خط الغاز بين تركيا وإسرائيل… تودد أردوغان يصطدم بفتور إسرائيلي

خط الغاز بين تركيا وإسرائيل… تودد أردوغان يصطدم بفتور إسرائيلي


24/05/2022

رغم تودّد الرئيس التركي رجب أردوغان لإسرائيل، في انقلاب واضح على مواقفه السابقة، يبدو أنّ أردوغان الذي يسعى للتعاون مع تل أبيب في مجال الطاقة ومشاريع أمن الطاقة، يواجه رفضاً إسرائيلياً غير مُعلن فيما يتعلق ببناء مشروع خط أنابيب الغاز الذي سيمر بمنعطفات عدة قبل أن يصل تركيا ومن ثم أوروبا.

وفي تقرير لها، أوضحت وكالة "فرانس برس" أنّ "تركيا تبدو مستعدة للتعاون مع إسرائيل في مجال الطاقة، بعد سنوات من العداء، عبر إعادة إحياء مشروع لإيصال الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا في وقت تسعى أنقرة لخفض اعتمادها على روسيا، لكن الخطة تواجه تشكيكاً إسرائيلياً على خلفية التوتر الدبلوماسي، وتبدو أشبه بحلم برأي الخبراء نظراً إلى تعقيداتها اللوجستية وكلفتها".

وسبق أن أعرب الرئيس التركي عن استعداده للتعاون مع إسرائيل في مجال الطاقة مع احتمال نقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر تركيا، في وقت تثير الحرب في أوكرانيا مخاوف بشأن الإمدادات.

 وقال أردوغان في آذار (مارس) الماضي: "لدى تركيا الخبرة والقدرة على تطبيق مشاريع كهذه. وأظهرت التطورات الأخيرة في منطقتنا مجدداً أهمية أمن الطاقة".

"لا يمكن الوثوق بأردوغان"

وأوضح غابي ميتشل من معهد "ميتفيم" الإسرائيلي لـ"فرانس برس" قائلاً: "العلاقات في مجال الطاقة تقام بين دول متعاونة وتربطها ثقة متبادلة..بالتأكيد ليس بالطريقة التي يمكن من خلالها وصف الديناميات الحالية بين البلدين..هناك أشخاص في إسرائيل يشيرون إلى أنّ أردوغان طرف لا يمكن الوثوق به".

هذا ويمر مشروع خط الأنابيب عبر مياه متنازع عليها في شرق المتوسط، وهي منطقة تثير خلافات عادة بين تركيا من جهة، واليونان وقبرص من جهة أخرى.

وفي سياق متصل قال ميتشل: "إنّ إسرائيل غير مهتمة في المضي قدماً فيه إذ إنه سيضر بالعلاقات مع قبرص واليونان والاتحاد الأوروبي".

سبق أن أعرب أردوغان عن استعداده للتعاون مع إسرائيل في مجال الطاقة مع احتمال نقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر تركيا

كما نقلت "فرانس برس" عن مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد أبحاث السياسة الخارجية، آرون شتاين، تعليقه على هذا المشروع، حيث قال: "لم يبد لي يوماً كمشروع عملي..تعود فكرة المشروع لتطرح مع كل تحسن يطرأ على العلاقات لكن المسائل اللوجستية التي يحتاجها تحويله من حلم إلى حقيقة معقدة وباهظة التكلفة"، إذ أفادت تقارير إعلامية بأن خط الأنابيب من الحقول الإسرائيلية إلى تركيا قد يكلف 1.5 مليار دولار.

وتابع شتاين: "بعيداً عن السياسة وقضية قبرص، تعد محطات الغاز الطبيعي المسال البرية منطقية أكثر من الناحية المالية وأقل تعقيداً من الناحية السياسية".

وبحسب "فرانس برس"، فإنّ تركيا تعتمد إلى حد كبير على روسيا في وارداتها من الطاقة، وتستورد تركيا الغاز الطبيعي بواسطة خطوط أنابيب من روسيا وأذربيجان وإيران، كما تشتري الغاز الطبيعي المسال من جهات بينها قطر ونيجيريا والجزائر والولايات المتحدة.

 ما زالت المسائل الاقتصادية الأساسية المرتبطة بخط الأنابيب بين تركيا وإسرائيل تثير تساؤلات، في حين يشير بعض الخبراء إلى أن الغاز الطبيعي المسال خيار مرغوب أكثر وأقل تكلفة

وتبدو أنقرة التي تعتمد إلى حد كبير على روسيا في وارداتها من الطاقة، إذ غطت مصادر روسية 45 % من طلبها من الغاز العام الماضي، عازمة على تنويع إمداداتها وتضع موارد إسرائيل النامية نصب عينيها.

وفي هذا السياق، قال  خبير الطاقة، نجدت بامير، من "جامعة قبرص الدولية" إنّ "عبور خط أنابيب غاز في جنوب تركيا يعد منطقياً من الناحية النظرية"، مضيفاً: "نحتاج إلى موارد غاز بديلة وتصب الاتفاقيات الجديدة في مصلحة تركيا طالما أنّ الظروف ناضجة، بما في ذلك التمويل"، إذ استهلكت تركيا 48 مليار متر مكعب من الغاز عام 2020، ووصلت هذه الكمية إلى 60 ملياراً في 2021، ويقدّر بأن تبلغ ما بين 62 و63 ملياراً هذا العام، بحسب بامير.

 حلفاء الأمس

 وكانت تركيا المنضوية في حلف شمال الأطلسي حليفاً رئيساً لإسرائيل في العالم الإسلامي حتى أزمة عام 2010، حين قُتل 10 مدنيين أتراك في هجوم إسرائيلي استهدف سفينة كانت تسعى لخرق الحصار المفروض على قطاع غزة، وفق ما أوردته "الإندبندنت".

وفي عام 2016، اتفق البلدان على بدء دراسة جدوى لبناء خط أنابيب تحت البحر لضخ الغاز الإسرائيلي إلى المستهلكين الأتراك ومن ثم إلى أوروبا، لكن لم يتحقق أي تقدم في ظل التوتر بين الطرفين، في وقت يسوّق أردوغان نفسه على أنه المدافع الأبرز عن القضية الفلسطينية ويدعم حركة حماس.

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب، عن خلافات مع أنقرة بخصوص برنامج زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، لإسرائيل المقررة اليوم

لكن أردوغان تجنّب توجيه انتقادات لإسرائيل في الأشهر الأخيرة، واكتفى، في اتصال هاتفي مع هرتسوغ في أبريل (نيسان) الماضي، بالتعبير عن حزنه حيال العنف الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين في باحة المسجد الأقصى.

وعاد الخيار التركي إلى الواجهة خصوصاً بعد أن تجاهلت الولايات المتحدة خط أنابيب في شرق المتوسط يهدف لنقل الغاز الطبيعي من المياه الإسرائيلية إلى أوروبا عبر قبرص واليونان. واستثنى هذا المشروع تركيا.

في عام 2016، اتفق البلدان على بدء دراسة جدوى لبناء خط أنابيب تحت البحر لضخ الغاز الإسرائيلي إلى المستهلكين الأتراك ومن ثم إلى أوروبا

وترى تركيا مشروع الغاز مع إسرائيل أكثر عملية من خط أنابيب "شرق المتوسط" على الرغم من التحديات، إذ نقلت وكالة "فرانس برس" عن مسؤول تركي قوله "ليس مشروعاً يبدأ اليوم وينتهي غداً".

 وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إنه "صعب، لكنه منطقي وعملي، بالمقارنة مع مشروع (شرق المتوسط) الذي تقوده اليونان".

وما زالت المسائل الاقتصادية الأساسية المرتبطة بخط الأنابيب بين تركيا وإسرائيل تثير تساؤلات، في حين يشير بعض الخبراء إلى أن الغاز الطبيعي المسال خيار مرغوب أكثر وأقل تكلفة.

خلاف دبلوماسي جديد

هذا وكشفت مصادر سياسية في تل أبيب، عن خلافات مع أنقرة بخصوص برنامج زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، لإسرائيل المقررة اليوم.

وقالت المصادر إنّ الزيارة، التي يفترض أنها خطوة أخرى متقدمة على طريق تحسين العلاقات بين البلدين وتستهدف استئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة وإعادة السفيرين إلى أنقرة وتل أبيب، تشهد خلافات حول الترتيبات الأمنية وحول طلب تركي بأن يقوم الوزير بزيارة الحرم الشريف والمسجد الأقصى من دون مرافقة إسرائيليين، وفق ما أورده موقع "الشرق الأوسط".

وتطالب أنقرة بأن يعامل جاويش أوغلو كما يعامل الدبلوماسيون الأمريكيون والأوروبيون الذين تتاح لهم زيارة المناطق الفلسطينية المحتلة، ومنها القدس، من دون مرافقين إسرائيليين. وحاولت إسرائيل تبرير موقفها في مرافقة أوغلو بأنها مسألة أمنية، إلا أنّ المخابرات التركية اعتبرتها مسألة سياسية.

وفي رام الله، أكدت وزارة الخارجية الفلسطينية أنّ جاويش أوغلو سيترأس وفد بلاده في اجتماع اللجنة الحكومية المشتركة بين البلدين، وسيتم بحث أوجه العلاقات وسبل تطويرها وتعزيزها، بما يعود بالفائدة على البلدين، والتوقيع على عدد من الاتفاقيات الحكومية.

مواضيع ذات صلة:

تركيا وإسرائيل: تعاون في مجال الطاقة في منطقة شائكة شرق المتوسط

كيف أصبحت تركيا سوقاً كبرى للصناعات العسكريّة الإسرائيلية؟

صفعة جديدة للإسلاموية.. ما الذي غير خطاب "خليفة المسلمين" الحاد تجاه إسرائيل؟‎



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية