بعد تصريحات عائشة الشاطر.. لماذا يتبرأ الإخوان من التنظيم أمام المحاكم؟

بعد تصريحات عائشة الشاطر.. لماذا يتبرأ الإخوان من التنظيم أمام المحاكم؟


17/11/2021

"لا ننتمي لجماعة الإخوان ولا نعرف عنها شيئاً، ومرسي كان ضعيفاً وفشل في حكم مصر"، بهذه الكلمات، بدأت عائشة الشاطر، نجلة القيادي الإخواني الكبير خيرت الشاطر حديثها أمام محكمة الجنايات المصرية التي تتولى التحقيق معها وآخرين في القضية رقم 440 لسنة 2018 حصر أمن دولة، باتهام الانضمام لجماعة إرهابية ومساعدتها على تنفيذ أهدافها.

شهادة نجلة القيادي البارز، وهو نائب المرشد وعضو مكتب الإرشاد، أثارت جدلاً كبيراً؛ لأنها ككثيرين من قيادات التنظيم، تبرأت من أفكارها أمام هيئة المحكمة، ورغم العلم أنّ عائلة الشاطر تتربع على رأس الهرم التنظيمي ويشغلون جميعاً مناصب تنفيذية داخل الهيكل الإخواني، إلا أنّ محاولة التبرؤ من الجماعة دون أدنى محاولة للدفاع عن أفكارها، تعكس إلى حد كبير اقتناع قياداتها بفسادها، على حد وصف المراقبين.

أفكار فاسدة

وتعليقاً على مبدأ الإنكار الذي يمارسه قيادات الإخوان عادة لإبعاد شبهة الانتماء للتنظيم عن أنفسهم، يقول المراقبون، إنّ الشعارات الدينية والدعوية والمصطلحات الصاخبة التي يستخدمها قيادات الإخوان للترويج لأفكارهم وإقناع الناس بها، لا تعدو كونها وسيلة لتجنيد الأعضاء يدرك الإخوان أنّها ليست ذات قيمة دينية أو إنسانية وأنها مجرد بضاعة للاستهلاك الداخلي، لا تصلح لمواجهة حجج قانونية، لذلك يلجأ التنظيم للتبرؤ منها وإنكارها بشكل قاطع.

مراوغة تاريخية

ويقول الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب، منير أديب، إنّ هذا التنظيم أكثر ما يميزه ويميز قياداته هو المراوغة، في كل مناسبة يراوغون من أجل تحقيق أهدافهم بشكل مستمر، سواء في السياسة والعلاقات الاجتماعية وغيرهما.

وفي تصريح لـ"حفريات" يقول منير إنّ مؤسس الجماعة، حسن البنا كان مراوغاً بمعني أنه عندما انشأ التنظيم في عام 1928، كانت لديه خطة لممارسة السياسة لكنه لم يفصح عن ذلك إلا في رسالة المؤتمر الخامس عام 1939، عندما أقر باستخدام العنف وممارسة السياسة.

ويشير منير إلى أنّ هذه المراوغة ظهرت في بيانات مرشدي التنظيم منذ حسن البنا وحتى محمد بديع، وأيضاً في علاقة الإخوان بالقوى السياسية في مصر منذ تأسيسها، وظهر ذلك جلياً في عام 2011 عندما أكد الإخوان عدم الدفع بمرشح لهم لانتخابات الرئاسة المصرية وهو ما لم يحدث وتم الدفع بخيرت الشاطر ثم محمد مرسي بديلاً عنه.  

 

منير أديب: المراوغة أكثر ما يميز تنظيم الإخوان وقياداته، ففي كل مناسبة يراوغون من أجل تحقيق أهدافهم بشكل مستمر، سواء في السياسة والعلاقات الاجتماعية وغيرهما

 

ويلفت أديب إلى الخداع الذي مارسته الجماعة مع القوى السياسية عندما أكدت في عام 2011 أنها لن تشارك بأغلبية في البرلمان وقالت إن مبدئها في العمل السياسي، "مشاركة لا مغالبة"، وهو ما لم يحدث أيضاً وقت الانتخابات وحصلت الجماعة على 70% من المقاعد، بخلاف تعهداتها للقوى السياسية الأخرى.

ويقول أديب إن المراوغة الإخوانية ظهرت في التحقيقات أمام النيابة والمحاكم، على مدار تاريخ الجماعة، موضحاً أنهم  كانوا يعلنون انتماءهم للتنظيم ويحرضون على العنف، في عام 2014 وذلك يرجع لشعورهم بالقوة في هذا التوقيت وتصريحاتهم كانت بمثابة تحد للدولة المصرية والمجتمع وعندما شعروا أن هناك سلطة ممثلة في النبذ المجتمعي ضدهم، بدأت الجماعة باستخدام أسلوب الإنكار ونفي الانتماء.

 كوميديا سوداء

 ويصف الباحث المصري تصريحات عائشة الشاطر بأنها "مثيرة للسخرية"، متسائلاً "إذا كانت ابنة خيرت الشاطر وزوجة محمد أبو هريرة أحد أبرز قيادات التنظيم الدولي للإخوان، ليست من تنظيم الإخوان فمن يكون إذا؟"، مؤكداً أن عائشة كانت تقود فاعليات الإخوان على المستوى الدولي وعلى مستوى القُطر المصري ولها نشاط بارز مع أخواتها ووالدتها أيضاً داخل التنظيم الإخواني.

ويضيف منير: "امتداداً لهذه التصريحات الساخرة أتوقع أن يخرج المرشد محمد بديع أمام المحكمة في الأيام المقبلة ويقول إنه ليس له علاقة بجماعة الإخوان وأنه غير راض عن أداء التنظيم ولديه ملاحظات عليه، كما فعل صفوت حجازي الذي ملأ الدنيا صراخاً من أعلى منصة رابعة العدوية ثم عاد أمام المحكمة ونفى أي علاقة له بجماعة الإخوان".

واختتم منير حديثه بالتأكيد على أن هذه التصريحات لا تخرج عن إطار المراوغة، التي ظهرت في النشاط السياسي للإخوان على مدار تاريخها، لكنها حيلة مكشوفة للمجتمع المصري ولجهات التحقيق في المقام الأول ولن تؤدي غرضها.

 

على مدار تاريخها لم تنجح جماعة الإخوان في إحكام الخطط المتعلقة باستغلال الشعارات والمراوغة من أجل تحقيق الهدف لأنها سرعان ما تصطدم بالأفكار التي تروجها عن نفسها

 

تجدر الإشارة إلى أن عائشة الشاطر، قالت أمام محكمة جنايات أمن الدولة المصرية، يوم 14 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، إنّ الراحل مرسي لم ينجح في إدارة شؤون البلاد خلال فترة حكمه واصفة أداءه بـ"الضعيف".

وأضافت نجلة الشاطر أنّ مرسي فشل في احتواء المواطنين وفهم متطلباتهم، محيلة الأمر إلى عدم اقتناع الناس به وفشل خطاباته في الوصول لعامة الشعب "مكنتش مناسبة".

وعن سبب مشاركتها في اعتصام رابعة العدوية ذكرت عائشة الشاطر أنها انضمت اعتراضًا على سجن والدها والمطالبة بالإفراج عنه - آنذاك - مؤكدة أنها خرجت من الاعتصام عبر الممرات الآمنة التي أعدتها وزارة الداخلية خلال فض اعتصام رابعة العدوية.

وأكملت: "كنت متعاطفة مع المتوفين في أحداث الاتحادية.. وشاركت عشان أطالب بخروج المسجونين ومنهم والدي".

ونوهت "الشاطر" إلى أنها انتخبت مرسي في 2012 ومن وقتها لم تشارك في أي أعمال خاصة بجماعة الإخوان بل ظهرت رفقتهم أثناء اعتصام رابعة العدوية فقط، حسبما نشرت وسائل إعلام محلية.

وعلى مدار تاريخها الذي تجاوز تسعة عقود لم تنجح جماعة الإخوان في إحكام الخطط المتعلقة باستغلال الشعارات والمراوغة من أجل تحقيق الهدف لأنها سرعان ما كانت تتكشف وتصطدم بالأفكار التي تروجها الجماعة عن نفسها، ودائماً ما كانت تناقضات التنظيم سبباً في نفور الناس منه وغضب قواعده للحد الذي وصل في بعض الحالات إلى انشقاقات مدوية هزت التنظيم، وتسببت في شق الصف الداخلي.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية