استطلاعات الرأي الأخيرة: الرئيس التونسي يواصل الصعود

استطلاعات الرأي الأخيرة: الرئيس التونسي يواصل الصعود


26/09/2021

أظهرت نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة أنّ شعبية حركة النهضة في تراجع مستمر، وأنّ أغلبية واسعة من التونسيّين متمسكة بتوجهات الرئيس سعيّد في الوقت الذي تواصل فيه بعض الأطراف، بقيادة حركة النهضة، مناوراتها السياسية المعبرة عن رفضها للإجراءات التي اتخذها قيس سعيّد في الخامس والعشرين من تموز (يوليو) الماضي.

اقرأ أيضاً: حركة "النهضة" تختنق: هل انتهى الغنوشي سياسياً؟

وكشفت نتائج سبر آراء حول نوايا التصويت لشهر أيلول (سبتمبر) الجاري، أجرته مؤسسة سيغما كونساي، تواصل تصدر الرئيس قيس سعيّد نوايا التصويت للانتخابات الرئاسية، وتقدّم الحزب الدستوري الحرّ، الذي تتزعمه عبير موسي، في نوايا التصويت للانتخابات التشريعية.

 وأبرزت نتائج سبر الآراء أنّ قيس سعيّد حافظ في نوايا التصويت للانتخابات الرئاسية في الدور الأول، على الفارق الكبير، الذي يفصله عن بقية السياسيين بـ 90.1% من الأصوات، وفيما يتعلق بالانتخابات التشريعية أظهرت النتائج تصدر الدستوري الحر (معارض للإسلام السياسي) القائمة، بحصوله على نسبة 34.0% من نوايا التصويت، يليه حزب قيس سعيّد بـ 26.1%، ثمّ حركة النهضة بـ 12.1%.

 ويدعم التونسيون كلّ توجّه ضدّ حركة النهضة، التي توّلت الحكم خلال عشر سنوات، وتسبّبت بأزمات اقتصادية واجتماعية للبلد.

خزّان شعبي ضدّ عملاء الخارج

 المناصرون لقرارات الرئيس التونسي يعدّون أنّ الفرصة باتت سانحة بقوة لقيس سعيّد لمحاسبة حركات الإسلام السياسي التي تمثّلها جماعة الإخوان بتونس، وإن تبرّأت منها، والتي أسماهم في خطاباته بالخونة، وذلك بعد القرارات التي أعلنها يوم 25 تموز (يوليو)، بحلّ مجلس النواب الذي كان يسيطر عليه أعضاء الجماعة وإعفاء رئيس الحكومة، في خطوة تصحيحية لمسار سياسي راكم الفشل طيلة عقد من حكومات النهضة، بعد انسداد سياسي داخل مؤسسات الحكم استمر أشهراً، بسبب سياسات البرلمان ورئيس الحكومة.

أعلن الرئيس التونسي أنّه سيكلّف رئيس حكومة جديداً، لكنّه سيبقي على الإجراءات الاستثنائية التي أقرّها منذ حوالي شهرين، وجمّد بموجبها عمل السلطة التشريعية، ومنح نفسه صلاحيات واسعة

ويواصل التونسيون دعمهم قرارات الرئيس التونسي، الذي حمل، بإسقاطه مشروع النهضة وحلفاءها السيطرةَ على الدولة مؤسساتها، من المفاجآت ما فاق مفاجأة دخوله قصر قرطاج، عام 2019، دون دعم سياسي، مؤكدين وقوفهم درعاً واحداً ضدّ محاولات النهضة الإسلامية ومن وصفوهم بعملاء الخارج للاستقواء بالأجنبي ضد الرئيس وضدّ مصلحة الشعب.

سعيّد كسب أيضاً دعماً إضافياً خلال خطابه الأخير، بمحافظة سيدي بوزيد (منطلق ثورة 2010 التي انتهت بسقوط نظام بن علي)؛ حيث طالبت أعداد مهمة من المحتجين خلال الخطاب بضرورة حلّ البرلمان الذي تسيطر عليه النهضة وحلفاؤها، وضرورة محاسبة كلّ من تسبب بتراجع مؤشرات التنمية بالبلد، وبدعم الإرهاب ورعايته.

اقرأ أيضاً: أولوية عزل حركة النهضة

كما نظّم داعمو سعيّد مسيرة داعمة لقراراته الأخيرة، في اليوم نفسه، وبنفض الشارع (شارع الحبيب بورقيبة) ردّاً على مسيرة النهضة الرافضة لقرارات سعيّد.

سعيّد يضيّق الخناق على النهضة

ويرى المحلل السياسي محمد بوعود؛ أنّ شعبية قيس سعيّد قد ارتفعت إلى أقصى درجاتها، ليل 25 تموز (يوليو)، وما تزال كذلك بعد حوالي شهرين، حيث استطاع ببعض الإجراءات الاستثنائية أن يحاصر كلّ خصومه وفي مقدمتهم الغنوشي.

المحلل السياسي محمد بوعود

وقال بوعود، لـ "حفريات": "الاندفاع الجماهيري والتأييد اللامتناهي للرجل أوصله إلى رتبة الزعيم، على حساب حركة النهضة، التي كانت تفاخر بشعبيتها، وترى أنّ رصيدها الجماهيري لا ينضب، في حين أنّه تآكل بعد يوم واحد من قرارات سعيّد، حين وقف الغنوشي أمام البرلمان واستجدى أنصاره لنجدته"، مشدّداً على أنّ سعيّد، في المقابل، ما يزال يتمتع بقدرة كبيرة على جمع مئات الجماهير في دقائق ولعلّ خطابه في سيدي بوزيد أكبر دليل على شعبيته.

المحلل محمد بوعود لـ"حفريات": الاندفاع الجماهيري والتأييد اللامتناهي لقيس سعيّد أوصله إلى رتبة الزعيم على حساب حركة النهضة التي تآكلت شعبيتها وانتهى رصيدها الجماهيري

وفي خطوة جديدة، أصدر سعيّد قراراً بإلغاء العمل بأغلب فصول الدستور الخاصة بالسلطتين التشريعية والتنفيذية وتكليف لجنة لإعداد التعديلات اللازمة، وأصدرت الرئاسة بياناً أعلنت فيه إبقاء العمل فقط على توطئة الدستور، الذي صدر عام 2014، والباب الأول المتعلق بالمبادئ العامة، والباب الثاني المرتبط بالحقوق والحريات.

وأضافت أنّ رئيس الجمهورية سيتولى إعداد مشاريع التعديلات المتعلقة بالإصلاحات السياسية بالاستعانة بلجنة يتم تنظيمها بأمر رئاسي، على أن يتواصل تعليق جميع اختصاصات البرلمان المجمد، ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء المنح والامتيازات المسندة لرئيس البرلمان وجميع الأعضاء.

اقرأ أيضاً: المشهد الإخواني في تونس.. أبرز معطيات سقوط حركة النهضة

وكان سعيّد قد أعلن، في خطابه من سيدي بوزيد، الأسبوع الماضي؛ أنّه "سيتمّ وضع مشروع قانون انتخابي جديد"، وهو ما لا تقبله حركة النهضة، التي تمكنت من الحصول على أغلبية برلمانية بفضل ما خوله النظام الانتخابي فيما يتعلق باحتساب الأصوات والترشّح، وأضاف سعيّد: "إنّنا اليوم في مرحلة تاريخية" وهي تواصلٌ للثورة.

وأعلن الرئيس التونسي أنّه سيكلّف رئيس حكومة جديداً، لكنّه سيبقي على الإجراءات الاستثنائية التي أقرّها منذ حوالي شهرين، وجمّد بموجبها عمل السلطة التشريعية، ومنح نفسه صلاحيات واسعة.

واختار سعيّد مدينة سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية قبل أكثر من عشر سنوات، لإلقاء كلمته وسط هتافات تطالب بحلّ البرلمان، وأضاف سعيد: "إننا نقوم بحركة تصحيحية للانفجار الثوري"، الذي اندلع في 17 كانون الأول (ديسمبر) 2010.

مشروع سياسي يخشاه الخصوم

بات يُنظر للرئيس سعيّد على أنّه رجل بسيط قريب من عامة الشعب، ولد في الأحياء الشعبية الفقيرة، ووصفوه بالرجل نظيف اليد، خصوصاً أنّ أثبت من البداية تمسّكه بالشفافية بعد أن توجه فور تسلّمه مهامه إلى هيئة مكافحة الفساد وقدم بيانات بكل أملاكه.

سعيّد، الذي اعتمد على شبكة داعمين لمشروعه تضمّ أساساً شخصيات تميزت بحضورها الدائم في الاحتجاجات الاجتماعية وقربها من الفئات الشابة الثائرة، فضلاً عن الشباب الذين قاطعوا الانتخابات، في عامَي 2011 و2014، كما برزت هذه الشبكة بقوة خلال احتجاجات 25 تموز (يوليو) الماضي.

اقرأ أيضاً: بعد 10 سنوات على الثورة: ما الذي فعلته "النهضة" بتونس؟

وكان قد أحال زوجته القاضية إلى إجازة من غير مرتّب لخمس سنوات، وهي مدة ولايته الرئاسية، وواصل دفاعه عن مشروعه بشدّة، القائم على اللامركزية في القرار السياسي وضرورة انتخاب مجالس جهوية، تعيّن ممثلين لها في السلطة المركزية.

وهذا ما لم يرق لخصومه السياسيين الذين اعتادوا على التفرّد والتغطية على الفساد، بل والاعتماد عليه من أجل تمويل حملاتهم الانتخابية، وعارضوا كلّ ما قام به منذ دخوله قصر قرطاج، وأسقطوا حكومتيْ الحبيب الجملي وإلياس الفخفاخ للوصول إلى عزله.

ورأى المحلل السياسي محمد بوعود؛ أنّ شعبية قيس سعيّد توسعت وانتشرت أكثر بعد تجميده عمل البرلمان الذي كانت تسيطر عليه حركة النهضة، خاصة بعد الفشل الذي أبداه النواب خلال مداولات الجلسات العامة، وعدّ نجاحهم في التعامل مع مشاغل التونسيين ومشاكل البلاد.

 ولفت، في تصريحه لـ "حفريات"، إلى أنّ البرلمان التونسي غرق فعلياً في مستنقع الخصومات والفوضى.

ومنذ نحو شهرين، وضع الرئيس التونسي نحو 70 شخصية تونسية تحت الإقامة الجبرية، بينهم قاضيان وقيادي أمني ونائبان بالبرلمان، كما صدرت 19 إقالة لوزراء ومحافظين، مقابل تعيين 11 مسؤولاً جديداً.

ولم لم تحقق البلاد الاستقرار السياسي والاقتصادي المزدهر بعد ثورة 2011، حيث استمر الفساد والبطالة.

 للنهضة مواقف متوترة

من جهتها، بدأت حركة النهضة، مع مرور الوقت، تدرك أنّ تأييدها لسعيّد خلال الانتخابات الرئاسية الماضية لم يؤثر عليه، ولم يجعله بيدقاً في قطعة الشطرنج التي تديرها للحصول على مطامعها السلطوية، بل إنّ مخططها في محاولة استدراج شعبية قيس سعيّد لإظهار نفسها أنّها مشروع سياسي يقف ضدّ الفساد حينها، بدعم سعيّد ضدّ نبيل القروي، المتورّط في عدّة قضايا فساد، لم ينجح، خصوصاً أنّ القروي أصبح فيما بعد حليفها.

ولم يستطع قادة النهضة الاستمرار في اتخاذ موقف موحد من قرارات قيس سعيّد، التي وصفوها في البداية بالانقلاب، ليتراجع أغلبهم لاحقاً، فيما راح بعضهم ينتقد زعيم الحركة ورئيس البرلمان، راشد الغنوشي، ويطالبون بعزله، محمّلين إياه مسؤولية الأزمة في البلاد وفي الحركة أيضاً.

في هذا الشأن، رأى المحلل السياسي، عبد الجبار المدوري، في تصريحه لـ "حفريات"؛ أنّ المواقف المرتبكة لحركة النهضة، خصوصاً بعد تعطيلها لتكوين المحكمة الدستورية وباقي الهيئات التي نصّ عليها الدستور، كان بسبب معركتها للسيطرة على الحكم، ولمزيد التوغل داخل مفاصل الدولة.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية