سفير إيران لدى الحوثيين: هل مات بكورونا أم بقصف عسكري؟

سفير إيران لدى الحوثيين: هل مات بكورونا أم بقصف عسكري؟


22/12/2021

بعد الخروج المباغت للسفير الإيراني لدى الحوثيين من اليمن، قبل أيام قليلة، أعلن أنه توفي متأثراً بمضاعفات إصابته بفيروس كورونا، بحسب بيان الخارجية الإيرانية، أمس (الثلاثاء)، لكن المعلومات الصحفية الأجنية وكذا تقديرات مراقبين تباينت حول ملابسات مغادرته التي تمت بموافقة تحالف دعم الشرعية بعد وساطة عُمانية عراقية.

وبينما أوضحت المعلومات الرسمية الصادرة عن وزارة الخارجية الإيرانية أنّ استدعاء السفير حسن إيرلو جاء على خلفية أسباب صحية، دون ذكر أي تفاصيل أخرى، فإنّ معلومات صحفية أجنبية أخرى ألمحت إلى وجود خلافات عنيفة مع ميليشيات الحوثي، المدعومة من الحرس الثوري الإيراني، وقد أكدت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، أنّ "(حسن إيرلو) أقيل من منصبة بسبب توترات مع الحوثيين".

لماذا غادر حسن إيرلو صنعاء؟

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإنّ السفير الإيراني أضحى بمثابة "مشكلة سياسية تزيد الأعباء على كاهل الحوثيين، بالنظر إلى نفوذه الكبير في اليمن، والذي بات يعزز التصور بأنّ الحوثيين يستجيبون لإيران"، غير أنّ وكالة "رويترز" للأنباء، نقلت عن وزارة الخارجية الإيرانية، أنّ طهران ستقوم بإجلاء مبعوثها إثر إصابته بفيروس كورونا المستجد.

وقال الناطق الرسمي بلسان الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة: "نظراً لضرورة توفير الرعاية الطبية العاجلة له (أي حسن إيرلو)، فقد قامت الخارجية الإيرانية ببعض الاتصالات والمشاورات اللازمة مع عدد من دول المنطقة، وبالتالي، توافرت الظروف المبدئية اللازمة، ويتم حالياً نقل السفير الإيراني إلى البلاد".

وغرد المتحدث باسم ميليشيا الحوثي، محمد عبد السلام، على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "تفاهم إيراني- سعودي عبر بغداد تم بموجبه نقل السفير الإيراني، في صنعاء، على متن طائرة عراقية، وذلك لظروفه الصحية".

 نقلت وكالة "فرانس برس" عن مسؤول سعودي رفيع المستوى، أنّ السفير الإيراني لدى اليمن غادر صنعاء في طائرة عراقية، سمح لها السعوديون بالهبوط والإقلاع بعد وساطة عراقية وعمانية

كما نقلت وكالة "فرانس برس" عن مسؤول سعودي رفيع المستوى، أنّ "السفير الإيراني لدى اليمن غادر صنعاء في طائرة عراقية، سمح لها السعوديون بالهبوط والإقلاع بعد وساطة عراقية وعمانية"، لافتة إلى أنّ "مغادرته صنعاء كانت بطلب من الحوثيين وفي ظل ظروف غامضة؛ إذ لم تتضح الأسباب وراء رغبة الحوثيين في رحيل السفير"، وتابعت: "غادر على متن طائرة عراقية وقد يكون حالياً في بغداد. موافقة الرياض على السماح برحيله صدرت بعد وساطة عراقية وعمانية".

أدوار مشبوهة لوكلاء طهران باليمن

عرج الدكتور ثابت الأحمدي الباحث اليمني والسكرتير الإعلامي بالرئاسة اليمنية، على بدايات دخول السفير الإيراني اليمن، والتي استهلت بـ"تسلل" مبعوث طهران لدى ميليشيا الحوثي، دون التزام منه بالطرق الشرعية والقانونية؛ إذ كانت عملية "غامضة، ويدور حولها الشك والريبة، وبالتالي، جاءت عملية مغادرته، بصورة مماثلة، يخيم عليها الغموض".

 ويتابع لـ"حفريات": "من المفترض أن تحدث عملية دخول أو مغادرة السفير الإيراني، بشكل رسمي، لكن طبيعة اللصوص لا يستأذنون في دخولهم أو خروجهم".

ويردف الأحمدي: "حسن إيرلو لعب أدواراً مشبوهة في اليمن، لذا؛ ستظل التكهنات تدور حول ملابسات نشاطه وأسباب هذه المغادرة المباغتة. وقد تم تداول معلومات مسربة، مؤخراً، عن وجود خلافات بينه وبين الحوثيين، وأظن أنّ تلك الإشاعات سربها الحوثيون أنفسهم، للظهور أمام الرأي العام بأنّهم متحكمون بسائر قراراتهم، وذلك على خلاف الواقع، إذ إنّهم مجرد أتباع لإيران، ووكلائها".

اقرأ أيضاً: حقول الألغام الحوثية تزرع الموت في المساجد والمدارس والأسواق

ويرجح الباحث اليمني، أنّ السفير الإيراني قد غادر البلاد بعدما أنهى مهمته، وذلك بغض النظر عن حقيقة الوفاة متأثراً بإصابته بفيروس كورونا أو أيّ شي آخر؛ حيث كان يقوم بـ"استقصاء المعلومات حول الأوضاع الداخلية، السياسية والميدانية، لجهة نقلها لدولته إيران، بصورة تفصيلية". ويضيف: "لا أستبعد أن يعود وكلاء آخرين لإيران على متن طائرة الأمم المتحدة، متسللين إلى اليمن، كما جاء حسن إيرلو في المرة السابقة".

وبسؤال الأحمدي عن المعلومات المتداولة بخصوص حقيقة وطبيعة الوضع الصحي لمبعوث إيران لدى الميليشيات في اليمن، والمتسببة في نقله خارج البلاد، يجيب: "هي واحدة من التلفيقات المعروفة عن الحوثيين، بوجه خاص، وعن الإعلام الإيراني، بوجه عام؛ لأنّه كان بمقدور حسن إيرلو تلقي العلاج في إحدى مستشفيات صنعاء، وبعضها مشاف جيدة، من دون الحاجة لمشافي بغداد أو طهران، فالأمر يعد ضمن ألاعيب هذه الجماعة".

تسوية سياسية وتقليم أظافر إيران

من جهته، يؤكد مدير منظمة "اليمن أولا"، عبد الكريم الأنسي، في حديثه لـ"حفريات"، أنّ تفاقم الخلافات بين إيرلو وميليشيات الحوثي تعد السبب الرئيسي والمباشر لمغادرته اليمن، مشدداً على أنّ الوفاة جاءت نتيجة "إصابته البالغة التي تعرض لها بعد القصف الذي نفذته قوات تحالف دعم الشرعية، حيث استهدفت أحد المواقع السرية لميليشيات الحوثي. ومن بين القيادات الأخرى التي جرى استهدافها خلال القصف أبو يوسف المداني".

 

اقرأ أيضاً: ما علاقة إخوان اليمن بدعم السلفية السرورية للحوثيين؟

ويشير الصحفي اليمني أحمد فوزي، إلى أنّ حسن إيرلو غادر العاصمة اليمنية، صنعاء، على متن طائرة طبية عراقية، بعدما قضى في اليمن نحو سنة وشهرين، حيث كان قد وصل البلاد بواسطة طائرة تنقل الأسرى، في تشرين الأول (أكتوبر) العام الماضي.

ويتابع الصحفي اليمني لـ"حفريات": "السفير الإيراني وصل وغادر اليمن بعلم التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، ومن ثم، لا يمكن التعاطي مع المسألة بأنّ ثمة غموضاً يخيم على الأحداث؛ فعند وصول (إيرلو) لليمن كانت هناك وساطة لإخراج الأسرى من بين الأطراف المتصارعة، وذلك بوساطة عُمانية، وهو ما سهل وصول السفير الإيراني لموقعه الجديد".

مدير منظمة "اليمن أولا"، عبد الكريم الأنسي لـ"حفريات": تفاقم الخلافات بين إيرلو وميليشيات الحوثي تعد السبب الرئيسي والمباشر لمغادرته اليمن وليست إصابته بفيروس كورونا كما يزعمون

ويردف: "الرواية الرسمية التي تتحدث عن إصابة إيرلو بفيروس كورونا، لم تكن سردية مقنعة نهائياً، خاصة أنّ السفير الإيراني وصل إلى صنعاء في ذروة انتشار فيروس كورونا في طهران. وبحسب معلوماتي؛ فإنّ هناك تجهيزات للعلاج داخل السفارة الإيرانية، تشمل غرف عناية مركزة خاصة بالبعثة الايرانية، وموجودة منذ ما قبل الحرب".

 

اقرأ أيضاً: "التحالف" يواصل قصفه الاستراتيجي لمواقع حوثية... ماذا استهدف هذه المرة؟

ويلمح الصحفي اليمني، إلى أنّ هناك ردود فعل من قبل قيادات حوثية  على مواقع التواصل الاجتماعي، تكشف حقيقة وجود خلافات جمّة مع مبعوث إيران، بالإضافة إلى تنامي تيارات رافضة لسياسات السفير الايراني في البلاد، وهذا ما كان واضحاً في رد فعل القيادي محمد علي الحوثي من خلال تغريداته على "تويتر".

وعليه؛ يمكن ربط مغادرة السفير الايراني بالتحولات اللافتة والمهمة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، حسبما يوضح المصدر ذاته، والتي من بينها محاولات الوصول إلى حل بخصوص الملف النووي الايراني، في مفاوضات فيينا، كما يبدو أنّ هناك اشتراطات أمريكية بتخلي ايران عن طموحها في السيطرة على خليج عدن، الأمر الذي كان واضحاً كذلك من الطريقة المفاجئة في سحب السفير الذي تم الترويج والدعاية لوجوده، بأنّه انتصار كبير لصالح ما يعرف إعلامياً بـ"محور المقاومة" الذي تدعمه طهران.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية