تبلغ من العمر 12 عاماً.. زواج طفلة يثير ضجة كبيرة في العراق ‎

تبلغ من العمر 12 عاماً.. زواج طفلة يثير ضجة كبيرة في العراق ‎


22/11/2021

لا يزال الزواج المبكر للفتيات شائعاً في العراق؛ إذ شهدت البلاد، منذ أمس، سجالاً حول زواج القاصرات انطلق من محكمة في الكاظمية، بعدما أرجأت جلسة استماع في قضية إلغاء زواج طفلة تبلغ من العمر 12 عاماً، رفعتها والدتها المنفصلة عن أب الفتاة، تتهمه فيها بتسهيل الزواج، فيما تظاهرت ناشطات نسويات دعماً للوالدة، ورفضاً للظاهرة.

ورغم أنّ القانون العراقي، يمنع زواج الأطفال، بتحديد عمر الـ 18 عاماً، سناً للزواج لكن هناك استثناءات تسمح بالزواج بعمر 15 عاماً، في حال موافقة ولي أمر الفتاة.

اقرأ أيضاً: "التضامن المصرية" تدرس وقف الدعم النقدي للأسر التي تزوّج القاصرات.. ما القصة؟

وتعتبر الزيجات التي تعقد من قبل رجال دين مشروعة من قبل البعض، لكنها تبقى غير رسمية حتى تتم المصادقة عليها من قبل القضاء مقابل دفع رسوم مالية بحسب تقرير لمنظمة "أنقذوا الأطفال".

وتتكرر هذه الحالة بشكل كبير، وبوتيرة شبه يومية في أغلب المحاكم العراقية، وتجري باتفاق الأهل مما يجعلها بعيدة عن التركيز الإعلامي.

قصة الطفلة إسراء

وبدأت قصة الطفلة إسراء عندما توجه الزوج إلى جلسة الاستماع أمام محكمة الأحوال الشخصية في الكاظمية، إحدى ضواحي بغداد، للموافقة على طلب المصادقة الرسمية على زواجه من الطفلة إسراء.

ويلجأ الأهل، الذين يزوجون فتياتهم القاصرات بعقد ديني، إلى المحكمة لتصديق عقد الزواج رسمياً واعتباره زواجاً قانونياً، وهي "حيلة قانونية" بحسب خبراء قانونيين.

لكن والدة إسراء، والتي رفضت كشف اسمها، قالت إنها لا تعرف مكان ابنتها وإنّ زوجها السابق "خطفها"، وأكدت أنّ ابنتها تعرضت "للاغتصاب".

اقرأ أيضاً: زواج القاصرات في مصر.. كيف يتحايل المجتمع على الشرع والقانون؟

ومن جانبه، أكد المحامي مروان العبيدي الذي يتولى القضية كوكيل الأم، في لقاء مع وكالة "فرانس برس"، "عدم جواز تسجيل الزواج لأن الفتاة لا يمكنها الزواج لأنها صغيرة".

إسراء مختطفة!

وخلال لقاء تلفزيوني مع قناة "الفلوجة"، قالت والدة إسراء، إنّ "ابنتها مختطفة" من قبل عائلة والدها الذي انفصلت عنه في العام 2011، حيث قدم لأخذها بحجة قضاء الوقت معها بدون علم الأم ولم يعيدها، على حد قول الأم.

أكد المحامي مروان العبيدي الذي يتولى القضية كوكيل الأم، في لقاء مع فرانس برس، "عدم جواز تسجيل الزواج لأن الفتاة لا يمكنها الزواج لأنها صغيرة"

وأضافت الأم، أنّ القاضي قد منحها عند الطلاق الحق في حضانة الأطفال، وباءت جميع محاولات الوالد للحصول على حق الحضانة بالفشل.

ولفتت الأم خلال حديثها، إلى أنّ طفلتها "تعاني من مشاكل صحية، حيث إنها خضعت لعملية في القلب، استمرت أكثر من 7 ساعات"، مضيفة أنها أيضاً "غير مكتملة جسدياً".

"اغتصاب للطفولة"

وتجمعت ناشطات نسويات الأحد بينهن ينار محمد رئيسة منظمة "حرية المرأة في العراق"، عند محكمة الأحوال الشخصية في الكاظمية لرفض المصادقة على زواج إسراء.

وهتفت الناشطات؛ "لا لا لتزويج المغتصب من الضحية" و"باطل.. باطل"، كما رفعن لافتات تحمل عبارات قالت "لا لزواج القاصرات" و"زواج القاصرات جريمة بحق الطفولة".

قوبل بيان منسوب لمدير "الشرطة المجتمعية" في وزارة الداخلية العراقية بموجة استنكار واسعة عبر مواقع التواصل، ودفع النشطاء الغاضبين إلى تدشين وسم "إلغاء الشرطة المجتمعية مطلبنا"

وفي تصريحات لـ "فرانس برس"، قالت ينار محمد: "ماذا يعني تصديق الزواج من طفلة غير اغتصاب للطفولة؟"، وأضافت "الاغتصاب جريمة ونحن هنا للدفاع عن الطفلة".

ودعت إلى إلغاء المادة 398 من قانون العقوبات العراقي التي "تعفي المُغتصب من العقوبة القانونية في حال زواجه من الضحية".

وقالت جنات الغزي عضو منظمة حرية المرأة "وقفتنا اليوم لنقول لا لاغتصاب الطفولة باسم الدين والزواج، لا تقتلوا الطفولة".

ضجة على "السوشال ميديا" في العراق

ويتداول عراقيون، على مدار الأيام الماضية، مقطع فيديو، يُظهر والدة إسراء تستغيث برئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وبمقتدى الصدر زعيم التيار الصدري في العراق، لإنقاذ ابنتها القاصر من زيجة مبكرة.

على إثره، تحركت مجموعة من الناشطات والناشطين عبر منصات التواصل الاجتماعي للمطالبة بالتصدي لما وصفوها بـ"جريمة الإعدام المبكر بحق الطفلة العراقية".

وتحت وسمي "مناشدة أم" وزواج القاصرات"، أطلق مدونون وناشطون حملة للضغط على السلطات للتحرك وإنقاذ الطفلة.

اقرأ أيضاً: زواج القاصرات يُهدر أحلام ملايين الفتيات في الصومال

وسرعان ما تدخلت الشرطة في القضية، إلا أنّ بياناً نسب لمدير "الشرطة المجتمعية" في وزارة الداخلية العراقية، جاء بعكس توقعات النشطاء العراقيين ومطالبهم، إذ قوبل البيان بموجة استنكار واسعة عبر مواقع التواصل، ودفع الناشطين الغاضبين إلى تدشين وسم "إلغاء الشرطة المجتمعية مطلبنا".

لا توجد إحصاءات دقيقة عن عدد المتزوجات القاصرات في العراق، لأن العديد من حالات الزواج تتم خارج المحكمة، بحسب ما ذكرته منظمات حقوقية

وأعلنت الشرطة أنها أجرت زيارة للطفلة ووالدها، لكنها قالت في بيان، إنّ "الزواج تم برضا الفتاة ووالدها"، وأنها "اطلعت على العقد الشرعي الذي تم بموجبه تزويج الفتاة القاصر".

وأكدت الفتاة أنّ "الزواج قد تم برضاها، دون أن يكرهها أو يجبرها أحد عليه، وأنّ الفريق اطلع على العقد الشرعي الذي تم بموجبه زواج الفتاة القاصر"، وفقاً للبيان.

...

لكن حجة المعترضين أنّ "رضا الفتاة لا يعتد به قانوناً، كونها قاصراً"، بحسب المحامي هاني الدليمي، الذي قال لموقع "الحرة" إنه "مع هذا، تمنح المحاكم لوالد الفتاة، أو ولي أمرها القانوني صلاحية تزويجها عملياً".

واتهم بعض المغردين الشرطة العراقية بتسهيل اغتصاب الأطفال؛ إذ قال أحد المغردين: "وين اكو شرطة بالعالم تبيح اغتصاب الأطفال؟!!. وين اكو طفل بالعالم يتزوج بدون غصب أو بالأحرى يعرف شنو معنى الزواج حتى يوافق عليه؟؟!. وين اكو قانون بالعالم يبيح اغتصاب الأطفال "بموافقة ولي الأمر" اللي ممكن يكون مختل أو منحط وغير مسؤول، شهالبلد المقرف".

وختم تغريدته بوسم "إلغاء الشرطة المجتمعية مطلبنا".

ورأى المعلقون أنّ بيان الشرطة المجتمعية حمل في طياته دعوة "خطيرة لتزييف الحقائق وتبييض زواج القاصرات".

وأعادت إحدى المغردات نشر بيان الشرطة المجتمعية وعلقت عليه قائلة: "تستر الشرطة المجتمعية على زواج خارج المحكمة أي زواج غير قانوني كون القانون العراقي يجرم زواج الفتاة تحت سن الخامسة عشر مدعية أنّ الزواج تم برضاها وهي طفلة ١٢ عاماً و(لا نريد تطليق البنت لتصبح مطلقة بدل متزوجة)".

واتهم بعض المغردين الشرطة العراقية بالخوف من العشائر التي تزوج البنات في مثل هذا السن، إذ علق المحامي محمد جمعة على القضية بتغريدة قال فيها:"الشرطة المجتمعية العراقية تقول ان القانون يجيز زواج القاصر بوكالة ولي الامر، القانون أجاز زواج القاصر التي تبلغ الخامسة عشر فقط ولم يجز زواج من بلغت الثانية عشر والقانون يعتبر عمر ال(١٢)قاصر لايؤخذ منه قول".

وأضاف: "قولوا (نخاف من العشاير) ولاتزيفون القانون".

يُشار إلى أن منظمة الأمم المتحدة للأطفال (اليونيسيف) تعرف زواج القصر على أنه أي زواج رسمي أو غير رسمي يجمع طفلاً تحت سن 18 عاماً بشخص بالغ أو طفل آخر، مشيرة إلى أن هذه الظاهرة لا تزال واسعة الانتشار، وتصل نسبة الفتيات اللاتي يتزوجن دون الثامنة عشرة إلى 12 مليون فتاة في جميع أنحاء العالم.

ولا توجد إحصاءات دقيقة عن عدد المتزوجات القاصرات في العراق؛ لأن العديد من حالات الزواج تتم خارج المحكمة، بحسب ما ذكرته منظمات حقوقية.

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية