رفع 5 جماعات من قوائم الإرهاب الأمريكية... هل تعد واشنطن سيناريو جديداً للمنطقة؟

رفع 5 جماعات من قوائم الإرهاب الأمريكية... هل تعد واشنطن سيناريو جديداً للمنطقة؟


19/05/2022

لا تزال مصر والمنطقة العربية تعاني من ويلات الحرب على الإرهاب، ولم يكد جرح فقدان عشرات الجنود المصريين والأبرياء من مصر والمنطقة العربية يندمل، حتى أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية تجهيزها لرفع (5) تنظيمات إرهابية من قوائم الإرهاب الأمريكية، في استعداد على ما يبدو لإدخال المنطقة في دوامة جديدة ربما تفضي إلى "الشرق الأوسط الجديد" الذي تخطط له الولايات المتحدة الأمريكية منذ أعوام، أو تُغرق الشرق الأوسط مجدداً في "فوضى خلاقة" ولا سيّما بعد تصدي الدول العربية، وفي مقدمتها مصر، لمخطط تصعيد تيارات الإسلام السياسي المتشددة، وأبرزها جماعة الإخوان المسلمين المصنفة إرهابية في عدد من الدول.

 وفي إعلان لافت ومثير للجدل، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أول من أمس استعدادها لرفع (5) كيانات متطرفة من قائمتها للمنظمات الإرهابية الأجنبية، بما في ذلك العديد من المنظمات الإرهابية التي شكّلت في السابق تهديدات كبيرة، ممّا أسفر عن مقتل المئات، إن لم يكن الآلاف، من الناس في جميع أنحاء آسيا وأوروبا والشرق الأوسط.

 ومن بين هذه الجماعات "الجماعة الإسلامية" التي تورطت في اغتيال الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات، والعديد من الهجمات الإرهابية في الثمانينيات ومطلع التسعينيات من القرن الماضي، إلى جانب جماعة "إيتا الانفصالية الباسكية"، و"أوم شينريكيو" اليابانية، والجماعة اليهودية المتطرفة "كاهانا كاخ"، وحركة جهادية فلسطينية.

 ووفقاً لوكالة "أسوشيتد برس"، فإنّه على الرغم من زعم الإدارة الأمريكية أنّ هذه الجماعات أصبحت "غير نشطة"، فإنّ القرار "حساس سياسياً" لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، المعروف بدعمه لتيارات الإسلام السياسي، وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين التي كانت إحدى الأدوات الأمريكية لتدمير سوريا والدول العربية بإيعاز من هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية التي قالت في إحدى إيملاتها التي سرّبتها ويكيليكس: "دمّروا سوريا من أجل إسرائيل".

 أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية استعدادها لرفع (5) كيانات متطرفة من قائمتها للمنظمات الإرهابية الأجنبية

 ومن شأن القرار الأمريكي أنّ يثير جدلاً وانتقادات واسعة، ليس فقط في الدول التي تنشط فيها تلك المنظمات، بل من قبل ضحايا هجمات تلك المنظمات الإرهابية التي ما تزال إيديولوجياتها نشطة ومخططاتها مستمرة لفرض أفكارها المتطرفة على المجتمعات بقوة السلاح.

سقطة أمريكية

في حين لم يصدر أيّ تعليق من الجهات المصرية أو أيّ من الدول التي نشطت فيها تلك الجماعات على القرار الأمريكي، اعتبر الإعلامي المصري نشأت الديهي اتجاه الولايات المتحدة لرفع "الجماعة الإسلامية" من قوائم الإرهاب الأمريكية "سقطة" و"مناورة" أمريكية جديدة.

 

اعتبر الإعلامي المصري نشأت الديهي اتجاه الولايات المتحدة لرفع "الجماعة الإسلامية" من قوائم الإرهاب الأمريكية "سقطة" و"مناورة" أمريكية جديدة

 

 وقال الديهي، خلال برنامجه "بالورقة والقلم" عبر الفضائية المصرية "تن": إنّ "الجماعة الإسلامية هي عمود الإرهاب في مصر والعالم أجمع، وهي التي قامت واعترفت وأعلنت مسؤوليتها عن عشرات العمليات الإرهابية التي أودت بحياة مئات البشر"، معدداً جرائم "الجماعة الإسلامية" في مصر بدءاً من اغتيال السادات في 6 تشرين الأول (أكتوبر) 1981، مروراً بهجوم مديرية أمن أسيوط وقتل (181) شخصاً، منهم مجموعة من الضباط، و(100) جندي، والباقي من المدنيين، وفي 12 تشرين الأول (أكتوبر) 1990، قامت "الجماعة الإسلامية" باستهداف واغتيال الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب المصري حينها، واغتيال فرج فودة في 1992، ومحاولة اغتيال عاطف صدقي رئيس الوزراء المصري في 1993، حتى "مذبحة الأقصر" في 17 تشرين الثاني (نوفمبر) 1997، حين قتلت الجماعة (58) سائحاً في البرّ الغربي في محافظة الأقصر، بالإضافة إلى (10) عمليات نوعية تبنّتها الجماعة، وراح ضحيتها عشرات السياح من جنسيات مختلفة.

 وانتقد الديهي القرار الأمريكي قائلاً: "أنتم مخطئون، وتمارسون خطيئة سياسية وأمنية، وستدفعون الثمن غالياً، لأنّ من يربّي الثعابين والعقارب سوف يُلدغ منها بالتأكيد."

 ونقلت جريدة "أخبار اليوم" المصرية عن الديهي قوله: "ربما يكون هناك من يخطط عن عمد لإعادة إنتاج عمليات وتنظيمات إرهابية لاستخدامها في الصراع والعراك الدولي الموجود"، مضيفاً: "قد تكون هذه الخطوة الأمريكية مقدّمة أو لطرق الأبواب والتنبيه لبروفة أمريكية لإزالة الحرس الثوري الإيراني من قوائم التنظيمات الإرهابية."

من بين هذه الجماعات "الجماعة الإسلامية" التي تورطت في اغتيال الرئيس المصري الأسبق السادات

 وتضغط إيران لرفع الحرس الثوري الإيراني، المصنف إرهابياً، والمسؤول عن عدد من العمليات الإرهابية في جميع أنحاء العالم، ولا سيّما سوريا والعراق ولبنان، من قوائم الإرهاب الأمريكية مقابل إعادة إحياء الاتفاق المبرم بين إيران والقوى الكبرى في 2015.

 وتخوض إيران مفاوضات مع بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا بشكل مباشر، ومع الولايات المتحدة بشكل غير مباشر، لاستئناف العمل بالاتفاق النووي المبرم عام 2015، والهادف لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي. وقد بدأت هذه المفاوضات في نيسان (أبريل) 2021 لإنقاذ الاتفاق المبرم بين إيران والقوى الكبرى، ثم استؤنفت في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) بعد تعليقها عدّة أشهر. وانسحبت الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب أحادياً من الاتفاق في 2018 بعد (3) أعوام من إبرامه، معيدة فرض عقوبات قاسية على إيران التي ردّت بعد عام تقريباً بالتراجع تدريجياً عن غالبية التزاماتها بموجب الاتفاق.

تخوض إيران مفاوضات مع بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا بشكل مباشر، ومع الولايات المتحدة بشكل غير مباشر، لاستئناف العمل بالاتفاق النووي المبرم عام 2015

 وفي هذا الشأن، قال موقع "يو إس نيوز": إنّ قرار الإدارة الأمريكية رفع الجماعات الـ5 من قوائم الإرهاب يتزامن مع نقاش "مثير للانقسام" بشكل متزايد، غير أنّه "غير ذي صلة" في واشنطن وأماكن أخرى باحتمالات رفع الحرس الثوري الإيراني من القائمة الأمريكية كجزء من جهود إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني الضعيفة.

  قرار لا رجعة فيه

يبدو أنّ وزارة الخارجية الأمريكية لن تتراجع عن قرارها برفع الجماعات الـ5 من قوائم الإرهاب الأمريكية، بزعم الحفاظ على مصداقية الولايات المتحدة، وقد قالت الوزارة في إخطارات منفصلة لمشرّعي الكونغرس الجمعة الماضية: إنّ "تصنيفات الإرهاب للمجموعات الـ5 ستتم إزالتها رسمياً عند نشر القرارات في السجل الفيدرالي المتوقع الأسبوع المقبل."

 

الديهي: ربما يكون هناك من يخطط عن عمد لإعادة إنتاج عمليات وتنظيمات إرهابية لاستخدامها في الصراع والعراك الدولي الموجود

 

وفي حين لم تعلن الوزارة الأمريكية عن أيّ سبب منطقي لرفع التنظيمات الـ5 من قوائم الإرهاب، قال بلينكن وزير الخارجية الأمريكي: إنّها "تستند إلى مراجعة إدارية للتصنيفات، وهو أمر مطلوب بموجب القانون كل (5) أعوام، ممّا قد يوحي بأنّ الولايات المتحدة الأمريكية قد اكتشفت فجأة بعد (5) أعوام من آخر مراجعة للجماعات نفسها بأنّها تابت وعدلت عن إرهابها.

ما هي تلك المنظمات؟

تم تصنيف جميع المجموعات الـ5، باستثناء واحدة، على أنّها منظمة إرهابية أجنبية في عام 1997، وظلت على القائمة طوال الـ (25) عاماً الماضية، وهي تشمل:

  - أوم شينريكيو، جماعة "الحقيقة العليا" اليابانية التي نفذت هجوماً مميتاً بغاز السارين على مترو أنفاق طوكيو في عام 1995، وأسفر عن مقتل (13) شخصاً وإصابة مئات آخرين. وتم إعدام كبار قياداتها، بما في ذلك الزعيم شوكو أساهارا، في عام 2018. وتمّ تصنيفها منظمة إرهابية أجنبية في عام 1997.

بلينكن: الخارجية تستند إلى مراجعة إدارية للتصنيفات، وهو أمر مطلوب بموجب القانون كل (5) أعوام

ـ أرض الباسك والحرية، أو "إيتا"، التي شنّت حملة انفصالية من التفجيرات والاغتيالات في شمال إسبانيا وأماكن أخرى على مدى عقود، أسفرت عن مقتل أكثر من (800) شخص وإصابة الآلاف، حتى إعلان وقف إطلاق النار في عام 2010 وحلّها بعد الاعتقالات ومحاكمات آخر قادتها في عام 2018، وصُنفت منظمة إرهابية أجنبية في عام 1997.

  - كاهانا كاي، أو كاخ، تأسست المجموعة اليهودية الأرثوذكسية المتطرفة على يد الحاخام الإسرائيلي المتطرف مائير كاهانا في عام 1971، وقد قاد المجموعة حتى قتله في عام 1990. وقد قتل أعضاء المجموعة أو هاجموا أو هددوا أو قاموا بمضايقة العرب والفلسطينيين والمسؤولين الحكوميين الإسرائيليين، وتمّ تصنيف المجموعة لأول مرّة في عام 1997.

  - مجلس شورى المجاهدين في محيط القدس، وهو مجموعة شاملة للعديد من المنظمات الجهادية المتمركزة في غزة، التي أعلنت مسؤوليتها عن العديد من الهجمات الصاروخية وغيرها من الهجمات على إسرائيل منذ تأسيسها في عام 2012، وتمّ تصنيف المجلس لأول مرّة في عام 2014. 

 - الجماعة الإسلامية، وهي حركة إسلامية سنّية مصرية حاربت للإطاحة بالحكومة المصرية خلال التسعينيات. وشنّت مئات الهجمات المميتة ضد الشرطة وقوات الأمن وكذلك السياح، وتمّ تعيين المجموعة لأول مرّة في عام 1997.

مواضيع ذات صلة:

ماذا يعني وضع الإخوان مجدداً على قوائم الإرهاب؟

مطالبات أوروبية بإدراج الحوثيين على قوائم الإرهاب

86 نائباً في الكونغرس يحذرون بايدن من رفع الحرس الثوري الإيراني من قوائم الإرهاب



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية