خنق الحريات في تركيا يتواصل.. مشروع قانون جديد لمعاقبة المغردين

خنق الحريات في تركيا يتواصل.. مشروع قانون جديد لمعاقبة المغردين


29/07/2021

لم يمر عام على دخول قانون تركي مثير للجدل حول فرض رقابة على مواقع التواصل الاجتماعي حيز التنفيذ، حتى بدأ حزب العدالة والتنمية التركي في التمهيد لقانون جديد يستهدف هذه المرّة النشطاء، حيث يتوعد من ينشر أخباراً كاذبة بالسجن لمدة 5 أعوام.

وعلى الرغم من الانتقادات الكبيرة التي توجه إلى  تركيا على خلفية ملفها الحقوقي وانتهاكاتها لحرية التعبير والتضييق على وسائل الإعلام، يواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان  وحزبه التضييق على وسائل التواصل الاجتماعي وملاحقة النشطاء والإعلاميين.

ويربط مراقبون بين تغليظ العصا التركية على رقبة وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، مع تراجع شعبية الرئيس التركي، التي تظهرها استطلاعات رأي عدة، في ظل صعوبات كثيرة تعيشها تركيا وأزمات اقتصادية وسياسية.

وقال نائب رئيس حزب العدالة والتنمية نائب رئيس اللجنة الدستورية علي أوزكايا: إنّ من ينشرون معلومات مضللة على وسائل التواصل الاجتماعي يجب أن يُعاقبوا بالسجن من عام إلى 5 أعوام، وأن يعاقبوا بالمنع من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لفترة من الوقت.

وأوضح أوزكايا، بحسب ما أوردته صحيفة "زمان" التركية، أنه بسبب الحسابات المزيفة لا يمكن محاربة الجريمة بشكل فعال، فيجب حل هذا عن طريق معرفة هوية الجميع، حتى يتم منعهم من الاستفزاز وارتكاب الجرائم بالأقنعة.

يربط مراقبون بين تكبيل وسائل الإعلام ومواقع التواصل وتراجع شعبية الرئيس التركي وفق استطلاعات رأي عدة

تحرك حزب العدالة والتنمية بخصوص مواقع التواصل الاجتماعي جاء بعد استخدام زعيم المافيا سادات بكر لها في الكشف عن فضائح وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، والمخدرات، وغسيل الأموال، والأسلحة التي تم توزيعها خلال انقلاب 15 تموز (يوليو) 2016.

وبحسب الموقع ذاته، فإنّ حزب العدالة والتنمية الحاكم يرى القيود التي تفرضها المحاكم على الإنترنت ووسائل التواصل غير كافية، وتُعد منصات التواصل الاجتماعي مثل؛ تويتر ويوتيوب وفيسبوك، الملاذ الأخير الذي يمكن للمواطنين من خلاله التعبير عن آرائهم، قبل إصدار قانون السيطرة عليها العام الماضي.

وعادة ما يبدأ حزب العدالة والتنمية إصدار تشريع ما بالتمهيد حوله بتصريحات لمسؤولين فيه، وكذلك تصريحات للرئيس التركي نفسه تنتقد الأوضاع الحالية أو طبيعة ما ينشر على مواقع التواصل على اعتباره مهدداً للقيم التركية، ثم يطرح مشروع قانون أمام البرلمان الذي يملك فيه الحزب وحلفاؤه أغلبية، ومن ثم لا يجدون صعوبة في تمريره.

جاء هذا التحرك بعد استخدام زعيم المافيا سادات بكر لمواقع التواصل للكشف عن فضائح بانقلاب 2016

السيناريو ذاته تم اتباعه مع القانون الذي صدر رسمياً من قبل أردوغان في تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، ووافق عليه البرلمان في تموز (يوليو) من العام نفسه، وقد فرض القانون على شبكات التواصل الاجتماعي أن يكون لها ممثل في تركيا والامتثال لأوامر المحاكم التركية إذا ما طلبت سحب مضمون معين خلال 48 ساعة، وفي حال عدم الاستجابة، يخفض نطاق عرضها الترددي بشكل كبير، وتكون ملزمة بدفع غرامات تصل إلى 40 مليون ليرة تركية (4.3 مليون يورو)، ويتعين على عمالقة الإنترنت تخزين بيانات مستخدميهم في تركيا داخل البلد، ولو أنه لم يتم إقرار أي إجراء ملزم بهذا الصدد لدى التصويت على القانون.

وسائل التواصل ليست الأولى

يتسق نهج أردوغان وحزب العدالة والتنمية مع وسائل التواصل الاجتماعي مع ما سلكوه من قبل في حق وسائل الإعلام، من حيث إغلاق منصات عدة، والتضييق على المعلومات، وملاحقة المعارضين بتهم مختلفة، سواء إهانة الرئيس أو إفشاء أسرار، أو دعم الإرهاب، وهو النهج الذي برز بشدة كإحدى نتائج القبضة الحديدية بعد محاولة الانقلاب المزعومة في العام 2016.

يقول الكاتب والصحافي التركي ياوز بيدر: إنّ لديه مذكرة توقيف دائمة، إضافة إلى اثنين من كبار المحررين الآخرين في موقع "أحوال تركيا"، ولا نعرف السبب لأنّ محامينا يُحرمون من المعلومة حتى نستسلم للسلطات، لكننا نعلم، بالطبع، أننا مطلوبون بسبب مخرجاتنا الصحفية النقدية.

ويستعرض بيدر، في مقال عبر موقع "أحوال تركيا"، الحملة القمعية التي تعرضت لها وسائل الإعلام في عهد أردوغان، قائلاً: "استهدفت استراتيجيته في ترويض وسائل الإعلام التلفزيون في المقام الأول، أكثر بكثير من المطبوعة أو المنشورة عبر الإنترنت، لأنّ 88% من الجمهور التركي، وفقاً لبيانات اليونسكو، يتلقون الأخبار والتعليقات من القنوات التلفزيونية فقط.

اقرأ أيضاً: الإسلام السياسي التقليدي والديمقراطي وإشكالية الحريات

والآن، يخضع حوالي 95% من قطاع الإعلام لسيطرة قصر أردوغان التحريرية، بشكل مباشر أو غير مباشر.

كم عدد الصحفيين في السجن؟ يجيب: تختلف الأرقام حسب المعايير، فوفقاً لمنصة الصحافة المستقلة بي 24، هناك ما لا يقل عن 83 صحفياً تمّ احتجازهم في السجون حتى شهر شباط  (فبراير) 2021.

ووفقاً لقاعدة بيانات "الصحفيون المسجونون والمطلوبون في تركيا" التابعة لمركز ستوكهولم للحريات، يوجد 175 صحفياً خلف القضبان و167 مطلوباً، بعضهم في المنفى وبعضهم طليقون. ووفقاً لنتائج منظمة مراسلون بلا حدود في 2020، أمضى 48 صحفياً يوماً واحداً على الأقل في حجز الشرطة في عام 2020، وتشمل أسباب اعتقالهم الإشارة إلى مصير اللاجئين السوريين، ومزاعم فساد لأردوغان ودوائره المقربة، والتحقيق في تعامل الحكومة مع قضايا اللاجئين، وجائحة كوفيد-19، وتغطية القضية الكردية.

وقد أدين ما مجموعه 63 صحفياً بتهمة "إهانة الرئيس" بموجب المادة 299 من القانون الجنائي منذ انتخاب أردوغان رئيساً في آب (أغسطس) 2014، وغالباً ما يُدان الصحفيون بموجب قانون الإرهاب، عادة بتهمة دعم منظمة غير قانونية أو الانضمام إليها، ويستخدم قانون البنوك أيضاً لمقاضاة المراسلين التجاريين وإدانتهم.

ويضيف: طُرد ما مجموعه 3436 صحفياً من وسائل الإعلام التركية في الأعوام الـ5 الماضية. وبحسب بيانات نقابة الصحفيين الأتراك التي جرى تحديثها في شباط (فبراير) الماضي، فإنّ الصحفيين الأعضاء في أي نقابة يمثلون 7% فقط من مجموع العاملين، وإذا كان الطرد إجراء عقابياً، فإنه يفسّر سبب وجود قدر هائل من الرقابة الذاتية، كممارسة روتينية يومية، وبالتالي، عادت المحرمات مرة أخرى بعد ذوبان الجليد لفترة وجيزة في أوائل القرن الـ21: القضية الكردية، والقضية الأرمنية، والفساد، وقضايا السياسة الخارجية مثل رعاية الشبكات الجهادية، وأي نقد يُوجّه إلى عائلة أردوغان.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية