داعش يطل برأسه من الشمال... هل يواجه العراق خطر عودة التنظيم الإرهابي؟

داعش يطل برأسه من الشمال... هل يواجه العراق خطر عودة التنظيم الإرهابي؟

داعش يطل برأسه من الشمال... هل يواجه العراق خطر عودة التنظيم الإرهابي؟


24/12/2022

بعد أيام قليلة من إحياء العراق الذكرى الخامسة للانتصار على تنظيم داعش الإرهابي، في 10 كانون الأول (ديسمبر) عام 2017، عاد التنظيم مُعلناً عن نفسه بتنفيذ عمليته الأخطر خلال العام الجاري، بعد أن استهدف مساء الأحد الماضي آلية لقوات الأمن العراقي بمحافظة كركوك شرقي البلاد، أسفرت عن مقتل (9) أفراد من عناصر الشرطة العراقية وإصابة آخرين.

الهجوم الذي وصفه مراقبون بأنّه الأكثر دموية خلال العام الحالي في العراق، جاء بعد (4) أيام من هجوم آخر مماثل استهدف دورية للأمن شمالي البلاد، وأسفر عن مقتل ضابط كبير في الجيش و(2) من الجنود، بحسب وسائل إعلام عراقية.

كما نفذ تنظيم داعش الإرهابي، مساء أول من أمس، هجوماً آخر، استهدف دورية أمنية في محافظة كركوك أيضاً أسفر عن مقتل جنديين وإصابة ثلاثة آخريين، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.

وقال مصدر أمني في المحافظة، فضّل عدم الكشف عن هويته، إنّ عناصر من تنظيم داعش الإرهابي فجروا عبوتين ناسفتين استهدفتا عربتي عسكريتين، من نوع "همر" قبل أن يطلقوا النار من أسلحة رشاشة، أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص.

وعدّ مراقبون تكثيف الهجمات من جانب التنظيم الإرهابي المهزوم منذ أعوام داخل الأراضي العراقية بأنّه إعلان عودة من جديد، خاصة أنّ العمليات استهدفت دوريات تتبع قوات الأمن داخل عدد من المحافظات، وهو تحول تكتيكي في طبيعة النشاط الخاص بالتنظيم على مدار الأعوام الماضية.

ما أسباب عودة داعش؟

يعتبر الباحث السياسي والأمني العراقي رعد هاشم أنّ "وقوع مثل هذه الحوادث المؤلمة يعود بالدرجة الأولى إلى الغفلة والتهاون بالنسبة إلى بعض القطعات العسكرية، ممّا يتيح حصول ثغرات ينفذ منها إرهابيو داعش لتنفيذ عملياتهم الدموية هذه، فضلاً عن عدم تنشيط المعلومات والمتابعة الاستخبارية والأمنية الحثيثة وباستمرار وجدية في مساحات واسعة من المناطق التي كان يتواجد فيها الإرهاب"، بحسب حديث نقلته عنه شبكة "سكاي نيوز".

جثث عناصر الأمن العراقي الذين لقوا مصرعهم خلال هجوم داعش

ويشير هاشم إلى أنّ عدم تتبع تحركات داعش كما يجب ورصد خطوط إمداداته أنعش تواجده في مناطق عراقية عديدة مثل محافظة كركوك، علاوة على أنّ تحرير الصفرة وهي المنطقة التي وقع فيها هذا الهجوم، وكما هي حال مختلف مناطق قضاء الحويجة، تم على يد فصائل مسلحة، وليس على يد قوات أمنية مهنية وحرفية.

لذلك يرى الباحث العراقي أنّ تلك المناطق ما زالت تعاني من وجود بقايا شراذم الإرهاب، حيث يتحرك عناصرها بأريحية فيها، كونهم كانوا مختبئين كخلايا نائمة وقنابل موقوتة، وهكذا فوجود ثغرات أمنية يمكن الإرهابيين من التحرك والمناورة والمباغتة، خاصة أنّ ثمة مناطق تضاريسية وعرة ورخوة أمنياً، توفر لهم إمكانية الاختباء والتخفي عن الأنظار، ومن ثم الرصد وشن هجمات غادرة على العسكريين والمدنيين العراقيين.

مجلس الأمن يُحذّر من عودة محتملة

من جانبه، حذّر مجلس الأمن الدولي، الخميس قبل الماضي، من ازدياد التهديد الإرهابي لتنظيم داعش، وتنامي احتمالات عودته بسبب تدفق الأسلحة والمعدات عليه مؤخراً، وكذلك حذّر البيان من تنوع مصادر التمويل.

وأشار بيان مجلس الأمن إلى أنّ "تهديد الإرهاب ازداد وأصبح أكثر انتشاراً في مناطق مختلفة من العالم بمساعدة التكنولوجيا الجديدة"، وأدان "تدفق الأسلحة، والمعدات العسكرية، والطائرات المسيّرة، والمتفجرات إلى متطرفي تنظيمي داعش والقاعدة والأفرع التابعة لهما".

رعد هاشم: وقوع مثل هذه الحوادث المؤلمة يعود بالدرجة الأولى إلى الغفلة والتهاون بالنسبة إلى بعض القطعات العسكرية، ممّا يتيح حصول ثغرات ينفذ منها إرهابيو داعش لتنفيذ عملياتهم الدموية هذه

 

وأعرب مجلس الأمن في بيان له عن قلقه البالغ من قيام الإرهابيين بجمع الأموال وتحويلها بعدة طرق، بما في ذلك استغلال الأعمال التجارية المشروعة والمنظمات غير الهادفة للربح، والاختطاف من أجل الحصول على فدية، والاتجار في البشر والمواد الثقافية والمخدرات والأسلحة، وفق صحيفة "الشرق الأوسط".

والأربعاء قبل الماضي أكد بيان مشترك عن القوات المسلحة العراقية والأمريكية استمرار التعاون المشترك لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي، وعدم السماح بعودته مجدداً داخل المناطق الآمنة، وفق ما نشرته وسائل إعلام عراقية.

كيف يمكن التصدي لعودة التنظيم؟

يرى مراقبون أنّ تحقيق الاستقرار السياسي، وتعزيز منظومة الأمن، خاصة داخل المناطق المحررة من قبضة التنظيم، لأنّها تمثل الهدف الجغرافي لإعادة التمركز مجدداً، يأتيان في مقدمة العوامل التي قد تساعد على التصدي لعودة التنظيم الإرهابي مجدداً.  

ويقول الباحث المصري المختص بشؤون الإرهاب أحمد سلطان: إنّ دعم المناطق المحررة مسألة معقدة تتعلق أولاً بتهيئة الأوضاع لاستدامة هذا الاستقرار، مطالباً بضرورة القضاء على الطائفية والاستقطاب السياسي في العراق وسوريا، خاصة أنّ التنظيم يستفيد من الاستقطاب، ويصدّر نفسه لمواجهة الطوائف الأخرى، معتبراً أنّها تثير القلاقل في المنطقة، حسب معتقداته.

تساؤلات بشأن مصير تنظيم داعش وقدرته على الصمود

وبحسب تصريحات سلطان لصحيفة "الاتحاد"، تطلب مواجهة داعش توافر رؤية واضحة للتعامل مع عناصر وأسرى التنظيم ممّن بقوا في السجون والمخيمات، وعدم السماح بإعادة تشكيل التنظيم، وضرورة وجود إرادة سياسية لدعم الاستقرار في المناطق المحررة حتى تنتهي الأسباب التي يعتمد عليها التنظيم في بناء قدراته.

وأكد سلطان على ضرورة معالجة الجذور الإرهابية، شاملة الجوانب الاقتصادية والسياسية، خاصة مع انتشار السلاح في كافة المناطق العراقية والسورية ووجود ميليشيات لا تحسن التعامل مع المجتمع المحلي، لا سيّما أنّ التنظيم الإرهابي يحاول استغلال كافة التطورات للعودة بأيّ طريقة كانت.

واعتبر أنّ "هناك تقصيراً بالإجراءات في المناطق المحررة لا ترتقي إلى المطلوب، ولا بدّ من التعامل مع المسألة بحنكة".

تنفيذ ضربات مباغتة لنزع فتيل القنابل الموقوتة

من جانبه طالب نائب رئيس البرلمان العراقي شاخوان عبد الله الإثنين قبل الماضي التشكيلات الأمنية بشنّ حملات مباغتة ونوعية لوقف مخططات داعش، وهجمات الغفلة الأمنية بين الحين والآخر، واصفاً مناطق (الرشاد والرياض وأطراف العباسي) بأنّها "قنابل موقوتة" تهدد أمن كركوك والمحافظات المجاورة.

وقال عبد الله لوكالة "شفق نيوز" العراقية: إنّ "النشاط الإرهابي لداعش جنوب وجنوب غربي كركوك يشهد تصاعداً ملحوظاً، مستغلاً الفراغات والغفلة الأمنية لشنّ ضربات تستهدف القطاعات الأمنية وتخلف خسائر بشرية لا يمكن تعويضها".

أحمد سلطان: تتطلب مواجهة داعش توافر رؤية واضحة للتعامل مع عناصر وأسرى التنظيم ممّن بقوا في السجون والمخيمات، وعدم السماح بإعادة تشكيل التنظيم، وضرورة وجود إرادة سياسية لدعم الاستقرار في المناطق المحررة

 

وأشار عبد الله إلى أنّ عناصر داعش نفذوا خلال الفترات الماضية هجمات مباغتة وغير متوقعة، وقسم منها طال مناطق لم تشهد حوادث أمنية طيلة فترات التدهور الأمني جنوبي كركوك، ممّا يتطلب إعادة النظر بالخطط الأمنية وإغلاق الفراغات وطرق التسلل الممتدة من تلال حمرين ومخمور وصولاً إلى مناطق قراجوغ وحدود كركوك - صلاح الدين".

وطالب عبد الله بضرورة الإسراع في نشر اللواء المشترك في المناطق الرخوة، وإعادة تقييم الخطط الأمنية بدقة ومسؤولية عالية بما ينسجم مع حجم التهديدات".

ودعا نائب رئيس البرلمان إلى "إنشاء خط للصد في غرب وجنوب المحافظة لمنع تسلل الإرهابيين إلى مركز وشمال المحافظة، ومضاعفة الجهد الاستخباراتي، وإشراك أبناء المحافظة لإدارة الملف الأمني، وتحمل المسؤولية مع القوات الماسكة للأرض، وقطع التمويل والإمدادات للإرهابيين من قبل بعض الجهات والمتنفذين".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية