"الإرهاب" في دراما رمضان: وأد للتطرف أم توجيه للرأي العام؟

تحقيقات

"الإرهاب" في دراما رمضان: وأد للتطرف أم توجيه للرأي العام؟


13/06/2018

تحقيق: سامح فايز


تكرّسَ شهر رمضان المبارك باعتباره "كرنفالاً" للدراما التلفزيونية التي تهب المشاهد فسحة من المتعة والإثارة والجمال، فيتسابق المخرجون والمنتجون والممثلون إلى نيل رضى الجمهور الذي ترتفع نسبة مشاهدته الأعمال الدرامية في هذا الشهر الذي يوشك موسمه الحالي على بلوغ عتبة النهاية.

دراما رمضان 2018 سلطت أضواء ساطعة على مشكلة "الإرهاب" التي انشغلت فيها السينما والتلفزيون على مدى أكثر من عقدين.

وبدا الاهتمام بموضوعة الإرهاب متجلياً في مسلسلات؛ "كلبش"، و"نسر الصعيد"، و"أمر واقع"، و"مليكة"، و"السهام المارقة"، و"أبو عمر المصري"، و"المهلب بن أبي صفرة"، والجزء الثالث من المسلسل السوري "عطر الشام"، ويعد هذا الكم من الأعمال استكمالاً لما شهده موسم دراما رمضان 2017 والذي قدم مسلسلات، "غرابيب سود"، و"أرض جو"، و"وضع أمني"، و"سيلفي".

مساهمة الدراما في مواجهة الإرهاب تختلف حسب التناول والعرض والأعمال الموجهة عادة لا تحدث تاثيراً ضخماً

لكن الجديد في دراما رمضان الجاري، أنها تجاوزت في أغلب الأعمال المقدمة، فكرة التناول المباشر للجماعات الإرهابية، بالحديث عن تشكيلاتها المسلحة وأهدافها وتوجهاتها، لتهتم بالجوانب الإنسانية للأشخاص الذين يصطدمون بشكل مباشر بتلك الجماعات، مثل؛ ضباط مكافحة الإرهاب، والأضرار الإنسانية والعائلية التي تحدث لهم من جراء تصديهم للجماعات الإرهابية، كما حدث في مسلسل "أمر واقع"، والجزء الثاني من مسلسل "كلبش"، ومسلسل "مليكة"؛ فالأول يتناول حياة ضابط شرطة أصيب أثناء مداهمة مقر خلية إرهابية، وأثناء تلقيه العلاج في المستشفى مرض طفله الصغير في نفس اللحظة، وعجزت زوجته عن الوصول إليه، وتوفي الطفل في المستشفى، ونتج عن ذلك حدوث شرخ كبير في العلاقة بين الزوجين، ومرور الضابط وزوجته بأزمات نفسية هددت استمرار حياتهما.

 الفنان أحمد عز بطل مسلسل أبو عمر المصري

وفي "كلبش" فقد ضابط الشرطة زوجته وأخته أثناء هجوم إرهابي على منزله، نفذته خلية إرهابية نتيجة القبض على زعيم الخلية، وفي مسلسل "مليكة"، تبدأ الأحداث بتفجير حفل زفاف ابنة النائب العام المصري، ونتيجة للتفجير يتشوه جسد بطلة العمل، ويصعب التعرف على شخصيتها الحقيقية نتيجة حرق جسدها بالكامل، ويظن أهلها أنها ماتت، وتقوم أسرة أخرى بالتعرف على الجثة المشوهة، ظناً منهم أنها ابنتهم ويقوم طبيب التجميل بإجراء مجموعة من العمليات الجراحية لتظهر الفتاة بشخصية غير شخصيتها الحقيقية مما تسبب في معاناتها.

شخصية الإرهابي أوائل التسعينيات

وكانت الدراما المصرية جسدت شخصية الإرهابي أوائل التسعينيات؛ كرد فعل على تصاعد المواجهات الدامية مع التنظيمات الإرهابية، وجاء نموذجاً لذلك الجزءُ الرابع لمسلسل "ليالي الحلمية"، عام 1992، للسيناريست أسامة أنور عكاشة، الذي قدم شخصية توفيق البدري، المنتمي إلى جماعة إرهابية في جنوب مصر، مروراً بمسلسل "العائلة"، للسيناريست وحيد حامد، والذي أفرد مساحة أكبر لفكرة الإرهاب، التي تفشت في المجتمع المصري عقب نكسة يونيو عام 1967، وهي الفترة التاريخية التي يدور في رحاها العمل.

العملان عبّرا بشكل كبير عن السياق التاريخي للفترة التي قُدما خلالها، وهي الأكثر دموية في تاريخ صعود جماعات الإسلام السياسي في المشهدين، المصري والعربي، والتي شهدت مواجهات مسلحة بين الدولة والجماعات الإرهابية، بداية التسعينيات.

اقرأ أيضاً: فيلم "جواب اعتقال": تناول نمطي لظاهرة التنظيمات الإرهابية

وانطلاقاً من هذين العملين أصبح محور الإرهاب شاغلاً مهماً لصناع الدراما، يكاد لا يخلو عمل درامي من الإشاره إليه، كما حدث في مسلسلات، "لن أعيش في جلباب أبي" عام 1996، و"الضوء الشارد" عام 1998. وقدمت الدراما الأردنية مسلسل "الطريق إلى كابول" عام 2004، والذي توقف عرضه في الحلقة الثامنة؛ لأسباب أرجعها متخصصون إلى مغالطات تاريخية في العمل، الذي تناول فترة الحرب الأفغانية الروسية، وفي عام 2005 قدمت الدراما الأردنية مسلسل "الطريق الوعر"، وفي نفس العام قدمت الدراما السورية مسلسل "الحور العين"، ويدور العملان عن عوالم التطرف والإرهاب.

الفنان كريم فهمي في مشهد من مسلسل أمر واقع

الدراما في مواجهة التكفير

الروائي والسيناريست محمد سليمان عبد المالك، قدم مسلسل "باب الخلق" للفنان الراحل محمود عبد العزيز عام 2012، ويحكي قصة لشخصية خيالية في إطار عالم الجماعات الإرهابية، وفي 2018 كتب السيناريو لمسلسل "مليكة".

وعن الفارق بين تناول الدراما لصورة الإرهابي قديماً والآن قال عبد المالك لـ"حفريات": "بالتأكيد هناك جديد؛ لأن الإرهاب الذي بدأ مع التطرف الديني منذ نهايات السبعينات تطورت أدواته بل وأفكاره نفسها، وكان لابد أن تواكب الدراما -باعتبارها وسيلة جمالية لا تربوية- هذا التطور وأن تواجهه وتتصدى له، وهي مسألة بدأ الاهتمام بها على مستوى الدراما العالمية بعد ١١ سبتمبر ولم ينته هذا الاهتمام حتى الآن.. أي أننا سبقنا العالم كله في هذا المجال بأعمال مثل العائلة وأرابيسك".

الفنانة دينا الشربيني بطلة مسلسل مليكة

وعن قدرة الدراما على مواجهة الفكر التكفيري الذي يسعى المتطرف لنشره قال عبد المالك: "لا تملك الدراما إلا سلاح الترفيه والجمال ونشر الوعي دون وعظ مباشر أو نيات تبشيرية، يمكن مثلاً أن نستعرض الحرب على الإرهاب مصرياً وعالمياً على اعتبار أنها أصبحت جزءاً من حياتنا اليومية، ومهمة الدراما في النهاية أن تكون انعكاساً لهذه الحياة".

ويرى عبد المالك أنّ زيادة عدد الأعمال الدرامية التي تناولت الإرهاب في دراما رمضان الجاري مجرد صدفة، غير قائمة على توجيه من جهة معينة، معرباً عن اعتقاده بأنها "صدفة، فلم يحدث معي أن تلقيت أي توجيهات سواء مباشرة أو غير مباشرة، لكني حريص منذ قدمت مسلسل "باب الخلق" عام ٢٠١٢ - وقد بدأ تصويره وعرض قبل وصول الإخوان لكرسي الرئاسة - على أن أترجم مخاوفي ورؤاي للحكم الإسلاموي والتطرف الديني بشكل عالمي ومحلي على حد سواء، وهو ما تواصل بشكل ما هذا العام من خلال مسلسل "مليكة".

عبد المالك اهتم في مسلسل "مليكة" بما وراء الإرهاب ومن يحركه، موضحاً أنّ "الرصاصة التي تصيب جندياً أو مدنياً لا تمثل من أطلقها فحسب، وإنما تمثل الكثير من التلاعب في الكواليس لتحقيق مصالح أكبر".

الفنان أمير كرارة بطل مسلسل كلبش

كلبش

"توظيف الصورة التلفزيونية في القنوات الفضائية لبث قضايا الإرهاب وأثرها على الجمهور" كان عنوان دراسة أعدتها الدكتورة رجاء الغمراوي، أستاذة الإذاعة والتلفزيون، أكدت أنّ وسائل الإعلام، وبخاصة التلفزيون "تمتلك إمكانيات عالية تستطيع من خلالها التأثير على الجمهور المتلقي، لأنها تستطيع تكوين قناعات جديدة وتفنيد القناعات القائمة وإضفاء الشرعية على بعض الموضوعات من خلال الإقناع وحشد الطاقات نحوها، كما أنّ هذه الوسائل تستطيع أن تخلق نوعاً معيناً من الجمهور يؤمن بما تطرحه من أفكار، وإن خالف بعض قناعاته، وبذلك يكون الإتفاق بين ما تطرحه هذه القنوات وتكراره يرسخان الفكرة المطروحة، ويجعلانها مقبولة للتصديق من قبل الجمهور المستهدف".

نقاد: لا تملك الدراما إلا سلاح الترفيه والجمال ونشر الوعي دون وعظ مباشر أو نيات تبشيرية

ويشير حجم الأعمال المقدمة سواء عن التنظيمات الإرهابية بشكل مباشر، أو عن المعاناة التي يواجهها ضباط الشرطة في قوات مكافحة الإرهاب، أو حتى محاولات تحسين صورة ضابط الشرطة في الدراما عموماً، أن المسألة ربما تمثل استراتيجية إعلامية موجهة سواء لمواجهة الإرهاب والتوعية بمخاطره، أو لتحسين صورة ضابط الشرطة في ذهنية المتلقى، والتي تأثرت كثيراً بالأحداث التي شهدتها أغلب الدول العربية عقب ثورات الربيع العربي، يناير (كانون الثاني) 2011.

في هذا السياق، يأتي مسلسل "كلبش"، الذي أذيع جزئه الأول في موسم رمضان 2017، عن قصة الضابط بالقوات الخاصة سليم الأنصاري، الذي تسبب تهوره أثناء المواجهات مع الجماعات الإرهابية، وقتله لبعض المتطرفين دون القبض عليهم، باعتبارهم صيداً ثميناً يحمل الكثير من المعلومات المهمة، في نقله للعمل بإدارة أخرى، ثم اتهم ظلماً أثناء تأدية مهام عمله بقتل شاب في قسم الشرطة، حيث تتطرق الحكاية إلى ملابسات هروبه من الحبس في رحلة البحث عن البراءة، حيث ساهم المسلسل في تقديم صورة مختلفة لضابط الشرطة في الدراما، والتي كانت تقدم في معظم الأعمال في شكل الضابط المتسلط، أو الفاسد.

اقرأ أيضاً: عبد الكريم قادري: السينما العربية اكتفت بالسخرية من الإرهابي

نجاح الجزء الأول دفع صنّاع العمل لتقديم جزئه الثاني، والمعروض في رمضان 2018، إذ تكشف الحلقات الأولى مقتل زوجة الضابط وأخته في هجوم على منزله انتقاماً منه، بعد قبضه على زعيم خلية إرهابية.

المسلسل حقق، حتى منتصف رمضان، أعلى نسبة مشاهدات على موقع يوتيوب بمتوسط 9 مليون مشاهدة للحلقة الأولى من العمل، سواء على قناة شركة الإنتاج الرسمية أو قناة يوتيوب للشبكة الفضائية العارضة للعمل. وهو رقم يمثل ثلاثة أضعاف ما حققته الحلقة الأولى من المسلسل في جزئه الأول في الأيام الأولى من عرضه رمضان 2017.

وذكر بطل المسلسل، الممثل أمير كرارة في حوار صحفي لجريدة "الشروق" المصرية، أنّ وزارة الداخلية قدمت إسهامات في العمل، "وبشكل كبير، ففي الحلقة الأولى كل المدرعات والسيارات كانت مدعمة من وزارة الداخلية، ونحن المسلسل الوحيد الذي دخل سجن طرة، وقمنا بالتصوير هناك،  وأيصاً صورنا في السجن الرئيسي".

إشكالية الدراما المصرية تكمن في تشخيص الإرهابي اعتماداً على شكل نمطي مبالغ فيه وغير مطابق للواقع الفعلي

وعن إشراف الداخلية على سيناريو العمل قال كرارة: "الوزارة لم تطلب عمل أي تعديلات على أحداث المسلسل عقب الإطلاع عليه، وبالمناسبة من حقها أن تقوم بالإطلاع عليه لأنه يتحدث عنها". مضيفاً:"حب الداخلية للمسلسل جعلهم يدعمونه بقوة، لأنه العمل الوحيد الذي دعم الشرطة، وأظهر للناس حقيقة الشرطة إنسانياً، وأظهر جوانب وخلفيات لم يعرفها الناس من قبل".

في السياق ذاته، قال الممثل والسيناريست كريم فهمي في حوار مع جريدة "الوطن" المصرية: "حرصنا خلال المسلسل على عرض معاناة ضباط الشرطة، ومدى تعرضهم للخطر، وشعورهم بالخوف المستمر، بداية من خروجهم من المنزل، فجميعهم يضع في مخيلتهم أنهم لن يعودوا مرة أخرى إلى أهلهم، كل ذلك يمثل معاناة حقيقية كان علينا عرضها على الشاشة".

ولم تبتعد غالبية مسلسلات رمضان، التي تناولت قضايا اجتماعية لا صلة لها بالتطرف والإرهاب، عن فكرة تقديم صورة أفضل لشخصية ضابط الشرطة، مثل مسلسل "عوالم خفية"، الذي قدم للمرة الأولى صورة ضابط الأمن الوطني، المتعاون مع الصحفي المعارض، من أجل الدفاع عن الدولة ضد أية عمليات تخريبية، بطريقة تظهر الضابط، الذي جسده في المسلسل الفنان فتحي عبد الوهاب، شخصاً ودوداً، يدرك أهمية المعارضة الحرة، ويسعى لتوطيد أواصر العلاقة الطيبة مع الصحفي المعارض النزيه، الذي يجسده في العمل الفنان عادل إمام، بشخصية الصحفي "هلال كامل"، مخالفاً بذلك صورة ضباط أمن الدولة التي قدمتها الدراما المصرية دائماً في سياق الضابط المتسلط، أهمها، فيلم "زوجة رجل مهم"، وأفلام "البرئ"، و"الكرنك"، و"إحنا بتوع الأتوبيس"، و"عمارة يعقوبيان"، و"الهروب"، وسواها.

الفنان عادل إمام بطل مسلسل عوالم خفية

مزاعم معالجة قضايا الإرهاب

وتساءل "مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة" بأبو ظبي، في دراسة عنوانها:"هل تساهم الدراما التلفزيونية في معالجة قضايا الإرهاب؟". وبينت الدراسة أنّ انتشار ظاهرة معالجة قضية الإرهاب في الدراما العربية منذ عشرات السنوات، عائد إلى الحضور الدائم لهذه القضية في المنطقة العربية، وهو ما توازى مع تصاعد أهمية الدور الذي يمارسه الإعلام في رفع درجة الوعي لدى المجتمعات، حيث كانت الدراما إحدى أدوات الإعلام الفاعلة في هذا الإطار، نظراً لشعبيتها الكبيرة بالمقارنة بالمواد الإعلامية الأخرى.

الدراسة انشغلت بتحليل الأعمال الدرامية والفنية العربية التي تم عرضها في شهر رمضان 2017، والتي حاولت تناول قضية الإرهاب، بهدف حلها. لكنّ الدراسة ألمحت إلى عدة سلبيات نتيجة لذلك التناول، هي: "اعتياد مشاهد العنف: حيث يتعرض المتلقي للأعمال الدرامية التي تتناول الإرهاب لمشاهد عنيفة طول وقت عرض هذه المسلسلات".

اقرأ أيضاً: السينما المصرية ظلمت النساء وبشّرت بعالم ذكوري

من تلك السلبيات أيضاً، "إغفال الواقع: تركز كثير من المعالجات الدرامية على الأسباب التقليدية التي تدفع بعض الشباب للانضمام إلى التنظيمات الإرهابية، على غرار الفوارق الاجتماعية والتهميش الاقتصادي والفقر والبطالة، دون أن تتطرق إلى الظواهر الجديدة التي بدأت تتضح ملامحها في هذا السياق".

وتشير الدراسة، فضلاً عن ذلك، إلى غياب إستراتيجيات إعلامية لمواجهة الإرهاب بصوره كافة،  حيث تأتي الأعمال الدرامية التي تواجه انتشار ظاهرة الإرهاب، على الأرجح، ضمن مبادرات فردية لمنتجيها، وليست نابعة من إستراتيجيات إعلامية واضحة تتبنى هذا الهدف.

ولم تبتعد دراما رمضان 2018 عن تلك السلبيات، فهي لا زالت تقدم تلك الصورة النمطية للإرهابي، متجاهلة 30 عاماً من التحولات، والتطورات في العمليات الإرهابية التي نفذها المتطرفون في التسعينيات، وتلك التي نفذوها بعد عام 2011.

ماذا يقول النقاد عن الدراما؟

عن إشكاليات الدراما المصرية، يقول الدكتور فؤاد السعيد الأستاذ بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، لـ"حفريات":"إنها تكمن، على وجه التحديد، في تشخيص الإرهابي اعتماداً على شكل نمطي مبالغ فيه، وغير مطابق للواقع الفعلي، وفي أحيان كثيرة يفضل كتاب الدراما صياغة شخصية الإرهابية باعتباره مجرماً وأفّاقاً وباحثاً عن المال، علماً بأن ذلك تعميم خاطئ".

السعيد يرى أنّ هذه المبالغة في تشخيص صورة الإرهابي في الدراما لن يصدقها المشاهد العادي، مشيراً إلى أن المنتمي للتنظيمات الإرهابية هو، في الأغلب الأعم، صادق في اعتقاده ورسالته، يعتبر نفسه مجاهداً بالفعل، موضحاً: "دورنا هنا أن نعمل على توعية ذلك الشخص والتأكيد على أن فهمه للدين فهم خاطئ".

من جانبه، أكد الكاتب الصحفي والناقد السينمائي طارق الشناوي في تصريح لـ"حـفريات" أنّ "فكرة اعتياد مشاهد العنف، مسألة غير منطقية؛ فيجب أن نضع في الاعتبار ذلك العدد الهائل من أفلام الرعب التي تعرض في جميع سينمات العالم، ولم نسمع يوماً القائمين على صناعتها أوقفوا عرضها لأنها أثرت في المشاهد بالسلب".

اقرأ أيضاً: السينما العربية تطرق أبواب الدين: الانتقال من الترفيه إلى التنوير

وأشار الشناوي إلى أنّ تطرق الدراما لقضايا الإرهاب من البديهي أن يصاحبه مشاهد دموية، موضحاً: "لا يجب أن نساهم في ضرب الدراما بالتهويل من مسألة اعتياد مشاهد العنف".

وفي السياق ذاته، قال الكاتب الصحفي والناقد الفني رامي المتولي في تصريح لـ"حفريات" إنّ مساهمة الدراما في مواجهة الإرهاب تختلف حسب التناول وطريقة العرض، مشيراً إلى أن الأعمال الموجهة عادة لا تحدث تاثيراً ضخماً؛ "فلو كانت كذلك ستبدو وكأنها مصنوعة، ولن يتفاعل معها الجمهور، إلا لو وظفت بشكل سليم، مثل الحملات الدعائية التى تتبناها الوزارات والمؤسسات المعنية وتظهر في أشكال فنية أخرى بخلاف المسلسلات والأفلام، كالإعلانات والأغاني، لكن الوضع مختلف مع المسلسلات والأفلام التي لو لم تكن جيدة الصنع ذات هدف فني في المقام الأول قبل أن تناقش الفكرة أياً كانت، سيقل تأثيرها وربما تجلب أثراً عكسياً".

الفنان محمد رمضان بطل مسلسل نسر الصعيد

المتولي أوضح، كذلك، أنّ المبالغة في تأطير الفكرة تنقلب للسخرية في الكثير من الأحيان، "وما جرى في مسلسل نسر الصعيد ربما يكون المثال الأقرب، فعلى الرغم من النوايا الطيبة المبني عليها العمل، إلا أن مستواه الفني المتوسط جعل الجمهور يركز على الأخطاء والمبالغات التى يتبناها محمد رمضان؛ بطل المسلسل الذي يصرّ رغم موهبته، على رسم صورة نمطية شديدة الفقر فنياً، ما يجعله مثار سخرية، ويجعل من هدفه الذى يتبناه آخر اهتمام المشاهد، بخلاف ما كان يأمل ويرغب بطل العمل نفسه".

وعن وجود إستراتيجية إعلامية موجهة من عدمه بخصوص دراما رمضان 2018، قال المتولي:" من الصعب الفصل بين الأمرين، سواء كانت هناك إستراتيجية اعلامية، أو أنّ الأمر نابع من بطل العمل وفريقه، لأنه في أوقات الشدائد التي يتوحد فيها الجمهور لمحاربة ظواهر سلبية مثل الإرهاب، يزيد الحس الوطني، ويعتبر الجميع أنفسهم محاربين للإرهاب، حتى لو لم يحملوا السلاح بشكل فعلي".

وقدّر المتولي الأمر على النحو التالي: "ربما تكون تلك رغبة البطل، أو المخرج، أو السيناريست، وربما تكون رغباتهم معاً، أو أنها وجهة نظر المؤسسات المعنية، التي تتلاقى في الأغلب بسبب الحس العام دون بذل جهد. وفي النهاية لا يمكن الجزم قطعاً بأي من الأمرين، دون تصريحات رسمية واضحة تكشف عن تكليفات مباشرة، أو حتى تدخل في الإنتاج".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية