خبيران أمريكيان يقدّران حجم تهديد الدولة الإسلامية في خراسان

خبيران أمريكيان يقدّران حجم تهديد الدولة الإسلامية في خراسان


كاتب ومترجم جزائري
01/09/2021

ترجمة: مدني قصري

أدّى التفجير الانتحاري وإطلاق النار أمام مطار، في 26 آب (أغسطس) 2021، إلى مقتل ما لا يقل عن 100 شخص، بينهم ما لا يقل عن 13 جندياً أمريكياً، وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان مسؤوليته عن العملية، التي جاءت بعد أيام فقط من تحذير الرئيس جو بايدن من أنّ هذه المجموعة، التابعة لداعش والناشطة في أفغانستان؛ "تسعى لاستهداف المطار ومهاجمة القوات الأمريكية وحلفائها وكذلك المدنيين الأبرياء ".

اقرأ أيضاً: عن احتفاء الجهاديين والإسلامويين بـ"الفتح" الطالباني لكابول

أميرة جادون، الأخصائية في الإرهاب في الأكاديمية العسكرية الأمريكية في ويست بوينت، وأندرو ماينز، الباحث في برنامج التطرف في جامعة جورج واشنطن، اللذان يدرسان الدولة الإسلامية في خراسان "EIK" منذ سنوات، يجيبان عن أسئلة موقع "The Conversation US"، حول هذه المجموعة الإرهابية والتهديد الذي تنطوي عليه.

هنا تفاصيل الحوار:

هل يمكنك تعريف الدولة الإسلامية في خراسان؟

دولة ولاية خراسان الإسلامية، والمعروفة أيضاً بالاختصارات الإنجليزية "ISIS-K" و"ISKP" و"ISK"، هي فرع تابع لتنظيم داعش في العراق وسوريا، ومعترف به من قبل القادة الرئيسيين للتنظيم الأخير، والذي تمّ تحديده أيضاً بالاسم العربي المختصر: داعش.

تأسّست الدولة الإسلامية في خراسان رسمياً، في كانون الثاني (يناير) 2015، وتمكّنت في وقت قصير من السيطرة على العديد من المناطق الريفية في شمال وشمال شرق أفغانستان، وشنّت حملة قاتلة في جميع أنحاء أفغانستان وباكستان، خلال السنوات الثلاث الأولى من وجودها، ونفّذت الدولة الإسلامية في خراسان هجمات ضدّ مجموعات الأقليات والأماكن العامة والمؤسسات العامة، وكذلك أهدافاً حكومية، في العديد من المدن الرئيسة في أفغانستان وباكستان.

مع حلول عام 2018 أصبحت الدولة الإسلامية في خراسان بالفعل واحدة من المنظمات الإرهابية الأربع الأكثر دموية في العالم، وفق مؤشر الإرهاب العالمي الذي أعدّه معهد الاقتصاد والسلام "l’Institute for Economics and Peace".

اقرأ أيضاً: خيار الاستسلام أمام "طالبان"… سياسة بايدن

لكنّ التحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة وشركاؤها الأفغان، تسبّب بخسائر فادحة للدولة الإسلامية في خراسان (سواء من حيث الأراضي الخاضعة لسيطرتها أو من الناحية البشرية، فقد قُتل العديد من مسؤوليها وجنودها ذوي الرتب العالية)، وبلغت انتكاسة التنظيم ذروتها مع استسلام أكثر من 1400 من مقاتليها وعائلاتهم للحكومة الأفغانية، في أواخر عام 2019 وأوائل عام 2020، لدرجة أنّ بعض المحللين رأوا أنّ الدولة الإسلامية في خراسان أصبحت مهزومة.

هل يمكن أن نعرف المزيد عن أصول المجموعة؟

تأسّست الدولة الإسلامية في خراسان من قبل أعضاء سابقين في حركة طالبان الباكستانية وحركة طالبان الأفغانية والحركة الإسلامية في أوزبكستان، لكن بمرور الوقت، انضمّ نشطاء من مجموعات أخرى مختلفة إلى صفوفها.

من السابق لأوانه معرفة الفائدة التي ستجنيها الدولة الإسلامية في خراسان من الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، لكنّ قصف مطار كابول يوضح بشكل مأساوي التهديد الذي تشكله

تتمثل إحدى أعظم نقاط قوة الدولة الإسلامية في خراسان في قدرتها على الاستفادة من الخبرة المحلية لهؤلاء المقاتلين والقادة، بدأت المجموعة بتوطيد قبضتها الإقليمية في المقاطعات الجنوبية لإقليم ننجرهار، التي تقع على الحدود الشمالية الشرقية لأفغانستان مع باكستان؛ ففي هذه المنطقة، وبالتحديد في منطقة تورا بورا، تمّ تحديد المعقل السابق للقاعدة.

تمكّنت الدولة الإسلامية في خراسان بفضل سيطرتها على أجزاء من المنطقة الحدودية، من الحصول على مصادر التمويل، وتجنيد مقاتلين في المناطق القبلية الباكستانية، فضلاً عن الاستفادة من خبرة المجموعات المحلية الأخرى التي أقامت معها تحالفات.

تُظهر أدلة قويّة أنّ التنظيم تلقّى المال والمشورة والتدريب من الهيئة التنظيمية المركزية لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، وقد قدّر بعضُ الخبراء أنّ هذه المساعدة ارتفعت حتى هذه الساعة إلى أكثر من 100  مليون دولار أمريكي.

ما هي أهدافها وأساليبها؟

تتمثل الإستراتيجية العامة للدولة الإسلامية في خراسان في إنشاء موطئ قدم يسمح للدولة الإسلامية بتوسيع "خلافتها" إلى آسيا الوسطى وجنوب آسيا.

فهي تهدف إلى ترسيخ مكانتها باعتبارها التنظيم الجهادي الرئيسي في المنطقة، لا سيما من خلال الاستيلاء على إرث الجماعات الجهادية التي سبقتها، ويتجلى هذا الهدف في رسالة الجماعة التي تجذب مقاتلين جهاديين مُحنّكين، وكذلك ناشطين شباب من المناطق الحضرية.

على غرار مثيلاتها في العراق وسوريا، تستفيد الدولة الإسلامية في خراسان من خبرة أفرادها وتحالفاتها العَمَلِياِتِيّة مع مجموعات أخرى، لتنفيذ هجمات مدمِّرة، تستهدف الأقليات، مثل: طائفة الهزارة والسيخ في أفغانستان، وكذلك الصحفيين، وعمال الإغاثة، وأفراد قوات الأمن، والبنية التحتية الحكومية.

يتمثّل هدف الدولة الإسلامية في خراسان في خلق المزيد من الفوضى من أجل جذب المقاتلين المحبَطين الذين ينتمون حالياً إلى مجموعات أخرى، وفي إثبات عدم قدرة الحكومة الحالية على ضمان سلامة السكان.

أيّة علاقة تقيمها الدولة الإسلامية في خراسان مع طالبان؟

تنظر الدولة الإسلامية في خراسان إلى حركةَ طالبان الأفغانية باعتبارها منافِساً إستراتيجياً لها؛ فهي تصف طالبان الأفغانية بـ "القوميين القذرين" الذين يقتصر طموحهم على تشكيل حكومة محصورة في حدود أفغانستان، وهو طموح لا يتماشى مع هدف الدولة الإسلامية، المتمثل في إقامة خلافة إسلامية عالمية.

منذ إنشائها، حاولت الدولة الإسلامية في خراسان تجنيد أعضاء من حركة طالبان الأفغانية، مع استهدافها لمواقع طالبان في جميع أنحاء البلاد.

ينظر تنظيم خراسان إلى حركة طالبان باعتبارها منافِساً إستراتيجياً لها؛ فهي تصف الحركة بـ "القوميين القذرين" الذين يقتصر طموحهم على تشكيل حكومة محصورة في حدود أفغانستان

لاقت هذه الجهود بعض النجاح، لكنّ حركة طالبان تمكنت من تعطيل توسّع الدولة الإسلامية في خراسان، من خلال تنفيذ عمليات ضدّ مقاتليها والمناطق الواقعة تحت سيطرتها.

خلال هذه الاشتباكات مع الدولة الإسلامية في خراسان استفادت طالبان في كثير من الأحيان من دعم القوة الجوية والهجمات البرية من الولايات المتحدة وأفغانستان، على الرغم من أنّه من غير المعروف كيف تم تنسيق هذه العمليات.

ما هو واضح في الأمر؛ أنّ غالبية الخسائر في عناصر الدولة الإسلامية في خراسان وقياداتها كانت نتيجة العمليات التي قامت بها الولايات المتحدة والقوات الأفغانية الرسمية، خاصّة الضربات الجوية الأمريكية.

ما التهديد الذي تشكّله الدولة الإسلامية في خراسان على أفغانستان والمجتمع الدولي؟

أهداف الدولة الإسلامية في خراسان المباشرة تتمثل الآن في المقام الأول في إعادة بناء صفوفها، وإظهار عزمها من خلال شنّ هجمات واسعة النطاق، وبذلك تسعى المجموعة إلى أن تظلّ لاعباً مهمّاً في المشهد الأفغاني والباكستاني، ولا شكّ في أنّها ترغب في مهاجمة الولايات المتحدة وشركائها في الخارج، لكن لا يوجد إجماع داخل جيش الولايات المتحدة ومجتمع المخابرات فيما يتعلق بقدرتها على ضرب مناطق بعيدة عن أفغانستان.

لكن في أفغانستان نفسها تبدو الدولة الإسلامية في خراسان خطراً كبيراً، إضافة إلى هجماتها على الأقليات الأفغانية والمؤسسات المدنية، قامت الجماعة بذبح عمّال الإغاثة الدوليين، وعمّال إزالة الألغام، بل وحاولت، في كانون الثاني (يناير) 2021، اغتيال المبعوث الأمريكي الرئيس في كابول.

من السابق لأوانه معرفة مدى الفائدة التي ستجنيها الدولة الإسلامية في خراسان من الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، لكنّ قصف مطار كابول يوضح بشكل مأساوي التهديد المستمر الذي تشكله المجموعة على البلاد.

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون: تهريب أسلحة وتضامن مع طالبان وتآكل ذاتي

على المدى القصير، من المرجح أن تستمر الدولة الإسلامية في خراسان في السعي إلى زرع الذعر والفوضى، وفي إرباك عملية انسحاب القوات الأمريكية، وفي إثبات أن حركة طالبان الأفغانية غير قادرة على ضمان سلامة الشعب.

إذا تمكّنت المجموعة من إعادة بناء مستوى معين من السيطرة الإقليمية طويلة الأجل، ومن تجنيد المزيد من المقاتلين، فمن المرجح أن تتمكن من استعادة المستوى الذي كانت عليه قبل عامين أو ثلاثة أعوام، ومن أن تشكّل تهديداً حقيقياً على الصعيد الوطني، وعلى المستويين الإقليمي والدولي.

مصدر الترجمة عن الفرنسية:

theconversation.com



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية