جزءٌ من أمريكا أعلن الحرب: عاصفة تلوح فوق الجمهوريّة 

جزءٌ من أمريكا أعلن الحرب: عاصفة تلوح فوق الجمهوريّة 


كاتب ومترجم جزائري
07/04/2021

ترجمة: مدني قصري 

تحدّثت وسائل الإعلام الأمريكية الرئيسة عن هجوم على "قلعة الديمقراطية"، وإشارة إلى "إرادة قلب الجمهورية"؛ وُصِف مؤيدو ترامب، ككل، بأنّهم أشخاص خطيرون، تمّ بالفعل وصف تحدّي ترامب لنتيجة انتخابات 3 تشرين الثاني (نوفمبر)، على مدى أسابيع، على أنّه محاولة لعكس نتيجة انتخابات صحيحة تماماً، ونابعة عن "كذبة كبيرة"، ووُصف الحادث بأنّه "تحويل الولايات المتحدة إلى منطقة حرب".

في 8 كانون الثاني (يناير)؛ بدأت رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، بعد أن طلبت من الرئيس ترامب التنحّي "فوراً وطوعياً" قبل تنصيب الرئيس المنتخب بايدن، إجراءات عزله ضدّه، وألمحت إلى أنّ ترامب غير كفء عقلياً، وأعلنت أنّها تحدّثت إلى رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال مارك ميلي، "لمناقشة التدابير الاحترازية المتاحة لمنع رئيس غير مستقر من شنّ أعمال عدائية عسكرية، أو وصوله إلى رموز (مفاتيح) استخدام الأسلحة النووية"، وقد وُصِف طلبُها، الذي كسر التسلسل القيادي، بأنّه مثير للفتنة. في 13 كانون الثاني (يناير)، في انتهاك للإجراءات القانونية الواجبة، أصدر مجلس النواب على عجل مادة مساءلة تتّهم الرئيس ترامب بـ "التحريض على التمرّد".

عاصفة تلوح في الأفق الآن فوق الولايات المتحدة، الأشهر المقبلة ستكشف ما إذا كانت الحركة الوطنية الموصوفة على هذا النحو، ستُبدّد هذه العاصفة

أثناء تنصيبه، في 20 كانون الثاني ( يناير)، وبينما كان يتحدّث عن "الوحدة"، كرّر جو بايدن الكلمات، التي قالها في 7 كانون الثاني (يناير)، وتحدّث عن "تصاعد التطرف السياسي، والهيمنة العرقية البيضاء، والإرهاب الداخلي الذي يجب أن نواجهه، والذي سنتغلب عليه".

منذ ذلك الحين، شنّت إدارة بايدن معركة ضدّ من أطلق عليهم جو بايدن ذلك الوصف، وسرعان ما جاء في بيان للبيت الأبيض؛ أنّ "الرئيس بايدن سيستخدم مجلس الأمن القومي لتعقّب ومكافحة التطرّف السياسيّ والإرهاب الداخلي".

الأجواء في الولايات المتحدة سامّة

ما تزال الأجواء في الولايات المتحدة جدّ سامّة، فلدى البعض رغبة في إقناع الناس بتبني رواية كاذبة مفادها أنّ ترامب لا يمثل "تهديدًا للديمقراطية" فحسب، لكنّ الـ 74 مليون أمريكي الذين صوّتوا لصالحه يشكلون تهديداً لأمريكا أيضاً، ويقول آخرون إنّ التهديد الحقيقي للديمقراطية يكمن في الأكاذيب المستمرة، وفي انتهاكات الدستور، وفي تزوير المعلومات والحقائق.

ما تزال الإجراءات ضدّ ما يسمى بـ "التطرف الداخلي" و"الإرهاب الداخلي"، أي الــ 74 مليون شخص الذين يدعمون ترامب، مستمرة، ويواجه أولئك الذين يوصفون بأنّهم "متطرفون" و"إرهابيون" تهديدات مستمرة، لقد تلقّى محامو دفاع ترامب تهديدات.

 مايكل فان دير فين، على سبيل المثال، قال إنّه اضطر إلى توظيف حرّاس شخصيين مسلحين، وإرسال عائلته إلى مكان مجهول. وقد تعرّض منزله للتخريب.

يبدو أنّ الحق في الطعن والنقد، وهو جزء لا يتجزأ من حرية التعبير التي يكفلها التعديل الأول، قد أصبح مهدّداً بخطر حقيقي، كما يبدو أنّ الحقّ في الدفاع عن النفس ضدّ الاتهامات قد أصبح مهدداً أيضاً، وأنّ ممارسة مهنة المحاماة قد تصبح خطيرة أيضاً.

الدعوات إلى التطهير السياسي مستمرة. لقد شنّت منظمة "MoveOn.org" اليسارية حملة ضدّ ما تسميه "كتلة الخيانة"، وتطالب أعضاء مجلس الشيوخ، الذين وصفتهم بأنّهم "متواطئون في التمرّد القاتل الذي أطلقه ترامب"، بطردهم من الكونغرس. رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، أعلنت، في محاولة منها، على ما يبدو، لإنشاء معادلة بين 11 أيلول (سبتمبر) 2001، وهو أسوأ هجوم إرهابي عانت منه الولايات المتحدة، وبين أحداث 6 كانون الثاني (يناير)، وكذلك على ما يبدو الحثّ على قمع حرية التعبير، أنّ الكونغرس سيشكل لجنة مماثلة لتلك التي تمّ إنشاؤها بشأن هجوم 11 أيلول (سبتمبر).

وتساءل عضو اللجنة الوطنية الديمقراطية، ديفيد.أُو. أتكينز، "كيف من الممكن إعادة برمجة 75 مليون شخص؟ من أين نبدأ؟"، و"علينا أن نبدأ في التفكير فيما حدث في ألمانيا أو اليابان بعد الحرب العالمية".

وقال الرئيس جو بايدن؛ إنّ "دعاة التفوّق العرقيّ البيض هم أكبر تهديد إرهابيّ محلّي في الولايات المتحدة، المشكلة معقدّة وواسعة وحقيقية".

وصف الصحفي كايل دالي، في مقال بعنوان "كيفية إعادة برمجة عقول المتطرفين الأمريكيين"، إجراء يعتقد أنّه "يمكن أن يُحدث فرقاً: منعُ المتطرفين من دخول المؤسسات حيث يمكن أن يتسبّبوا بأكبر قدر من الضرر، الجيش والشرطة والسلطات التشريعية، أمريكا في حاجة إلى خطّة مارشال ضدّ التطرف الداخلي".

اقرأ أيضاً: التطرف وباء يهدد ديمقراطيات العالم... الولايات المتحدة نموذجاً

لقد أصبح التعبير عن الشكوك حول انتخابات 3 تشرين الثاني (نوفمبر) شبه مستحيل الآن، ومع ذلك، تُظهِر التقارير الموثقة جيداً أنّها لم تكن خالية من العيوب، في هذا الشأن كتب الخبير الاقتصادي الأمريكي، بيتر نافارو (Navarro)، بشكل خاص، ثلاثة تحليلات دقيقة حول ما حدث: "الخداع الطاهر"، و"فنّ السرقة"، و"تقرير نافارو". لقد  وُصِفت هذه التحليلات بأنّها سخيفة ومشكوك فيها وفاقدة  للمصداقية، وبكيفية تعسفية لا شكّ فيها.

التاريخ السرّي لحملة الأشباح

في مقال مطوّل نشرته مجلة "تايم" (Time Magazine)، بعنوان "التاريخ السرّي لحملة الأشباح التي أنقذت انتخابات 2020"، توضّح مولي بول، المراسلة السياسية الوطنية للنشرة، بالتفصيل؛ أنّ زمرة مشبوهة قوية، مموَّلة تمويلاً جيداً، ومؤلفة من أشخاص أقوياء، قادمين من قطاعات ومن تيارات فكرية مختلفة، وتعمل معاً وراء الكواليس للتأثير في التصورات، وفي تغيير القواعد والقوانين، وفي توجيه التغطية الإعلامية المباشرة، والتحكّم في تدفّق المعلومات "قد تصرفت في هذا الاتجاه"، وأضافت مولي بول أنّ "عمل هذه الزمرة المشبوهة أثّر في جميع جوانب الانتخابات"، بما في ذلك قوانين الانتخابات، وشكَل ائتلافاً قانونياً نجح في تغيير القوانين والأنظمة الانتخابية".

وتضيف بُول؛ أنّ المنظمات التي دمّرت المدن الأمريكية الكبرى خلال الصيف كانت تستخدَم من قبل هذه الزمرة: "لقد كان اليسار في الواقع يسيطر على أنشطة مجموعات مثل أنتيفا "Antifa"، وحياة السود مهمّة "Black Lives Matter"". في مقال آخر، كتبت أنّ ما تمّ فعله هو "إنقاذ الديمقراطية"، وقالت إنّ استخدام وسائل غير ديمقراطية لتشويه انتخابات ديمقراطية "ينقذ" الديمقراطية.

يبدو أنّ انجرافاً مقلقاً بدأ يُبعد الولايات المتحدة عن المؤسسات التي جعلتها جمهورية، وعمّا يمكن أن نتوقعه من ديمقراطية جديرة بهذا الاسم، يصف بعض المحللين ما يحدث بأنّه "انزلاق نحو الاستبداد"، وأشاروا إلى أنّ العديد من الأمريكيين، بينما يتصرّفون هم أنفسهم بطريقة استبدادية بشكل متزايد، يتّهمون خصومَهم بالتصرّف بطريقة استبدادية، بالتالي، يلومون خصومهم على ما هم أنفسهم مذنبون به.

إعصار تبادل النيران

جرى تنفيذ عملياتُ لتدمير وإنكار شرعية رئاسة ترامب، وقد بدأت حتى قبل انتخابه، مثل عملية "Crossfire Hurricane" (إعصار تبادل النيران)، وانتهاكات استخدام قانون "FISA" ( قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية)، بعد تسع عشرة دقيقة من تنصيبه، نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالاً بعنوان "بدأت حملة عزل الرئيس ترامب".

لأكثر من ثلاث سنوات؛ اتُّهِم ترامب، دون أيّ دليل، باستثناء "ملفّ" مزيّف، بأنّه عميل روسي، وقد اتّضح أنّ التهم لا أساس لها من الصحة، لكن ليس قبل أن يتمّ إنفاق 32 مليون دولار من دولارات دافعي الضرائب الأمريكيين، للقيام بما كان المدّعون في النيابة العامة يعلمون طوال الوقت أنّها عملية مغشوشة، لقد عمل المدّعون العامّون المعنيوّن على محاصرة الأبرياء وتجريمهم وإرسالهم إلى السجون، فما فعلوه كان محاولة انقلاب.

طوال فترة ولايته، واجه ترامب تهديدات لا هوادة فيها، وإساءة استخدام السلطة وهجمات متواصلة، على الرّغم من أنّه لم يعد الآن رئيساً، إلا أنّ الحرب التي تشنّ عليه مستمرة.

نشر ألينسكي قواعد الراديكاليين، وهو كتاب يصف كيف يستطيع المتطرفون الاستيلاء على السلطة، وقال "اتهام أعدائك بما أنت مذنب به يمكن أن يكون فعّالاً للغاية"

لقد توقف جزء كبير من وسائل الإعلام الأمريكية الرئيسة عن أن يكون جزءاً من وسائل الإعلام الإخبارية، بل تحوّلت إلى هيئات متشدّدة مناهضة لترامب، وقد أدّى انتشار الأخبار المزيفة إلى فوز "نيويورك تايمز"، و"واشنطن بوست" بجائزة "بوليتزر".

عندما اندلعت أعمال شغب مدمرة في صيف 2020، وتحدّث ترامب عن استخدام الجيش لاستعادة النظام وحماية الممتلكات والناس، قارنه خصومه السياسيون بهتلر وجوبلز، وثارت ثائرتُهم ودافعوا عن المشاغبين، قائلين إنّهم "محتجون سلميون" ينشطون باسم مظالم مشروعة. يبدو أنّ هؤلاء الناس نسوا أنّ قانون التمرّد الذي استند إليه ترامب قد تم استخدامه بالفعل من قِبل رؤساء آخرين، مثل جورج إتش دبليو بوش، عام 1992، الذي استجاب لطلب المساعدة من حاكم كاليفورنيا بِيتْ ويلسون في مواجهة أعمال الشغب في لوس أنجلوس.

اقرأ أيضاً: فرنسا العلمانية أمام تحدي التطرف و"الانعزالية الإسلامية"

قبل عدة أشهر من انتخابات 2020 توقّع خصوم ترامب السياسيون، بشكل غريب، هزيمته واتهموه، مسبقاً، ومرة ​​أخرى، دون أيّ دليل، بالاستعداد لخرق القانون. 

نانسي بيلوسي، التي أشارت إلى أنّ ترامب لن يغادر البيت الأبيض، ألمحت إلى أنّه سيكون من الضروري اللجوء إلى "التطهير"، وتوقّع جو بايدن أنّ الجيش سوف يتدخل، وقال: "أنا مقتنع تماماً بأنّهم سيشيّعونه بسرعة إلى خارج البيت الأبيض".

لم ينجح الحزب الشيوعي الأمريكي أبداً في اكتساب نفوذ سياسي واسع، يبدو أنّه اكتسب قوة دفْعٍ بعد الحرب العالمية الثانية، لكن تمّ سحق هذه القوة في الخمسينيات من القرن الماضي، بعد أن تمّ اكتشاف أنّ بعض أعضائها قد تجسّسوا على البلاد لصالح الاتحاد السوفيتي.

في الستينيات، تشكل تيارٌ سياسي ولجأ إلى إستراتيجية حدّدها الناشط الألماني، رودي دوتشكي، تلميذ الماركسي الإيطالي أنطونيو غرامشي، كـ "مسيرة طويلة عبر المؤسسات"، فكما كتب كاتب المقالات، روجر كيمبال، فقد استحوذ هذا الاتجاه تدريجياً على قطاع العلوم الإنسانية في الجامعات، ثم انتشر في جميع أنحاء نظام التعليم، والقطاع الثقافي، ووسائل الإعلام السائدة، ثم المجال السياسي. 

"التسامح القمعي"

اِستلهم أفكاره من كتابات الفيلسوف هربرت ماركوز، الذي تحدّث عن الحاجة إلى "الرفض الكبير"، و"الاحتجاج على ما هو موجود"، اقترح ماركوز ممارسة ما أسماه "التسامح القمعي"، والذي يتكوّن من "عدم التسامح مع الحركات اليمينية"، والتي يتمّ تنفيذها إلى أن يتمّ تحويل هذه الحركات إلى عدم، وأضاف ماركوز أنّه يجب استخدام "قوى الأقليات غير المندمجة".

كان هذا التيار مستوحًى أيضاً من كتابات المفكرين الرئيسين، لِما يسمّى في الولايات المتحدة بـ "النظرية الفرنسية": جاك دريدا وميشيل فوكو، تحدّث دريدا عن "التفكيك"، لا سيما عن تفكيك فكرة الحقيقة. عرّف فوكو هياكل السلطة القائمة على أنّها أشكال من الاضطهاد التي  يجب إلغاؤها.

كانت الأساليب المستخدمة هي تلك التي استخدمها المُنظِّر السياسي، شاول ألينسكي، الذي أوصى بأن يصبح المتطرفون "منظِّمِي مجتمع"، وأضاف أنّ "وظيفة منظّم المجتمع هي المناورة واستدراج الناس إلى السلطة"، ونشر ألينسكي، عام 1971، قواعد الراديكاليين، وهو كتاب يصف كيف يستطيع المتطرفون الاستيلاء على السلطة باستخدام ثلاث عشرة قاعدة، وقال "اتهام أعدائك بما أنت مذنب به يمكن أن يكون فعّالاً للغاية".

نشر هذا التيار الذي عمل باتجاه نشر "الرفض الكبير" الذي حدّده ماركوز، أفكارَ "النظرية الفرنسية"، واستخدم أساليب شاول ألينسكي، ولجأ إلى "التسامح القمعي" لتقويض المؤسسات من الداخل والقضاء على فكرة الحقيقة، أصبح بعض أتباعه "منظمين مجتمعيّين"، وعملوا على إلغاء هياكل السلطة، واتهموا أعداءهم بفعل ما كانوا هم يفعلونه.

اقرأ أيضاً: الإرهاب العالمي وصراع الضلالات.. كيف تساهم المؤسسية في تغذية التطرف والكراهية؟

عمِل الرئيس باراك أوباما، قبل دخوله عالم السياسة، كـ "منظّم مجتمعيّ" في شيكاغو، قبل فترة وجيزة من انتخابه رئيساً، عام 2008، قال: "نحن على بُعد خمسة أيام من التحول الأساسي للولايات المتحدة الأمريكية"، لكنّه لم يقل في ماذا سيتمثّل ذلك التحوّل.

"تجفيف المستنقع"

قبل انتخابه، وعد الرئيس ترامب بـ "تجفيف المستنقع"، الذي كان يحتاج بالفعل إلى تجفيف، وقد عدّه سكانُ المستنقع تهديداً لخططهم. أصبح إسقاطُ ترامب بأيّ ثمن واستعادة السلطة أمراً ضرورياً بالنسبة إليهم، لقد استخدموا كلّ الوسائل المتاحة لهم، وحقّقوا هدفهم.

في الأسابيع القليلة الأولى من رئاسته، وقّع بايدن سلسلة من الأوامر التنفيذية، بعضها ينتهك الدستور ووثيقة الحقوق، والتي أدّت إلى تعطيل آلاف الأشخاص عن العمل، وساعدت روسيا والصين، لم تتمّ استشارة مجلسَي النواب والشيوخ.

تمّ وصفُ 74 مليون أمريكي ملتزم بالقانون، على أنّهم إرهابيون وعنصريون يحتاجون إلى "إعادة تثقيفهم"، ومن الواضح أنّ التسامح مع الأفكار المختلفة بدأ يختفي، يتمّ إطلاق نداءات لإغلاق القنوات التلفزيونية التي تقدّم نسخة مختلفة من "الحقيقة".

تمّت الموافقة على مشروع القانون الأول المقدَّم إلى مجلس النواب لعام 2021، "HR1"، أو القانون "من أجل الشعب"، من قبل مجلس النواب، في 5 آذار (مارس)، وقد أشار المحامي ج.كريستيان آدامز، رئيس مؤسسة المصلحة العامة القانونية ومؤسس مركز قانون الانتخابات، قائلاً:

"يضمّ "HR1" في مشروع قانونٍ مؤلَّفٍ من 791 صفحة جميعَ الأفكار السيئة حول تنظيم الانتخابات التي جعلت انتخابات 2020 كارثة، ويتضمّن جميع "أكبر النجاحات" لعام 2020: الإرسال المكثف لبطاقات اقتراع عن طريق البريد، وقبول بطاقات الاقتراع عن طريق المراسلة، التي تمّ استلامها دون ختم البريد، وقبول بطاقات الاقتراع المتأخرة، وإمكانية التصويت في الدوائر الانتخابية التي لا يقيم فيها الناخب".

إذا أصبح مشروع قانون "HR1" قانون البلاد، فإنّ الممارسات التي جعلت انتخابات 2020 كارثة، سيتمّ تقنينها: من بين أمور أخرى، الإغراق الهائل لملايين بطاقات الاقتراع غير المرغوب فيها في ولايات عديدة، وعدم التحقّق من التوقيعات على السجلات، وعدم إمكانية تتبع أوراق الاقتراع، وتسجيل الناخبين في القوائم الانتخابية في يوم الانتخابات، وتحصيل بطاقات الاقتراع البريدية في منازل الناخبين، وكثير من هذه الممارسات معرَّضة للتزوير. وفق تقرير صدر عام 2005، أعدّته اللجنة الفيدرالية للإصلاح الانتخابي، برئاسة الرئيس السابق، جيمي كارتر، ووزير الخارجية الأسبق، جيمس بيكر، فإنّ الاقتراع البريدي "يظلّ المصدر الرئيس لاحتمال تزوير الانتخابات"، فإذا تمّ تمرير مشروع القانون "H.R.1"، فسيتمّ نقشُ طرق تقويض نزاهة الانتخابات على المرمر.

اقرأ أيضاً: أردوغان وإنتاج التطرف

قدّم الرئيس بايدن مشروع قانون إصلاح الهجرة، تمّ وصف هذا المشروع بأنّه وسيلة للسماح للأجانب بعبور الحدود الأمريكية بشكل غير قانوني، وإضفاء الشرعية على وجودهم، ومنحهم حقّ الحصول على الجنسية، وكوسيلة تهدف إلى محاولة إنشاء أغلبية أحادية دائمة، فإذا تمّ تمرير مشروع القانون هذا، فإنّه يمكن، كما قال مستشار الرئيس ترامب السابق، ستيفن ميلر، أن يؤدّي إلى "محو جوهر الأمة الأمريكية بشكل أساسي".

كان ضمن قرارات بايدن الأولى حلّ لجنة 1776، التي تمّ إنشاؤها من قبل الرئيس السابق من أجل "العودة إلى الأفكار التأسيسية المنصوص عليها في إعلان الاستقلال"، وكانت هذه اللجنة ردّاً على المشروع 1619 (مشروع أنشأته مجلة "New York Times"، في 2019، لمراجعة إرث العبودية في الولايات المتحدة، وهو مبرمج للذكرى 400 لوصول أول أفارقة إلى فرجينيا)، الذي يصف الولايات المتحدة بصفتها قائمة على العبودية، "عنصرية بنيوياً"، بالتالي غير شرعية، وهو المشروع الذي تعرّض لانتقادات من قبل مؤرخين بارزين، بسبب عدم احترامه المطلق للحقائق الأساسية، وعلى الرغم من أنّه تشويهٌ للتاريخ، ويتجاهل تماماً ما فعلته أمريكا إيجابياً، إلا أنّه يتمّ تدريسه الآن للأطفال في المدارس العامة، بالتالي، يُعلّمهم كيف يكرهون بلادهم.

يمكن تدمير الحضارة في جيل واحد

قال الكاتب دينيس براجر العام الماضي:

"يمكن تدمير الحضارة في جيل واحد، كانت ألمانيا الدولة الأكثر تقدماً في أوروبا من حيث الفنّ والثقافة، ويتساءل الناس كيف استطاعت الدولة التي أعطتنا بيتهوفن وباخ وشيلر وهاين، أن تمنحنا أوشفيتز (معسكر أوشفيتز للاعتقال والإبادة)؟ سؤال شائع؛ إنّه ليس سؤالاً يتمّ طرحه في الكليات اليوم؛ لأنّ أولئك الموجودين هناك لم يسمعوا قط عن بيتهوفن أو باخ أو شيلر أو هاينه أو أوشفيتز. ومع ذلك؛ فإنّ الذين سمعوا به يطرحون السؤال، والإجابة هي ما حدث يمكن أن يحدث في أيّ مكان، نحن نشهد تدمير الحرية في أمريكا خلال جيل، في هذه الحالة، من قبل أولئك الذين يسمّون أنفسهم تقدميّين".

بعد المؤتمر الدستوري لعام 1787؛ سألت السيدة باول من فيلادلفيا بنجامين فرانكلين، "حسناً، دكتور، ماذا لدينا الآن، جمهورية أم مَلكية؟"، فأجابها فرانكلين: "جمهورية، إذا كنتم تستطيعون الحفاظ عليها".

كتب المؤلف الأمريكي، ديفيد هورويتز، مؤخراً: "أعلن جزءٌ من أمريكا الحرب ويعتزم تدمير المجتمع الأكثر تسامحاً وشمولاً ومساواة على الإطلاق". وأضاف: "الأخبار السارة هي أنّ حركة وطنية قد نشأت، وتعود مرة أخرى إلى فكرة أنّ جميع الناس خلِقوا متساوين، ويتمتعون بالحقوق الإلهية في الحياة والدين، والحرية، ومستعدون للدفاع عنها".

عاصفة تلوح في الأفق الآن فوق الولايات المتحدة، الأشهر المقبلة ستكشف ما إذا كانت الحركة الوطنية الموصوفة على هذا النحو، ستُبدّد هذه العاصفة.

مصدر الترجمة عن الفرنسية

fr.gatestoneinstitute.org



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية