جماعة الدعوة والإصلاح ذراع إيران الإخوانية في المنطقة

جماعة الدعوة والإصلاح ذراع إيران الإخوانية في المنطقة


17/11/2021

تلعب إيران عدة أدوار مشبوهة، من أجل تمرير أجندتها في المنطقة العربية، عن طريق الضغط العسكري تارة، باستخدام أجنحتها المسلحة، مثل حزب الله في لبنان، والحشد الشعبي في العراق، وجماعة الحوثي في اليمن، أو عن طريق الأذرع الإخوانيّة في المنطقة، عبر توظيف جماعة الدعوة والإصلاح الإخوانيّة في طهران، كرأّس حربة لتنسيق الأدوار وتوزيعها من جديد.

مساومة تاريخية

الباحث المصري في الشؤون الإيرانية والتاريخ المعاصر، محمد الفرجاني، أكّد في تصريحات خصّ بها "حفريات"، أنّ جماعة الدعوة والإصلاح، ظهرت وفق مساومة تاريخية، في العام 1979، على يد مجموعة من الإخوان السُنّة، وعلى رأسهم الشيخ ناصر سبحاني، في وقت كانت فيه العلاقات الإخوانيّة مع ملالي الثورة على أكمل وجه، حتى إنّ الإخوان حاولوا كسر الحصار الاقتصادي على إيران، أثناء أزمة الرهائن، بتهريب المواد الغذائية عبر جمهوريات شرق أوروبا، بحسب ما كشف عنه القيادي في التنظيم الدولي، يوسف ندا.

جماعة الدعوة والإصلاح ابتعدت تماماً عن قضايا السُنّة، وتجاهلت أزماتهم مع النظام الإيراني في مقابل السماح بممارسة أنشطتها بشكل علني، الأمر الذي كشف عن طبيعتها الانتهازية والمراوغة، والتي لا تنفصل عن طبيعة التنظيم ككل، وإن شهدت العلاقات بين الطرفين بعض فترات التوتر الحاد، بلغت ذروتها بإعدام النظام الإيراني للشيخ ناصر سبحاني مؤسس الجماعة، لكن مع تولي، عبد الرحمن بيراني، رئاسة الجماعة، نجح في اتخاد خط جديد، أكثر مرونة وتفاهماً مع النظام، والذي اتخذ اتجاهاً إخوانيّاً عنيفاً ضد مصر، في أعقاب ثورة 30 حزيران (يونيو) 2013، حيث استغل بيراني علاقته الجيدة بالحكومة، ونظم تظاهرات حاشدة في شوارع طهران، وأمام مكتب رعاية المصالح المصرية، بقيادة جليل بهرامي، مسؤول الهيئة التنفيذية بالجماعة، رافعين شعار رابعة.

 

 الفرجاني: جماعة الدعوة والإصلاح ابتعدت تماماً عن قضايا السُنّة، وتجاهلت أزماتهم مع النظام الإيراني في مقابل السماح بممارسة أنشطتها بشكل علني، الأمر الذي كشف عن طبيعتها الانتهازية والمراوغة

 

تطبيع العلاقات بين الجماعة والنظام الإيراني بلغ ذروته، عندما أشاد بيراني، إبان الانتخابات البلدية بنظام الملالي قائلاً في بيان رسمي: "النظام القائم من الثورة ضد الاستبداد والاستعمار، الذي يوشك أن يكمل عقده الرابع، فالحرية والاستقلال هما الركنان الرئيسيان للجمهورية الإسلاميّة، واللذان أصبحا هدف الشعب".

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون: إيران توظف جماعة الدعوة والإصلاح وصراع متواصل ودعوات للفوضى

وعليه لم يكن توظيف الجماعة في خدمة الأهداف الإيرانية مستغرباً، حيث عملت على أكثر من محور، وفق مستويات متدرجة، لتنشط في العراق وقطر وقطاع غزة.

في خدمة الأجندة الإيرانيّة

في مطلع كانون الثاني (يناير) العام 2019 اختارت الجمعية العمومية للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذراع الديني للإخوان، في الانتخابات التي أجريت في اسطنبول، أربعة أعضاء، ضمن 31 عضواً لمجلس أمناء الاتحاد، وكان من بينهم الأمين العام لجماعة الدعوة والإصلاح، عبد الرحمن بيراني، والذي كان يشغل عضوية المجمع العام للاتحاد، بوصفه زعيم الإخوان في إيران.

تزامن ذلك مع سماح الحكومة الإيرانية للجماعة، بتلقي الأموال من قطر، ليظهر بيراني في الدوحة بصحبة يوسف القرضاوي والقرة داغي، أكثر من مرة، كما ظهر مرات متعددة بصحبة رجال الاستخبارات الإيرانيّة، الأمر الذي يكشف بوضوح عن الأدوار الخفية التي يلعبها إخوان إيران، في الملفات الأمنية.

اقرأ أيضاً: تونس: الحزب الدستوري الحر يدعو إلى حل البرلمان ومحاسبة الإخوان

وتحتفظ جماعة الدعوة والإصلاح كذلك بعلاقات واسعة، مع الحزب الإسلامي العراقي، الذراع السياسي للإخوان، وسبق ودعمت الجماعة الارتباط بين رشيد العزاوي، الأمين العام للحزب، وحزب الله العراقي، كما يؤكد مراقبون أنّها كانت السبب في إقناع العزاوي بالدخول ضمن التحالف الانتخابي الأخير، الموالي لإيران بقيادة فالح الفياض، والذي مُني فيه الحزب الإخواني بهزيمة ساحقة.

 

تحتفظ جماعة الدعوة والإصلاح بعلاقات واسعة، مع الحزب الإسلامي العراقي، وسبق ودعمت الجماعة الارتباط بين رشيد العزاوي، الأمين العام للحزب، وحزب الله العراقي

 

لكن الدور الأكبر من حيث التنسيق السياسي، قامت وما تزال تقوم به الجماعة فيما يختص بحركة حماس الفلسطينيّة، حيث دأبت حماس على عقد لقاءات مع قيادات جماعة الدعوة والإصلاح، تلك اللقاءات التي جرى تكثيفها مؤخراً، فمنذ عدة أشهر، التقی ممثل حرکة حماس خالد القدومي، بالأمین العام للجماعة عبد الرحمن بیراني، وذلك في المکتب المرکزي للجماعة في طهران؛ لمناقشة آخر التطورات الإقلیمیة والعالمیة بحسب ما أعلنت عنه الجماعة، كما حرص وفد حماس رفيع المستوى، الذي زار طهران لحضور مراسم تنصيب الرئيس الجديد، إبراهيم رئيسي، على زيارة مقر الجماعة، والالتقاء بعبد الرحمن البيراني.

اقرأ أيضاً: المشروع الإخواني في موريتانيا: هل هو فقاعة دعائية؟

ومؤخراً، زار وفد رفيع المستوى من حماس برئاسة خليل الحية، رئيس العلاقات العربية والإسلامية بالحركة، مكتب الجماعة المركزي في طهران، والتقى بالأمين العام، عبد الرحمن بيراني، وعدد من أعضاء مکتب الجماعة، حيث عبّر الحية عن ارتياحه للاجتماع، وعمق العلاقات التي تربط ما بين إيران وحماس، الأمر الذي أثنى عليه بيراني، وأعلن تقديره له.

رافق خليل الحية، في زيارته الأخيرة كل من: أسامة حمدان، وأبو أحمد جمال، وهم من أعضاء المكتب السياسي، بالإضافة إلى خالد القدومي، ممثل حماس في إيران.

ويكشف ما حدث في اليمن اللثام حول طبيعة الأهداف السياسيّة لإيران في المنطقة، من خلال الحصول على دعم الأذرع الإخوانية في المنطقة، حيث قام ممثل حركة حماس في صنعاء، معاذ أبو شمالة، بلقاء محمد علي الحوثي، قائد إحدى ميليشيا الحوثي، وقدّم له هدية، عبارة عن درع، الأمر الذي أثار نوبة من الغضب في عدة عواصم عربية.

 

نجحت إيران في خلق بيئة إخوانية حاضنة في الداخل، قامت من خلالها بتدجين عدة أذرع إخوانية في المنطقة، وإن اشترطت على الإخوان عدم ممارسة أيّ نشاط أيديولوجي في الداخل

 

لقد نجحت إيران في خلق بيئة إخوانية حاضنة في الداخل، قامت من خلالها بتدجين عدة أذرع إخوانية في المنطقة، وإن اشترطت على الإخوان عدم ممارسة أيّ نشاط أيديولوجي في الداخل، في مقابل أن تغض الطرف عن حركة الأموال الخاصّة بهم، أو التبرعات التي يحصلون عليها، في مقابل الولاء التام والمطلق، تلك المعادلة التي نجح الإخوان إلى حد بعيد في استثمارها، وتجهيز ملاذ آمن جديد، سواء في اليمن، التي عرض الحوثي على فلول التنظيم في تركيا اللجوء إليها، أو في إيران نفسها، وسيكون ذلك بالطبع ضمن شروط حازمة، لعل أولها عدم ممارسة السياسة، أو التدخل في الشأن الإيراني بأيّ حال.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية