تحركات جماعة "العدل والإحسان".. هل تنجح في إعادة إخوان المغرب إلى السلطة؟

تحركات جماعة "العدل والإحسان".. هل تنجح في إعادة إخوان المغرب إلى السلطة؟


08/05/2022

على الرغم من إعلانها الدائم مقاطعة العمل السياسي، والاقتصار على الدور الدعوي والاجتماعي، خرجت جماعة العدل والإحسان المغربيّة، التابعة للإخوان المسلمين، ببيان حاد بمناسبة عيد العمال، في الأول من أيّار (مايو) الجاري، هاجمت فيه سياسات حكومة عزيز أخنوش، وحمّلتها مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية، زاعمة أنّ الاقتصاد المغربي "يقع تحت نير الاختيارات السياسية والاقتصادية الرسمية الكبرى، المكرسة للاحتكار والتبعية للدائنين". البيان وصف السياسات الحكومية بـ"الفاشلة"، وانتقد ما وصفه بـ"زواج السلطة والمال"، الأمر الذي يؤدي، بحسب البيان، إلى "وأد أيّ أمل في توزيع عادل لخيرات الوطن، ومسهماً في استدامة التفاوتات الاجتماعية، بين مختلف الفئات والجهات والمناطق".

المكتب الوطني للقطاع النقابي بجماعة العدل والإحسان، استنكر ما أسماه "زحف السلطة على المكتسبات الاجتماعية والمهنية". مضيفاً: "كلما زادت حدة الاحتقان، استدعت النقابات إلى توقيع اتفاقات إضافية، مقابل ضمان سلم اجتماعي ثمنه بخس فتات، من بنود الملف المطلبي، لتنعم السلطة بهدوء لا ينغص عليها لحظة إشباع جشعها الفاحش، من تعب المغاربة وعرقهم ودمهم ومقدرات بلادهم". كما طالب المكتب الوطني للقطاع النقابي للجماعة، بـــ "الإفراج الفوري عن معتقلي الحراك والصحفيين والمدونين، وغيرهم من معتقلي الرأي".

 

تحالف جماعة العدل والإحسان مع إحدى القوى اليسارية مناورة سياسيّة مكشوفة يفضحها تاريخ الجماعة نفسه، التي طالما وصفت عموم الماركسيين بالكفر والإلحاد

 

كما واصلت جماعة العدل والإحسان تحميل حكومة عزيز أخنوش، التي لم يمر على توليها الحكم سوى أشهر معدودة، كلّ ميراث العشرية التي حكم فيها حزب العدالة والتنمية (المصباح) الإخواني، مديناً ما زعم أنّه "استقالة الدولة من مهامها الاجتماعية، وتسليمها المغاربة للوبيات الفساد والاغتناء غير المشروع". في تجاهل واضح لحقيقة أنّ حزب الإخوان هو من فعل هذا بالمغاربة طيلة السنوات العشر الماضية.

توظيف قضية فلسطين استراتيجية إخوانية

على الرغم من أنّ حكومة العدالة والتنمية، برئاسة سعد الدين العثماني، هي التي صدّقت على اتفاق التطبيع الثلاثي مع إسرائيل، إلا أنّ جماعة العدل والإحسان لم تتذكر القضية الفلسطينية إلّا بعد إقصاء حزب الإخوان من السلطة، حيث دشّن الذراع الطلابي للجماعة في جامعة ابن طفيل بالقنيطرة فاعليات احتجاجية مكثفة ضدّ الحكومة، بداعي الانخراط في سياسات التطبيع، الأمر الذي دفع الجامعة، منتصف شهر نيسان (أبريل) الماضي إلى إغلاق كل مؤسساتها في وجه الطلبة لعدة أيام، تفادياً لحدوث أيّ صدامات، وكذلك تحسباً لانفلات الوضع الصحي، في ظل الأزمة الوبائيّة.

سعد الدين العثماني

جماعة العدل والإحسان زعمت أنّ السلطات الأمنية، قامت بتعذيب عدد من الطلاب التابعين لها، والتنكيل بهم "أمام أبواب كلية الآداب والعلوم الإنسانية، وفي مختلف الممرات والفضاءات المحيطة بالجامعة، واعتقال أربعة وعشرين طالباً، واحتجازهم داخل سيارات الأمن، وتعريضهم للعنف اللفظي والجسدي قبل الإفراج عنهم لاحقاً". الأمر الذي نفته وزارة الداخلية، وطالبت الجماعة بتوضيح أدلة مزاعمها في هذا الشأن.

وعلى ما يبدو، فقد وجدت الجماعة أنّ موسم المزايدة على مواقف القوى الوطنية من قضية فلسطين قد بدأ، وأنّ الفرصة أصبحت سانحة للمزيد من المتاجرة بها، وتوظيفها وفق استراتيجية الإخوان الثابتة، والتي ربما تتناقض بشكل واضح، مع سياسات حزب الإخوان نفسه.

تحالفات وظيفية مع قوى اليسار

لفتت التحالفات التي ظهرت إبان الوقفات الاحتجاجية المتعددة، على غلاء الأسعار، عن تقارب وظيفي بين بعض قوى اليسار المغربي، وجماعة العدل والإحسان، التي شاركت بقوة وكثافة في هذه التظاهرات، وتجلى ذلك بوضوح في التنسيق الكبير بين الجماعة وحزب النهج الديموقراطي الماركسي.

وصف مراقبون هذا التحالف بالانتهازي، وأنّ أطرافه يعملون وفق نهج ميكيافيللي واضح، رغم وجود التناقضات الأيديولوجية الحادة فيما بينهم، حيث تسعى جماعة العدل والإحسان إلى تكثيف زخم حضورها في الشارع، بينما يحاول حزب النهج الديموقراطي كسر عزلته السياسيّة.

سعيد ناشيد: جماعة العدل والإحسان، تمثل ظهيراً اجتماعياً قوياً للإخوان في المغرب، نظراً لطبيعة الحواضن التي شكلتها، والقادرة على الدفع بحزب العدالة والتنمية من جديد إلى السلطة، لقدرتها على تكريس نهج الجماعة وأفكارها في الشارع

من جهته، حاول حسن بناجح، عضو الأمانة العامة للدائرة السياسيّة لجماعة العدل والإحسان، تبرير هذه العلاقة المركبة، زاعماً في تصريحات صحفية أنّ "ما تسعى إليه الجماعة؛ هو علاقة تعاون، تقدّر الأخيرة أنّها ممكنة، ليس فقط مع التيارات المتقاربة والمتجانسة فكرياً، بل هي كذلك مع المختلفين على مستوى المرجعيات". في مناورة سياسيّة مكشوفة، يفضحها تاريخ الجماعة نفسه، التي طالما وصفت عموم الماركسيين بالكفر والإلحاد.

بناجح استدرك في تصريحاته، وهو يستشرف أفق هذا التعاون، باعتباره يأتي ضمن "حد أدنى ممكن ومعقول في كثير من القضايا المشتركة، التي يمكن أن تشكل أرضية، تجتمع حولها مختلف مكونات المجتمع، على المستوى السياسي والاجتماعي والمعيشي وقضايا الأمة". مضيفاً: "من خلال الحوار، يمكن أن يتم التوصل إلى مشترك لتعاون الجميع، وإيجاد حدود وشروط للعمل المشترك". ويبدو أنّ القيادي الإخواني يحاول التخفيف على قواعد الجماعة، وتبرير التحالف مع إحدى القوى الماركسية، بطرح أسباب واهية.

المفكر المغربي سعيد ناشيد، خص "حفريات" بتصريحات، قال فيها إنّ إعلان جماعة العدل والإحسان الإخوانية اعتزال السياسة، ما هو إلّا مناورة مكشوفة، تفضحها تحركات الجماعة في الشارع باستمرار؛ فالجماعة التي تخلّت عن حراك 20 شباط (فبراير) بعد أن وصل حزب العدالة والتنمية إلى السلطة، سوف تتخلى عن أيّ حليف بعد بلوغها الأهداف المحددة.

ناشيد كشف عن أنّ جماعة العدل والإحسان، تمثل ظهيراً اجتماعياً قوياً للإخوان في المغرب، نظراً لطبيعة الحواضن التي شكلتها، والقادرة على الدفع بحزب العدالة والتنمية من جديد إلى السلطة، نظراً لقدرتها على تكريس نهج الجماعة وأفكارها في الشارع، مؤكداً أنّ "المعركة طويلة أمام أنصار الفكر الحداثي، لاقتلاع الأفكار الإخوانية الظلامية".

كما كشف ناشيد أنّ الجماعة كانت تجهز، نادية ياسين، ابنة زعيم الجماعة عبد السلام ياسين، لخلافة والدها، الذي ظل طويلاً ينافس من أجل الوصول إلى السلطة، لولا تورطها في قضية أخلاقية، والآن تحاول الجماعة، التي وصفها بـ"المتربصة"، تفخيخ المشهد السياسي، وتحريض الشارع، من أجل إسقاط حكومة عزيز أخنوش، أملاً في عودة حزب العدالة والتنمية إلى السلطة.

مواضيع ذات صلة:

إخوان المغرب يحاولون تفخيخ المشهد السياسي في البلاد.. ماذا فعلوا؟

المغرب يواصل جهوده لتسهيل تعليم الأمازيغية... ما الجديد؟

المغرب في مواجهة التشيع الإيراني في غرب أفريقيا



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية