تقارير دولية تُثبت تورط تركيا بدعم الإرهاب.. ما العواقب؟

تقارير دولية تُثبت تورط تركيا بدعم الإرهاب.. ما العواقب؟


11/02/2021

فتح تقرير صادر عن وزارة الخزانة الأمريكية، يثبت تورط النظام التركي بدعم وتمويل تنظيم داعش الإرهابي، الباب واسعاً أمام العقوبات التي تنتظر أردوغان وحكومته بسبب التمويلات المالية الضخمة التي قدمتها الحكومة التركية عبر مؤسسات رسمية وغير رسمية لتلك التنظيمات بما فيها جماعة الإخوان في مصر، وسط توقعات دولية بفرض عقوبات أمريكية وأوروبية على تركيا للحد من نشاطها المشبوه في رعاية الإرهاب.

تقرير لوزارة الخزانة الأمريكية يثبت تورط النظام التركي بدعم وتمويل تنظيم داعش

وأثار التقرير الذي صدر، مطلع الأسبوع الجاري، حالة من الجدل في الأوساط السياسية العالمية، لعل أهمها كان رد السياسيين الأتراك أنفسهم بالرفض القاطع لاستمرار الرئيس التركي بسياسات توريط البلاد إلى منزلق غير مسبوق وتدفع بها إلى مسارات مظلمة وعواقب خطيرة.

أردوغان ودعم الإرهاب.. الغضب يتصاعد

وعقّب برلمانيون وسياسيون أتراك على التقرير باعتباره "جرس إنذار" للتحرك سريعاً ضد استمرار أردوغان، الذي يعمل لصالح أجندة التنظيم الدولي للإخوان، دون مراعاة لمصلحة بلاده، وفي تصريحات صحفية أعقبت التقرير بساعات، حض البرلماني التركي السابق والمدير البارز لبرنامج تركيا في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" أيكان إردمير الإدارة الأمريكية الجديدة على التشدد مع أنقرة بسبب دعمها الإرهابيين.

وأفاد تقرير لوزارة الخزانة الأمريكية، نشر تفاصيله موقع "أحوال تركية"، بأنّ لدى تنظيم داعش الإرهابي احتياطيات نقدية في تركيا تقدر بنحو 100 مليون دولار.

وذكرت الخزانة الأمريكية، بحسب موقع "أحوال" المتخصص في الشؤون التركية، أنّ لدى داعش شبكات مالية يستطيع الوصول إليها بكل سهولة في تركيا بفضل النظام التركي المالي، الذي يغض الطرف عن كثير من عمليات تهريب الأموال التي تتم على أراضيه للوصول إلى عناصر التنظيم في سوريا بشكل خاص.

أفاد تقرير بأنّ لدى داعش احتياطيات نقدية في تركيا تقدر بنحو 100 مليون دولار

ويتلقى داعش تحويلات مالية من تركيا إلى عناصره في سوريا والعراق، حيث يشن هناك هجمات بين فينة وأخرى.

وفي وقت سابق من العام الماضي تحدثت تقارير صحفية عن نية وزارة الخارجية الأمريكية فرض عقوبات اقتصادية وعسكرية على تركيا بسبب دعم الأخيرة للإرهاب، وتمسكها بإيواء عناصر إرهابية شديدة الخطورة، فضلاً عن ضلوعها في تقديم الدعم اللوجيتسي لعناصر تنظيم داعش للفرار من السجون السورية وإعادة التمحور داخل حدودهم الجغرافية التقليدية في سوريا والعراق، غير أنّ الخارجية الأمريكية أعلنت نهاية العام الماضي فرض عقوبات محدودة على بعض الصناعات العسكرية في تركيا.

اقرأ أيضاً: هجرة الأدمغة التركية تتزايد في عهد أردوغان

وتشير التقارير إلى العدوان التركي على الشمال السوري باعتباره أحد أهم الأسباب التي أدت إلى عودة تنظيم داعش، بالتزامن مع تراجع الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد، لتنفيذ عمليات بشكل مكثف كان أبرزها استهداف مطار بغداد بعبوات مفخخة، قبل أسابيع، ما أسفر عنه سقوط العشرات بين قتلى وجرحي.

رعاية داعش منذ البداية

ووفقاً لصحيفة "أحوال" فإنه عندما شنّت الولايات المتحدة غارة على محافظة إدلب شمال غرب سوريا واغتالت زعيم داعش، أبو بكر البغدادي في تشرين الأول (أكتوبر) 2019، كتب منسق شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن القومي، بريت ماكغورك، مقالاً افتتاحياً لصحيفة "واشنطن بوست"، مشيراً إلى أنّ مخبأ البغدادي كان بالقرب من موقع عسكري تركي كبير، وشدد على أنّ على أنقرة تفسير ذلك.

من جهته، يتوقع الكاتب المصري ثروت الخرباوي، أن "يتخذ المجتمع الدولي خطوات أكثر حسماً تجاه تركيا خلال الفترة المقبلة، خاصة أنّ أردوغان بات يستخدم الإرهاب بأوجهه المختلفة كعصا للضغط على بعض الدول وإخضاعها للتعاطي مع مصالحه ودعمه، ولاسيما أن ذلك اتضح من خلال تزايد وتيرة الإرهاب داخل فرنسا وعدد من الدول الأوروبية، بالتزامن مع توترات بينها وبين أنقرة، وتصريحات حادة متبادلة بين رئيسي البلدين، وهو ما يمكن تفسيره بأنّ الإرهاب أصبح مجرد أداة بيد الرئيس التركي صنعها وطورها كما يجب والآن يستخدمها بما يتفق مع مصالحه".

الخرباوي: سياسة أردوغان اعتمدت تطويع التنظيمات الإرهابية في المنطقة للمساعدة بتنفيذ أهدافه ومصالحه

ويتابع الخرباوي، في حديثه لـ"حفريات"، أنّ "سياسة الرئيس التركي اعتمدت بشكل أساسي على تطويع التنظيمات الإرهابية في المنطقة للمساعدة في تنفيذ أهدافه ومصالحه، وقدم دعماً غير محدود لها، كان لجماعة الإخوان المصنفة إرهابية، نصيب الأسد منه، خاصة مع صعود التنظيم للحكم في العام 2012، ما يعني أنّ مصر أصبحت بوابة لخدمة الأجندة الخاصة بأردوغان وجماعته، لكن هذه الأحلام ما لبث أن تلاشت عقب ثورة 30 حزيران (يونيو) 2013، ولذلك تحولت قنوات الدعم والتمويل التركي إلى العمليات الإرهابية، التي نفذتها أذرع الإخوان المسلحة أو التنظيمات التي تحالفت معها عقب السقوط ومنها داعش والقاعدة".

الكاتب المصري ثروت الخرباوي

ويرى الخرباوي أنّ "الإرهاب في العالم يخضع لأجندة واحدة وكذلك أيدولوجيا واحدة، وإن كانت مصادر تمويله متعددة، لكن تركيا تأتي في مقدمة تلك المصادر لأنها لا تقدم دعماً مالياً فقط، ولكنها تمثل ملجأً لقيادات الإرهاب من مختلف بلدان العالم، كما تسمح بتدشين مئات المنظمات الاقتصادية على أراضيها تمثل مضخات مالية لتلك التنظيمات، وكذلك توفر البرامج التدريبة اللازمة لتأهيل الإرهابيين عسكرياً، وتدفع للمرتزقة لإغرائهم بالانضمام إلى تلك التنظيمات".

عقوبات تأخرت كثيراً

وحول العقوبات المرتقبة على تركيا في ضوء ثبوت رعايتها للإرهاب يقول الخرباوي، إنّ "الدول الأوروبية شرعت بالفعل في إجراءات لمعاقبة أردوغان، أهمها رفض انضمام بلاده قطعياً للاتحاد الأوروبي، ودراسة فرض عقوبات اقتصادية وعسكرية عليه داخل أروقة البرلمان الأوروبي، فضلاً عن تلويح بعض الدول الأوروبية بمقاطعة أنقرة"، مشيراً إلى أنّ "دعم الإرهاب يأتي في مقدمة الأسباب التي تدفع أوروبا وعدة دول إقليمية لمواجهة أردوغان، بالإضافة إلى الانتهاكات المتوالية التي يمارسها في مياه شرق المتوسط للتنقيب عن الغاز بشكل غير قانوني، والملف الأخطر هو توطين المرتزقة والتدخل في شؤون دول الجوار عسكرياً بالتحدي للشرعية الدولية، كما هو الحال في ليبيا وأذربيجان".

من جهته، يقول الكاتب الأمريكي مايكل روبين إنّه "بالنظر إلى تركيا ضمن أي إطار معقول ومنطقي يقيس الأنظمة المارقة، فإنّ تركيا ستكون نظاماً مارقاً، حتى إذا ما تجاهلنا احتلالها لشمال قبرص الذي دام 46 عاماً وممارستها لتطهير عرقي وسرقة علنية للموارد، بل لو تجاهلنا أيضاً ممارستها للتطهير العرقي بحق السكان الأكراد في تركيا، وصحيح أنّ العالم أدان بوجه حق الرئيس السوري بشار الأسد لاستهدافه المتعمد للأحياء المدنية في حلب، إلا أنّ الجيش التركي فعل الأمر ذاته في نصيبين وجزيرة ابن عمر وصور".

اقرأ أيضاً: برلماني تركي لـ"حفريات": سقوط أردوغان أصبح وشيكاً

ويؤكد روبين في مقال نشرته صحيفة "واشنطن إكزامينر" أنّ "سلوك تركيا تجاه تنظيم داعش يدخل حيز رعاية الإرهاب؛ إذ إنّ أردوغان لم يقم بتمكين التنظيم من خلال دعمه لوجستياً وإمداده بالسلاح وتوفير ملاذ آمن له فحسب، بل وفقاً لرسائل إلكترونية مسربة استفادت عائلته أيضاً من ذلك، كما أنّ العثور على زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي على بعد 3 أميال من الحدود التركية في منطقة تسيطر عليها القوات التركية كلياً ما هو إلا دليل على الازدواجية التركية، مثلما أوضح اكتشاف أسامة بن لادن في أبوت آباد الازدواجية الباكستانية".

اقرأ أيضاً: أردوغان العالق في دوامة أزمات 2021 يخطط لرؤية 2053!

وكشف روبين أنّ مقاتلي تنظيم داعش المتمرسين يتقاضون مرتبات من تركيا: "لقد أصبح تواطؤ تركيا أكثر وضوحاً منذ هزيمة تنظيم داعش الإرهابي، فبعدما منح المبعوث الأمريكي الخاص جيمس جيفري، وهو سفير سابق لدى تركيا، القوات التركية ووكلاءها الضوء الأخضر، غزت هذه القوات المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في سوريا، وبدأت فوراً بالتطهير العرقي بحق الأكراد، وقد خلص الجيش الأمريكي إلى أنّ تركيا تدعم بشكل نشط كثيراً من الميليشيات والجماعات الإسلاموية المتشددة المنخرطة في أنشطة إجرامية عنيفة".

ويرى الكاتب الأمريكي أنّ الإجراءات التي يجب أن تتخذها الولايات المتحدة مع تركيا قد تأخرت، برغم ثبوت دعم نظام أردوغان للإرهاب، بسبب وساطة بعض المسؤولين والدبلوماسيين ما تسبب في حرج للخارجية الأمريكية، يقول: "وفقاً لمسؤولين أمريكيين وموظفي وزارة الخارجية القدامى، بالإضافة إلى دبلوماسيين وقادة أجانب، فإنّ المبعوث الخاص جيمس جيفري، وخلف الكواليس، نائبه ريتشارد أوتزن، أثارا الدهشة باستمرار بسبب المناصرة لمواقف تركيا، والدفاع عن روايات إردوغان، وإنكار الأدلة التي تتناول المخالفات الإقليمية لتركيا، ولم ينتج عن ذلك مجرد نقاش سياسي قوي فحسب، بل أدى أيضاً إلى المس بمصداقية الولايات المتحدة بين أوساط دول أخرى في المنطقة".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية