تقرير يكشف طرق تهريب النفط الإيراني.. ما دور الحرس الثوري؟

تقرير يكشف طرق تهريب النفط الإيراني.. ما دور الحرس الثوري؟


04/01/2022

رغم العقوبات الأمريكية المفروضة على النفط الإيراني وعلى المتعاونين في تهريبه في الكثير من الدول، إلّا أنّ عمليات التهريب مستمرة عبر شبكات دولية وسماسرة يحاولون حصد الملايين من تجارة الوقود الذي يحصلون عليه بسعر منخفض من النظام الإيراني.

وحول الموضوع کتبت صحيفة "واشنطن بوست"، في إشارة إلى سلسلة كبيرة لتهريب الوقود من إيران، نقلاً عن خبراء سوق النفط والبحارة، أنّ أفراداً من الحكومة الإيرانية والحرس الثوري إضافة إلى عدد من الشركات المسجلة في دول الخليج يلعبون دوراً رئيسيّاً في تهريب الوقود الإيراني إلى الصومال واليمن والصين ودول أخرى.

اقرأ أيضاً: شركات يمنية ومصارف متورطة في تهريب النفط الإيراني وغسل الأموال لحساب الحوثيين

ويذکر التقرير، نقلاً عن البحارة الذين شهدوا تهريب الوقود الإيراني، طرقاً مختلفة لبيعه، بما في ذلك التحميل الليلي والخفي في المياه الدولية الخليجية وبحر عُمان، وتحميل الوقود من سفينة إلى أخرى عن طريق إيقاف نظام الكشف الآلي لتفادي التعقّب، وتهريب الوقود بإصدار مستندات مزورة لنقطة انطلاق الشحنات.

وفي هذا التقرير، قال عدد من البحارة الذين هم على دراية بأساليب تهريب الوقود الإيراني: إنّ معظم البحارة يفضلون التزام الصمت حيال الأمر.

ومع ذلك، وفقاً للبحارة الذين عملوا على متن سفن أو شركات متورطة في تهريب الوقود الإيراني، فقد تكثفت أعمال إيران غير القانونية في هذا المجال منذ عام 2018، بعد انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي، وإعادة فرض العقوبات النفطية على إيران.

 

أفراد من الحكومة الإيرانية والحرس الثوري وعدد من الشركات المسجلة في دول الخليج يلعبون دوراً رئيسيّاً في تهريب الوقود الإيراني إلى الصومال واليمن والصين

 

وبحسب ما أفاد به بحّارة شهدوا عمليات تهريب الوقود الإيراني، فإنّ ناقلات الوقود كانت ترسو خارج المياه الإقليمية لدول خليجية، وكانت قوارب صغيرة تنقل الوقود الإيراني إليها ليلاً في الخفاء.

وقال بحّار هندي يعمل لدى شركة تقوم بتهريب الوقود الإيراني إلى الصومال: قد تستغرق عملية نقل الوقود الإيراني المهرّب من القوارب الصغيرة إلى الناقلات من (4 إلى 5) أيام.

اقرأ أيضاً: تحذيرات جديدة من تسرب النفط في سفينة "صافر" بالبحر الأحمر.. وهذه الدول مهدّدة

وقال شاهد آخر على تهريب الوقود الإيراني: إنّ الناقلات تغلق نظام الكشف الآلي عند تحميل الوقود المهرَّب حتى لا يتم تعقبها، فإذا وصل خفر السواحل لدول خليجية أثناء النقل، يوقفون العملية ويهربون.

وجاء في تقرير صحيفة "واشنطن بوست"، نقلاً عن خبراء سوق النفط والبحارة، أنّ للحرس الثوري الإيراني ولعدد من الشركات المسجلة في الدول الخليجية دوراً رئيسيّاً في تهريب الوقود من إيران إلى الصومال واليمن والصين ودول أخرى.

طرق مختلفة لبيع النفط الإيراني؛ منها التحميل الليلي والخفي في المياه الدولية، وإيقاف نظام الكشف الآلي لتفادي التعقّب، وإصدار مستندات مزوّرة لنقطة انطلاق الشحنات

وذکرت صحيفة "واشنطن بوست" نقلاً عن بحارة وشهود، أنّه بالإضافة إلى تهريب الوقود الإيراني في البحر ليلاً، فإنّ هناك طريقة تهريب أخرى، حيث كانت ناقلات الديزل تنطلق من إيران، لكن يتم إصدار مستندات مزورة لنقطة انطلاقها، للتظاهر بأنّها قادمة من العراق أو الإمارات العربية المتحدة.

وجاء في جزء من تقرير "واشنطن بوست" أنّ قوات الحرس الثوري تصعد إلى السفن التجارية وناقلات النفط، وتقوم بالضرب والتعذيب وتلقي الأموال والرشاوى.

 

بحّار هندي: عمليات التهريب لا تتم إلا بإذن من الحرس الثوري، ويحتجز السفن أو يختطفها عندما تسعى شركات لتهريب المنتجات البترولية دون إذن منه

 

آخر تلك الاختراقات حدث الصيف الماضي، حين صعدت قوات من الحرس الثوري إلى سفينة "أسفلت برينسيس" المتورطة في تهريب النفط الإيراني إلى عمان والصين، وضربت وكبّلت طاقم السفينة ودمرت معداتها.

وفي السياق نفسه، كشف البحّار الهندي "ديباك فيرما" أنّ عمليات التهريب لا تتم إلا بإذن من الحرس الثوري تحت طائلة الاعتداء والتهديد بالقتل، وأنّه يحتجز السفن أو يختطفها عندما تسعى شركات الشحن لتهريب المنتجات البترولية دون إذن منه.

اقرأ أيضاً: وصول النفط الإيراني إلى لبنان... ما آلية التوزيع التي وضعها حزب الله؟

واعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" أنّ جزءاً من تصرفات الحرس الثوري ناتج عن النزاعات الداخلية مع الشركات المتورطة في تهريب الوقود الإيراني.

 

مساعد وزير النفط الإيراني للشؤون الدولية والتجارية يكشف أنّ وفداً إيرانياً يبحث في سوريا عمليات جديدة لتسويق وتهريب النفط

 

ونقل التقرير عن بحّار عمل على سفينة تعمل بتهريب الديزل إلى اليمن من 2017 إلى 2020، أنّ قبطان سفينته دفع رشاوى بقيمة (10) آلاف دولار للحرس الثوري.

وقال: إنّ القبطان لهذا السبب کان يحتفظ عادة بما يصل إلى (50) ألف دولار نقداً على متن السفينة.

وفي سياق متصل، فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على شركة مسجلة في ليبيريا ساعدت فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في بيع النفط.

يشار إلى أنّ شركة "برتوري" المسجلة في ليبيريا، التي تتخذ من دبي مقرّاً لها، كانت قد خضعت لما يُسمّى عقوبات "إس دي إن"، وفق ما نقلت وكالة "رويترز".

وهذه الشركة مملوكة لمحمود رشيد عمر الحبسي، وهو عُماني الجنسية، وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد أدرجت في السابق هذا الوكيل في قائمة العقوبات كونه واحداً من عدة أفراد وكيانات متورّطة في "شبكة تهريب نفط دولية".

 

قبطان سفينة دفع رشاوى بقيمة (10) آلاف دولار للحرس الثوري لضمان عدم الاعتداء على البحارة والسماح لسفينته بالمرور

 

وقد أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية أنّ الحبسي، بالتعاون مع الحرس الثوري، يبيع النفط الإيراني ويرسله إلى عملاء أجانب عبر شركاته.

وبحسب ما أعلنته الولايات المتحدة، فإنّ شركات مرتبطة بالحبسي، بالتعاون مع مسؤولي فيلق القدس بالحرس الثوري، بمن فيهم وزير الطرق والتنمية العمرانية الحالي رستم قاسمي، توسّطت في بيع النفط الإيراني.

يشار إلى أنّ العديد من الشركات المسجلة في ليبيريا تعرضت، حتى الآن، لعقوبات أمريكية مختلفة تتعلق بإيران وفنزويلا وقانون "ماغنيستكي".

هذا، وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد فرضت في آب (أغسطس) الماضي عقوبات على شبكة تضم سماسرة لبيع النفط الإيراني.

وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية آنذاك، في بيان نشرته "وول ستريت جورنال"، أنّها أدرجت في قائمة عقوباتها أسماء عدد من الأفراد والمؤسسات المرتبطة بـ "شبكة تهريب نفط دولية" تدعم فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.

اقرأ أيضاً: اتهامات بتورطه في الهجوم على ناقلات النفط.. من هو أمير علي حاجي زاده؟

وطالت العقوبات الأمريكية محمود رشيد عمر الحبسي، العميل العُماني وشركته "نيمر إنترناشيونال" التي يديرها، إلى جانب شركة أخرى تابعة لها تنشط في رومانيا، كما شملت العقوبات الأمريكية شركة "أوربيت" لتجارة البتروكيماويات في عُمان، وشركة "بريوري" للملاحة في الإمارات، إضافة إلى ناقلة "عمان برايد" التي ترفع العلم الليبيري  وتعمل في نقل النفط الإيراني.

وأدرجت أمريكا على قائمة عقوباتها أيضاً مواطنين كوبيين إلى جانب شركة نفط في هذا البلد على صلة بشبكة مهرّبي النفط الإيراني.

ورغم العقوبات، فإنّ إيران لا تتوقف عن استحداث طرق للتهريب وعقد الاتفاقيات المشبوهة، فقد بحث وفد إيراني عمليات جديدة لتسويق وتهريب النفط عبر سوريا.

وأكد مساعد وزير النفط الإيراني للشؤون الدولية والتجارية أحمد أسد زاده إيفاد وفد إلى سوريا أخيراً، بهدف تدارس آفاق جديدة للتعاون المشترك وإعداد تقرير بهذا الشأن.

ونقلت وكالة "فارس" الإيرانية عن زادة القول: إنّ لدى الوزارة برنامجاً للتعاون المشترك مع سوريا، ودول محور المقاومة، في قطاع الوقود.

 

وزارة الخزانة الأمريكية تفرض عقوبات على شركة مسجلة في ليبيريا مملوكة للعُماني محمود رشيد عمر الحبسي ساعدت فيلق القدس في  بيع النفط

 

أمّا بما يتعلق بالصين، فرغم إنكار السلطات الاتهامات المتعلقة باستيراد النفط الإيراني بشكل مباشر منذ بداية هذا العام، إلّا أنّ التقارير الدولية تشير إلى أنّ صادرات النفط الإيراني إلى الصين تضاعفت تقريباً منذ بداية العام الجاري، ووصلت إلى (650) ألف برميل يومياً، وذلك عن طريق السماسرة، وتحت أسماء نفط العراق والإمارات وعُمان وإندونيسيا وماليزيا.

وكانت وكالة أنباء "رويترز" وصحيفة "وول ستريت جورنال" قد ذكرتا مؤخراً أنّ الولايات المتحدة تعتزم فرض عقوبات على شبكة وسيطة لبيع النفط الإيراني إلى الصين، ومنع صادرات النفط الإيرانية.

ويحاول المجتمع الدولي بكلّ الطرق منع تهريب النفط الإيراني، لكنّ الشركات الباحثة عن المكاسب الكبيرة ترى أنّ تلك الملايين تستحق المغامرة، وأنّها قادرة على الالتفاف على العقوبات عن طريق تسجيل شركات بأسماء ودول أخرى.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية