"الحاكم بأمر الله وحزبه" في ضاحية بيروت.. من هو علي أيوب؟

"الحاكم بأمر الله وحزبه" في ضاحية بيروت.. من هو علي أيوب؟


21/11/2020

دخل اسم المسؤول الأمني في حزب الله "الحاج علي أيوب" حيز التداول الأوسع في لبنان خلال الأيام الماضية في الإعلام وعبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد الاشتباكات المسلحة التي تنقلت في شوارع الضاحية الجنوبية لبيروت على خلفية تمديد اشتراكات مولدات الكهرباء في الأحياء، بين شبان من آل مقداد، وآخرين من آل حمزة تؤازرهم مجموعة مسلحة بات يصطلح على وصفهم "أنصار علي أيوب"، تؤمن مصالح شركة توزيع كهرباء تسمى "اشتراك الهادي" وهي محسوبة على حزب الله.

وصل الاشتباك إلى حد رمي قنابل يدوية وإطلاق رصاص كثيف بين المجموعتين في منطقة بئر العبد، وتنقل بين أحياء الضاحية الجنوبية، تخلله نصب كمائن متبادل بعدما شهدت المنطقة تحطيم "علب توزيع الكهرباء" التابعة للطرفين، واستهداف لمراكز مولدات الكهرباء ومكاتبهم في الضاحية.

لم يمض يومان على الإشكال، حتى خرجت مظاهرة نسائية في الضاحية الجنوبية تندد بتجاوزات علي أيوب، وأطلقت شعارات تصفه بالسارق والفاسد والشبيح، ولاقت المظاهرة صدى واسعاً في لبنان لكونها من المظاهرات النادرة التي تشهدها الضاحية الجنوبية وتستهدف علناً أحد كوادر حزب الله وتتهمه بالفساد.

وبالتزامن أيضاً، صدر بيان عن "أهالي الضاحية" لاسيما سكان المنطقة التي شهدت الإشكال، يطالب قيادة حزب الله بإجراء تحقيق دقيق "بعد أن انتشرت بعض الأقوال التي تُدين مسؤول اللجنة الأمنيّة في حزب الله في منطقة الضّاحية الجنوبيّة علي أيّوب، بأنّ له دورا رئيسيا في عدّة اشكالات منها: حماية بعض المصالح الّتي يستفيد منها، وتحصيل الأموال بالقوّة واستعمال نفوذه ومنصبه للفائدة الشّخصيّة، وبعد عداوته مع أغلبيّة سكان الضّاحية، وبعد أن قيلَ بأنه يتقاضى أكثر من 60 مليون ليرة من الذين يقوم بحمايتهم."

من هو علي أيوب؟

بحسب المعلومات التي حصل عليها موقع "الحرة" من مصادر مطلعة، فإن علي أيوب كان قد بدأ نشاطه في حزب الله من جمعية كشافة "الإمام المهدي" التابعة للحزب، حيث كان قائداً كشفياً نجح في حصد ولاء وإعجاب عدد كبير من الكشفيين، الذين كانوا تحت أمرته في حينها، وهو ما حافظ عليه واستثمره حينما تدرج ليصبح "مسؤول بقعة" في منطقة "البركات" في الضاحية. 

هذه المرحلة كانت مرحلة تأسيسية بالنسبة لأيوب، حيث قام بتشكيل مجموعة من الشبان في تلك المنطقة تعاونه وتؤازره في فرض سلطته على المنطقة، وتنفيذ إرادة حزب الله فيها وحلّ الإشكالات التي واجهها، لاسيما مع الأهالي والمطلوبين وتجار المخدرات وفارضي الخوّات. لاقى أسلوبه إعجاب قيادة حزب الله، وبات له حيّزا مميزاً بين نظرائه من المسؤولين، فكان بحسب المصادر "مسؤول البقعة الوحيد الذي يجري معه التنسيق في المداهمات والملاحقات التي يجريها حزب الله والدولة اللبنانية في الضاحية الجنوبية". 

مجموعة الشبان التي أحاط أيوب نفسه بها، كانت تشكل نقطة قوته، وعبرها فرض سلطته في الشارع كأمر واقع، وبات الآمر الناهي وحلّال المعضلات التي تواجه الحزب، وهذا المبدأ معروف في حزب الله بمبدأ "التصدي للقيادة" بحسب المصادر، أي أنه استعرض قدراته وفرضها على الجميع وثبت نفسه كضرورة ومعادلة رابحة سرعان ما استثمرها الحزب في احكام قبضته داخل الأحياء الشعبية للضاحية الجنوبية. 

في هذا السياق، منح حزب الله أيوب مزيداً من المسؤوليات ورفّعه ليكون ممسكاً بملف "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" في الضاحية الجنوبية لبيروت، وذلك بالتوازي مع وصول ميشال عون إلى سدة رئاسة الجمهورية، وما رافقه من خطط أمنية في معظم المناطق اللبنانية من أجل وضع حد للفلتان الأمني فيها، كان لحزب الله خطته في الضاحية التي أراد تظهيرها بعكس الواقع القائم كمنطقة خارجة عن سلطة الدولة اللبنانية.

أثبت أيوب "جدارة" بالنسبة لحزب الله في إدارته للملف الموكل إليه، وعلى الرغم من التجاوزات والممارسات التي رافقت أداءه طيلة تلك الفترة، كوفئ أيوب بمزيد من المسؤوليات وتوسيع لسلطته بعدما أصبح مسؤول اللجنة الأمنية التابعة للحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت. ومنذ ذلك الحين حتى اليوم، تردد اسم أيوب في مناسبات عدة ارتبطت بأعمال عنف وتعذيب وممارسات أمنية وتشبيح، إضافة إلى علاقات مشبوهة مع عصابات تجارة المخدرات ومطلوبين للدولة اللبنانية. 

تاريخ من الممارسات

وإن كانت "حرب الاشتراكات" الأخيرة قد ظهّرت اسم أيوب وسلطت الأضواء عليه، فإن تاريخاً من ممارساته، تختزنه أحداث أخرى شهدتها المنطقة، بعضها كان مكشوفاً شعبياً ومغطى حزبياً، وبعضها الآخر بقي طي الكتمان. بمجملها، تكشف عن ممارسات أيوب بحق أهالي الضاحية الجنوبية، وانتفاعه من السلطة التي يؤمنها له مركزه الأمني والحماية الحزبية التي يقدمها له حزب الله.

عام 2017، انتشر تسجيل مصور على مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان، يظهر القاصر حسين زعيتر، وهو يتعرض للتعذيب والضرب والشتائم، هذا الفيديو كان قد سجّل عام 2014، في حين أن حسين زعيتر كان مسجونا عام 2017. جرت محاولات حزبية وعائلية لتحميل السلطات الحكومية مسؤولية انتشار هذا الفيديو والإيحاء أنه قد جرى تصويره في إحدى الزنازين وأن القوى الأمنية هي المسؤولة عن التعذيب، إلا أن زعيتر ومن داخل سجنه نجح في إجراء تصريح صحفي في حينها كشف فيه أن الاعتداء عليه تم من قبل مجموعة من اللجنة الأمنية التابعة لحزب الله، طالبين منه الغناء والرقص للسخرية وسط ضحك المحيطين به، وأضاف: "الذين اعتدوا عليّ أنا أعرفهم بالأسماء وهم: علي المولى والحاج علي أيوب، كسروا لي أنفي، وضلوعي، وأسناني، ولم يتمّ جلب طبيب شرعي للكشف عليّ". 

شهد العام نفسه أيضا واقعة إزالة البسطات وعربات الباعة من ساحة موقف حي السلم، على أثرها شهدت المنطقة موجة احتجاجات كبيرة، وجه خلالها الأهالي انتقادات واسعة لحزب الله محملينه مسؤولية تحريض السلطة عليهم، والتخلي عن حمايتهم، ووجه بعض المحتجين شتائم لأمين عام الحزب حسن نصر الله وانتقادات للحرب في سوريا. 

حينها وبعد يوم واحد، عاد المحتجون عن أقوالهم ووجهوا اعتذارات علنية عبر الإعلام. يومها أيضاً برز اسم علي أيوب على أنه المسؤول عن تهديد وترهيب المحتجين وإجبارهم على تقديم الاعتذار.

واقعة أخرى شهدها العام 2017 أيضاً والذي شهد صعود نجم أيوب بشكل لافت جداً. هذه المرة من منطقة برج البراجنة، حيث كان المسؤول أيضاً مع المدعو علي المولى عن تنظيم استعراض عسكري لعناصر حزب الله باللباس الأسود لمجموعة أطلق عليها "فرع الأمن الاجتماعي" ومهمتها بحسب المعلن، تنفيذ عمليات دهم وملاحقة متعاطي المخدرات وتجارها ومفتعلي المشاكل المخلة بالأمن الاجتماعي للمنطقة. 

لا تنتهي الأمثلة الدالّة على سلوك هذا القيادي في حزب الله، الذي تحول إلى حاكم بأمر الله وحزبه في الضاحية الجنوبية لبيروت، من تحريض بين أبناء العشائر وافتعال إشكالات بين أبناء الأحياء إلى تأسيس شبكة مصالح خاصة موازية ومنافسة لفارضي الخوات، إضافة إلى إقامة علاقات خاصة مع تجار المخدرات واستغلال المطلوبين للدولة في خدمات خاصة وحزبية مقابل السكوت عنهم وعدم تسليهم للدولة، وهذا الكلام بات علنياً على ألسن الناس في الضاحية. 

حمزة زعيتر... وما خفي أعظم!

قصة أخرى يقف خلفها علي أيوب، من شأن تفاصيلها أن توضح أسلوب عمل هذا الرجل، لاسيما مع تجار المخدرات والمطلوبين في الضاحية. تكشف المصادر أن هذه الرواية المعروفة على نطاق ضيّق داخل الحزب، وترتبط بالمطلوب للدولة اللبنانية حمزة رشيد زعيتر، الذي قتل العام الماضي خلال اشتباك مع الجيش اللبناني في بلدة الكنيسة في البقاع الشمالي على أثر مداهمة أمنية. 

عام 2014، ألقي القبض على حمزة في الضاحية الجنوبية لبيروت في إطار خطة أمنية نفذت في حينها، أوقف لفترة ثم خرج للعمل في الضاحية وفتح كشكا لبيع الدخان والقهوة في منطقة المريجة. إلا أن هذا الكشك تعرض للتحطيم والإشعال 3 مرات بطريقة غامضة وتحت جنح الظلام، ووصل إلى مسامعه أنها أفعال عناصر تابعين للحزب في المنطقة بهدف منعه من العمل هناك بحجة أنه يتاجر بالمخدرات تحت ستار عمله في بيع القهوة. 

تؤكد المصادر أن زعيتر تواصل بشكل مباشر مع علي أيوب، الذي طلب منه أن يغادر الضاحية وأن يعمل خارجها ولم يقبل النقاش. خرج حمزة من الضاحية الجنوبية، وعاد للعمل في المخدرات ثم أصبح مطلوباً من جديد وهرب إلى البقاع حيث عاش "طافراً" من الدولة هناك. 

في تلك الفترة، ألقى أمن حزب الله القبض على بلال زعيتر، شقيق حمزة، بتهمة ترويج المخدرات في الضاحية. علم حمزة بالأمر فتواصل مع علي أيوب عارضاً أي شيء مقابل الإفراج عن بلال، فكان المقابل الذي طلبه أيوب 7000 دولار وخروج بلال من الضاحية نهائياً. 

وصلت إلى يد أيوب 7000 دولار تبين أنها مزورة، وهنا تختلف الرواية إذا ما كانت الأموال قد أرسلت مزورة في الأساس من قبل حمزة، وهذا ما ينفيه المقربون منه، أم أنها استبدلت بأموال مزورة من قبل الجهة التي نقلت الأموال وهذا ما كان يؤكده حمزة لأيوب الذي رفض إطلاق سراح بلال متوعداً حمزة. 

لكن المفاجأة كانت أن الأخير، أخرج من جعبته تسجيلاً مصوراً ينال من مقربين من أيوب، وابتزه به مهدداً بنشره إن لم يفرج عن بلال. وهذا ما حصل حيث رضخ أيوب للابتزاز. 

تتحدث روايات عدة عن رسائل تهديد عادت ووصلت إلى حمزة في بعلبك موقعة من أيوب، إلّا أن نهاية القصة كانت بمقتل حمزة في مداهمة للجيش اللبناني.

عن "الحرة"

الصفحة الرئيسية