إنجاز إماراتي جديد: لسنا دولة في العالم.. بل العالم في دولة

إنجاز إماراتي جديد: لسنا دولة في العالم.. بل العالم في دولة


27/02/2021

أن تحتل دولة عربية المرتبة 17 على مستوى العالم في "المؤشر العالمي للقوة الناعمة 2021"، فهذا يعني أنّ هذه الدولة حققت نجاحات مذهلة في مجالات متعددة، وهذا ما قدمته دولة الإمارات العربية المتحدة، وما تزال في سبيل الارتقاء. فبعد أن كانت في المركز 18 العام السابق، تقدمت الإمارات 5% خلال العام 2021، حسبما جاء في تقرير "المؤشر العالمي للقوّة الناعمة 2021" الذي تم الإعلان عن نتائجه وإطلاقه مؤخراً.

في استطلاع للرأي شمل 77 ألف شخص في 105 دولة، احتلت الإمارات المرتبة 17 عالمياً في مؤشر القوة الناعمة والأولى إقليمياً في التأثير

ويعد مفهوم "القوة الناعمة" أحد تجليات فكر الأكاديمي والسياسي الأمريكي جوزيف ناي، الأستاذ في جامعة هارفارد لوصف القدرة على الجذب والضم دون الإكراه أو استخدام القوة كوسيلة للإقناع. وتولى ناي عدة مناصب رسمية؛ منها مساعد وزير الدفاع للشؤون الأمنية الدولية في حكومة بيل كلينتون، ورئيس مجلس الاستخبارات الوطني.

وكان ناي من ضمن المشاركين في إعلان نتائج تقرير المؤشر العالمي للقوّة الناعمة في نسخته الأحدث خلال القمة العالمية للقوة الناعمة 2021، التي عُقدت افتراضياً بمشاركة شخصيات دولية مثل، هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، وكارل بيلدت رئيس الوزراء السويدي السابق، وجورج يو وزير الخارجية السنغافوري والعديد من المسؤولين الدوليين والحكوميين والمختصين في مجالات الإعلام والاتصال المؤسسي والدولي وخبراء الأعمال والاقتصاد، وعدد من الشخصيات الثقافية وأعضاء البعثات الدبلوماسية، بحسب صحيفة "البيان".

ويرى جوزيف أنه في عصر المعلومات، تعد "المصداقية أندر الموارد".

وصاغ ناي هذا مصطلح "القوة الناعمة" وكذلك "القوة الذكية" في كتابه الصادر عام 1990 بعنوان "وثبة نحو القيادة: الطبيعة المتغيرة للقوة الأمريكية". كما قام بتطوير المفهوم في كتابه الصادر عام 2004 بعنوان "القوة الناعمة: وسائل النجاح في السياسة الدولية".

يُعد "مسبار الأمل" واحداً من أبرز عناصر القوة الناعمة لدولة الإمارات

وتعني القوة الناعمة، بحسب "ويكيبيديا" أن يكون للدولة قوة روحية ومعنوية من خلال ما تجسده من أفكار ومبادئ وأخلاق، ومن خلال الدعم في مجالات حقوق الإنسان والبنية التحتية والثقافة والفن، مما يؤدي بالآخرين إلى احترام هذا الأسلوب والإعجاب به ثم اتباع مصادره.

مصادر القوة الناعمة

وتقوم القوة الناعمة على ثلاثة مصادر:

1- ثقافتها في الأماكن التي تجذب فيها الآخرين.

2- قيمها السياسية عندما ترقى إليهم في الداخل والخارج.

3- سياستها الخارجية عندما يراها الآخرون شرعية وأخلاقية.

ويعتقد ناي أنّ هناك عدة طرق لجعل الآخرين يريدون ما تريد، يمكنك إكراههم بالتهديدات، يمكنك تحفيزهم بالدافع، أو يمكنك جذبهم واستضافتهم لجعلهم يريدون ما تريد، وهذه هي القوة الناعمة. 

القوة الناعمة، إذاً، أكثر من مجرد تأثير؛ لأنّ التأثير يمكن أن يعتمد أيضاً على القوة الصلبة للتهديدات، ولكنّ القوة الناعمة هي أكثر من مجرد الإقناع أو القدرة على تحريك الناس بالحجة، فهي أيضاً القدرة على الجاذبية التي تقود غالباً إلى الرضا.

ولعل ما تقدّم يتجسد في شخصية دولة الإمارات التي راكمت خبرات كبرى في القوة الناعمة أوصلتها إلى المريخ عبر "مسبار الأمل" الذي يعد واحداً من أبرز عناصر القوة الناعمة.

وغرّد سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، على حسابه الرسمي على موقع "تويتر" قائلاً: وفق تقرير مؤشر القوة الناعمة الذي تم إطلاقه في القمة العالمية للقوة الناعمة 2021 .. ووفق استطلاع للرأي شمل 77 ألف شخص في 105 دول حول العالم، جاءت دولة الإمارات في المرتبة 17 عالمياً في مؤشر القوة الناعمة والأولى إقليمياً في التأثير.. وضمن أفضل 15 دولة في العالم في الاستجابة لجائحة كوفيد-19.

وأضاف سموه: جاءت الإمارات وفق المؤشر العالمي للقوة الناعمة في المرتبة التاسعة عالمياً في اهتمام العالم إعلامياً بشؤونها، متقدمة 8 مراتب عن العام السابق.. وصنفها الجمهور الدولي ضمن العشرة الأوائل عالمياً في استقرار الاقتصاد والأمن والأمان وتأثيرها الدبلوماسي العالمي.

الإمارات مستمرة في بناء الجسور

وختم الشيخ محمد بن راشد: "نريد أن نرسل رسالة للجميع بأنّ دولة الإمارات مستمرة في بناء الجسور مع كافة الشعوب.. ومستمرة في نسج علاقات إيجابية اقتصادياً وتنموياً مع الجميع.. ومستمرة في احتضان ثقافات العالم .. لأننا لسنا دولة في العالم .. بل العالم في دولة".

اقرأ أيضاً: التسامح والقوة الناعمة لدولة الإمارات العربية المتحدة

واستطلع التقرير آراء 77,000 مشارك من الجمهور العالمي و750 من الخبراء عملوا على تقييم أداء 105 دول في مؤشر القوة الناعمة، من حيث التأثير العام والسمعة العالمية، وذلك وفق ركائز رئيسية هي العلاقات الدولية، والاقتصاد والتجارة، والتعليم والعلوم، والحوكمة، والإعلام والاتصال، والشعوب والقيم، مع عنصر جديد يضاف للمرة الأولى وهو مدى كفاءة الاستجابة لتداعيات وباء كوفيد-19.

ورصد الجمهور المشارك في التقرير تقدماً نوعياً لدولة الإمارات في مجالات العلوم والتعليم، والحوكمة، وتمكين الأفراد والقيم، مقارنة بالعام السابق. وتجسّدَ جزءٌ أساسي منها؛ بحسب التقرير، في حجم التفاعل الرسمي والشعبي محلياً وعالمياً مع مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل"، الذي تزامن وصوله بنجاح إلى مدار الكوكب الأحمر في 9 شباط (فبراير) 2021 مع عام احتفال دولة الإمارات باليوبيل الذهبي لتأسيس اتحادها قبل خمسين عاماً.

ووضع الجمهور المشارك في الدراسة دولة الإمارات ضمن الدول الثلاث الأوائل عالمياً في مجال سهولة مزاولة الأعمال، لتتقدم مركزاً جديداً عن المركز الرابع الذي سجلته في مؤشر العام الماضي.

واختار الجمهور دولة الإمارات ضمن العشرة الأوائل عالمياً من حيث قوة الاقتصاد ومتانة دعائمه واتساع قاعدته وتنوع قطاعاته واستقراره في مختلف الظروف، حيث حل بحسب الجمهور المشارك في المرتبة العاشرة عالمياً من حيث القوة والاستقرار.

الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: مستمرون في احتضان ثقافات العالم .. لأننا لسنا دولة في العالم .. بل العالم في دولة

الأمان والتأثير الدبلوماسي

وبالإضافة إلى تقدير الجمهور المشارك في الاستطلاع لمستوى الأمن والأمان في دولة الإمارات التي صنّفها في المرتبة التاسعة عالمياً في هذا المجال الحيوي، جاء في المرتبة العاشرة عالمياً تأثير دولة الإمارات في الدوائر الدبلوماسية العالمية، تأكيداً لدورها المؤثر إقليمياً وعالمياً.

وصنّف التقرير الدولة أيضاً ضمن أفضل 15 دولة في التصدي للوباء العالمي "كوفيد-19" والتداعيات والآثار الناجمة عنه. ونوّه التقرير بجهود الإمارات مقارنة بدول العالم في مجال تقديم وتسهيل وصول المساعدات الدولية في زمن الجائحة، وتوفير الدعم للقطاعات الأكثر تأثراً بتداعياتها، وتوفير الرعاية الصحية، وتطبيق الإجراءات الاحترازية والوقائية، ومستوى الالتزام العالي بالمعايير لدى السكان، وتعزيز البحث العلمي والتعاون الدولي لإنتاج اللقاح الناجح ضد فيروس كورونا المستجد.

واختار الجمهور المشارك في استطلاع المؤشر العالمي للقوة الناعمة دولة الإمارات ضمن أفضل 15 وجهة سياحية عالمية، وضمن أفضل 20 دولة من حيث الإرث الثقافي ونمط الحياة الجذاب، واضعاً إياها في المرتبة 14 كمقصد رائع تجب زيارته.

وكان الشهر الأخير من عام 2020 شهد تتويج إستراتيجية السياحة الداخلية التي اعتمدتها حكومة دولة الإمارات، بإطلاق حملة "أجمل شتاء في العالم" التي تخطى وسمُها حاجز المليار مشاهدة، وعززت الهوية السياحية الموحدة للدولة.

ماذا قال توماس فريدمان عن الإمارات؟

وفي سياق متصل، أكد الكاتب الأمريكي توماس فريدمان أنّ العالم سيشهد تغييرات جيوسياسية واقتصادية غير مسبوقة خلال العام الحالي، مدفوعة بجملة من التطورات والآثار التي خلفتها أحداث وتطورات العام الماضي تحديداً، والأعوام القليلة التي سبقته على وجه العموم، مشيراً إلى أنّ العالم في طريقه إلى ثورة ثالثة في تاريخ الإنسانية تقودها التكنولوجيا المتقدمة.

وأكد فريدمان أنّ دولة الإمارات تعد من الدول العربية الأكثر استعداداً وجاهزية لهذا التطور الكبير المقبل، نتيجة لتبنيها رؤى وتوجهات استباقية قائمة على استشراف علمي وواقعي للمستقبل، ومشاركتها الفاعلة في ابتكار الحلول للتحديات، مشيداً برؤية الدولة التي تمثل نموذجاً وقصة نجاح ملهمة لدول المنطقة.

وشارك فريدمان، بحسب صحيفة "الخليج" في جلسة حوارية تفاعلية "عن بعد"، ضمن أعمال خلوة عام الخمسين التي اختتمت أعمالها الأربعاء الماضي، لتحديد التوجهات والمسارات التنموية المستقبلية لدولة الإمارات خلال المرحلة المقبلة، وسبل تحقيق مستهدفات الدولة، وصولاً للذكرى المئوية لتأسيسها عام 2071.

اقرأ أيضاً: القوة الناعمة: حضور إماراتي وتراجع قطري

وفي الجلسة التي عقدت بعنوان "المشهد الجيوسياسي العالمي 2021"، قال فريدمان إنّ العالم على أعتاب لحظة تاريخية فارقة، وقفزة جديدة في مسيرة البشرية، وإنّ هذه القفزة النوعية الجديدة تتطلب من الدول تطوير أدواتها وطريقة تبنيها للتكنولوجيا المتقدمة في ابتكار الحلول للتحديات المتوقعة، وتكوين فهم شامل للقيمة النوعية التي تتمتع بها كل دولة والبناء عليها، وتطوير تشريعات مستقبلية يتم تصميمها من خلال التفاعل الميداني مع أفراد المجتمع.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية