"اغتصاب الطفلة إكرام" في المغرب: ماذا بعد الاحتجاجات؟

"اغتصاب الطفلة إكرام" في المغرب: ماذا بعد الاحتجاجات؟


15/06/2020

"فيروس كورونا فتّاك لكنّ اغتصاب الطفولة أكبر فتكاً منه" شعار ردّده سكان منطقة طاطا جنوب المغرب، خلال مسيراتهم الاحتجاجية ضدّ إطلاق سراح مُغتصب الطفلة إكرام، ضحية الاغتصاب، وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ "#كلنا_إكرام"؛ ما دفع النيابة العامة إلى مُتابعة الجاني في حالة اعتقال.
"كان التنازل تحت الضغط "
وكانت الطفلة إكرام قد قصدت منزل الجيران للعب مع بناتهم، وهناك استغل المشتبه به المفترض الفرصة لاستدراج الطفلة وأقدم على اغتصابها.

اقرأ أيضاً: ناشطات يمنيات يواجهن التعذيب والاغتصاب في سجون الحوثي
ومن جهته، يقول مبارك أوتشرافت، رئيس منتدى أفوس للديمقراطية وحقوق الإنسان بإقليم طاطا، في حديثه "حفريات:" "نحن كهيئات حقوقية نتابع الملف، وسنُقدم المساعدات النفسية للطفلة إكرام، وأيضاً الاستماع للعائلة".
ويُضيف في هذا الصدد: "كان تنازل والد إكرام تحت الضغط والإكراه، لكنّ الأب تراجع عن تنازله، وتمّ تغيير مقرّ الأسرة إلى مكان آخر لتخفيف الضغوط النفسية عنهم".
أثار تمتيع مغتصب الطفلة إكرام موجة غضب بين أهل المنطقة التي تسكن فيها عائلتها

"إكرام كانت الشجرة التي تخفي غابة"
ويُتابع مبارك أوتشرافت: "اكتشفنا حالات جديدة، لأنّ إكرام كانت الشجرة التي تُخفي غابة من المآسي، وفي ظرف شهر سجلنا نحو ثلاث حالات تتراوح أعمارهنّ بين خمسة إلى سبعة عشر عاماً".
ويمضي قائلاً: "نُطالب بتوفير دار للإيواء خاصة بالنساء المعنفات والأطفال ضحايا الاغتصاب، وإنشاء مركز للأطفال في وضعية هشّة، لأجل حماية حقوق الطفل".
"إعطاء الأولوية لحقّ الطفل"
ويرى رئيس منتدى "أفوس" للديمقراطية وحقوق الإنسان بإقليم طاطا؛ أنّه بمجرد ما يتفجر ملف لاغتصاب طفل، تتدخل العائلات والجيران ويُطالبون بالتنازل عن القضية، مضيفاً: "نُطالب بألّا يأخذ بعين الاعتبار تنازل الأب، ومُتابعة المغتصب وإعطاء الأولوية لحقّ الطفل، لأنّ الدولة المغربية صادقت على مجموعة من القوانين الدولية التي تحمي الطفل"،
ويرى المتحدث ذاته: أنّ "قضية إكرام أصبحت تخصّ الرأي العام المغربي".
"العار الذي سيُلاحق طفلي"
ما الأسباب التي تدفع بعض العائلات إلى التنازل عن متابعة مغتصب أطفالهم؟ وكيف يُساهم الخوف من العار في تكتم العائلات عن حادثة الاغتصاب؟
"حنان" اسم مستعار، أم لطفل تعرض للاغتصاب في عمر 7 أعوام، تكشف لنا الأسباب التي دفعتها إلى عدم متابعة مُغتصب طفلها.

اقرأ أيضاً: هل الاغتصاب حادث عارض في مجتمعاتنا؟
تقول "حنان" لــ "حفريات": "متابعته تعني الفضيحة، لقد اخترت التنازل عن حقّ ابني لأنّني لن أستفيد من متابعته شيء سوى المشكلات والعار الذي سيُلاحقه".
جمعية حقوقية تطالب بضرورة تعميق البحث في هذه القضية، من أجل معرفة إن كان هناك ضحايا آخرون للمتهم

"المغتصب كان يسكن في جوارنا"
وتُضيف حنان: "المغتصب كان يسكن في جوارنا، لقد تدخل الجيران وعائلته، وطلبوا منا عدم متابعته لأنّه لم يكن في وعيه".
وتُتابع: "الحلّ الوحيد كان انتقالنا من الحي الذي كنا نعيش فيه، ومساعدة ابني على تجاوز الصدمة".
ومن جهتها، شدّدت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، في بيان: "على ضرورة متابعة الدعوى العمومية في حالات تنازل الأسر بسبب الضغط الاجتماعي والجهل بالآثار الوخيمة للفعل البيدوفيلي على الأطفال، وسدّ ثغرات المسطرة المدنية التي يسقط بموجبها تنازل الأسر الدعوى".
التسامح يرفع عدد ضحايا الاغتصاب
وفي الصدد ذاته، يقول الناشط الحقوقي، أحمد بوهية: "عندما يقع حادث اغتصاب لطفل، يتدخل أقارب ومعارف المغتصِب لدى أسرة الطفل أو الطفلة المغتصبة، للصفح عنه، والتسامح يُساهم في ارتفاع عدد ضحايا الاغتصاب".
ويُضيف الناشط الحقوقي في حديثه لـ "حفريات": "في ملفات كثيرة تُجبر العائلة على التنازل بسبب تعرضها لضغوطات، أو حصولها على المال".

اقرأ أيضاً: أسرار صمت نظام الملالي عن اغتصاب 41 فتاة في إيران
ويمضي قائلاً: "المجتمع المدني يُقدّم الدعم لضحايا الاغتصاب، ويُطلق حملات لتشجيع الضحايا على الحديث وفضح المغتصب".
ويُشدّد الناشط الحقوقي على "أهمية تواصل العائلات مع الأطفال، وتوعيتهم بأهمية عدم التكتم على أيّ حادث يتعرضون له".
سجل المغرب عدداً من حالات اغتصاب الأطفال، دفعت إلى إنشاء جمعيات للدفاع عن الأطفال المغتصبين كجمعية "ما تقيش ولدي"

مسيرات احتجاجية
وتأتي قضية إكرام عقب تمتيع مواطن خليجي اغتصب طفلة في مدينة مراكش، قبل ثلاثة شهور، ومُغادرته المغرب صوب بلاده.
وأثار تمتيع مغتصب الطفلة إكرام، ذات الستّ أعوام، موجة غضب بين أهل المنطقة التي تسكن فيها عائلتها، وخاضوا مسيرة احتجاج ضدّ إطلاق سراح المغتصب، وردّدوا شعارات تطالب بمحاسبته، وساد الاحتقان والغضب على مواقع التواصل الاجتماعي.
كسر جدار الصمت
وتعرّضت الطفلة إكرام، التي تقطن في منطقة فم الحصن بطاطا جنوب المغرب، لنزيف حاد في جهازها التناسلي.
وفي الأعوام الأخيرة، سجل المغرب عدداً من حالات اغتصاب الأطفال، دفعت إلى إنشاء جمعيات للدفاع عن الأطفال المغتصبين، من بينها جمعية "ما تقيش ولدي".
واختارت بعض العائلات كسر جدار الصمت، وأن تُتابع مغتصب أطفالها، والبوح بما يتعرضون له.
تدخّل الجمعيات الحقوقية
وكلّفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان محامين بمتابعة تطورات قضية "اغتصاب الطفلة إكرام" أمام القضاء، مشددةً، على أنّها ستتخذ مع التطورات التي سيعرِفها الملف القرار المناسب، من قبيل المؤازرة والوقوف كطرف مدني، كما في ملفات أخرى.
وأكّدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على "ضرورة تدخّل عاجل للمُشَرِّع لمراجعة النصوص القانونية لحماية الطفل والمجتمع، ومنح قاضي القاصرين حق الدفاع عن مصالح الأطفال الضحايا وحقوقهم الواردة في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وإعطائه صلاحية التدخل بما فيها تنصيب محام للدفاع عن حقّ الطفل في حالة تنازل العائلة التي تصبح سلطتها منتفية".

 

 

ووصفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان العنف الممارس ضدّ الأطفال، وضمنه الاستغلال الجنسي والاغتصاب، بـ "الانتهاكات الصارخة والجسيمة لحقوق الطفل"، و"الجرائم التي يعاقب عليها القانون"، محذرةً من خطورة "تكرار تمتيع بعض المشتبه فيهم بالعنف الجنسي ضدّ القُصَّر بالسراح المؤقت بناء على تنازل عائلة الضحية، حتى في حالات لا تتواجد فيها ضمانات حضورهم للجلسات".
"معرفة إن كان هناك ضحايا آخرون للمتهم"
كشف محامي الطفلة إكرام، الحسين بكار السباعي؛ أنّ والد الطفلة تراجع عن تنازله للجاني بعد أن خلّف قراره غضباً حقوقياً واسعاً، مؤكداً أنّ "الوالد تراجع عن تنازله، الذي كان نتيجة ضغط وإكراه، وحماية لنفسية ابنته غادر مقر سكنه إلى منطقة أخرى".
وأعربت جمعية "ما تقيش ولادي" لحماية الطفولة عن استنكارها لجريمة الاغتصاب، التي كانت ضحيتها الطفلة إكرام (6 أعوام)، معربةً عن تضامنها مع الطفلة الضحية وكلّ الأطفال ضحايا الاعتداءات الجنسية وكلّ أشكال العنف.
وشدّدت الجمعية على أنّها ستُقدم الدعم للضحية، وكذلك مؤازرتها من طرف محامي الجمعية، مطالبةً بضرورة تعميق البحث في هذه القضية، من أجل "معرفة إن كان هناك ضحايا آخرون للمتهم".

 

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية