الصلاة من أجل الإنسانية

الصلاة من أجل الإنسانية


13/05/2020

يشهد العالم، غداً الخميس، واحدة من أهم اللحظات الاستثنائية في التاريخ التي تزول فيها الاختلافات بين الناس، حينما يتوجهون، على تنوع دياناتهم وثقافاتهم وألوانهم، إلى الله العلي القدير بالدعاء والصلاة من أجل إنقاذ البشرية من وباء كورونا المستجد «كوفيد-19»، الذي تتزايد ضحاياه يوماً بعد الآخر في كل مكان، لا يفرق بين حاكم أو محكوم، أو غني أو فقير، أو مسلم أو غير ذلك، فالجميع سواسية أمام هذا الوباء الذي يمثل أخطر تحدٍ يواجه العالم منذ عقود.

«الصلاة من أجل الإنسانية» هي مبادرة حضارية دعت إليها «اللجنة العليا للأخوة الإنسانية» قبل أيام، ولاقت تفاعلاً غير مسبوق من القادة السياسين ورجال الدين البارزين والشعوب، لتؤكد أن العالم في أوقات المحن والأزمات أحوج ما يكون إلى التوحد والتضامن الإنساني، لأن الجميع في خندق واحد في مواجهة هذا الوباء القاتل، وليس هناك أروع من الصلاة من أجل الإنسانية، ففيها تتوحد كل الديانات وتتقرب إلى الله بالدعاء من أجل الحفاظ على سلامة وأمن وصحة الجميع من هذا الوباء، وأن يلهم العلماء في التوصل إلى علاج سريع له، لتعود الحياة إلى طبيعتها في كل مكان.
حينما وصف صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مبادرة «الصلاة من أجل الإنسانية» بأنها تشكل لحظة تضامن إنساني، فإنما يعبر عن رسالة الإمارات الحضارية والإنسانية التي لا تألو جهداً في العمل من أجل تعزيز التضامن والتعاون وتوحيد الجهود في مواجهة هذا الوباء الذي يمثل أهم اختبار لإنسانية العالم منذ عقود، فالإمارات دائماً في صدارة المشهد الإنساني العالمي، وصاحبة مبادرات حضارية ملهمة في تعزيز التعايش بين الديانات؛ لأنها تؤمن أن الأديان السماوية، بما تتضمنه من قيم إنسانية مشتركة، هي القادرة دوماً على توحيد البشر مهما كانت اختلافاتهم، وترسيخ قيم التآخي والحوار والتعايش بين الشعوب، وإعلاء قيم التضامن والتعاون على الصعيد العالمي، وهي أهم القيم والمعاني التي يحتاجها العالم في هذه اللحظة الاستثنائية، من أجل الانتصار في معركة وباء كورونا.
دائماً ما تنطلق المبادرات الحضارية والإنسانية من أرض الإمارات التي تؤمن بأن التعاون والتضامن بين دول العالم والتوحد بين الشعوب يظل طوق النجاه والسبيل لتجاوز أي أزمات والتسامي فوق أي خلافات، خاصة فيما يتعلق بوباء كـ«كورونا» ما يزال يواصل حصد ضحاياه، ويمثل تهديداً لحياة البشر في كل مكان؛ ففي العام الماضي خرجت من الإمارات «وثيقـة الأخــوة الإنســانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك»، التي وقع عليها فضيلة شيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب وبابا الكنيسة الكاثوليكية فرنسيس، والتي تؤكد على أن التعاليم الصحيحة للأديان تدعو إلى التمسك بقيم السلام والتضامن والأخوة الإنسانية والعيش المشترك، وغداً الخميس، فإن اللجنة العليا للأخوة الإنسانية المنبثقة عن هذه الوثيقة، تأمل أن تتوحد شعوب العالم بأسره خلف مبادرة «الصلاة من أجل الإنسانية»؛ لتشكل بالفعل مناسبة للتضرع إلى الله أن يحفظ البشرية ويعيد إليها الأمن والاستقرار والصحة والنماء بعد انقضاء وباء كورونا.
«الصلاة من أجل الإنسانية» غداً ليست فقط لحظة استثنائية تؤكد أن جميع الأديان السماوية تنطلق من قيم واحدة ومشتركات إنسانية ثابتة هدفها الحفاظ على البشر في كل مكان، وإنما هي مناسبة أيضاً لتذكير العالم أجمع بضرورة العمل من أجل إنهاء الأزمات والصراعات التي تشهدها العديد من المناطق حول العالم، وتخلف وراءها ملايين الضحايا من مشردين ولاجئين ونازحين، بشكل يفوق بمراحل ضحايا وباء كورونا، فليس هناك فرق بين ضحايا كورونا وضحايا الأزمات والصراعات الأخرى، فالجميع بشر يجب الحفاظ عليهم والعمل من أجل ضمان سلامتهم، إذا أراد هذا العالم أن يحتفظ بإنسانيته. كما هي أيضاً لحظة فارقة لمواجهة خطاب الكراهية ونبذ الأجانب الذي تصاعد مع وباء كورونا في أكثر من منطقة حول العالم، حينما تم «تسييس» هذا الوباء، وتوظيفه في شن حملات عدائية ضد المهاجرين واللاجئين في بعض الدول، باعتبارهم السبب في تفشي هذا الوباء، ودعاوى حرمانهم من العلاج أو تلقي الرعاية الصحية، وأيضاً هي لحظة ينتصر فيها العالم لإنسانيته مجدداً، ويعيد الاعتبار لقيم الخير والتعايش والتسامح، من أجل أن تعيش جميع الشعوب في أمن ووئام وسلام.

المصدر: صحيفة "الاتحاد" الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية