الاحتلالات الإيرانية والتركية والروسية تفتك بـ"السيادة" السورية

الاحتلالات الإيرانية والتركية والروسية تفتك بـ"السيادة" السورية


25/02/2021

تتآكل يوماً إثر يوم مفاهيم "السيادة" و"الاستقلال" و"الإرادة الوطنية" من معجم النظام السوري، الذي رهن قراره للتدخلات الخارجية في سبيل الحفاظ على كرسي الرئيس وسلطته الطائفية، في حين يمضي البلد إلى المجهول، وتتناهبه الأطماع من كل حدب وصوب.

وبما أنّ الحرب وضعت أوزارها نسبياً، فقد جاء الآن وقت تقاسم الغنائم والنفوذ بين القوى الثلاث الأبرز: روسيا، تركيا، وإيران بأذرعها المتشعبة التي يمثل حزب الله اللبناني أبرزها، فضلاً عن رغبة إيران بإلحاق سوريا في فلكها بحيث تصبح البلد أشبه بجيب ميليشياوي لا يختلف عن حزب الله في لبنان، أو جماعة الحوثيين الإرهابية في اليمن.

أقامت إيران "مجمعاً ثقافياً - رياضياً - ترفيهياً" ضخماً على مساحة شاسعة من الأراضي في ريف دمشق الجنوبي الشرقي، ملاصقاً لمنطقة نفوذ روسية

مجمع إيراني ضخم في قلب دمشق

وكتأكيد على هذه الشهوة الإيرانية المفتوحة للتوسع والهيمنة وفرض سياسة الأمر الواقع، أقامت إيران "مجمعاً ثقافياً - رياضياً - ترفيهياً" ضخماً في ريف دمشق الجنوبي الشرقي، ملاصقاً لمنطقة نفوذ روسية. وفسّر الأهالي الخطوة بأنها تحدٍ لروسيا التي سبق وأن كبحت محاولات لإيران لتشكيل "ضاحية جنوبية" هناك شبيهة بتلك التي شكلتها في جنوب العاصمة بيروت.

وأفادت صحيفة "الشرق الأوسط" أنّ المجمع أقيم في بلدة "حجيرة" التابعة لناحية "ببيلا"، وتبعد نحو واحد كلم شمال "السيدة زينب" المعقل الرئيسي للميليشيات الإيرانية في ريف دمشق الجنوبي الشرقي، والتي تبعد عن العاصمة نحو 8 كيلومترات، وأطلق عليه اسم "مجمع الشهيد العقيد هيثم سليمان". 

ويشغل المجمع مساحة شاسعة من الأراضي على أطراف منطقة سكنية في البلدة لم يعد إليها إلا قلة قليلة من سكانها بعدما نزحوا منها بسبب الحرب، وتفتقر لوجود الخدمات الأساسية. ويبدو العمل فيه شبه منتهٍ؛ إذ يتم حالياً وضع اللمسات الأخيرة لافتتاحه.

وتمت إحاطة المجمع، وفق الصحيفة، بسور ضخم رفعت عليه أعلام ميليشيات إيرانية عديدة والعلم السوري، بينما تم تشييد غرفة كبيرة على بعد أمتار قليلة من مدخله يظهر في داخلها لوحة رخامية كتب عليها عبارات عدة، وثُبّتت فوقها صورة كبيرة تجمع الرئيس بشار الأسد و"المرشد" على خامنئي وقائد "فيلق القدس" الجنرال قاسم سليماني الذي جرى تصفيته بغارة أمريكية على أطراف بغداد قبل أكثر من عام.

يدل المشهد العام للمجمع على أنّ مبالغ مالية كبيرة أنفقت على تشييده

وأفادت "الشرق الأوسط"، أنّ المجمع تم بدء العمل به بعد استعادة الحكومة السورية السيطرة على المنطقة، ونفذه فرع "مؤسسة جهاد البناء" الإيرانية في سوريا، الذي يعمل منذ عام 2015 تحت غطاء تنفيذ مشاريع خدمية وإنمائية إنسانية، لا سيما في المناطق التي استعادتها الحكومة السورية.

ويدل المشهد العام للمجمع على أنّ مبالغ مالية كبيرة أنفقت على تشييده، في وقت تعاني مناطق سيطرة الحكومة السورية منذ فترة طويلة من اشتداد أزمات توفر المحروقات والطحين والخبز والمواد الغذائية الأساسية والكهرباء.

وبدا لافتاً، أنّ المجمع تمت إقامته في الجهة الشمالية الغربية من "حجيرة" وعلى التماس مباشرة مع الحدود الإدارية لـ"ببيلا" التي تعتبر منطقة نفوذ روسية؛ الأمر الذي فسره أهالٍ في "ببيلا" على أنه "تحدٍ لروسيا". 

وتواصل إيران نشاطاتها التي تهدف إلى فرض نفوذها على مناطق التي باتت تسيطر في دمشق وريفها وحلب ودير الزور.

اقرأ أيضاً: الميليشيات الإيرانية تتمدد في سوريا... ما القصة؟

احتلال تركي ناعم

وفي سياق المشهد السوري المعقد، يعكس قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فتح كلية طب ومعهد عال للعلوم الصحية في مدينة الراعي بريف حلب الشمالي، مدى تخطيطه لتحويل توغله العسكري في مناطق شاسعة من شمال سوريا إلى "احتلال ناعم" عبر إنشاء مؤسسات تعليمية وهيئات إدارية الغاية منها تثبيت الوجود التركي بشكل دائم في تلك المناطق.

ورفضت الحكومة السورية قراراً يقضي بافتتاح كلية للعلوم الطبية ومعهد تابعين لجامعة اسطنبول، منددة بهذه الممارسات التركية، معتبرة أنّ القرار انتهاك صارخ للقوانين الدولية.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أنّ مساعد والي مدينة غازي عنتاب التركية وضع مع بعض الفعاليات من مدينة الباب شرق حلب حجر الأساس لبناء مدرسة تحت اسم "مدرسة سليمان داميرال للعلوم الشرعية"، موضحاً أنّ داميرال هو ضابط تركي مسؤول بقسم الهندسة والألغام بالجيش وقضى أثناء تفكيك عبوة في مدينة الباب ضمن ريف حلب الشرقي.

ويسعى اردوغان، عبر هذه القرارات، إلى الإيهام بأنها خطوة لدعم الجهود الإنسانية والتعليمية لمساعدة سكان تلك المناطق الخاضعة لسيطرة قواته، رغم أنّ التدخل العسكري التركي يتعارض تماماً مع المواثيق الدولية والذي أجج الحرب الدامية في سوريا. 

وقال مصدر مسؤول بوزارة الخارجية السورية: "ترفض سوريا جملة وتفصيلاً قرار النظام التركي بافتتاح كلية ومعهد يتبعان لجامعة اسطنبول في بلدة الراعي شمال حلب باعتبار ذلك يشكل عملاً خطيراً وخرقاً فاضحاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة".

واعتبر المصدر في بيان أنّ "هذا القرار الباطل يشكل استمراراً لممارسات النظام التركي في تأجيج وإطالة أمد الأزمة في سوريا ودعم أطراف وتنظيمات إرهابية مثل الإخوان المسلمين وداعش وجبهة النصرة، لخدمة أجنداته وتحقيق أطماعه وأوهامه العثمانية".

يوحي أردوغان أنّ تدخله العسكري في سوريا يهدف إلى دعم جهود السلام وتأمين المناطق من قصف قوات النظام وحلفائها روسيا وإيران

وكثيراً ما يوحي أردوغان أنّ تدخله العسكري في سوريا يهدف إلى دعم جهود السلام وتأمين المناطق في شمال سوريا من قصف قوات النظام وحلفائها روسيا وإيران، لكنّ المراد من ذلك هو تحقيق أطماع توسعية، علما أنّ المناطق الخاضعة لسيطرة القوات التركية تعاني باستمرار من تفجيرات دامية تسببت، على الأقل خلال الأشهر الأخيرة، في سقوط مئات القتلى والجرحى ، مفندة المزاعم التركية في تأمين تلك المناطق، وفق "ميدل إيست أونلاين".

وثمة مخاوف من تغلغل الثقافة التركية في شمال لسوريا وطمس الهوية التركية تحت غطاء مزاعم المساعدة، ولا يحق لتركيا وفق القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة باعتبارها "قوة احتلال" أن تتخذ  قرارات من شأنها المساس بالوضع في مناطق شمال سوريا.

اقرأ أيضاً: وتعددت التدخلات في سوريا!

روسيا تنبش القبور

ولا تُخفي روسيا، في إطار هذه التجاذبات وتعارض المصالح وتصادم الأجندات، طموحها بأن تجعل سوريا منصة مفتوحة لهيمنتها على جزء مهم من الشرق الأوسط؛ للحد من السيطرة الأمريكية، وتوثيق علاقة موسكو مع إسرائيل في لعبة تبادل أدوار ومصالح على أرض الشعب السوري الذي يعيش ويلات النظام والقوى المحتلة.

 وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنّ القوات الروسية تواصل البحث في مخيم اليرموك، عن جثث جنود وجاسوس إسرائيليين يعتقد أنهم دفنوا في دمشق قبل عقود، من أجل تسليمها إلى إسرائيل.

روسيا تواصل البحث في مخيم اليرموك، عن جثث جنود وجاسوس إسرائيليين يعتقد أنهم دفنوا في دمشق قبل عقود، من أجل تسليمها إلى إسرائيل

وأوضح أنّ أكثر من 3 أسابيع مضت فيما لا تزال القوات الروسية تبحث عن رفات جنديين إسرائيليين والعميل الإسرائيلي البارز "إيلي كوهين" جنوب العاصمة، مواصلة نبش القبور في مخيم اليرموك بحثاً عن رفات الإسرائيليين الذين قتلوا قبل عشرات السنين وجرى دفنهم في تلك المنطقة.

وكان من المفترض أن يصل الجانب الروسي لنتائج مع مرور 3 أسابيع على عمليات النبش وإجراء تحليل “DNA” للرفات المستخرجة، وهو ما يثير استياء وسخط الأهالي لانتهاك حرمة الأموات دون أي ردة فعل أو تعليق من سلطات النظام السوري عن الأمر.

ويأتي ذلك في ظل الصفقة "الإعلامية" التي جرى عقدها بين إسرائيل وسوريا قبل أيام قليلة.

وبين هذا وذاك، يقول موقع "العربية": يقف السوري مراقباً المشهد في بلاد باتت مفتوحة على كافة التدخلات منذ سنوات عدة، بينما يعاني المواطن أزمات اقتصادية خانقة، تبدأ بالخبز ولا تنهي بالوقود والكهرباء وتدهور الليرة.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية