حكاية الرواية التي قيل إنها تنبأت بفيروس كورونا قبل 39 عاماً!

حكاية الرواية التي قيل إنها تنبأت بفيروس كورونا قبل 39 عاماً!


10/03/2020

يوسف الشايب

إذا كنت كغالبية الفلسطينيين، أو العرب، أو مواطني قارات العالم بأسره، من متابعي التطورات الحاصلة بانتشار فيروس "كورونا" (كوفيد 19)، فلابد أنك قد تكون لمحت من يذكر رواية "عيون الظلام" للأميركي دين كونتز، والصادرة في العام 1981، وتشير صراحة إلى فيروس حمل اسم "ووهان 400"، أي المدينة الصينية التي سجلت السبق في اكتشاف "كورونا".

والحكاية المحورية في الرواية تدور حول أم تكتشف أن ابنها يتم حجره في منشأة عسكرية بعد إصابته بكائنات دقيقة من صنع الإنسان تسمى "ووهان 400".

وبشيء من التفصيل، فإن الأم كريستينا إيفانز ترسل ابنها، في رحلة تخييم مع قائد كشفي سبق أن نظم مثل هذه الرحلة إلى الجبال ست عشرة مرة من قبل، دون تسجيل أي حادث؛ هذا حتى ذلك الوقت، فما يحدث مع فريق أو قافلة الابن، أن الموت يتملك كل من فيها، ودون أي تفسير. عندما تبدأ الأم الحزينة التي هي بطل الرواية في قبول حقيقة أن ابنها "داني مات"، بدأت تتعرض لهجمات تلامس التنمر حين تشدد على أنه لم يمت عبر القيام ببعض الأفعال الصغيرة مثل الكتابة على السبّورات، والكلمات الخارجة طازجة بحبر الطابعات، قبل أن تنضم إليها في حملة البحث أو اليقين بلا يقين الموت، صديقتها إليوت سترايكر.. وفي إطار هذه الرحلة يتكشف للأم إيفانز في اكتشاف ما كان يمكن أن يحدث في يوم "وفاة" ابنها.

ومما جاء في الرواية "لفهم ذلك، يتعين عليك الرجوع لمدة 20 شهراً.. في ذلك الوقت، انشق عالِم صيني يدعى لي تشن فارّاً إلى الولايات المتحدة الأميركية، وكان يحمل سجلاً مرناً لأهم وأخطر سلاح بيولوجي جديد في الصين خلال عقد من الزمن.. إنهم يطلقون على الأشياء (ووهان 400)، لأنه تم تطويرها في مختبرات (RDNA)، خارج مدينة ووهان، وكانت السلالة الرابعة والأربعون من الكائنات الحية الدقيقة هذه من صنع الإنسان وتم إنشاؤها في مركز البحوث هذا".

وفي مقطع آخر من الرواية، يرد على لسان أحد شخوصها بأن الفيروس "هو السلاح المثالي.. إنه يصيب البشر، ولا يمكن لأي كائن حي آخر حمله.. تماماً مثل مرض الزهري، لا يمكن لـ"ووهان 400" البقاء خارج الجسم الحي لأكثر من دقيقة، ما يعني أنه لا يمكن أن يلوث الكائنات بشكل دائم أو الأماكن بأكملها بالطريقة التي يمكن أن تسببها الجمرة الخبيثة وغيرها من الكائنات الحية الدقيقة الخبيثة.. عندما تنتهي صلاحية المضيف، يهلك الفيروس بداخله، خلال فترة قصيرة، حالما تنخفض درجة حرارة الجثة إلى أقل من 30 درجة مئوية.. لقد أدرك الصينيون أنه يمكنهم استخدام الفيروس للقضاء على مدينة أو بلد، ومن ثم لن تكون هناك حاجة لهم لإجراء عملية إزالة تلوث خادعة ومكلفة قبل انتقالهم وتوليهم السلطة".

وكان لافتاً أن ثمة أكثر من إصدار للرواية تبعاً للتحولات السياسية، وفق بعض التقارير، ففي إصدار العام 1989 من "عيون الظلام"، نشأ فيروس "ووهان 400" في مدينة ووهان بالصين كما هو حال فيروس "كورونا"، إلا أنه نشأ كسلاح بيولوجي من قبل عالم، أي شخص بعينه.

في حين يجري الحديث عن بعض النسخ الأولى من الرواية عن فيروس يتم تصنيعه في روسيا تحت اسم "غوركي 400"، وهو ما يعكس أن هذا الروائي الذي كانت تحظى روايته بشعبية طاغية، لم يكن بعيداً عن تسييس ما يرد في روايته، وهذه واحدة منها، فالصيني، وفي فترة سابقة الروسي، أو كلاهما معاً تبعاً للنسخة المتداولة، لا يتورع عن تدمير البشرة بفيروس بيولوجي، لضمان سطوته السياسية على مكانه أو أمكنته.

وقالت الصحافية كيت وايتهيد في تقريرها المنشور بصحيفة "ساوث شاينا مورنينغ بوست"، وتصدر من هونغ كونغ، إن التغير في الاسم من "غوركي" إلى "ووهان" حدث في نسخة العام 1989 من الرواية التي أصدرها الكاتب باسمه الحقيقي بعد أن كان يستخدم اسماً مستعاراً آخر.

وتلفت الصحيفة النظر إلى أن العام 1989، شهد نهاية الحرب الباردة وأفول الاتحاد السوفييتي وتراجع الشيوعية، وحينها بدأت بالتحسن تدريجياً، تلك العلاقات ما بين الولايات المتحدة، التي يعيش فيها الكاتب، والاتحاد السوفييتي الذي تحول للجمهورية الروسية لاحقاً، بحيث باتت القيادة الروسية معنية بالانفتاح وتحسين هذه العلاقات، وهنا وجد المؤلف الأميركي، أن إلقاء اللوم على روسيا لا يتماشى والتطورات السياسية العالمية، وأصبحت هناك ثمة حاجة إلى "شرير جديد" آخر.

ويتابع التقرير، المنشور قبل أيام، أنه لم يكن هناك الكثير من البلدان التي لديها مرافق ومعامل أسلحة بيولوجية، وفي نفس الوقت ليست صديقة للولايات المتحدة، وهكذا وجد الكاتب في الصين خياراً بديلاً مناسباً يتماشى مع صعود المخاوف الأميركية من التهديد الصيني الآتي من شرق آسيا.

وفي هذه الأثناء، كانت أحداث التظاهرات الطلابية التي اندلعت العام 1989، وقمع ساحة "تيانانمين" الدامي حديث الساعة، وكثرت الشائعات حول التسريبات والتستر في منشآت الأسلحة البيولوجية.

ويبدو أن الأمر لا يخلو من مصادفة ما، خاصة أن نسبة الوفيات بفيروس "ووهان 400" الوارد في الرواية تصل إلى 100%، بينما هي في حال فيروس "كورونا" 2% فقط، كما أن فترة حضانة فيروس "ووهان 400" هي أربع ساعات فقط، وفق ما ورد في الرواية، في حين أنها بالنسبة إلى فيروس "كورونا" تتراوح ما بين يومين وأربعة عشر يوماً، وإن كانت هناك حالتان تم الإبلاغ عنهما من فيروس "كورونا" ارتفع معها وقت الحضانة إلى 24 و27 يوماً.

وفيروس "ووهان 400"، حسب الرواية، يصيب الدماغ، وكما تصفه إحدى الشخصيات "ينتقل الفيروس إلى جذع الدماغ، وهناك يبدأ بإفراز توكسين يأكل أنسجة المخ مثل حمض البطارية الذي يذيب القماش القطني.. إنه يدمر جزء الدماغ الذي يتحكم في جميع وظائف الجسم التلقائي".

وبالعودة إلى ما جاء في الرواية لكون الفيروس مصنّعا بشرياً، فإن السيناتور الأميركي توم كوتون حاجبين، كان أشار، قبل أيام إلى أن "كورونا" إما أنه حدث من تجربة خاطئة، أو أنه تم إطلاق سلاح بيولوجي عن قصد، وهو ما يتماثل ورواية "عيون الظلام".

قد يكون دين كونتز، روائي الرعب الشعبي، حذرنا بشكل أو بآخر من فيروس "كورونا" في روايته "عيون الظلام" في العام 1981، هو الذي كان لافتاً في أعماله الحديث عن أعمال مريبة لمنظمات حكومية، وصحيح أنه، ومنذ أيام، ينتشر غلاف رواية "عيون الظلام" على صفحات وحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي، لاسيما في "فيسبوك" و"تويتر" محاطة بالعديد من المزاعم غير الحقيقية، وهي أن الرواية توقعت ما يحدث الآن من انتشار لفيروس "كورونا" في العام 2020، مع أنه لا إشارة على الإطلاق لفيروس "كورونا" ولا إلى العام 2020، في الرواية المتوفرة بالإنكليزية على شبكة الإنترنت.

لكن في النهاية، يبدو أن دين كونتز، وإن تميّز برواياته التي تحمل طابع التشويق والغموض، وتمزج أحياناً بين الرعب والفانتازيا والخيال العلمي، وإن صنف بعض أعماله في قائمة نيويورك تايمز لأعلى الكتب مبيعاً وله ملايين القراء حول العالم، فإنه ليس "نوستراداموس" الألفية الثالثة، فعلى الرغم من أن فيروس "كورونا" تم تحديده لأول مرة في مدينة "ووهان"، إلا أنه لم يتم التوصل بعد إلى إجماع علمي حول كيفية وآلية وحيثيات انتقاله إلى البشر.

عن "الأيام" الفلسطينية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية