البطريرك الراعي موبّخاً نصرالله: الكرامة مرتبطة بالحكمة وليس بالعناد

البطريرك الراعي موبّخاً نصرالله: الكرامة مرتبطة بالحكمة وليس بالعناد


16/11/2021

لم يكن تصريح الأمير السعودي عبدالرحمن بن مساعد، أمس، بعيداً عن الاقتراح الذي قدمه الرئيس اللبناني ميشال عون ببحث استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، كمدخل للبدء بالبحث الجدي عن حل الأزمة الدبلوماسية مع دول الخليج.

كلا الحدثين متصلان بالعقبة الكأداء التي يعاني منها لبنان والإقليم وهي حزب الله. لذا غرد الأمير السعودي: إنه من المنطقي أن تستبدل سفارات لبنان العلم اللبناني بعلم حزب الله مع إضافة "يد توزع المخدرات"، فيما وبّخ البطريرك اللبناني بشارة الراعي حسن نصرالله، من دون أن يسميه، مؤكداً أنّ الكرامة مرتبطة بالحكمة وليس بالعناد.

إقرأ أيضاً: أزمة جورج قرداحي: إقالة الوزير أم تفجير الحكومة؟

وقال الأمير بن مساعد عبر صفحته الرسمية على موقع تويتر: "سيكون من المنطقي جداً أن تستبدل سفارات لبنان علم لبنان بأرزته الجميلة التي كانت تعبر عن جمال لبنان وسلمه واخضراره وتنوعه إلى علم الحزب الأصفر الحاكم المطلق للبنان والمتحكم به والمعترف بتبعيته الكاملة لإيران".

البطريرك بشارة الراعي: لا يحق لأي فريق أن يفرض إرادته على سائر اللبنانيين، ويضرب العلاقة مع الخليج، فتعريض اللبنانيين للطرد والبطالة والفقر والعزلة العربية، هو ما يمس بالكرامة

وتأتي هذه التغريدة تعبيراً عن الهيمنة الكاملة لحزب الله على القرار اللبناني، حيث رفض الحزب اقتراح رئيس الجمهورية بخصوص قرداحي، ما يعني عدم اكتراث الحزب بما آلت إليه الأوضاع في لبنان بعد تدحرج العلاقات بين بيروت ودول الخليج إلى أدنى مستوى لها، فيما يرجح مراقبون أن تتدهور العلاقات وأن تتطور المقاطعة إلى ما هو أبعد من ذلك إذا استمر الساسة اللبنانيون بتسليم رقابهم إلى سيف حزب الله.

إقرأ أيضاً: جورج قرداحي بين مصلحة لبنان وإيران

وكان عون، أكد أنّ "العمل جارٍ لمعالجة الوضع الذي نشأ بين لبنان والمملكة العربية السعودية وعدد من دول الخليج، انطلاقاً من حرص لبنان على إقامة أفضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة، وخصوصاً السعودية ودول الخليج". وكان عون قد استقبل سفير لبنان في السعودية السفير فوزي كبارة، وسفير لبنان لدى مملكة البحرين السفير ميلاد نمّور، والقائم بالأعمال في سفارة لبنان في الكويت، السفير هادي هاشم، واطلع منهم على التطورات المتعلقة بالعلاقات اللبنانية مع الدول الثلاث، في ضوء المستجدات الأخيرة والإجراءات التي لجأت إليها هذه الدول، بعد استدعاء سفرائها من بيروت، والطلب إلى السفراء اللبنانيين مغادرتها.

نصرالله: نرفض أن يستقيل قرداحي

وعبّر الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، في خطاب متلفز، الخميس الماضي عن رفضه الدعوات إلى استقالة قرداحي، معتبراً أنّ رد فعل السعودية "مبالغ به". بل هو في الأساس "جزء من معركة" ضد حزبه، وشدد نصرالله في خطابه: "أيدنا موقف وزير الإعلام ألا يستقيل ورفضنا أن يُقال"، متسائلاً "هل المصلحة الوطنية في الخضوع للإملاءات الخارجية؟".

وتشاطر حزبَ الله في موقفه هذا حركة أمل وبعض القوى الهامشية، في حين تعارض بقية التيارات السياسية والمرجعيات الدينية، حيث اعتبر البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في قدّاس أول من أمس اليوم الأحد، أنّه "لا يحق لأي فريق أن يفرض إرادته على سائر اللبنانيين، ويضرب العلاقة مع الخليج"، لافتاً إلى أنّ "تعريض اللبنانيين للطرد والبطالة والفقر والعزلة العربية، هو ما يمس بالكرامة والسيادة والعنفوان"، مشيراً إلى أنّ "تحليق سعر الدولار هو ما يمس بالكرامة ويذل المواطنين"، في إشارة إلى من يعتبرون أنّ استقالة قرداحي يمس بالكرامة الوطنية اللبنانية، حيث قال نصرالله في خطابه "بالنسبة لنا، نحن في لبنان، أدعو إلى الصبر والتحمل والهدوء والحفاظ على السيادة والكرامة الوطنية".

ورأى الراعي أنّ "الكرامة ليست مرتبطة بالعناد، إنما بالحكمة وبطيب العلاقات مع دول الخليج"، معتبراً أنه لا يحق لأي فريق أن "يعطل عمل الحكومة، ويشل دور القضاء، ويخلق أجواء تهديد ووعيد في المجتمع".

إقرأ أيضاً: البطريرك الماروني يعلق على الأزمة اللبنانية الخليجية.. ماذا قال؟

وقال: "لا يحق للمسؤولين أن يتفرجوا على كل شيء، ويرجون موافقة هذا الفريق أو ذاك. وهذا هو الذل بعينه"، متسائلاً: "أي منطق يسمح بتجميد عمل الحكومة والإصلاحات والمفاوضات الدولية. وكل ما يجري اليوم يتعارض تماماً مع نظامنا الديمقراطي؟ فما لنا في صراع الدول والمحاور، وما شأننا في تقرير مصير الشعوب الأخرى في وقت نحن عاجزون عن تقرير مصيرنا"؟

الراعي: الحياد ليس حملاً صعباً

وتابع الراعي: "إذا كان البعض يعتبر الحياد حملاً صعباً، فنحن نرى فيه الحل الوحيد لإنقاذ لبنان. ومن المؤسف أنّ بعض المسؤولين ومتعاطي العمل السياسي يمتهنون إفقار المواطنين وحرمانهم وإغراقهم في البطالة، بدلاً من محاربة الفقر".

وتضرر الاقتصاد اللبناني من جراء الأزمة السياسية التي فجرتها تصريحات قرداحي المتصلة بالحرب التي يقودها التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن لمواجهة زحف الميليشيات الحوثية التي انقلبت على الشرعية اليمنية بدعم واضح ومباشر من إيران وتسليح وتدريب من حزب الله.

الباحث الاقتصادي اللبناني د. جاسم عجاقة: عصب السوق الخليجي بالنسبة للبنان هما دولة الإمارات ومملكة السعودية. لبنان ليست لديه أي قدرة على الصمود بدون سوق الخليج

وتوقع الخبير الاقتصادي والمحلل المالي اللبناني د. لويس حبيقة أن يعاني الاقتصاد اللبناني أكثر مع تدهور العلاقات مع دول الخليج، مؤكداً أنّ "الأمور ستتجه إلى الأسوأ، لأنّ العلاقات ليست فقط مرتبطة بالتجارة، إنما بالتحويلات والسفر، وهو ما سيظهر خلال شهر أو شهرين"

وقال حبيقة في تصريح لصحيفة "الرؤية" الإماراتية إنّ الليرة اللبنانية تخسر المزيد من قيمتها أمام الدولار الأمريكي، إذ يراوح سعر صرف الدولار بين 20200 و20300 ليرة لكل دولار.

إقرأ أ يضاً :البطريرك الماروني يحشد المسيحيين ضد هيمنة حزب الله على لبنان

وتحدث حبيقة عن القطاعات المتضررة في لبنان، قائلاً: "التجارة ستتأثر سلباً، وستؤدي بدورها للإضرار بالقطاعات الزراعية والصناعية والخدماتية والسياحة.. لبنان يصدّر جميع أنواع الخضراوات والفاكهة كالبرتقال والتفاح والذرة إلى الخليج. كما يعتمد على تصدير الصناعات الغذائية القائمة على المنتجات الغذائية". وأشار إلى "صناعة المجوهرات وصادرات الثياب التي ستتضرر جميعها جراء توقف الواردات اللبنانية إلى المملكة".

أهم الصادرات اللبنانية إلى الخليج

وبحسب موقع غرفة التجارة والصناعة والزراعة اللبنانية، فإنّ أهم الصادرات اللبنانية إلى دول الخليج هي "مجوهرات، وفواكه وثمار وحمضيات، ومحضرات خضر وثمار وفواكه، وزيوت ومحضرات عطور وتجميل، وخضر ونباتات وجذور ودرنات، وحيوانات حية، ومنتجات الصيدلة، وآلات وأجهزة وأدوات آلية، وأثاث، وآلات وأجهزة كهربائية وأجزاؤها، ولدائن ومصنوعاتها".

ونقلت غرفة التجارة، عن إحصاءات مركز التجارة الدولي ITC، أنّ "قيمة الصادرات اللبنانية عام 2020 بلغت أكثر من 3.8 مليار دولار، منها 1.04 مليار دولار إلى دول مجلس التعاون الخليجي، ما نسبته 27% من إجمالي الصادرات اللبنانية".

إقرأ أيضاً: البطريرك بشارة الراعي يوجه رسالة جديدة لحزب الله... ماذا قال؟

وفي تصريح للصحيفة ذاتها، قال الباحث الاقتصادي اللبناني د. جاسم عجاقة إنّ "عصب السوق الخليجي بالنسبة للبنان هما دولة الإمارات ومملكة السعودية. لبنان ليست لديه أي قدرة على الصمود بدون سوق الخليج".

وأوضح "نحن بحاجة لمساعدات خارجية. نحتاج إلى مساعدات غذائية. 40% من الشعب في فقر مدقع، أي ينفقون أقل من 1.9 دولار باليوم للشخص الواحد. كما أنّ 78% من الشعب يعاني من فقر عام. وأكثر من 80% يعانون مما يسمى بفقر متعدد الأبعاد، أي يشمل الوصول للتعليم والمعونات الطبية".

لبنان يصدّر إلى كل دول مجلس التعاون الخليجي بما يوازي ملياراً و65 مليون دولار. لذا يؤكد الاقتصادي اللبناني: "التعامل مع الخليج جوهري للاقتصاد اللبناني. ببساطة لا نستطيع أن نعيش بدون دول الخليج".

الصفحة الرئيسية