريع أبرزها زراعة 10 مليارات شجرة داخل المملكة العربية السعودية خلال العقود القادمة 

وسترفع المبادرتان نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30 بالمئة من مساحة الأراضي المُستهدفة، التي تُقدّر بـ (600) ألف كيلومتر مربع، لتتجاوز المستهدف العالمي الحالي بحماية 17 بالمئة من أراضي كل دولة، إضافة إلى حماية البيئة البحرية والساحلية من خلال مشاريع ضمن المبادرة سيعلن عنها قريباً، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء السعودية "واس"، نقلاً عن ولي العهد.

اقرأ أيضاً: إدانات عربية ودولية لاستهداف الحوثيين مصفاة الرياض.. وهذا رد السعودية

وتهدف المبادرة أيضاً إلى تقليل الانبعاثات الكربونية بأكثر من 4 بالمئة من الإسهامات العالمية، وذلك من خلال مشاريع الطاقة المتجددة التي ستُوفّر 50 بالمئة من إنتاج الكهرباء داخل المملكة السعودية بحلول العام 2030، ومشاريع في مجال التقنيات الهيدروكربونية النظيفة التي ستمحو أكثر من 130 مليون طن من الانبعاثات الكربونية، إضافة إلى رفع نسبة تحويل النفايات عن المرادم إلى 94 بالمئة.

وأكّد سموه أنّ المملكة ستبدأ العمل على مبادرة الشرق الأوسط الأخضر مع الدول الشقيقة في مجلس التعاون لدول الخليج العربية والشرق الأوسط؛ "وتسعى بالشراكة مع الأشقاء في دول الشرق الأوسط لزراعة 40 مليار شجرة إضافية في الشرق الأوسط"؛ إذ إنّ البرنامج يهدف لزراعة 50 مليار شجرة، وهو أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم، وهو ضعف حجم السور الأخضر العظيم في منطقة الساحل (ثاني أكبر مبادرة إقليمية من هذا النوع).

المشروع سيُسهم في تخفيض انبعاثات الكربون الناتجة عن إنتاج النفط في المنطقة بأكثر من 60 بالمئة، ويُحقق تخفيضاً في الانبعاثات الكربونية بنسبة تزيد عن 10 بالمئة من المساهمات العالمية

وستعمل السعودية مع هذه الدول على نقل المعرفة ومشاركة الخبرات؛ ما سيُسهم في تخفيض انبعاثات الكربون الناتجة عن إنتاج النفط في المنطقة بأكثر من 60 بالمئة، ويُحقق تخفيضاً في الانبعاثات الكربونية بنسبة تزيد عن 10 بالمئة من المساهمات العالمية.

وأشار ولي العهد إلى أنّ هذا المشروع سيعمل على استعادة مساحة تعادل 200 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، وهو ما يُمثّل 5 بالمئة من الهدف العالمي لزراعة 1 تريليون شجرة ويُحقّق تخفيضاً بنسبة 2.5 بالمئة من معدلات الكربون العالمية.

إشادة دولية

منذ إعلانه عن المشروع، أجرى ولي العهد السعودي مكالمات هاتفية لمناقشته مع زعماء قطر والكويت والبحرين والعراق والسودان، بحسب موقع "سبق" السعودي.

وقد بارك رئيس المجلس السيادي الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان هذه المبادرة، مؤكداً أنّها ستعود بالنفع على المنطقة والعالم، حيث أبدى استعداد السودان للعمل مع السعودية لإنجاحها وتحقيق أهدافها.

اقرأ أيضاً: السعودية ترفض الابتزاز الأمريكي: المزاج الدولي تغيّر

كما قدّم كل من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وملك البحرين حمد بن عيسى دعمهما الكامل لهذه المبادرة، وأعربا عن استعداد بلديهما لدعم كافة الجهود لتحقيق أهدافها.

واستعرض الأمير محمد بن سلمان فوائد المشروع للمنطقة والعالم مع رئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي، الذي أكّد بدوره دعم بلاده الكامل لكل ما يُحقّق لهذه المبادرة أهدافها.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية الموريتانية أنّ رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية محمد ولد الشيخ الغزواني، قد رحّب بالمبادرة السعودية، مُبدياً رغبة مجلس رؤساء دول وحكومات وكالة السور الأخضر الكبير - التي تتولى موريتانيا رئاستها الدورية - في ربط أوثق أواصر التعاون بين المبادرتين وبين الوكالة، التي تشمل قرابة ثمانية آلاف كيلومتر، عبر إحدى عشرة دولة؛ من السنغال إلى جيبوتي.

أكّد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أنّ التوجّه السعودي يعكس وعياً بقضايا التدهور البيئي والتزاماً بأهداف التنمية المستدامة

وبحسب الوكالة، فإنّ الجمهورية الإسلامية الموريتانية أشادت بهذه المبادرة غير المسبوقة "لا من منطلق نتائجها الإيجابية على المنطقة العربية فحسب، بل لأنها كذلك تجعل العالم المصنع في مواجهة حصته من المسؤولية التاريخية عن التغيرات المناخية التي تُهدّد مستقبل الإنسان".

من جانبه، أشاد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور نايف فلاح مبارك الحجرف، بمشروع السعودية الإقليمي الضخم، مؤكداً أنّه يرسم توجّه المملكة والمنطقة في حماية الأرض والطبيعة، ومواجهة التحديات البيئية.

وقال الحجرف إنّ المشروع "سيُسهم بشكل كبير في الحفاظ على الغطاء النباتي، وتقليل انبعاثات الكربون، ومكافحة التلوث وتدهور الأراضي، والحفاظ على الحياة البحرية"، مُكبراً "بالدور الريادي للمملكة في المنطقة".

وأثنى الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، قائلاً: "إنّ المملكة ستقود المبادرة في مجال بيئة خضراء خالية من التلوث، وأنّ المبادرتين تأتيان لمواجهة التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجهها المنطقة، وفي مقدمتها التصحّر وتلوث الهواء من غازات الاحتباس الحراري ومحاولة الحفاظ على الحياة البحرية"، مُثمناً بالشراكات التي أعلن عنها ولي العهد السعودي مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والشرق الأوسط.

قدّم كل من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وملك البحرين حمد بن عيسى دعمهما الكامل لهذه المبادرة، وأعربا عن استعداد بلديهما لدعم كافة الجهود لتحقيق أهدافها

كما أكّد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أنّ التوجّه السعودي يعكس وعياً بقضايا التدهور البيئي والتزاماً بأهداف التنمية المستدامة، مُشيراً أنّ المبادرة "تعكس حرص المملكة العربية السعودية على القيام بدورٍ رائد حيال القضايا الدولية، وتأتي استكمالاً لجهودها خلال فترة ترؤسها مجموعة العشرين العام الماضي".

وأكّد أبو الغيط، في بيان نشره أمس الأحد، أنّ "القضايا البيئية التي تناولتها المبادرة السعودية الأخيرة، تُمثل أولويات مهمة على الأجندة العالمية في المرحلة القادمة"، مُشيراً إلى أهمية أن تضعها الدول العربية ضمن خططها التنموية المستقبلية.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية