تركيا وفقدان مفهوم سيادة القانون

تركيا وفقدان مفهوم سيادة القانون


17/06/2021

تحاول الحكومة التركية تحميل الأخطاء والأزمات التي تمرّ بها والتي تسبّبت بها للبلاد، اقتصادياً وسياسياً لقوى خارجية تصفها بالقوى الإمبريالية والصليبية الساعية لتخريب تركيا، وتكرّر اتّهامات ومزاعم نظريات المؤامرة في مسعى منها للتملّص من أخطائها، بحسب ما يلفت معارضون أتراك.

وفي هذا السياق أكّد الكاتب التركي محمد أوجاكتان في مقال منشور له في صحيفة قرار التركية اليوم الأربعاء أنّ المرء يجد صعوبة في تفسير الأحداث الأخيرة في السياسة والاقتصاد والسياسة الخارجية في تركيا بالعقل والمنطق، ومن المستحيل ألا تشعر وكأنّك تشاهد فيلم رعب عندما ترى ما مرّت به البلاد من أحداث وأزمات.

وقال إنّه لسوء الحظ، كانت تركيا تعاني من أزمة إدارية عميقة لفترة طويلة حيث فقدت مفهوم سيادة القانون. لذلك، فإن القانون لا يعمل، والحريات معلقة، والعلاقات المظلمة بين محور سياسة العصابات والمافيا لا يمكن إخفاؤها بعد الآن، والأشخاص الذين يعيشون تحت الانهيار الاقتصادي يكافحون من أجل البقاء في يأس.

ونوّه الكاتب إلى أنّه بطبيعة الحال، في مثل هذه البيئة، تحاول الحكومة التستر على أزمة عدم القدرة على الإدارة الداخلية والفشل في السياسة الخارجية بخطاب المرونة التي تنتجها من خلال "القومية" و "البقاء". وأضاف قائلاً: مع ذلك، فإن خطاب الشجاعة المنتشر في الساحات، للأسف، لا يكفي لتغطية الكساد في البلاد. إذا فقدت دولة ما حكم القانون، فلا يمكن أن يأتي الاستثمار الأجنبي، ولا يمكن زيادة الإنتاج، ولا يمكن بطبيعة الحال زيادة مستوى رفاهية الناس.

وقال محمد أوجاكتان: لقد وصلنا الآن إلى نهاية القصة.. من ناحية، عدّلنا مع أوروبا بالقول، "نازيون، هؤلاء نازيون.."، ومن ناحية أخرى، وجدنا أسفل الإيقاع بعبارات مثل "وتتحالف القوى الإمبريالية مع الخونة في الداخل لوقف نمو تركيا"، في إشارة إلى الولايات المتحدة. وبعد رؤية نهاية القصة، شرعنا في إعادة اكتشاف أميركا وأوروبا.

وأشار إلى أنّ تقييمات الرئيس رجب طيب أردوغان بعد الاجتماعات الثنائية مع القادة الغربيين، وخاصة جو بايدن، بمناسبة قمة الناتو في بروكسل، تُظهر أن تركيا في بحث جديد، وأنّ هذه المفاوضات والتقييمات طبيعية تمامًا بالنسبة لدولة عضو في الناتو، وهذا هو السلوك الطبيعي لجميع البلدان داخل عائلة التحالف.

وصف أردوغان اللقاء مع بايدن بأنه "مفيد وصادق للغاية"، وقال: "نرى أن هناك إرادة قوية لبدء فترة من التعاون المثمر على أساس الاحترام المتبادل والاهتمام في جميع المجالات. نعتقد أنه لا توجد مشكلة غير قابلة للحل في العلاقات التركية الأميركية، على العكس من ذلك، تظهر مجالات تعاوننا نظرة أوسع وأكثر ثراءً من عناوين المشكلة ".

كما أكد هذا الاجتماع أن تركيا مصممة على تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة. في الواقع، فإن أردوغان، الذي قال إنه سيطرح تعريف عام 1915 بـ "الإبادة الجماعية للأرمن" من قبل بايدن في 24 أبريل، وهو في طريقه إلى قمة الناتو، أظهر بوضوح هذا التصميم بقوله: "الحمد لله، لم يأتِ ذلك أبدًا. على جدول الأعمال "في الاجتماع الثنائي.

وبخصوص لقائه مع إيمانويك ماكرون، قال الرئيس أردوغان: "ركزت سويا على ما إذا كان بإمكاننا إجراء دراسة مشتركة حول ليبيا. قلنا إنه يمكننا فعل ذلك. سنواصل مناقشاتنا حول هذه المسألة أيضًا".

ولفت الكاتب إلى أنّه على الرغم من أنه لا يمكن اتخاذ خطوات ملموسة فيما يتعلق بـ حزب العمال الكردستاني، ووحدات حماية الشعب الكردية، ومنظومة صواريخ إس-400 وطائرات إف-35، يبدو أن هناك إرادة قوية لاتخاذ خطوات مشتركة مع أميركا وأوروبا، لذلك لم نكن تحت حصار الصليبيين...

وقال إنّ هذا يعني أن القوى الأجنبية لم تكن مسؤولة عن الأزمة الاقتصادية، وعن 128 مليار دولار تم بيعها لها، وكم من الفساد والمحسوبية والروائح الكريهة المنبعثة من محور العصابات والمافيا والسياسة.. وهذا يعني أنه يمكن الحفاظ على العلاقات الاقتصادية والسياسية العقلانية مع جميع البلدان بشرط أن تؤخذ المصالح المشتركة كأساس.

وختم الكاتب أوجاكتان مقاله بالقول: بغض النظر عما يقوله أي شخص، هذا بلد غريب. لا أعرف كيف أفهم كيف أن الصحفيين والأكاديميين والأشخاص المقربين من الحكومة يكرّرون بطريقة ببغائية مقولة "نحارب من أجل التحرير ضد القوى الإمبريالية"، يعرضون فجأة صورة أميركية ويتحولون إلى تصوير العلاقة في اتجاه "نمط الحب".

وفي سياق متّصل بسيادة القانون ومساعي المعارضة للحدّ من سياسات القمع الداخلية، رفضت المحكمة العليا في تركيا استئنافًا من قبل حزب المعارضة الرئيسي في البلاد ضد لائحة تسمح لمديرية الاتصالات الرئاسية بالوصول إلى جميع البيانات المتعلقة بالمواطنين والمنظمات في البلاد، حسبما أفاد موقع تي 24 الإخباري يوم الأربعاء.

وصوتت المحكمة الدستورية 10 مقابل خمسة ضد استئناف حزب الشعب الجمهوري، الذي ادعى أن الوصول إلى البيانات كان غير دستوري.

وبحسب اللائحة، فإن المديرية لديها حق الوصول إلى أي معلومات عن الأشخاص والمؤسسات، والتي تعتبرها "ضرورية"، حسبما أفاد الموقع.

ونقل موقع تي 24 عن زوهتو أرسلان، رئيس المحكمة الدستورية، قوله إن اللائحة تنتهك الدستور من حيث السلطة التي تمنحها، فضلاً عن محتواه. ووفقًا لأرسلان، فإن التعسف في ما تعتبره الرئاسة بيانات "ضرورية" يترك مجالًا لسوء استخدام السلطة.

وقال أرسلان: "يجب أن تكون هناك لوائح واضحة بشأن البيانات الشخصية، بما في ذلك جمعها، واستخدامها، والمدة التي يتم الاحتفاظ بها، والتحكم فيها، وكذلك الإشراف على ما إذا كان يتم استخدامها وفقًا للغرض منها".

يشار إلى أنّه في ظل نظام الحكومة الرئاسية التنفيذية في تركيا، الذي بدأ في عام 2018، تم إلحاق مديرية الاتصالات برئاسة رجب طيب أردوغان وتسيطر على سلطات واسعة النطاق على وسائل الإعلام في البلاد، بما في ذلك الإشراف على الإذاعة الوطنية تي آر تي، والهيئة العليا للإذاعة والتلفزيون.

عن "أحوال" تركية

الصفحة الرئيسية