الكاظمي مطالباً أمريكا وإيران: صفوا حساباتكم بعيداً عن العراق

الكاظمي مطالباً أمريكا وإيران: صفوا حساباتكم بعيداً عن العراق


10/07/2021

ما إن تهدأ الساحة العراقية حتى تتصاعد حمّى المواجهة بين الفصائل الموالية لإيران والولايات المتحدة الأمريكية، وما يصاحب ذلك من الانفلات الأمني. ولم تكتفِ الفصائل باستهداف المنشآت الأمريكية في محافظة الأنبار، غرب البلاد، ومقرّ السفارة  في بغداد، بل راحت تستهدف حلفاء واشنطن في إقليم كردستان العراق. 
ويرى مراقبون محليون، أنّ الجماعات المسلحة "الولائية" لطهران، تحاول جرَّ الجانب الأمريكي إلى معركة مباشرة على الأراضي العراقية، نتيجة استهدافهم المتكرر في المناطق السورية المحاذية للعراق، ومنذ استلام الإدارة الجديدة للبيت الأبيض الحكم في واشنطن، بداية العام الجاري، وأغلب عمليات القصف الأمريكي ضدّ الجماعات المسلحة الشيعية تقع في سوريا أو على الشريط الحدودي. 

الكاظمي يطالب أمريكا وإيران بتصفية الحسابات بعيداً عن بلاده.. ويجتمع مع مسؤول إيراني سراً للضغطِ على الميليشيات وعراقيون يستهجنون عمليات الفصائل الولائية لإيران في بلادهم 


وتعدّ تحركات الفصائل في إطار المحاولات الرامية إلى "استعادة هيبة الدولة" وإفشال ما تذهب إليه حكومة مصطفى الكاظمي، الذي التقى، منتصف الأسبوع الماضي، مسؤولاً رفيعاً في الحرس الثوري يطالبهُ بالضغط على الفصائل الولائية.

ملخّص العمليات الأخيرة للفصائل الولائية
البداية كانت من قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار، والتي تعرضت، الإثنين الماضي، لهجوم بـ 3 صواريخ، سقطت معظمها في محيط القاعدة الأمريكية، ولم تسفر سوى عن إصابةِ شخصينِ بإصاباتٍ طفيفة، بحسبِ بيانٍ حكومي. 

مقر السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء الرئاسية وسط بغداد
وأعقبَ ذلك الهجوم هجوم آخر بطائرة مسيرة تحمل مقذوفات مضادة للدروع، على مقر السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء الرئاسية وسط بغداد، ما أدّى إلى فشل الهجوم، نتيجة تصدي منظومة (C  RAM) المضادة للصواريخ، لكنّ شظايا التفجير طالت مجمّعاً سكنياً داخل المنطقة.
وبالتزامن مع عملية استهداف السفارة في بغداد، انفجرت أربع عبوات ناسفة، استهدفت رتلاً لوجستياً أمريكياً في مدينة الفلوجة، شرق الأنبار، دون وقوع ضحايا.

اقرأ أيضاً: الانتخابات العراقية: إجراءات غير مسبوقة ضد التزوير.. فماذا عن الأمن؟
وليل الأربعاء الماضي، تعرضَ مطار أربيل الدولي، الذي يجاور قاعدة الحرير الأمريكية، في إقليم كردستان، إلى هجوم بطائرة مسيرة، لم يسجل أيّة أضرار بحسب ما أعلنهُ واين موراتو، الناطق باسم التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا لمحاربة داعش. 
وكان مسك ختام "الفعاليات الولائية" بالعودة إلى محافظة الأنبار، إذ استهدفت الفصائل، مساء الأربعاء، قاعدة عين الأسد، بـ 14 صاروخ نوع  "كاتيوشا"، من دون خسائر تذكر. 

الكاظمي يطالب بإبعاد بلاده عن تصفية الحسابات
وبعد عودتهِ من جولتهِ الأوروبية، دعا رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، كلّاً من الولايات المتحدة الأمريكية وإيران إلى "تصفية الحسابات" بعيداً عن أراضي بلاده، داعياً إلى الحوار لحلّ الخلافات؛ لأنّ "الجميع سوف يستفيد من ثمار التهدئة".

وقال الكاظمي؛  إنّ "على الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، الابتعاد عن تصفية الحسابات على أراضي العراق"، مضيفاً "لقد كنّا منذ سنوات ساحة للتصادم والصراع، وعلينا اختيار طريق الحوار السياسي لحلّ الخلافات، وسيستفيد الجميع من ثمار التهدئة".

الباحث الإستراتيجي محمد الساعدي لـ "حفريات": "إيران أرادت أن تؤكّد أنّها تملك ورقة ضغط قوية، وهي أنّ الميليشيات قادرة على التصعيد وضرب القواعد والسفارة الأمريكية

وأضاف رئيس الوزراء العراقي: "نتواصل مع إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، وأعتقد أنّنا سنكون قادرين على التحرّك نحو مرحلة من الحوار الإقليمي".
وتابع  قوله: "نرغب في أن يكون العراق من البلدان التي تدير الأزمات بنجاح، وليس من تلك الدول التي تتسبّب أو تتأثر بها".
وشهد الثلاثاء الماضي اجتماعاً سرّياً بين الكاظمي ورئيس الاستخبارات في الحرس الثوري الإيراني، حسين طائب، وطالب رئيس الوزراء العراقي ضيوفه في أن يتوقفوا عن القصف إذا ما كان بتنسيق بين الحرس وتلك الفصائل، وفقاً لمصادر مطلعة.   

باحثون : فشل مفاوضات (فيينا) دفع إيران للتصعيد 
ويعزو باحثون إستراتيجيون تصعيد الجماعات المسلحة الموالية لإيران عملياتها ضدّ المصالح الأمريكية في العراق إلى إخفاق مفاوضات "فيينا" بين طهران وواشنطن، وأكّدوا أنّ تلك الجماعات تحاول سحب الصراع من الداخل السوري إلى الداخل العراقي بعد استهدافها المتواصل من قبل الأمريكيين. 

جنود أمريكان في قاعدة عين الأسد الجوية بمحافظة الأنبار التي دائماً ما يستهدفها الولائيون بالصواريخ
ويقول الباحث الإستراتيجي محمد الساعدي لـ "حفريات"؛ إنّ "تصعيد الميليشيات هذه الأيام مرتبط بمسألتين؛ الأولى الاخفاق في مفاوضات (فيينا)، حيث فشلت طهران وواشنطن في عملية التوصل إلى اتفاق حول البرنامج النووي والعقوبات"، مبيناً أنّ "إيران أرادت أن تؤكّد أنّها تملك ورقة ضغط قوية، وهي أنّ الميليشيات قادرة على التصعيد وضرب القواعد والسفارة الأمريكية بالمزيد من وسائل الاستهداف".

اقرأ أيضاً: العراق وطوفان الميليشيات
وأضاف: "المسألة الثانية تكمنُ في حفظِ إيران ووكلائها لماء الوجه بعد استخدام أمريكا للقوة المميتة ضدّ الميليشيات مؤخراً في تحدٍّ واضح لها"، لافتاً إلى أنّ الميليشيات "قد سعت إلى توسيع ضرباتها باتجاه مطار أربيل وحقل العمر النفطي لصناعة المزيد من الضغط، معتبرةً هذا التوسع ضاغطاً على حلفاء أمريكا في المنطقة".
وبشأن الموقف الحكومي، قال: "الحكومة العراقية ردت على هذا التصعيد بالدعوة إلى الالتزام بمسار الحوار الإستراتيجي الأمريكي العراقي والابتعاد عن التصعيد من أجل وضع سقوف زمنية واقعية للانسحاب من البلاد".
اتهامات كرديّة لـ "فصائل خارجة عن القانون"  
من جهته، اتّهم الاتحاد الوطني الكردستاني، فصائل خارجة عن القانون تنتمي لجهات حزبية بأنّها قد تكون هي من تقف وراء استهداف مطار أربيل، مؤخراً، فيما دعا الحكومة للجلوس مع تلك القوى السياسية للتفاوض حول هذا الموضوع.
وقال القيادي بالاتحاد، فائق يزيدي؛ إنّ "اطلاق الصواريخ أو الطائرات التي سُيِّرت باتجاه المطار قد تكون منطلقة من مناطق فيها فراغ أمني، ولا تتواجد فيها قوات جيش أو البيشمركة، بالتالي، التحقيق سيبين ذلك". 

اقرأ أيضاً: العراق والاغتيالات المسجلة ضد "مجهول"
وأضاف: "من الضروري أن تكون هناك وقفة بهذا الجانب؛ لأنّنا نعتقد أنّ من يستهدفون مطار بغداد هم ذاتهم من يستهدفون مطار أربيل والحجة موضوع التواجد الأمريكي".
ودعا يزيدي إلى أن "تكون هناك حماية لمطارَي بغداد وأربيل من شركات أجنبية، تمتلك القدرة بمواجهة الصواريخ، أو الطائرات المسيرة، وذلك لصدّ الهجمات".
وتابع بأنّ "حظر التجوال رُفعَ من أربيل والوضع حالياً طبيعي بالمحافظة بعد أن تمّ حظر التجوال فيها كإجراء احترازي".

"ثأر المهندس" يتبنّى الهجوم على عين الأسد
وتبنّى فصيل مسلّح، يدعى "ثأر المهندس"، الهجوم على قاعدة عين الأسد، في محافظة الأنبار، وهو فصيل غير معروف على ساحة الجماعات المسلحة المعروفة لدى الرأي العام، وتوحي تسميتهُ بأنّهُ يحاول الثأر لمقتل نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي "أبي مهدي المهندس"؛ الذي قضى مع الجنرال الإيراني، قاسم سليماني، بضربة جوية أمريكية قرب مطار بغداد الدولي، مطلع العام الماضي. 

مطار أربيل الدولي الذي يجاور قاعدة الحرير الأمريكية في عاصمة إقليم كردستان العراق
ويأتي وضوح تسمية هكذا فصائل إلى الجهة العقائدية المتبنية لاستهداف المصالح الأمريكية، في وقتٍ ينفي كبار قادة الفصائل تبنّيهم عمليات كهذه تستهدف المدنيين، كما حصل في المجمع السكني قرب السفارة الأمريكية في بغداد. 
وكان زعيم عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، قد نفى استخدام فصائل "المقاومة" لصواريخ الكاتيوشا ضدّ السفارة الأمريكية.
وقال الخزعلي، في تغريدة له بصفحتهِ في موقع تويتر: "من أجـلِ عدم خلط الأوراق ممـن يريدُ خلطها، بالنسبة إلى الهيئة التنسيقية لفصائل المقاومة، إلى الآن لم تدخل السـفارة الأمريكيـة ضمـن معادلة الرد، مـع ملاحظة أنّها إذا دخلت فإنّ فصائل المقاومة لـن تسـتعمل صواريخ الكاتيوشا المعروفـة بعدم إصابتهـا الدقيقة لأهـداف تقـع بجوارهـا مناطـق سـكنية، خصوصاً مـع وجود أسلحة دقيقة الإصابة كما أثبتت عمليات الأيـام التـي مضت". 

تساؤلات للفصائل: هل ألحقت ضرباتكم الأذى بأمريكا؟
لكثرةِ فعالياتِ الفصائل "الولائية" لإيران داخل العراق، تساءل عراقيون كثيرون عن نتائج تلك الفعاليات، التي "يهلّلُ" لها إعلام الجهات السياسية المرتبطة بطهران، ورأى أحدهم أنّ "ما تفعلهُ الفصائل مبرّر كبير للتواجد الأمريكي في بلادنا". 

اقرأ أيضاً: الكاظمي: العراق خط الدفاع الأول ضد داعش... تفاصيل
الناشط السياسي علي الصالحي قال لـ "حفريات": "مع كلّ عمل عسكري تقومُ بهِ تلك التي تدعي أنّها فصائل مقاومة ضدّ المنشآت الأمريكية داخل العراق، تكون النتائج عكسية على تلك الفصائل، ولعلّ أبرزها الاحتجاج والدخول للسفارة الأمريكية في بغداد الذي كانت نتائجهُ باهظة لهذا المحور، والتي تمثلت باستهداف وقتل قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس".
ويتّفق الكاتب الصحفي ليث الياسري مع ما ذهبَ إليه الصالحي، متسائلاً عن "جدوى أعمال الفصائل العسكرية ضدّ الأمريكيين في العراق، هل ألحق أذىً بأمريكا؟ طبعاً لا، لم يلحق بأمريكا أيّ شيء". 
ويضيف الياسري لـ "حفريات": "شعارات الفصائل بإخراج القوات الأمريكية من العراق، مجرد شعارات، وأفعالها هي ما ستعطي المبرر للتواجد الأمريكي في بلادنا".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية