الجمهورية الجديدة في تونس تسقط حركة النهضة الإخوانية من حساباتها

الجمهورية الجديدة في تونس تسقط حركة النهضة الإخوانية من حساباتها


07/05/2022

قال الرئيس التونسي قيس سعيّد، إنّه سيتم تشكيل لجنة لإعداد دستور لجمهورية جديدة، مع تكليف هيئة للإعداد لحوار وطني، مؤكداً أنّ من ساندوا إجراءاته يمكنهم المشاركة في الحوار، مستثنياً من الحوار من وصفهم بــ "الخونة واللاوطنيين".

قيس سعيّد أضاف في خطاب أذاعه التلفزيون التونسي، مساء الأحد الأول من أيّار (مايو) الجاري، أنّ اللجنة ستختتم أعمالها في غضون أيام معدودة، وكشف أنّ الحوار الوطني بشأن الإصلاحات سيشمل 4 منظمات رئيسية في تونس هي: الاتحاد العام التونسي للشغل،  والهيئة الوطنية للمحامين بتونس، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، والرابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان.

عبد اللطيف الحناشي: ثمة سؤال ملحّ ينبغي طرحه، وهو: ما هي طبيعة القضايا التي ستتم معالجتها من قبل أعضاء الحوار؟ وأيّ دور لهذه المنظمات في صياغة أرضية هذا  الحوار وتوجهاته ومخرجاته؟

الرئيس سعيّد قال في كلمته: "أكرر اللاءات الثلاثة، لا صلح، ولا تفاوض، ولا اعتراف بمن خربوا البلاد، وعاثوا فيها فساداً، وليعتبر هؤلاء أنفسهم من الماضي، ولا عودة إلى ما قد مضى".

خطوات الإعداد لمسارات الإصلاح

استقبل الرئيس التونسي يوم الأربعاء، الرابع من أيّار (مايو) الجاري بقصر قرطاج، العميد صادق بلعيد. وتناول اللقاء جملة من المسائل القانونية والدستورية على وجه الخصوص، بالإضافة إلى موضوع تشكيل لجنة وطنية لتأسيس جمهورية جديدة، وأكّد رئيس الدولة أنّ المشاركة مفتوحة؛ لكل من ساند مسار التصحيح يوم 25 تمّوز (يوليو) الماضي.

قيس سعيّد: سيتم تشكيل لجنة لإعداد دستور لجمهورية جديدة

وستنقسم اللجنة العليا إلى لجنتين فرعيتين؛ إحداهما للإصلاحات الدستورية والسياسية، أمّا الثانية فستتولى اقتراح جملة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وستكون أعمال هذه اللجنة استشارية، كما ستقوم بتقديم مقترحاتها؛ بناء على نتائج الاستشارة الإلكترونية.

نحو ذلك يذهب أستاذ التاريخ بجامعة منوبة، الدكتور عبداللطيف الحناشي، إلى التأكيد على أنّ خطاب الرئيس قيس سعيّد، مطلع شهر أيّار (مايو) الجاري، يتضمن قدراً من الغموض والوضوح بشكل غير متكافئ؛ حيث لا يذكر على وجه التحديد، عدد أفراد اللجنة التي تحدث عنها الرئيس، ولا مواصفاتهم العلمية والمهنية، ولا خبراتهم في المجال.

سرحان الناصري: كنا قبل إجراءت الـ25 من تمّوز  نطالب رئيس الجمهورية بتحمّل المسؤولية، وتفعيل الفصل ٨٠، وطالبنا بحوار وطني يشمل كل المنظمات الوطنية، والقوى السياسيّة، التي لم تنخرط في منظومة الفساد والدمار

وأضاف الحناشي: "لا نستطيع تبيان فاعلية ونجاعة اللجنة المُعيّنة بقرار، استناداً للأمر  الرئاسي عدد 117". ويستطرد في إطار تصريحاته لـــ "حفريات"، بسؤال حول كيفية التأسيس لجمهورية جديدة، دون استشارة النخب ذات العلاقة، والأطراف الفاعلة من المجتمعين السياسي والمدني؟ ثم يضيف: "يقول السيد الرئيس، إنّ هذه اللجنة ستنهي أعمالها في ظرف وجيز، وفي أيّام معدودة، على اعتبار أنّ القضايا والاختيارات واضحة، وهو ما يشي في تقديري إلى أنّ هناك وصفة جاهزة في ذهنية الرئيس، سيتم المصادقة عليها؛ فصياغة دستور جديد يتطلّب وقتاً ليس بالوجيز، إلا إذا كانت النسخة حاضرة، ولا تتطلّب سوى المصادقة عليها، وإعطائها نوعاً من الشرعية، من قبل اللجنة التي سيعيّنها الرئيس".

الحناشي: نجاح الحوار الوطني يتطلّب الوضوح أولاً وأن تتخلى السلطة عن اقتناعها بامتلاك الحقيقة المطلقة

وبخصوص الحوار الوطني، كشف سعيّد أنّ المنظّمات الوطنية الأربع، ستكون ممثلة في هذا الحوار، ومن خلال ذلك يرى عبداللطيف الحناشي، أنّ ثمة سؤالاً ملحّاً ينبغي طرحه، وهو: ما هي طبيعة القضايا التي ستتم معالجتها من قبل أعضاء الحوار؟ وأيّ دور لهذه المنظمات في صياغة أرضية هذا  الحوار وتوجهاته ومخرجاته؟

ويختتم أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر تصريحاته، مؤكداً أنّ "نجاح الحوار الوطني، يتطلّب الوضوح أولاً، وأن تتخلى السلطة عن اقتناعها بامتلاك الحقيقة المطلقة، فوضع البلاد في ظل هذه الأزمة متعددة الأشكال، بالتوازي مع تداعيات الأزمات الإقليمية والدولية،  يتطلّب الحكمة وبُعد النّظر، وإلا ستتواصل الأزمة، وقد تُفرز أزمات قد تكون أكثر تعقيداً مما نعيشه".

لقاءات متواصلة

استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد، يوم الأربعاء 4 أيّار (مايو) الجاري، إبراهيم بودربالة، عميد الهيئة الوطنية للمحامين. وتمحور اللقاء حول إنشاء اللجنة الوطنية لتأسيس جمهورية جديدة، ودور قطاع المحاماة في هذه اللجنة.

انطلاقاً من هذه اللقاءات، يلفت الكاتب والمحلل السياسي التونسي، ناصر تليلي، إلى أنّه ينبغي فهم التطورات الأخيرة في تونس، وخصوصاً القرارات التي أعلنها رئيس الجمهورية في الأول من أيّار (مايو) الجاري، بشأن فتح الحوار، استناداً على أعمدة للدولة الوطنية، المبنية على الاتحاد العام للشغل أولاً، وما يمثله تاريخياً؛ كمنظمة عريقة تمتد جذورها أفقياً في مجمل الساحة الجغرافية، وفي المحطات النضالية ضد الاستعمار، والمنعطفات التاريخية في الدفاع عن الشعب التونسي ضد تعسف السلطة، وثانياً منظمة الأعراف، وهي المنظمة التي تمثل رجال الأعمال والصناعيين والحرفيين، وثالثاً عمادة المحامين، التي تعتبر تاريخياً من التشكيلات الأساسية، في دورها النضالي أيضاً ضد الاستعمار، ومجابهة تغول سلطة الدولة، ورابعاً جمعية حقوق الإنسان، والتي شكلت صمام الأمان في الدفاع عن الحريات السياسيّة والاجتماعية، وخامساً رمز الدولة التونسيّة، رئاسة الجمهورية، وما يمثله فيها الرئيس كرمز، وكقائد عام للقوات المسلحة التونسيّة، التي تشمل الجيش الوطني والقوى الأمنية كافة. وهذا يعني كلّ المكونات الصلبة للدولة التونسيّة، التي تشكل وحدتها كوطن.

ناصر تليلي: ستبرأ تونس وتنهض معافاة عزيزة، وتحتفل مع إخوانها العرب بالتخلص من هذا الداء السرطاني للإخوان عاجلاً أم آجلاً

وفي المقابل، والحديث للمصدر ذاته، يتساءل البعض عن غياب دور الأحزاب، وفي الحقيقة تناسوا أنّ الأحزاب تاريخياً، هي منظمات جماهيرية، ولا تخضع لقانون التركيبة الرسمية للدولة، بل هي تجمعات نضالية، من اتجاهات فكرية متعددة، تعمل على الدفع وفرض رؤيتها في إدارة الدولة، ولا ننسى تاريخياً كيف انتهى الحزب النازي، وبقيت ألمانيا، وخسر الحزب الشيوعي الروسي السلطة، وبقيت روسيا، وفي الولايات المتحدة، تراوح الحكم ما بين الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي، وهكذا.

تفكيك آليات حركة النهضة

وفي كل الأحوال، تقاوم تونس مرضاً عضالاً تحكم بها خلال العشرية السابقة، متمثلاً في حزب النهضة، الذي تحالف مع بارونات أوليغارشية فاسدة، من بقايا النظام السابق، وكاد هذا المرض العضال أن يأتي على تونس، ويحيلها الى الموت.

تقاوم تونس مرضاً عضالاً تحكم بها خلال العشرية السابقة متمثلاً بحزب النهضة

وإلى ذلك، يرى الكاتب التونسي ناصر تليلي، أنّه لابد من عملية استئصال جراحية وبدقة متناهية، لتفادي الاقتتال الأهلي الذي كانت تعد له حركة النهضة وحلفاؤها الفاسدون، تحت شعار مجموعات الإسلام السياسي: إمّا الحكم والسلطة لهم، أو الموت والدمار للبلاد.

والذين يعيبون على الرئيس قيس سعيّد هذا التباطؤ، عليهم أن يفهموا مدى خطورة استئصال هذا المرض العضال، الذي استشرى في كل مفاصل الدولة، فأيّ حركة متسرعة قد تكون قاتلة، وتؤدي إلى قطع الوريد الأساسي للدولة والمجتمع التونسي.

يختتم ناصر تليلي تصريحاته لــ"حفريات"، بقوله: "ستبرأ تونس وتنهض معافاة عزيزة، وتحتفل مع إخوانها العرب بالتخلص من هذا الداء السرطاني للإخوان عاجلاً أم آجلاً".

من جهة أخرى، دعا حزب "التحالف من أجل تونس"، عموم المواطنين إلى المشاركة بكثافة في المظاهرات المطالبة بالمحاسبة، التي ستنظم يوم 8 أيّار (مايو) الجاري، مطالباً النيابة العموميّة، والقضاء بضرورة الإسراع في محاسبة كل الأطراف والأشخاص، الذين أجرموا في حق تونس، وفق بيان صادر عنه.

الناصري: ليت الحوار يكون شاملاً بين السياسي والاقتصادي والاجتماعي، حتى يستجيب لتطلّعات الشعب التونسي

ويقول سرحان الناصري، رئيس حزب التحالف من أجل تونس، في تصريحات خصّ بها "حفريات": "كنّا حتى من قبل إجراءت الخامس والعشرين من تمّوز (يوليو) نطالب رئيس الجمهورية بتحمّل المسؤولية، وتفعيل الفصل ٨٠، وطالبنا بحوار وطني يشمل كل المنظمات الوطنية، والقوى السياسيّة، التي لم تنخرط في منظومة الفساد والدمار، التي شهدتها الدولة التونسيّة، وعلى رأسها حركة النهضة وحلفاؤها.

ويتابع الناصري: "اليوم، وبعد مرور فترة زمنية، وفي ظل التدابير الاستثنائية، يعلن رئيس الجمهورية عن حوار وطني مثلما كنا نريد، وهذا الحوار سيكون انطلاقة فعلية في بناء تونس الجديدة، تونس القوية العادلة والمتطوّرة، حيث سيعيش جيل قادم من الشباب والأطفال، وحيث تحفظ كرامة الأجيال السابقة، التي ساهمت في بناء الدولة قبل خرابها من قبل الإخوان، الحاملين للفكر الرجعي والإرهابي بكلّ أشكاله.

نحو ذلك يتمنى رئيس حزب التحالف من أجل تونس، أن يكون الحوار شاملاً بين السياسي والاقتصادي والاجتماعي، حتى يستجيب لتطلّعات الشعب التونسي، ويحقق جملة أمانيه، وتطلعاته نحو حياة كريمة وغد أفضل.

مواضيع ذات صلة:

-الرئيس التونسي يعلن عن ميلاد "جمهورية جديدة"... هل ستشمل الإخوان؟

-تحذير من تبعات ترخيص حزب إخواني جديد في تونس... ما القصة؟

-سعيد يصدر عفواً رئاسياً عن 274 محكوماً... وهذه آخر تطورات الحرب ضد الإرهاب في تونس


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية