المخابرات الأمريكية والقاعدة: تحليل من خلال روايات متناقضة

المخابرات الأمريكية والقاعدة: تحليل من خلال روايات متناقضة


29/07/2021


مقارنة بالدراسات الغربية تعاني المكتبة العربية من نقص شديد في دراسات الإرهاب العلمية والأكاديمية والنظريات التي تدرس الإرهاب وآليات دراسة سلسلة العمل الاستخباري، سواء للقارئ العادي أو للمختصين. ومن الكتب الحديثة المهمة بهذا المجال التي صدرت باللغة الإنجليزية العام 2020 كتاب البرفيسور بيتر دي فيرد (المخابرات الأمريكية والقاعدة: تحليل من خلال روايات متناقضة) US Intelligence and Al Qaeda: Analysis by Contrasting Narratives .

يتألف الكتاب، الصادر عن مطبوعات جامعة أدنبرة –إسكتلندا،  من 256 صفحة، ويحتوي خمسة فصول تتناول موضوعات: تفاصيل عن نظرية التحليل من خلال السرديات المتناقضة (أو التحليل المتباين) المعروفة اختصاراً بــــ(ACN)، وتحليل الخطاب، ونظرية الأمننة، الأساليب والمناهج، سرديات تنظيم القاعدة منذ التأسيس والعمليات الكبيرة التي قام بها التنظيم مثل تفجير المدمرة كول، السرديات المؤسسية الأمريكية حول بن لادن، وخطابات بن لادن المشهورة، السرديات والمناهج النقدية للإرهاب، هل بن لادن متطرف أم رجال أعمال؟ والخاتمة حول مساهمة منهجية "التحليل من خلال السرديات المتناقضة"، في دراسات الإرهاب والدراسات الاستخبارية النقدية.

غلاف الكتاب

يحاول المؤلف، وهو أستاذ مساعد في المخابرات والأمن في أكاديمية الدفاع الهولندية، وعمل في وزارة الدفاع ‏الهولندية في مناصب مختلفة على مدى العقدين الماضيين، أن يوضح كيف تثبت المكونات النظرية (التحليل من خلال الروايات المتناقضة) من تحليل الخطاب النقدي ونظرية الأمننة منهجية وطريقة انعكاسية لتحليل مشاكل العمل استخباري المعقدة.

ويضيف المؤلف أنه "يتم تحديد الروايات - السرديات - المرتبطة بالكيانات المشاركة في العمل الاستخباري المعقد، وتحليل تطورها بمرور الوقت، وتعددية الأحداث الاستدلالية وغير الاستدلالية داخل وخارج دراسة الروايات".

الكتاب يسد فجوة في الدراسات الاستخباراتية من خلال منهجية جديدة تدعى التحليل من خلال الروايات المتناقضة

ويستخدم هذا النهج في مجال التعقب السردي، إلى جانب إطار التحليل السردي ومنهجية تتبع السرد  (NT) للتركيز على "تعدد تبعات البيانات والإجراءات" التي قام بها تنظيم القاعدة في الفترة من العام 1994 إلى أوائل العام 2001، كما تفسرها الروايات الثلاث لتنظيم القاعدة (المستوى الكلي)؛ سرد الإرهاب المؤسسي، مثل وكالات الاستخبارات، ومن خلال سرد نقدي للإرهاب، مثل مراسلي الأخبار (الجزئي).

ويأمل المؤلف أن يساعد إطار عمل منهج ( ACN)، رغم "اختلافه" عن التقنيات التحليلية المنظمة التي تستخدم عادة في مجتمع الاستخبارات، على إضفاء الطابع الديمقراطي على تقنيات التحليل الاستخباري من خلال "تشجيع الانعكاسية الأوسع بين المهنيين" (ص 210).

وعلى الرغم من هذا الاستخدام المفرط لمصطلحات دراسات الإرهاب النقدي في جميع أنحاء الكتاب، والتي قد تبدو معقدة وغريبة على القارئ العادي، وحتى على المتخصص أحياناً؛ فإنّ بعض الأقسام مثير للاهتمام، مثل روايات وأنشطة تنظيم القاعدة خلال هذه الفترة، ونظرتين عامتين تخطيطيتين لاختيار النصوص وتحليلها، والعديد من الأرقام حول كيفية تأثير الروايات الثلاث المختلفة على "جهود الأمننة" التي رافقت التعامل الأمريكي مع تنظيم القاعدة.

 ويخلص المؤلف إلى أن "المقاربات الانعكاسية والنقدية يمكن أن توفر وجهات نظر مثيرة للاهتمام بشأن مستقبل العمل الاستخباري".

وتكمن أهمية الكتاب في أنّه يطرح تطبيق منهجية استخباراتية جديدة (التحليل من خلال الروايات المتناقضة) على تنظيم القاعدة، تجمع بين المكونات النظرية لتحليل الخطاب النقدي ونظرية الأمننة في منهجية التحليل من خلال الروايات المتناقضة (ACN) .

ويستدل على أن تطبيق ACN يمكن أن يعزز فهمنا لمشاكل الاستخبارات المعقدة، وبالتالي تعزيز الممارسة الاستخباراتية، ويساهم في النقاش الأكاديمي الناشئ حول قيمة التفسير، والمناهج والمقاربات الانعكاسية والنقدية reflexivist and critical approaches للدراسات الاستخباراتية، ويمثل بياناً رئيسياً في تطوير دراسات الاستخبارية النقدية، ويتموضع في خط المواجهة للبحوث والدراسات الحالية في هذا المجال الحيوي والمتطور من دراسة العمل الاستخباري.

يخلص المؤلف إلى أن المقاربات الانعكاسية والنقدية يمكن أن توفر وجهات نظر مثيرة للاهتمام بشأن مستقبل العمل الاستخباري

إنّ هذا الكتاب يسد فجوة في الدراسات الاستخباراتية من خلال تحديد منهجية تحليلية جديدة: التحليل من خلال الروايات المتناقضة  (ACN) التي تعني باختصار "أن تعريف العدو ومحاولة مواجهة التهديدات يمكن أن يسهم في توضيح معالم هذا التهديد، وبالتالي إمكانية مواجهته والتعامل معه".

ويوضح المؤلف كيف يمكن لهذا المنهج أن يسد فجوة في الدراسات الاستخباراتية من خلال تعزيز فهمنا لمشاكل الاستخبارات المعقدة وتعزيز ممارسة تحليل الاستخبارات، واعتماداً لموقف نظري انعكاسي نقدي، يؤكد الكتاب على أهمية اتباع نهج متكامل في التفسير والعمل، وعلى الحوار المستمر بين المخابرات والعمل الاستخباري والسياسة.

ولقد طبق المؤلف بيتر دي فيرد منهجه على المشكلة التي واجهتها الولايات المتحدة في فهم والاستجابة لظاهرة تنظيم القاعدة في العام 1990، ويوضح كيف يمكن لهذا المنهج أن يسد فجوة في الدراسات الاستخباراتية من خلال تعزيز فهم المشاكل الاستخباراتية المعقدة وتعزيز ممارسة تحليل الاستخبارات.

 ويؤكد المؤلف، الذي اعتمد موقفاً نظرياً انعكاسياً، على أهمية اتباع - مقاربة - نهج متكامل في التفسير والعمل، وعلى أهمية الحوار المستمر بين العمل الاستخباري والمخابرات بشكل عام والسياسة. وكما أسلفت؛ يمثل هذا الكتاب إضافة نوعية مؤثرة للغاية؛ إذ يحدد منهجية تحليلية جديدة. وهو يربط بين: المناقشات في الدراسات الأمنية، والدراسات الاستخباراتية، ويمثل بياناً رئيسياً (في الواقع، أحد البيانات الرئيسية حتى الآن) في وضع دراسات استخباراتية نقدية، مثل دراسات الأمن النقدية ودراسات الإرهاب النقدية.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية