المخاطر تحدق بغزة: من لم يمت بالقصف مات بالأوبئة

المخاطر تحدق بغزة: من لم يمت بالقصف مات بالأوبئة

المخاطر تحدق بغزة: من لم يمت بالقصف مات بالأوبئة


كاتب ومترجم فلسطيني‎
04/12/2023

يعاني أكثر من مليون ونصف نازح يعيشون داخل مراكز الإيواء من مراكز صحية ومدارس وجامعات منتشرة في قطاع غزة من ظروف إنسانية صعبة، بعد ظهور أمراض معدية وخطيرة على شريحة واسعة من النازحين، في ظل انعدام النظافة داخل المراكز التي تشهد تكدس خطير بأعداد المواطنين الوافدين إليها.
ويأتي ذلك مع استمرار حالة النزوح القسري لسكان مدينة غزة إلى جنوب القطاع، مع تواصل الجيش حتى خلال أيام الهدنة بث رسائل هاتفية وإلقاء المناشير على سكان المناطق الشمالية، تطالبهم من خلالها بالتوجه نحو جنوب القطاع.
ويزداد خطر تفشي الأمراض مع صعوبة وفرة مياه الشرب الصالحة التي باتت مفقودة داخل قطاع غزة، نتيجة توقف محطات التحلية عن العمل منذ بداية الحرب، بسبب انقطاع التيار الكهربائي وعدم توفر الوقود الخاص بتشغيل المولدات الكهربائية البديلة، ولجوء المواطنين إلى شرب مياه الآبار الملوثة، والتي زادت من تفشي الأمراض المنقولة عن طريق المياه، بالإضافة إلى صعوبة توفر أدوية داخل المستشفيات ولا حتى الصيدليات، نتيجة توقف الإمدادات الطبية بفعل الإغلاق المتواصل للمعابر مع قطاع غزة، ونفاد أصناف كبيرة من الأدوية من داخل المستودعات.
قلق كبير
وقالت منظمة الصحة العالمية، إنها تشعر بقلق بالغ من انتشار الأمراض في قطاع غزة، حيث تسبب القصف المستمر منذ أسابيع في تكدس السكان في الملاجئ مع نقص شديد في الغذاء والمياه النظيفة، وأشارت المنظمة إلى أنه جرى رصد أكثر من 70 ألف حالة عدوى تنفسية حادة بين النازحين، وما يقارب من 44 ألف حالة إسهال في مختلف مناطق قطاع غزة، ويزداد القلق مع استمرار نزوح السكان نحو مراكز الإيواء. 

يزداد خطر تفشي الأمراض مع صعوبة وفرة مياه الشرب الصالحة التي باتت مفقودة داخل قطاع غزة
النازح محمد برغوث يقيم داخل مدرسة لإيواء النازحين جنوب قطاع غزة، يعاني منذ أيام من حمى وصعوبة في تناول الطعام والشراب، على إثر نزلة معوية تعرض لها نتيجة انعدم النظافة وعدم توفر مياه شرب صالحة، حيث لا زال يعاني من تداعيات الوعكة، ويزداد وضعه الصحي سوءاً في كل يوم في ظل صعوبة الحصول على علاج خاص بحالته الصحية، وذلك بعد أن بذل جهداً كبيراً في البحث على الدواء لكن لم يجدِ بحثه نفعاً، مع استمرار تدهور وضعه وعدد كبير ممن يعانون من أمراض مشابهة وغيرها. 

 

تسجيل 111 ألف حالة التهاب تنفسي حاد و24 ألف حالة طفح جلدي و12 ألف حالة جرب منذ بدء العدوان على غزة 

 


يؤكد برغوث في حديثه لـ"حفريات" أنّ مراكز الإيواء تفتقر إلى أدنى مقومات السلامة، حتى إنّ الطعام الذي يقدم للنازحين ملوث وغير صحي، ويتسبب للمواطنين بمشاكل في الجهاز الهضمي، عدا عن المرافق الصحية التي تعتبر مصدراً لانتشار الجراثيم والأوبئة لانعدام النظافة بداخلها، نتيجة تكدس المواطنين وعدم توفر مياه بشكل مستمر بداخلها.
وأوضح أن هناك تجاهلاً واضحاً من قبل الأونروا واللجان القائمة على رعاية النازحين داخل مراكز الإيواء في توفير الخدمات الأساسية، التي تضمن السلامة للمواطنين في غمرة التكدس الكبير داخل المراكز وعدم وجود فرق نظافة مختصة في تنظيف المرافق الصحية على وجه التحديد، حتى إنّ اعتماد النازحين على الطرق البدائية في الطهي يزيد من خطر الأمراض المنقولة عن طريق التنفس، بسبب الانبعاثات الكريهة والخطيرة من النيران التي يتم استخدام الحطب والقطع البلاستكية في إيقادها.   
تراجع تقديم الخدمات
وحذر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، من تداعيات تنصل وكالة الأونروا من دورها في تقديم الخدمات الإنسانية للنازحين في مدارس مدينة غزة وشمالها، بعد أن تركت إدارة الأونروا عملها بشكل كامل داخل مدينة غزة منذ بدء الحرب على غزة، حيث انعكس ذلك سلباً على النازحين من خلال تكريس أوضاعهم المعيشية، خاصة مع رفض الجيش الإسرائيلي إدخال المساعدات والمواد الغذائية على إلى سكان مدينة غزة، وهذا يهدد بنشر الأوبئة والأمراض بين المواطنين والنازحين نتيجة غياب الخدمات الأساسية.   
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس خلال مؤتمر صحفي في جنيف إنّ 15 فقط من أصل 36 مستشفى في غزة لا تزال تعمل ومكتظة بالكامل. واضاف أنّ 1.3 مليون شخص يعيشون حالياً في ملاجئ في غزة، وأشار إلى أنّ القطاع سجل 111 ألف حالة التهاب تنفسي حاد و24 ألف حالة طفح جلدي و12 ألف حالة جرب منذ بدء العدوان على غزة. 
من جهته، يقول عمر حجازي أحد المشرفين على مركز خاص بإيواء النازحين جنوب قطاع غزة، إنّ المركز يعاني من أوضاع صعبة من ناحية الخدمات المقدمة نتيجة تنصل الأونروا واللجنة الدولية للصليب الأحمر من مسؤولية تبني المركز، وتقديم الخدمات لأكثر من ثلاثة آلاف نازح هجروا قسراً من مدينة غزة خلال الأسابيع الماضية، ويحتاجون إلى مساعدات إغاثية عاجلة من أجل حمايتهم من خطر الموت جوعاً وتفشي الأمراض بينهم.

هناك تصاعد كبير في معدلات إصابة الأطفال داخل مركز الإيواء بأمراض عدة
وأشار حجازي في حديثه لـ"حفريات" إلى أن هناك تخوفاً كبيراً من تفشى الأمراض بين النازحين، من جراء صعوبة توفير الخدمات الأساسية للنازحين وتوجه النازحين إلى الاعتماد على الطرق البدائية القديمة في قضاء حاجاتهم، فالمدرسة تبذل أقصى جهد من أجل محاولة توفير مياه صالحة للشرب، وتوفير كميات من مواد التعقيم والتنظيف للحفاظ على النازحين من خطر الأمراض، لكنّ الجهود تواجه استجابة ضعيفة، لاسيما مع التكدس الهائل من النازحين داخل مراكز الإيواء المنتشرة.
أبرز الأمراض
وبين المشرف أن هناك تصاعداً كبيراً في معدلات إصابة الأطفال داخل مركز الإيواء بأمراض عدة ومنها، الإسهال المزمن والنزلات المعوية والالتهابات الصدرية والأمراض الجلدية، نتيجة التلوث وانعدام النظافة الشخصية بالنسبة للأهالي وأطفالهم لغياب سائر مقومات السلامة، ويزداد القلق مع تصاعد حالات الإصابة وغياب الأدوية اللازمة لعلاج الحالات المصابة، بسبب توقف عدد كبير من مراكز الرعاية عن العمل ونفاد الأدوية من الصيدليات.

 

النازح محمد برغوث لـ"حفريات": مراكز الإيواء في القطاع تفتقر إلى أدنى مقومات السلامة، حتى إنّ الطعام الذي يقدم للنازحين ملوث وغير صحي



ولفت إلى أنّ استمرار نزوح المئات من المواطنين من مناطق شمال قطاع غزة، يهدد بتصاعد الأزمات داخل مراكز الإيواء، خاصة وأنّ المراكز لم تعد تستوعب المزيد من الأعداد، وتوجه المئات إلى الذهاب والمكوث داخل المستشفيات العامة، حيث يقضي نازحون أوقاتهم بين أسرة المرضى وداخل ممرات المستشفيات، في ظروف خطيرة تهدد حياتهم مع تكدس المستشفيات هي الأخرى بأعداد هائلة من المصابين، الذين يفترشون الأرض لعدم وجود أسرة فارغة، ويتعرضون لمضاعفات صحية نتيجة ضعف الخدمات العلاجية المقدمة لهم. 
وسمح اتفاق هدنة هش بين إسرائيل وحركة حماس لمنظمة الصحة العالمية ومنظمات إغاثة بزيادة شحناتها من الإمدادات الأساسية، لكنّ هذه الإمدادات لم تكن كافية لتلبية احتياجات سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية