الدور الثالث من الانتخابات الفرنسية: العمال يحسمون الأمر

الدور الثالث من الانتخابات الفرنسية: العمال يحسمون الأمر


04/05/2022

تحتفل مختلف دول العالم يوم الأول من أيّار (مايو) من كل عام بعيد العمل، أو عيد العمّال، أو عيد الربيع والعمل، واليوم العالمي للتضامن مع الطبقة العاملة، وهو يوم عطلة في كثير من البلدان.

وفي هاته المناسبة، تستذكر الشعوب قيمة العمل، وتخرج فيه التظاهرات والمسيرات العمّالية؛ للمطالبة بالمزيد من المكاسب.

ويأتي احتفال العالم بهذه المناسبة في هذا العام بالتزامن مع بوادر أزمة اقتصادية واجتماعية حادة، ربما يعيشها العالم نتيجة الحرب الروسية على أوكرانيا، الأمر الذي سوف تكون له آثار عدة، لكنّ التداعيات الأكبر سوف تتعرّض لها الدول الأوروبية، المرتبطة ارتباطاً شبه كلّي بمصادر الطاقة الروسية.

 

لن تكون ولاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الحكم ورديّة هذه المرّة، حيث إنّ إصلاحاته الاقتصادية، وبرامجه في هذا الإطار، لا تلقى صدى لدى عموم المواطنين، وربّما يكون الشارع هو الفيصل في التصدّي لما يخطط له ماكرون.

وتُعدّ فرنسا البلد الأوروبي الأكثر تأثراً بالصراع الروسي الأوكراني، وكذلك الأكثر تأثيراً فيه، وهو الأمر الذي تأكّد خلال الانتخابات الرئاسية الفرنسية الأخيرة، التي فاز بها الرئيس إيمانويل ماكرون بفضل دوره في الأزمة، لكن من المفارقات أنّ هذا الصراع أيضاً قد يوحّد الفرنسيين من العمّال والمتقاعدين ضدّ حزب ماكرون في الانتخابات التشريعية، حيث أفادت استطلاعات الرأي أنّ كلّ (6) من (10) فرنسيين لا يريدون أن يتمتع حزب الرئيس الفرنسي "إلى الأمام" بأغلبية في البرلمان، في انتخابات الدور الثالث المقرر لها أن تُجرى في 12 و19 حزيران (يونيو) المقبل.

الاستطلاعات أكّدت أيضاً أنّ نحو 61% من الناخبين الفرنسيين يرغبون أن تسفر هذه الانتخابات عن أغلبية معارضة للرئيس ماكرون، وتزيد هذه النسبة لتصل إلى نحو 70%  من بين الناخبين المنتمين إلى الطبقة العاملة، وإلى نحو 90% بين الناخبين المنتمين إلى اليمين المتطرف، واليسار الراديكالي.

وفي المحصّلة، لن تكون ولاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الحكم ورديّة هذه المرّة، حيث إنّ إصلاحاته الاقتصادية، وبرامجه في هذا الإطار، لا تلقى صدى لدى عموم المواطنين، وربّما يكون الشارع هو الفيصل في التصدّي لما يخطط له ماكرون، وخاصة قراره المنتظر برفع سن التقاعد، وهو الإجراء الذي يرفضه أغلب الفرنسيين، ممّا قد يحكم على حزبه بالفشل في الحصول على أغلبية في البرلمان، أو حتى النجاح في تكوين ائتلاف مناصر له.

هذا بالإضافة إلى تراجع مستوى المعيشة بالنسبة إلى طيف واسع من الفرنسيين، وما يترتّب على ذلك من مشاكل وآثار اجتماعية.

 

احتجاجات العمّال الفرنسيين في عيد العمّال هذا العام هي رسالة قوية من هؤلاء للرئيس ماكرون، والذي لا بدّ أن يتلقّاها بإيجابية قبل موعد الانتخابات التشريعية التي يعوّل عليها في سبيل تعزيز سلطته.

من جهته، وجّه فيليب مارتينيز، رئيس الكونفدرالية العامة للشغل، الذي شارك في احتجاجات  عيد العمال، عدة رسائل مهمّة، وقال إنّه ينبغي على الحكومة الفرنسية أن تحلّ مشكلة ضعف القوة الشرائية عن طريق زيادة الأجور، مشدّداً كذلك على أنّه لا يمكن للرئيس ماكرون أن  يكرر ما فعله في العام 2017، عندما اعتبر أنّ جميع من صوتوا لصالحه موافقون بالضرورة على برنامجه. وقال مارتينيز أمام حشد من العمّال: إنّ الكونفدرالية سوف تدعو إلى مواصلة الضغط على ماكرون في الشارع، وعن طريق الإضرابات بعد الانتهاء من مسيرات عيد العمال. وتابع يقول: "إذا لم يكن هناك ضغط على الرئيس؛ فسوف يعتبر أنّ له مطلق الحرية في تطبيق إصلاحات معادية للمجتمع".

ويمكن القول إنّ احتجاجات العمّال الفرنسيين في عيد العمّال هذا العام، هي رسالة قوية من هؤلاء للرئيس ماكرون، والذي لا بدّ أن يتلقّاها بإيجابية، قبل موعد الانتخابات التشريعية التي يعوّل عليها في سبيل تعزيز سلطته، أمّا إذا ما تجاهلها، أو لم يقرأها القراءة الصحيحة، فإنّ آثار ذلك سوف تكون مدمّرة على الحكومة المقبلة التي سيشكّلها، والتي سوف تجد نفسها بالتبعية في مواجهة الشارع، حتى قبل أن تتسلّم مهامها رسمياً.

وعليه، فإنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سوف يكون في انتظاره صيف ساخن جدّاً، قد يزيده تأزماً حلول شتاء قارس دون الطاقة الروسية.

مواضيع ذات صلة:

ماكرون.. وتحدي "الإسلامافوبيا"

فرنسا والخليج.. مرحلة ما بعد فوز "ماكرون"

بعد فوزه بولاية ثانية.. ما الذي ينتظر ماكرون من تحديات؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية