الجزائر تنجح في محاصرة أنفلونزا الطيور.. والإشاعات تضرب السوق

الجزائر تنجح في محاصرة أنفلونزا الطيور.. والإشاعات تضرب السوق


24/02/2021

أعلنت الحكومة الجزائرية نجاحها في محاصرة بؤرة السلالة المستجدّة لأنفلونزا الطيور "إتش 5 إن 8"، بعد أسبوع من نفوق 51 ألف رأس من الدواجن. ورغم نفي مصادر متطابقة، لــ "حفريات"، وجود أيّ خطر، إلّا أنّ المخاوف ما تزال قائمة بشأن تداعيات الفيروس في السوق المحلية، وانعكاساته على صادرات الجزائر. 

وعقب 15 عاماً ممّا فعلته السلالة الأولى لفيروس أنفلونزا الطيور، شهدت منطقة عين فكرون، التابعة لمحافظة أم البواقي (471 كيلومتراً شرق العاصمة الجزائر)، أكّد مولود بوجردة، المدير المحلي للمصالح الفلاحية، نفوق 51 ألف فرد من الدجاج بإحدى المستثمرات الخاصة جرّاء إصابتها بإنفلونزا الطيور، وأوضح المسؤول ذاته أنّ نفوق هذه الطيور جاء بشكل "فجائي"، وهو ما بيّنته تحاليل عينة من الدجاج النافق التي تم إرسالها إلى مخابر الصحة الحيوانية، مع الإشارة إلى أنّ هذا المرض يخصّ الطيور ولم يتمّ اكتشاف أيّة حالة عدوى للإنسان.

رغم التطمين الرسميّ وتأكيد محاصرة رقعة السلالة المستجدّة من أنفلونزا الطيور، إلّا أنّ الإرباك نال من الشارع المحلي الذي شهد حالة من الطوارئ

وحرص مولود بوجردة على تطمين مواطنيه بأنّه تمّ اتخاذ كلّ الإجراءات اللازمة عبر دفن الدجاج النافق وتطهير المدجنة التي كان بها وفق الشروط الصحية والبروتوكولية اللازمة،.

وأشار بوجردة، في تصريح لــ "حفريات"، إلى إتلاف ألفي دجاجة مصابة متبقية، فيما أكّد أنّ فيروس "إتش 5 إن 8" لم يمسّ أيّاً من المزارع الأخرى، وسط أنباء عن استمرار عمليات استكشاف على مستوى أماكن تربية الدواجن بهدف كشف حالات محتملة للإصابة بالفيروس، علماً بأنّ فيروس "إتش 5 إن 8" تمّ اكتشافه في ما لا يقل عن 15 بلداً أوروبياً وأفريقياً.

وأفاد الطبيب البيطري، مراد بركاني؛ أنّه في كلّ سنة، ومع بداية موسم هجرة الطيور البرية من بلدان الشمال نحو الجنوب، يتمّ وضع جهاز مراقبة فعّال من أجل اكتشاف حالات الاصابة بفيروس أنفلونزا الطيور من طرف المصالح البيطرية والغابية، وخلال عمليات إحصاء الطيور المهاجرة، يقوم عناصر حماية الغابات بعملية المراقبة وفي حال تسجيل نفوق ما، يتمّ إرسال المعلومات للمصالح البيطرية الذين يقومون بدورهم بأخذ عينات وتحاليل مخبرية، ويبقى نظام المراقبة هذا قائماً إلى غاية مغادرة الطيور المهاجرة من بلدان الجنوب نحو الشمال.

بؤرة السلالة الجديدة لأنفلونزا الطيور التي تمّ اكتشافها محض طفرة

من جانبه، أفاد وزير الزراعة الجزائريّ، عبد الحميد حمداني؛ بأنّه لا مجال للمخاوف بشأن السلالة المستجدّة لأنفلونزا الطيور، جازماً بحسم البؤرة التي تشكّلت، بحسبه، عن طريق الطيور المهاجرة، منوّهاً إلى وضع القطاع جهاز يقظة استعجالي للمتابعة على مستوى محافظة أم البواقي، التي شهدت الفيروس، وباقي المحافظات التي عرفت تطهيراً شاملاً، وتابع قائلاً: "التدابير الاستعجالية ستتخذ عند الحاجة، المرض لا ينتقل إلى الإنسان ولم ينتقل إلى مناطق أخرى، ونحن في حالة تأهّب ما دام مصدر الفيروس الطيور المهاجرة".

خبراء يدعون المزارعين والمربّين لليقظة

يشدّد المهندس الزراعي، منيب أوبيري، على أنّ بؤرة السلالة الجديدة لأنفلونزا الطيور التي تمّ اكتشافها هي محض طفرة، وليست مثار خطر كبير لباقي المحافظات، طالما أنّه جرى التحكم فيها وتمّ القضاء على موطن الفيروس.

بيد أنّ رئيس الاتحاد الجزائري للمهندسين الزراعيين لا يستبعد تداعيات فيروس "إتش 5 إن 8" على إنتاج الدواجن في بلاده واستهلاكها، حتى إن كانت ما تزال الأسعار مستقرة رغم غلاء المدخلات، وبقاء الطلب عادياً على اللحوم البيضاء.

اقرأ أيضاً: تحذيرات.. إنفلونزا جديدة ستحصد أرواح 300 مليون شخص!

ويقول أوبيري، لـ "حفريات": "قد تتأثر الجزائر بفعل تعطّل عملية تصدير الدواجن، بفعل تخوف المتعاملين الخارجيين؛ لذا يجب اتخاذ تدابير وقائية استعجالية تستجيب للأوضاع المحلية للتحكم في الفيروس، عبر التشخيص المبكّر والإبلاغ عن الطيور المشبوهة، واعتماد تدابير علمية لتسيير الموقف إلى غاية استئصال الطيور الحاملة للفيروس، والتحكم في حركية الطيور والمنتجات بين المناطق المصابة ونظيراتها غير المصابة، وتغيير الممارسات للحدّ من انتشار المرض". 

من جهتها، ذكرت وفاء بن حمودة، مديرة الصحة الحيوانية بوزارة الزراعة الجزائرية؛ أنّه تمّ فرض تدابير احترازية صارمة للوقاية من خطر انتشار وباء أنفلونزا الطيور، بعد أن أشارت تحاليل خبراء إلى قابلية المناطق الرطبة للاختراق من طرف الطيور المهاجرة، التي يحلّق 203 أصناف منها في السماء الجزائرية في ربيع كلّ عام، بينها 82 صنفاً مائياً و55 صنفاً محمياً، منها 4 أصناف موضوعة في القائمة الحمراء للمنظمة العالمية لحماية الطبيعة،

وسجّلت مصالح مركز التربية الصيدية بالمنطقة الرطبة "الرغاية" (20 كيلومتراً شرق العاصمة الجزائر)، ارتفاعاً في أعداد الطيور المهاجرة بالجزائر؛ حيث قفز العدد من 4200 طائر إلى 5400 طائر خلال الشهرَين الأخيرَين، وأوضح المختصون في المركز أنّ تدفّق الطيور من الشمال نحو المنطقة الرطبة للرغاية يبدأ في شهر تموز (يوليو) الماضي، بينما تبدأ الطيور في العودة إلى أماكنها الأصلية في شهر آذار (مارس) المقبل.

 المهندس الزراعي، منيب أوبيريوأكّدت سمية راقم، المتخصصة في علم الطيور، أنّ بحيرة الرغاية، التي تمتدّ على مساحة بحريّة قدرها 1100 هكتار، لا تمتلك الإمكانيات اللازمة لإجراء التحاليل على الطيور إلا أنّ عملية الملاحظة تجري يومياً، وهي غير كافية لاكتشاف أيّة أمراض أو فيروسات، في الوقت الذي يفتقر فيه المركز إلى منهجية للإمساك بالطيور، خاصّة البط، الذي يتواجد بكثرة داخل البحيرة، فأمام هذه الوضعية لجأت الجهات الإدارية إلى عملية عزل هذه الطيور كحلٍّ وحيد لتفادي احتكاكها بالطيور المهاجرة، كما لجأت إدارة المركز أيضاً إلى وضع مادة مطهرة أمام أقفاص الطيور للتخلص من إمكانية انتقال الفيروس عن طريق الفضلات، كما تقوم كذلك بوضع خيط بأجراس يعمل على تنفير الطيور البرّية من الأقفاص.

المناطق الرطبة تحت الرقابة القصوى 

كشف الخبير طاهر حميش وضع المناطق الرطبة تحت الرقابة القصوى، لا سيما الطارف والقالة على مستوى الشريط الساحلي العنابي، إضافة إلى العاصمة وضفاف محافظة وهران (400 كيلو متراً غرب العاصمة الجزائر)، وهي أماكن وضعت تحت المجهر، كونها تستوعب الكثير من الطيور البرية والمهاجرة، وأيضاً الطيور الداجنة التي تتواجد على مستوى المناطق الرطبة.

وفي سياق متصل، جزم الخبراء: ولد حسين محمد شريف، وياسين جانيت، وبشير فراوسن، بأنّ خطر الطيور المهاجرة زال، لكنّهم نادوا بتحلي المزارعين والمربين باليقظة، والتقيّد بشروط النظافة، حتى يتمّ سدّ كلّ المنافذ المحتملة.

المدير المحلي للمصالح الفلاحية مولود بوجردة لـ"حفريات": نفوق 51 ألف من الدجاج جرّاء إصابتها بإنفلونزا الطيور جاء بشكل "فجائي"

إلى ذلك، كشف وزير الزراعة الجزائري، عبد الحميد حمداني، عن اتخاذ حزمة إجراءات عاجلة لشعبة الدواجن بغرض تجاوز الوضع الراهن، بعد تداعيات الأزمة الصحية وارتفاع أسعار الأعلاف، ويقوم التصور الرسمي على إعادة بعث نظام ضبط إنتاج اللحوم البيضاء لامتصاص فائض الإنتاج وتجنب خسائر إضافية للمربين.

جزع في البحيرات والواحات 

رغم التطمين الرسميّ وتأكيد محاصرة رقعة السلالة المستجدّة من أنفلونزا الطيور، إلّا أنّ الإرباك نال من الشارع المحلي، حيث شهدت منطقة القبائل الكبرى حالة من الطوارئ.

ونقل شهود عيان، أنّ سكان مدينتَي تيزي وزو وبجاية (100 و190 كم شمال شرق العاصمة الجزائر)، أقدموا بدافع من الخوف والارتياب على حرق أغلب دواجنهم، بعد أن سرت إشاعات كالهشيم في المحافظتَين المذكورَتين، مفادها تفشّي أنفلونزا الطيور، رغم تشديد المصالح الرسمية على عدم صحّة ما راج، وتصنيفها لذلك في خانة "الإشاعات".

اقرأ أيضاً: "هاتف بيل"... هكذا تواصل العالم زمن "الإنفلونزا الإسبانية"

وبعيداً عن كلّ هذا الضجيج، فضّلت سلطات محافظتَي تيزي وزو وبجاية أخذ الأمور بجدّية؛ حيث تمّ إحداث جهازين مركزيين، ناهيك عن إنشاء فرق متنقلة، مع الإشارة إلى أنّ عدة تحاليل تمّ إجراؤها على طيور ميتة، واتّضح خلوّها من أيّ أثر للوباء، فيما أقرّت سلطات المنطقتين مخططاً للتدخّل الاستعجالي، قضى بتطويق كلّ الأماكن التي تعرف تواجداً كبيراً للطيور، فضلاً عن مراقبة صارمة لجميع مزارع الدواجن، المعتمدة وغير المعتمدة، كما جرى وضع سائر البحيرات، على غرار حوض الدايرة وعموم الواحات، مثل تيوت، تحت المراقبة القصوى، باعتبارها مناطق رطبة تستقطب أسراباً كثيرة من الطيور المهاجرة، في وقت جرى توجيه العديد من الإرشادات والتوجيهات، عبر إذاعة "الأهقار" المحلية، باللغة العربية وباللهجة الطرقية (نسبة إلى سكان قبائل الطوارق).



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية