الإخوان يطورون شبكة عنكبوتية اقتصادية سرية

الإخوان يطورون شبكة عنكبوتية اقتصادية سرية


20/12/2021

رغم الضربات التي تلقتها جماعة الإخوان خلال الفترة الماضية فإنّ شبكة التنظيم المالية ما تزال تعمل بكامل قوتها؛ إذ إنّ التنظيم الدولي يعتمد سياسة التقية واستخدام خطاب العلمنة والعمل بالقوانين الليبرالية حتى يسهل عليه الاختراق وعمل مشاريع عنكبوتية اقتصادية.

محاور الخطة الاقتصادية

تبعاً للخطة سالفة الذكر أنشأ التنظيم الدولي للإخوان شبكة عنكبوتية اقتصادية قائمة على عدد من المحاور أهمها إنشاء مؤسسات مالية كبرى.

طور الإخوان لصناعة الشبكة رؤية استراتيجية لتشكيل نخبة اقتصادية نافذة، من أهم الأمثلة لها: مؤسسة "الإغاثة الإسلامية" التي تتخذ من لندن مركزاً رئيسياً لها وقد أنشئت العام 1984 من طرف قيادات إخوانية على رأسهم "إبراهيم الزيات، وهاني البنّا، ورجل الأعمال المصري الأصل البريطاني الجنسية (عمر الألفي)"؛ وهي تقوم بنشاطها المعلن "تحت بند أنشطة العمل الاجتماعي"، وكان يترأس إدارتها عصام الحداد، والعراقي أحمد كاظم الراوي.

وقد بلغ دخل المؤسسة وإيراداتها العام 2012 حوالي 130 مليون جنيه إسترليني. كما تجاوز إجمالي ما حصلت عليه هذه المنظمة منذ العام 2008 أكثر من 456 مليون جنيه إسترليني، وتأتي أكبر نسبة تمويل لهذه المؤسسة من التبرعات داخل بريطانيا بحوالي 46٪، ومنح بعض الشركاء بحوالي 22٪، فضلاً عن المانحين من خارج بريطانيا.

الإخوان العالميين نجحوا بالتوازي مع بداية ظاهرة البنوك الإسلامية الحديثة في بناء هيكل متين من شركات "الأوف شور"

لم يعد غريباً أن نجد الشبكة المالية للإخوان من شركات قابضة وتابعة، ومصارف صورية، وغيرها من المؤسسات المالية، تنتشر في بنما وليبيريا، وجزر فيرجن البريطانية، وجزر كايمان، وسويسرا وقبرص ونيجيريا، والبرازيل والأرجنتين وباراجواي، بأسماء أشخاص، مثل "يوسف ندا، وإدريس نصر الدين، ويوسف القرضاوي، وغالب همت"، الذين يقدمون أنفسهم بشكل عام كقادة في الجماعة.

اقرأ أيضاً: لماذا زاد الصراع بين الإخوان الآن؟

إضافة إلى المؤسسات المالية فقد توسع التنظيم في تجارة الحلال، وهو الذي يقصد به ترويج وبيع منتجات تحت اسم أنها "حلال"؛ أي مذبوحة على الطريقة الإسلامية، أو منتوجات "جائزة شرعاً"، وهنا يصبح للمراكز الإسلامية، التي تسيطر عليها الجماعة الدور الأكبر في وضع ختم الحلال على هذه السلع، وأخذ ضريبة على ذلك.

وتعتبر أمريكا الجنوبية، وتحديداً البرازيل هي المركز الرئيسي لهذا الاقتصاد الإخواني، الذي يتم منه تصدير اللحوم لكل العالم الإسلامي، واللافت أنّه يكون من مراكز تسيطر عليها الجماعة.

أما المحور الثالث في شبكة الإخوان الاقتصادية فهو شركات أوف شور مالية، وفق ما ورد في "وثائق بنما" المُسَرَّبَة من شركة "موساك فونسيكا" للخدمات القانونية، التي تتخذ من بنما مقراً لها فإن الإخوان العالميين نجحوا بالتوازي مع بداية ظاهرة البنوك الإسلامية الحديثة، التي عرفها العالم في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، في بناء هيكل متين من شركات الأوف شور، التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من قدرتها علي إخفاء ونقل الأموال حول العالم، وتمحور عمل المسؤولين الاقتصاديين التابعين للجماعة في التلاعب الزائف بمسار التعاملات الورقية للأموال عبر الحدود، بين ما هو مشروع قانونيّاً وما هو محظور، مثل: تجنب الضرائب، والإيداعات الزائفة، والتلاعبات غير القانونية في الفواتير، وذلك تحت مسميات خادعة مثل؛ الحلول الضريبية، وحماية الأصول، وهيكلة الشركات.

 

اقرأ أيضاً: هل ينجح التنظيم الدولي للإخوان في جمع شتات جبهتي منير وحسين؟

يشار إلى أنّ "الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين"، ومقره واشنطن، تولى تفسير وثائق بنما، التي كان عددها نحو 11.5 مليون وثيقة تحتوي على بيانات تتعلق بعمليات مالية لأكثر من 214 ألف شركة عابرة للبحار offshore   في أكثر من 200 دولة ومنطقة حول العالم.

ثروة تختفي تحت الماء

ذكر الكاتب دوجلاس فرح، في مقاله "اكتشاف جزء صغير من إمبراطورية شركات الأوف شور لجماعة الإخوان المسلمين الدولية"، الذي نشره المركز الاستراتيجي الأمريكي للتقييم الدولي بولاية فيرجينيا الأمريكية، أنّ ما يظهر من ثروات الجماعة وأموالها لا يزيد على كونه الجزء الظاهر من جبل الثلج، يختفي معظمه تحت الماء.

وذكر موقع الوثائق السرية المسربة "Panama Papers" في تحقيق استقصائي أنّ الجماعة "اعتمدت استراتيجية قائمة على أعمدة من السرية والخداع والخفاء والعنف والانتهازية"، مشيراً إلى قادة تمويل الإخوان، كإبراهيم كامل مؤسس بنك دار المال الإسلامي "دي إم إي"، وشركات الأوف شور التابعة له في "ناسو" بجزر البهاما، ويوسف ندا، وغالب همت، ويوسف القرضاوي، في بنك التقوي في ناسو، وإدريس نصر الدين مع بنك أكيدا الدولي في ناس، وهي بنوك وشركات تم تأسيسها، وتتمتع بغموض كبير، جعلها تتجنب الرقابة، وكانت الفرضية الأساسية للجوء إليها هي الحاجة لبناء شبكة في الخفاء، بعيداً عن أنظار الحكومات وأجهزة الأمن.

يتحرك اقتصاد الإخوان بملايين الدولارات وهو جزء من شبكة كبيرة تعمل سرياً وفق اعتماد مبدأ التقية

يقول الصحفي أحمد الجدي في تصريح لـ"حفريات" أنّه على سبيل المثال لا الحصر تتواجد عديد من شركات الإخوان في إمارة ليختنشتاين، الواقعة على الحدود السويسرية النمساوية، حيث لا توجد هناك حاجة لتحديد هوية أصحاب هذه الشركات، ولا توجد أي سجلات عن أنشطة الشركة ومعاملاتها، وبسبب هذه التسهيلات الكبرى، زارها مفوض العلاقات الخارجية بالإخوان يوسف ندا في 28 كانون الثاني (يناير) 2002، رغم حظر السفر المفروض عليه من قبل الأمم المتحدة، ونقل العديد من شركات الـ"أوف شور" الإخوانية إليها، وكلف بعدها شركة المحاماة "آرثر هانا وأبناؤه"، وهي شركة تولى الإخوان تأسيسها وتمويلها ضمن نشاط الـ"أوف شور"، وأصبح هذا المكتب بمحاميه من أفراد عائلة هانا هم أعضاء مجالس إدارات معظم شركات وبنوك الـ"أوف شور" الإخوانية، للدفاع عن هذه الشركات وتولي أمرها.

ونقلاً عن الكاتبة نائلة السليني، في مقالها "نحو فكّ "أسرار" مالية الإخوان" فإنّه من أهم كيانات الجماعة ما يعرف باسم بنك دار المال الإسلامي "دي إم إي" وشركات الـ"أوف شور" التابعة له الموجودة في ناسو بجزر البهاما، وهذا البنك أسسه أحد الكوادر الإخوانية الهامة ويعرف باسم إبراهيم كامل، وقد خضع هذا البنك لتحقيقات بعد اتهامه بتمويل الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، ومعه بنكا التقوى وأكيدا الدولي.

 

اقرأ أيضاً: قراءة في سجال "الخطابات والرسائل" بين جبهتي الإخوان: لمن الحكم اليوم؟

ويتحرك اقتصاد الإخوان بملايين الدولارات، وهو جزء من شبكة إخوانية كبيرة تعمل سرياً وفق اعتماد مبدأ التقية، وهي تتمتع بغموض كبير، ولا تزال بعيدة عن الرقابة، وأنظار الحكومات وأجهزة الأمن.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية