بعد مقتل زعيم بوكو حرام.. هل تتفكك الجماعة الإرهابية؟

بعد مقتل زعيم بوكو حرام.. هل تتفكك الجماعة الإرهابية؟


08/06/2021

أكد تنظيم داعش مقتل زعيم حركة بوكو حرام أبو بكر شيكاو، موضحاً أنّ الأخير فجّر نفسه لدى محاولة اعتقاله، جاء ذلك في تسجيل صوتي لزعيم داعش في غرب أفريقيا أبو مصعب البورناوي، الذي أوضح أنّ شيكاو ورجاله تمت محاصرتهم في معقلهم بولاية بورنو شمالي نيجيريا، إلا أنّه فضل إطلاق الرصاص على نفسه خوفاً من الوقوع في أسر داعش، لكنه نجا بعد أن أُصيب كتفه بجروح خطيرة، ونجح عدد من مناصريه في الفرار ونقلوه معهم، لكن مطارديه تبعوه، فما كان منه إلا أن فجر عبوة ناسفة في المنزل الذي لجأ إليه.

قُتل زعيم بوكو حرام منتحراً بعد أن فجر المنزل الذي يتحصن فيه تجنباً للوقوع بين يدي داعش

في إطار الصراعات الفكرية والمنهجية، التي أنتجت تيارات متصارعة داخل داعش، أحدها وهو الحازمي، الذي يحكم على ساكني الدول وحكامها بالردة والكفر، وآخرون يسيطرون على إعلام التنظيم بقيادة أبو محمد الفرقان يكفّرون العاذر بالجهل، انشق فصيل من بوكو حرام في العام 2012 لتشكيل جماعة أطلقت على نفسها اسم "أنصار المسلمين في بلاد السودان"، كان على رأسه القائد العسكري أبو محمد البوشاوي، ومستشار شيكاو الديني أبو أسامة الأنصاري، ومحمد أوال الغمباوي.

 

اقرأ أيضاً: بوكو حرام تذبح 43 مزارعاً في نيجيريا

انخرط شيكاو ونائباه العسكريان أبو سعد البماوي ومحمد سلفي في صراع دموي مع جماعة أنصار المسلمين، مما أسفر عن القبض على زعيمها أبو أسامة الأنصاري، وأبو عباس البنكيواني، وقتلهما على يديه، وانتهاء الجماعة.

مع صعود تنظيم داعش خلال عامي 2014 و 2015، واجه شيكاو ضغوطاً من قادته وجنوده لمبايعة زعيم داعش أبو بكر البغدادي. ويقول أعضاء في الجماعة إنّ شيكاو "اضطر إلى البيعة، وكان ذلك خلال اجتماع القادة العسكريين، بعد أن اقتنع بأنّ جماعته كانت على وشك أن تخرج عن سيطرته، وأنّ منصب الزعامة سيكون مهدداً إن لم يبايع البغدادي". وفي آذار (مارس) 2015، أعلن شيكاو ولاءه لزعيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا أبو بكر البغدادي، واصفاً أعضاءها بأنهم "إخوتنا في الجهاد".

اقرأ أيضاً: مقتل زعيم بوكو حرام أبو بكر شيكاو.. ما علاقة داعش؟

بعد 6 أشهر على بيعة شيكاو لداعش، في آب (أغسطس) 2016، عيّن التنظيم أبو مصعب البورناوي قائداً للجماعة بدلاً منه لكنه رفض الاعتراف بذلك، ما أدى لانشقاق القائد العسكري والفعلي لبوكو حرام مامان نور، الذي بايع بروناي، لكنه اغتيل فيما بعد العام 2018

بعد 6 أشهر على بيعة شيكاو لداعش مضطراً رفض الاعتراف بالبورناوي قائداً للجماعة بدلاً منه.

وصف البورناوي، شيكاو وجماعته، أنهم يتبعون أيديولوجية الخوارج، مستدلاً بقتله لكثير من المواطنين العزّل، وإصداره الصوتي: "أنا ضد أي فكر يبيح للشخص الإقامة والسكن مع الكفار في مجتمع واحد دون أن يصدح بمعارضته أو غضبه علناً من هؤلاء الكفار كما ورد في القرآن الكريم، وأي شخص يفعل ذلك لا يمكن أن يعتبر مسلماً، سواء أكان ذلك في السراء أو في الضراء، هذا هو ما ثبت لدينا وهذا هو موقفي شخصياً".

 

اقرأ أيضاً: هذه أبرز طرق مواجهة داعش لبوكو حرام في أفريقيا

في 2 آب (أغسطس) 2016، نشر داعش في جريدته "النبأ" بياناً يمدح فيه أبو مصعب البورناوي، معتبراً إياه والياً وزعيماً لولاية التنظيم بغرب أفريقيا، فيما نشر شيكاو رسالة صوتية في الرابع من آب (أغسطس) 2016 أكد فيها أنه لا يزال زعيماً لجماعة بوكو حرام، وأنه تعرض لخدعة، ناعتاً البورناوي بـ"الكفر"، قائلاً: "لقد خدعت ولكن كل ما أعرفه هو أنّ البورناوي وكل من يدور في فلكه كفار ولن أحيد أبداً عن عقيدة جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد والتي تستمد تعاليمها من القرآن الكريم".

 

اقرأ أيضاً: تطور خطير... جماعة "بوكو حرام" تستحدث وسائل إرهابية جديدة

اندلعت الخلافات الأيديولوجية بين الفريقين؛ وفي 6 آب (أغسطس) 2016 بث البورناوي تسجيلاً صوتياً ندد فيه بشيكاو ووصفه بأنه "منافق وجبان"، وأن التنظيم أقاله بسبب ما اقترفه من جرائم مختلفة، بما في ذلك "قتل إخوانه المسلمين والتمتع بالملذات بينما يعيش مقاتلوه الحرمان والجوع".

 أبو بكر شيكاو

وأخيراً وبعد سنوات من المطاردة أعلن زعيم داعش في غرب أفريقيا أبو مصعب البورناوي في تسجيل منذ أيام أن شيكاو قد قتل، قائلاً: "فضل أن يهان في الآخرة على أن يهان في الأرض. لقد قتل نفسه على الفور بتفجير عبوة ناسفة".

 

اقرأ أيضاً: "ماما بوكو حرام": قصة امرأة نيجيرية تتوسط بين الدولة والمتمردين

وبحسب ما نقلت وكالة "فرانس برس"، فإنّ داعش المنافس لبوكو حرام قال إنّ مقاتليه توجهوا إلى جيب لبوكو حرام في غابة سامبيسا، حيث عثروا على شيكاو داخل منزله واشتبكوا معه في معركة بالأسلحة النارية فتراجع من هناك وفرّ إلى الغابة لمدة خمسة أيام، لكن المقاتلين استمروا في البحث عنه وتقفي أثره، وحضّوه على "التوبة"، لكنه رفض وقتل نفسه، وكانت نهايته الأخيرة.

رغم الضربة التي تلقاها تنظيم بوكو حرام بمقتل زعيمه الرمزي فمن غير المرجح أن يتفكك بسهولة

ورغم تأثير مقتل شيكاو باعتباره زعيماً رمزياً لبوكو حرام، فإنه من غير المرجح أن يتفكك تنظيمه بسهولة؛ إذ إنّ المنطقة التي ينشط فيها تتسم بتعددية التوجهات المتطرفة بين العشرات من القبائل، وهو ما جعل بها تداخلاً بين ما هو قبلي عرقي وبين ما هو أيديولوجي، فضلاً عن أنّ المنطقة بؤرة نشطة ومتنوعة لجماعات كثيرة اختلفت في الأفكار والأهداف، وفشلت المواجهات العسكرية معها.

 

اقرأ أيضاً: بوكو حرام.. غول الإرهاب غربي أفريقيا

كما ساهم الفقر بقسط وافر في كثير من المشكلات والصراعات السياسية والاجتماعية وأضعف الحلول العسكرية، مما أدى إلى خلق بيئة لتمدد الإرهاب بنيجيريا والكاميرون، وذلك بالتوازي مع اتساع فجوة المعرفة بين مخرجات النظم التعليمية وأسواق العمل داخل هذه الدول، وهو القاسم المشترك، الذي يتمثل في مزيج من نقاط الضعف في كل مفاصلها.

من جهة أخرى، فإنّ الصراعات المتداخلة بين بوكو حرام وذاته أيديولوجياً، وبينه وبين التنظيمات الأخرى قد يكون المدخل لتفكيكه واختراقه، وعلى هذا سيواجه خلال هذه الآونة معضلة غياب قائده، ووجود تنظيم موازٍ له بمزيج أيديولوجي آخر، ولو فشل البورناوي في التوحّد على قضايا محددة فإنّ ذلك سيرجح استمرار بوكو حرام بقائد جديد، واستمرار القتال بينهما مرة أخرى.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية