الإمارات في عهد محمد بن زايد... ما هي الأولويات؟

الإمارات في عهد محمد بن زايد... ما هي الأولويات؟


22/05/2022

فاطمة الغول

تعكس الوفود البارزة التي تقاطرت على الإمارات للتعزية بوفاة الشيخ خليفة وتهنئة الشيخ محمد بتوليه الرئاسة المكانة المتقدمة التي تبوأتها أبوظبي على الساحة الدولية والدور الذي تضطلع به في الإقليم والعالم. ويؤذن العهد الجديد الذي بدأ للتو بتكريس النجاحات الداخلية والخارجية التي حققتها هذه الدولة التي احتفلت هذه السنة بخمسينيتها الأولى. 

  ويرى مراقبون أن العهد الجديد سيكون استمراراً لنهضة الإمارات نظراً إلى أن المؤسس الشيخ زايد وضع المعايير الرئيسية لحكم البلاد من جهة، ولأن دور الشيخ محمد واضح في البلاد منذ تعرض أخيه لوعكة صحية أبعدته عن الحكم . 

باع طويل في الدور القيادي

يعتبر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رجل البلاد القوي، الذي عمل على صعود الإمارات في الساحة الدولية خاصة خلال السنوات الأخيرة، وكان له اليد العليا في الإنجازات التي حققتها بلاده على الصعيدين الداخلي والخارجي. فخلال السنتين الماضيتين سجلت البلاد تحولات كبيرة وصارت وجهة دبلوماسية ومركزاً لجذب واستقطاب السياح والاستثمارات من كل دول العالم.

وفي هذا الإطار يشرح الأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبد الله في تصريح إلى "النهار العربي"، أن "الشيخ محمد بن زايد كان حاكماً فعلياً للإمارات وكان يمارس دور الرئاسة نيابة عن شقيقه الشيخ خليفة بن زايد رحمه الله، حيث قام بذلك على مدى السنوات العشر الماضية، واستقبلته عواصم العالم كرئيس دولة، وكذلك التقى بزعامات العالم نيابة عن الرئيس، ووضع الخطوط العامة للسياسية الخارجية والدفاعية  للإمارات بصفته الشخص الذي ينوب عن رئيس الدولة، فقد تمرّس على هذا الدور وأصبح خبيراً بمسؤولياته، وبالتالي المنصب ليس جديداً عليه".

ويتوقّع عبدالله "استمرارية النهج السابق والسياسيات الداخلية والخارجية، ولكن بشعار العالمية وبرنامج وصول الإمارات إلى العالمية والمطروح حالياً أن مصلحة الإمارات فوق كل اعتبار". 

ويضيف المحلل السياسي الإماراتي البدر الشاطري على ما سبق أن "الأنظمة الخليجية تتميّز بالاستمرارية في أسلوب الحكم حتى مع تغيّر حكامها، وعلى هذا الأساس ليس من المتوقع ان يكون هناك تغيّر كبير الا  إذا اقتضت الحاجة ما يتطلب تغييراً في السياسات. وكما قال الشيخ محمد عند اختياره رئيساً للدولة أنه "أخ للحكام ولن يتغير عليهم في شيء مما كان في القبل".

ماذا عن واشنطن؟

في الآونة الأخيرة، خاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية ظهرت تباينات في وجهات النظر بين الدول الخليجية والولايات المتحدة الأميركية والتي وصلت إلى الخلافات أحياناً. فالموقف الإماراتي كان مختلفاً عما توقّعته واشنطن خاصة مع رفضها التصويت لصالح إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا في مجلس الأمن.  

يعتقد الكثيرين أن محمد بن زايد ينطلق من فكرة أنه لا يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة وحدها وحصر كل الشراكات معها. ومع هذه المتغيرات، من المرجح أنّه سيرتّب أوراقه مع الولايات المتحدة من جديد وفق معادلة مصالح الإمارات مع ضمان وجود حلفاء أقوياء بجانبها.

وفي هذا السياق، يبين الشاطري أن "الاختلاف في وجهات النظر بين أبوظبي وواشنطن واضح للعيان ويتعلق في النظرة الاستراتيجية لإقليم الشرق الأوسط، وترى بعض دول الخليج ومن ضمنها الإمارات تخلّياً من الولايات المتحدة عن التزاماتها في المنطقة، وأن الانسحاب من أفغانستان ما هو إلا دليل على انسحاب أكبر من الشرق الأوسط، وأن اهتمام واشنطن منصب على منطقة الهادئ لمواجهة الصين كقوة عظمى في هذه المنطقة المهمة". 

ويستطرد قائلاً: "لكن الواقع أن هناك مصالح بنيوية بين الإمارات والولايات المتحدة، ومهما كانت الخلافات السياسية فإنها مرحلية وسيتم تجاوزها كما تم تجاوز الكثير من الخلافات (سابقاً). ولعل الوفد رفيع المستوى برئاسة نائب الرئيس الأمريكي، كاملا هاريس، الذي قدم التعازي بوفاة الشيخ خليفة، دليل على أهمية العلاقة والرغبة في طي صفحة الماضي".

يؤيده في الرأي السياسي عبد لله مبيّناً أن "الوفد الأميركي رفيع المستوى سيكون له أثر إيجابي، ومن المتوقع أن الإمارات سترد على هذه التحية الأميركية بأحسن منها، حيث تقدرّ أبوظبي العلاقة مع أميركا، ومهما كان الخلاف حالياً هناك عمل دؤوب لتجاوز الخلاف وسوء الفهم واعتقد أننا نتجه في هذا المسار".

تحدّيات عدة

ذكر تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني أنه بالنظر إلى اقتصاد الإمارات المتكامل عالمياً، تشمل التحديات التي تهدد آفاق النمو إمكانية تدهور أوضاع التجارة العالمية والسياحة والاستثمار وتدفقات رأس المال بسبب تشديد السياسة النقدية أو الحرب في أوكرانيا، وتصاعد التوترات الجيوسياسية الإقليمية المرتبطة بإيران.

ولمواجهة تلك الأزمات والوقاية من تداعياتها، اقترح المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات أنور قرقاش خارطة طريق من 4 بنود، تستند إلى: التعايش، والتسامح، والبحث عن الحلول الواقعية، والتعاون الجماعي انطلاقا من مبدأ المسؤولية المشتركة.

في هذا السياق يرى عبدالله أن "الإمارات تدرك تماماً أن المسار التصالحي لا يزال في دقائقه الأولى وسيواجه الكثير من التحديات خاصة الإقليمية، لأن الإمارات تتعامل مع قوى لديها أهداف توسعية وعدوانية، وبالتالي يمكن أن تنقلب على النهج التصالحي في أي فترة ولا يمكن استبعاد ذلك، كما أن هناك قوى لا ترغب في منطقة آمنة بعيدة عن النزاعات ولها مصلحة في أن تبقى هذه المنطقة الأخطر على وجه الأرض. فالتحدّيات كثيرة لكن الشيخ بن زايد مع إدراكه لكل ذلك يرى حجم ثقة الإمارات بقدراتها ومواردها أكثر من أي وقت آخر".

نهج المصالحة

المراقب للسياسات الإماراتية الخليجية يلحظ بسهولة نهج التصالح المتّبع من الشيخ محمد بن زايد في الآونة الأخيرة، وهو الذي عقد خلال الشهريين الماضيين فقط 19 قمة عربية دولية، ، ناهيك عن الاتصالات الهاتفية التي تمحورت حول ذات المواضيع أيضاً.

ووفق  الشاطري: "هناك صعوبات جمّة تواجه الإمارات بقيادة الشيخ محمد منها القضايا الأمنية والتي تعتبر هاجساً كبيراً بالنسبة لدول المنطقة، والحركات المسلّحة والدول الفاشلة والأيديولوجيات التي تقوّض سيادة الدول. إضافة إلى بعض الدول التي تحاول بسط نفوذها في المنطقة على حساب سيادة الدول الأخرى ولا تنفك من التدخل في شئونها الداخلية".

وبالنسبة للداخل بحسب الشاطرى فإن التحدي الأكبر هو تنويع الاقتصاد بعيداً عن الموارد الناضبة وتحقيق استمرارية في الرخاء الاقتصادي المتنامي التي عرفته الدولة خلال الخمسين العام الماضي. إضافة إلى ذلك فهناك التحدي السياسي الكامن في التمكين وهو المبادرة التي تبناها الراحل الشيخ خليفة لتعزيز المشاركة السياسية وتمكين المرأة من لعب دور أكبر في الحياة العامة، والمهم بالنسبة للعهد الجديد التوسع في التمكين دون التفريط باستقرار الحياة السياسية والاجتماعية".

عن "النهار" العربي


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية