المشهد الليبي قبيل الانتخابات الرئاسيّة.. رؤية تحليليّة

المشهد الليبي قبيل الانتخابات الرئاسيّة.. رؤية تحليليّة


22/11/2021

تواصل المفوضية العليا الوطنية للانتخابات، قبول أوراق المتقدمين للانتخابات الرئاسيّة في ليبيا، قبل غلق باب الترشح للانتخابات، والمقرر عقدها في الرابع والعشرين من شهر كانون الأول (ديسمبر) المقبل.

اقرأ أيضاً: ليبيا.. إصلاح الحاضر بأدوات الماضي

يمثل سيف الإسلام القذافي، والمشير خليفة حفتر، والمستشار عقيلة صالح، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وأحمد معيتيق، وفتحي باشاغا، أبرز المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية، بيد أنّ الجميع يترقب غلق باب الترشح، ثم إعلان القائمة النهائية للمترشحين بعد دراسة الملفات، واستكمال جميع الإجراءات القانونية الخاصة بالمرشحين.

الضغط الدولي لإجراء الانتخابات

يبدو الاستحقاق الانتخابي في ليبيا، بعد سنوات من الفوضى، وعبث الصراع المسلح، السيناريو الأمثل الذي ينبغي أن تمر من خلاله ليبيا نحو الاستقرار، خاصّة وأنّ ذلك يأتي بتوافق دولي، ورعاية أممّية اتضحت في أعمال مؤتمر باريس، خلال مطلع شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري.

في السياق ذاته، التقى  السفير الأمريكي، ريتشارد نورلاند، في العاصمة الليبية طرابلس، بعماد السايح، رئيس المفوضية العليا للانتخابات، وبحسب مصادر صحفية من داخل مطار معيتيقة، لموقع "سكاي نيوز عربية" فإنّ السفارة أرسلت للمسؤولين في المطار، قائمة بعدد من الشخصيات؛ لعقد اجتماعات معهم، من بينها نائب رئيس المجلس الرئاسي موسى الكوني، ووزير الداخلية خالد مازن، ووزير الداخلية في حكومة الوفاق السابقة، فتحي باشاغا.

اقرأ أيضاً: هذه خطة عقيلة صالح لليبيا حال فوزه بالرئاسة

في هذه الأثناء أكد ريتشارد نورلاند، دعم بلاده لجهود إجراء الانتخابات الليبية في موعدها المحدد، وقال إنّه أكد لرئيس المفوضية العليا للانتخابات، عماد السائح، أنّ الولايات المتحدة ستواصل دعم جهود المفوضية الوطنية العليا للانتخابات؛ لضمان أمن ونزاهة عملية التصويت؛ كجزء أساسي من السماح للناخبين الليبيين بتقرير مستقبل البلد.

عبدالكريم العرفي: على الجميع أن يعي حساسية الموقف الذي تواجهه البلاد، وضرورة أن يمر المشهد الانتخابي بسلام، وأن يواجه الجميع بحسم، تحركات قوى الإسلام السياسي والمرتزقة التابعين لها

من جانبه يرى عبدالكريم العرفي، الناطق الإعلامي للمجلس الأعلى لمشايخ وأعيان ليبيا، أنّ التدقيق في أسماء المرشحين المحتملين لمنصب الرئيس، يدفع نحو طرح سيناريوهات التصويت وتوجهاتها على كامل التراب الليبي؛ إذ إنّ تقديره الخاص يستقر نحو النظر إلى الأسماء المرشحة، من خلال مجموعتين: الأولى منهم تضم سيف الإسلام القذافي، والمشير خليفة حفتر، والمستشار عقيلة صالح، بينما تضم الثانية أحمد معيتيق، وفتحي باشاغا، وعبد الحميد الدبيبة.

تفتيت الأصوات وحتمية الإعادة

إلى ذلك يتابع، العرفي، حديثه لـ"حفريات" بقوله إنّ كلا المجموعتين تواجه يقيناً ظاهرة تفتيت الأصوات؛ بدخول المستشار عقيلة صالح، وكذا دخول عبد الحميد الدبيبة أيضاً إلى السباق، بينما المرشح سيف الإسلام القذافي، سوف لن يعاني بشكل كبير من تفتيت الأصوات.

أمّا المجموعة الثانية، والحديث ما زال للناطق الإعلامي للمجلس الأعلى لمشايخ وأعيان ليبيا، فإنّها تواجه ذات الظاهرة بين معيتيق، وباشاغا، نظراً لكونهما يستندان لقاعدة تصويتية واحدة، تتمركز في مدينة مصراتة، وسيزداد الأمر صعوبة، إذا ما انضم إليهما رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة.

وتأسيساً على ذلك، يستبعد عبدالكريم العرفي، أن تنتهي الانتخابات الرئاسية في ليبيا عبر الجولة الأولي، وأن يواجه الاستحقاق الرئاسي جولة إعادة، يكون طرفها الرئيس متمثل في أحد مرشحي المجموعة الأولى.

اقرأ أيضاً: حفتر يعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية في ليبيا.. هذا ما قاله

يختتم العرفي تصريحاته مؤكداً على ضرورة أن يعي الجميع حساسية الموقف الذي تواجهه البلاد، وضرورة أن يمر المشهد الانتخابي بسلام، وأن يواجه الجميع بحسم، تحركات قوى الإسلام السياسي والمرتزقة التابعين لهم، وألا ينساق أيّ طرف حال خسارته الاستحقاق، للسقوط في مخطط تلك القوى.

منذ أيام، تقدم سيف الإسلام القذافي، بأوراق ترشحه من مدينة سبها، بينما تقدم كل من المشير خليفة حفتر، والمستشار عقيلة صالح، من مدينة بنغازي للانتخابات الرئاسية، وفي وقت لاحق تقدم عبر الغرب الليبي، في العاصمة طرابلس، كل من أحمد معيتيق، وفتحي باشاغا، أبناء مدينة مصراتة للانتخابات الرئاسية، في الوقت الذي يترقب فيه الجميع الموقف النهائي لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، في ظل عائق الفقرة الثانية عشرة من المادة الرابعة من قانون الانتخابات الرئاسية، الذي يلزم المرشح بترك عمله الرسمي، قبل موعد الاستحقاق الانتخابي بثلاثة أشهر، غير أنّ تصريحات الدبيبة، التي جاءت وسط الجماهير، تشي بأنّه ينتوي اللحاق بالسباق الانتخابي، ويمضي في جمع التوكيلات الخاصّة بذلك، دون النظر إلى ضرورة وحتمية إجراء التعديلات على قانون الانتخابات.

إلى ذلك، ثمة من يرى أنّ القوى الدولية تعمل عبر أكثر من محور، فيما يتعلق بمرشحي الغرب الليبي، سيما في ظل توفر الشروط عند أحمد معيتيق، وفتحي باشاغا، باعتبارهما يمكن التعويل عليهما، إذا ما تعذّر على رئيس الحكومة، الاستمرار في قائمة المرشحين.

لعبة الإخوان وتحالف المرتزقة

وفي سياق ذلك، يؤكّد الدكتور عبدالمنعم اليسير، رئيس لجنة الأمن القومي، في المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته، أنّ أيّ تغيير في الوضع الحالي، لا يضمن بقاء منظومة عبد الحميد الدبيبة، ومن يعاونه، خاصّة الصديق الكبير، في السلطة، وهو أمر مرفوض من هذه المنظومة، التي وجدت في المال الفاسد حليفاً استراتيجياً مهماً.

أحمد أبو عرقوب: فتحي باشاغا عندما خسر في ملتقي الحوار السياسي، أعلن أنّه لن يعترف بالحكومة، بعد تاريخ 24 كانون الأول المقبل وبدأ فعلياً الاستعداد لخوض السباق الانتخابي

وبالتالي لكي تطمئن هذه المنظومة، لابد أن تظلّ في دائرة الحكم، وسوف تعترض بقوة على إجراء الانتخابات، وإن فشلت في ذلك نتيجة الضغوط الدولية؛ ستعمل على دفع عبد الحميد الدبيبة، وإن لم تستطع، نتيجة معوقات القانون الانتخابي، ستضع رهانها على عدة أطراف، من أبرزهم فتحي باشاغا، وأطراف أخرى، فضلاً عن كونها ستسعى  نحو إضعاف الأطراف المنافسة لمنظومتها، والمتمثلة في المرشحين: سيف الإسلام القذافي، وخليفة حفتر، وعقيلة صالح.

وبالتالي فإنّ السيناريو القادم سيكون نحو العمل على إدماج الدبيبة كمرشح رئاسي، أو الاكتفاء بالمرشح فتحي باشاغا.

ويختتم دكتور عبدالمنعم اليسير حديثه لـ"حفريات"، بدعوته جميع الأطراف الوطنية في ليبيا، للعمل نحو توجيه حيز منافستها في الانتخابات، من أجل الفوز على الأطراف المتحالفة مع المنظومة الإخوانية الميليشياوية، وعندئذ فقط سوف يمكن انتزاع ليبيا من قبضتهم.

اقرأ أيضاً: ليبيا والترشح المفاجئ للقذافي الابن للرئاسة

هاجم خالد المشري، الاستحقاق الانتخابي في ليبيا أكثر من مرة، وبحسب مقطع فيديو نشره الأخير عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، الجمعة 19 من تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، قال: "العملية الانتخابية تفتقد لأدنى الظروف المطلوبة لإجرائها". وأضاف: "أتعجب من انتخابات بلا قاعدة دستورية، ولا سجل  انتخابي نظيف، ولا مفوضية قادرة على التحكم حتى في منصاتها الإلكترونية". وشدد على أنّه لن يكون جزءاً من الانتخابات، لا بصفته ناخباً ولا مرشحاً".

اقرأ أيضاً: ماذا لو فاز نجل القذافي برئاسة ليبيا؟

بدا حديث المشري، في تقدير المراقبين، أنّه يعكس إحباطه من تعثر كافة المحاولات؛ لتعديل قانون الانتخابات، بحيث يسمح له ولرئيس الحكومة بالترشح على منصب الرئيس، ولذلك أعلن أنّه لن يكون ضمن المرشحين، واقترح أن تكون الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، في الخامس عشر من شهر شباط (فبراير) المقبل.

مخطط الدبيبة يواجه الفشل

في سياق متصل، شكك رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبد الحميد الدبيبة، في نزاهة قانون الانتخابات قائلاً إنّه "مفصل من أجل خدمة أشخاص بأعينهم"، دون أن يحددهم.

وتعهد الدبيبة، خلال كلمة بمدينة زوارة السبت 20 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، بـ"عدم السماح بعودة الفوضى إلى ليبيا". وأضاف مخاطباً الليبيين: "أنتم من تقررون مصيركم، وتوقفون العبث. لا وقت لدينا للمهاترات، ولا يمكن أن نسمح لهم من جديد، أن يعبثوا بمصير هذا الوطن".

في اليوم التالي تقدم عبدالحميد الدبيبة، بأوراق ترشحه إلى المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، وسط جدل كبير بين المراقبين، حول مصير ذلك الترشح، وهو يواجه مضمون المادة 12، التي تحول بينه وبين الاستمرار في السباق الانتخابي، خاصّة مع التصريحات التي جاءت على لسان المستشار عقيلة صالح، بأنّه فات أوان تعديل قانون الانتخابات.

اقرأ أيضاً: فتاوى تحريم الترشح.. محاولة إخوانية لعرقلة انتخابات ليبيا

من جانبه يرى الكاتب السياسي الليبي أحمد جمعة أبو عرقوب، أنّ ثمة سياقاً يسبق الاستحقاق الانتخابي، ينبغي الالتفات إليه، فبعد تفوق الدبيبة، على منافسه باشاغا، في ملتقي الحوار السياسي، حاول رئيس حكومة الوحدة الوطنية إطالة عمر حكومته، وطرح هذا الأمر في اجتماعاته مع بعض قادة الدول، ولكن جميع الردود كانت سلبية، بيد أنّ الدبيبة لم ييأس، وحاول من خلال مؤتمر استقرار ليبيا، الذي كان يهدف بالأساس؛ لحشد دعم دولي لطرح مبادرة تمديد ولاية حكومة الوحدة الوطنية، بحجة أنّ الظروف غير ملائمة للانتخابات، وأن الأجسام المعنية بوضع القاعدة الدستورية لم تتوافق، لكنه فشل في اقناع الحاضرين، بل وأكد جل الحضور على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها المقرر 24 كانون الأول (ديسمبر) المقبل.

يتابع أبو عرقوب حديثه لـ"حفريات"، حيث يقول إنّه بعد تأكيد مؤتمر باريس على دعم إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، أيقن الدبيبة، أّنّه لن يستطيع عرقلة المسار الانتخابي، وقرر الدخول في سباق الانتخابات، لكن المادة رقم 12 الخاصّة بشروط الترشح، تقف عائقاً أمامه، وحتى لو حاول القفز على المادة 12 من القانون الانتخابي، وقدّم أوراقه إلى المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، فإنّ ملفه لن يقبل، ولن يتسنى له دخول الماراثون الانتخابي.

اقرأ أيضاً: ليبيا: هل يكتسح حفتر الانتخابات الرئاسية؟ وما خيارات تيار الإسلام السياسي؟

في الجهة الأخرى، والحديث للكاتب الليبي أحمد أبو عرقوب، فإنّ فتحي باشاغا عندما خسر في ملتقي الحوار السياسي، أعلن أنّه لن يعترف بالحكومة، بعد تاريخ 24 كانون الأول (ديسمبر) القادم، وبدأ فعلياً الاستعداد لخوض السباق الانتخابي، وقام بالعديد من الملتقيات، والندوات، والاجتماعات، مع شخصيات في الداخل والخارج، وعقد تحالفات مع أقطاب الشرق الليبي، واستطاع تقديم نفسه على أنّه رجل الحرب والسلام، وأنّه الشخص القادر على إخراج ليبيا من أزمتها، وبناء على ذلك أعلن ترشحه للرئاسة.

يختتم أبو عرقوب حديثه بتأكيده على أنّ ثمة مؤشرات قوية، صوب وجود إرادة دولية، تتموضع نحو إجراء الانتخابات الرئاسيّة، في مواعيدها المقررة نهاية هذا العام.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية