بعد أسبوع دامٍ.. أين يتجه الصراع القبلي في دارفور؟

بعد أسبوع دامٍ.. أين يتجه الصراع القبلي في دارفور؟


19/06/2022

أسبوع دامٍ، شهده جنوب إقليم دارفور مع ارتفاع حصيلة ضحايا النزاع القبلي إلى ما يزيد عن (125) قتيلاً، فيما فر حوالي (50) ألف نازح إلى شمال الإقليم، بحسب ما أعلنته الأمم المتحدة. 

وحذرت الأمم المتحدة، الثلاثاء الماضي، من تداعيات كارثة إنسانية حال استمرار النزاع بين قبيلتي، الزريقات والقمر، وقالت إنّ "انعدام الأمن يجعل من الصعب الوصول إلى السكان المحتاجين، سواء بالنسبة إلى البرامج الإنسانية الجارية أو إلى النازحين الجدد".

الخلاف القديم بين القبيلتين حول ملكية بعض الأراضي الزراعية، عاد هذه المرة بوجه أكثر خطورة، تعكسه الأرقام التي أعلن عنها مكتب الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة.

وأفادت التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة، بتعرض (25) قرية للنهب بالكامل، فيما فر حوالي (59) ألفاً من منازلهم، بعضهم إلى الشمال، والآخر إلى مناطق غير معلومة، أو خارج البلاد، فيما أدت هذه النزاعات إلى تأخير بعثات التقييم والاستجابة الإنسانية، المخطط لها في العديد من مناطق ولاية غرب دارفور، بحسب صحيفة "الشرق الأوسط".

لماذا يشتعل إقليم دارفور دائماً بالصراعات القبلية؟

بحسب مكتب الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، تجدد الصراع القبلي في المنطقة خلال الأسبوع الماضي، نتيجة خلاف بين أفراد من القبيلتين على ملكية الأراضي الزراعية، تسبب في البداية في مقتل شخصين، ثم تمدد فيما بعد ليشمل عدة مناطق أخرى في مدينة كلبس والمناطق المجاورة لها، فيما تسبب بمقتل وإصابة العشرات، بالإضافة إلى اختطاف عدد من أفراد قبيلة القمر، بحسب تصريحات صادرة عنهم، نشرتها صحيفة "الشرق الأوسط".

حذرت الأمم المتحدة من تداعيات كارثة إنسانية حال استمرار النزاع بين قبيلتي، الزريقات والقمر

لكن جذور الصراع، الذي راح ضحيته على مدار الأعوام الماضية المئات، وخلف عشرات الآلاف من النازحين، تعود أسبابه، كما يرصدها مراقبون، إلى الميوعة الأمنية وعدم السيطرة الكاملة للقوات العسكرية السودانية في تلك المناطق، وعدم وجود حدود فاصلة بين القبائل، وتراكم الخلافات والضغائن نتيجة الحرب الأهلية القديمة، والاختلاف العقائدي والاجتماعي بين القبائل وبعضها.

ويعد نقص الموارد والنزاع بين القبائل على الأراضي الزراعية والمواد الغذائية، التي يأتي معظمها من الخارج في شكل مساعدات إنسانية، أحد أهم أسباب الخلاف بين القبائل في جنوب الإقليم وغربه، والذي يشهد بشكل مستمر عمليات نهب وسرقة للغلال والماشية، تتسبب عادة في إشعال صراعات لا تهدأ إلا بعد حصد عشرات الضحايا.

الأمم المتحدة: مصرع ما يزيد عن 125 شخصاً ونزوح 50 ألفاَ خلال أسبوع واحد من اشتعال الأزمة في دارفور

وبحسب تحليل لوكالة الأنباء الفرنسية، عززت حالة الفراغ الأمني التي يعيشها الإقليم في الوقت الراهن تأثراً بالتداعيات السياسية والأمنية في السودان بوجه عام، في توفير بيئة خصبة لاشتعال الصراع مرة أخرى في الإقليم وتمدده بشكل كبير، وعدم توافر قدرات على إحكام السيطرة عليه أو إنهائه في وقت قريب. 

ما الوضع الراهن في الإقليم؟ 

تسعى السلطات السودانية، مدعومة بالمنظمات الدولية وبعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام، إلى السيطرة على الوضع الأمني في الإقليم، فيما أكد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان على أهمية فرض هيبة الدولة وتحقيق الأمن والاستقرار في الإقليم ومواجهة حالة الإنفلات الأمني وتحقيق ودعم المصالحة الاجتماعية. 

وفي المقابل، قال أحد زعماء قبيلة القمر، يدعى إبراهيم هاشم، لوكالة "فرانس برس"، إنّ الأوضاع في كافة قرى كلبس متوترة للغاية، بينما ينتشر المسلحون في كل مكان وهناك اشتباكات تحدث من حين لآخر بسبب هذا التوتر".

وبحسب هاشم، أرسلت الحكومة قوات إلى المنطقة أغلبها من قوات الدعم السريع التي أنشأها الرئيس السوداني السابق عمر البشير وتتألف بمعظمها من القبائل العربية في دارفور.

أي مستقبل ينتظر النزاعات في دارفور؟ 

الخبير السوداني المختص في إدارة الأزمات والتفاوض بمركز الدراسات الدولية، أمين إسماعيل المحجوب، يرى أنّ الوضع الراهن في إقليم دارفور مؤسف وصادم، وأنّ هناك تأخراً في التعامل مع الأزمة من جانب الجهات المعنية. 

وفي لقاء تلفزيوني له مع برنامج دائرة الشرق، المُذاع عبر فضائية الشرق، قال المحجوب إنّ "الصراعات التي نشبت بسبب الأراضي الزراعية والموارد، أدت إلى أعداد كبيرة من الخسائر البشرية، وإضافة إلى ذلك تسبب في وقف عملية الزراعة، التي من المفترض أن تتم خلال هذه الأيام، وإلا سيحدث نقص كبير في السلع الغذائية والحبوب التي تنتجها تلك المساحات من الأراضي".

الوضع الراهن في إقليم دارفور مؤسف وصادم

وبحسب المحجوب، هناك استخدام لأنواع متطورة من الأسلحة في الصراع الدائر في دارفور في الوقت الراهن، يفترض أن يتم نزعها على الفور، كما هناك انحياز من جانب السلطات لطرف دون الآخر وهو الأمر الذي يتسبب في اشتعال الأزمة سريعاً، ويقلل من فرص التهدئة أو الحل.

ويؤكد المحجوب على ضرورة تعزيز دور القوات العسكرية التي تتبع الحكومة المركزية من خارج الإقليم لبسط سيطرتها عليه، وتقويض عملية الانحياز من جانب القوات المركزية، وكذلك البدء الفوري من جانب جميع الأطراف التي تسعى لإقرار عملية السلام في دارفور لاتخاذ إجراءات لمعالجة جذور الأزمة لمنع تكرارها.

 أمين المحجوب: الوضع الراهن في إقليم دارفور مؤسف وصادم، وهناك تأخر في التعامل مع الأزمة من جانب الجهات المعنية

وينوه المحجوب إلى أنّ نوعية الأسلحة المستخدمة وكذلك أسلوب القتال من جانب بعض العناصر، يؤكد وجود عناصر مدربة ربما جاءت من خارج البلاد، وهو أمر يتطلب تداركه أيضاً من جانب السلطات والعمل على كشفه والتحقيق به حتى لا يُسمح لتلك العناصر بإحداث مزيد من الفوضى بالبلاد.

وبحسب المحجوب، يتمثل الخطر الأكبر بشأن مستقبل الصراع في الإقليم بالمجموعات التي جاءت إليه تأثراً بالحروب في مناطق الجوار مثل ليبيا وتشاد، كون بعضها ينتمي لتنظيمات إرهابية شديدة الخطورة مثل؛ "داعش" و"القاعدة"، ما يعني أنه في حال استمرار حالة النزاع القبلي، ستكون هناك بيئة خصبة لنقل بؤر الإرهاب من هذه الدول إلى داخل دارفور، ومنها إلى مناطق مختلفة في السودان. 

وإجمالاً لا يتوقع المراقبون أن تنتهي أزمة الصراع القبلي في دارفور ما لم تتوافر إجراءات حاسمة لنزع الأسلحة وإنهاء الخلافات بين القبائل، وسيادة القانون. 

 مواضيع ذات صلة:

السودان: الاشتباكات الأهلية تهدد بتوسع العنف في دارفور

دارفور تشهد أكبر موجة عنف.. ما القصة؟

اشتباكات قبلية في دارفور تختبر متانة اتفاق السلام... فهل يصمد؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية