سياسة سلاح "حزب الله".. تدمير لحياد لبنان ورهينة في يد إيران

سياسة سلاح "حزب الله".. تدمير لحياد لبنان ورهينة في يد إيران


21/07/2020

كارول صباغ

فرضت دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي لحياد لبنان نفسها على الساحة فيما بدا واضحا أن طرحه يستهدف بالدرجة الأولى مليشيات حزب الله التي بات سلاحها أداة لتدمير "الحياد" وجعل هذا البلد العربي رهينة في يد إيران. 

وأيدت معظم الأطراف الدعوة وذهب البعض إلى اعتبار أنها ستؤسس لمرحلة جديدة في لبنان، وتبقي الأنظار متجهة للطرف الأساس في هذا الموضوع وهو حزب الله الذي لا يزال صامتا.

فيما كان رد حليف "المليشيات" رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بعد لقائه الراعي أنه يجب توفر ظروف نجاح الحياد التي تعتمد على التوافق الداخلي وتأمين مظلة خارجية لتطبيق هذا الموضوع.

وتجمعت الأطراف المؤيدة لدعوة الراعي على أهميتها في هذه المرحلة التي يمر بها لبنان لكنها أقرت بأن ذلك لا يمكن تطبيقه في ظل إمساك حزب الله بالسلطة وارتباطه بالمحور الإيراني الذي أدى إلى حصار وعزلة البلاد عن محيطه العربي.

وكان الراعي قد أطلق دعوته الأولى لحياد لبنان مطالباً رئيس الجمهورية ميشال عون بفك الحصار عن الشرعية في 5 يوليو/تموز الجاري، وهو الموقف الذي يكرره في كل لقاءاته ولاقى دعما داخليا وخارجيا.

والإثنين، عاد الراعي وأكد أن "نظام الحياد أكبر ترجمة للكلام الوارد في مقدمة الدستور والذي يقول: لبنان وطن نهائي لكل أبنائه".

وأضاف: "دخولنا في أحلاف سبب لنا عزلة تامة والحياد وحده مصدر الاستقرار والازدهار ونظام الحياد الفاعل والناشط يعيد للبنان دور الجسر بين الشرق والغرب".

وأردف: "لم نخترع شيئا جديدا هذا تاريخنا وهذه ثقافتنا وحضارتنا وقد عشناها 40 سنة، لبنان يعتمد الحياد ويلتزم القضايا العامة والسلام وحقوق الإنسان وثقافة الحوار والحضارات".

دعم للراعي

ويلقى كلام البطريرك الماروني دعما أساسيا من معظم الأطراف ولا سيما خصوم حزب الله من تيار المستقبل إلى حزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وغيرها من المعارضة.

وفي حديث تلفزيوني، أكد رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق فؤاد السنيورة أن الراعي وضع إصبعه على مشكلة تكاد تكون الأولى في بيروت، وهي أن دويلة "حزب الله" تضع يدها وتطبق على البلاد، ما ترتب عليه تداعيات وانعكاسات على أكثر من صعيد سياسي واقتصادي ومعيشي وأمني.

من جهته، اعتبر "لقاء سيدة الجبل" الذي يرأسه النائب السابق فارس سعيد في اجتماعه الإثنين، أن "تصريح باسيل بعد لقائه الراعي وحديثه المتكرر لرئاسة الجمهورية عن الحياد ومثل هذه الردود تعبير فصيح عن ارتهان الدولة للمحور الإيراني".

سعيد طالب بـ"العودة إلى إعادة صياغة نظام المصلحة بين لبنان وباقي الدول العربية، وأنه لا خلاص إلا بالعودة إلى الدستور اللبناني".

عقدة الاستراتيجية الدفاعية

ولا يختلف موقف النائب السابق والقيادي في تيار المستقبل مصطفى علوش والباحث السياسي لقمان سليم عن هذا التوجه، مع إقرارهما بأن استمرار واقع حزب الله على ما هو عليه لن يؤدي إلى حياد لبنان بل سيزيد الوضع تعقيدا.

علوش قال كذلك لـ"العين الإخبارية" إن "الحياد قضية تقليدية في لبنان مطروحة منذ عقود ودعوة الراعي تستند إلى أساس هذا البلد والمواثيق الدولية والخروج من المحاور الإقليمية مع عدم التخلي عن القضية الفلسطينية، على عكس ما يقوم به حزب الله في قتاله باليمن وسوريا ما أدى إلى إيصالنا لمرحلة تهدد زوال بلدنا بالشكل الذي هو عليه حاليا".  

وتابع: "لذا علينا المحافظة على مبدأ الحياد الذي يجب أن يكون بالدرجة الأولى عبر نزع سلاح حزب الله أو وضعه تحت سلطة الدولة والجيش اللبناني، بعدما اعتاد الالتفاف على هذا الأمر عبر طرحه ما سميت الاستراتيجية الدفاعية التي لا يمكن التوصل إلى اتفاق بشأنها".

لكن أمام كل ذلك ومع تأكيده على أهمية مواقف الراعي يعتقد علوش أن دعوته ستذهب هباء وقد لا ينتج أكثر من تشكيل جبهة سياسية – شعبية لأن هناك قسما من اللبنانيين لا يزال يدافع عن سلاح حزب الله الذي يبدو واضحا أنه لن يسلمه.

ويتوقف علوش عند صمت حزب الله تجاه دعوة الراعي، معتبرا أن هذا الأمر سببه الإحراج الذي وجد نفسه فيه خاصة أمام بيئة حلفائه المسيحيين الذين بدأوا يتذمرون بشكل كبير من الوضع الاقتصادي والحصار المفروض على البلاد نتيجة سياسة المليشيا.

صمت الحليف بري

 وعن حليف حسن نصر الله الأساسي، أي رئيس البرلمان نبيه بري الذي لم يصدر عنه أي موقف أيضا، يقول علوش: "بري يعلم الخطر على لبنان نتيجة سلاح حزب الله لكنه لا يستطيع اعلان ذلك بصوت مرتفع".

ومن هنا يبدي علوش تشاؤمه من إمكانية إيجاد حل لهذه المشكلة في المدى القريب، قائلا: "سيبقى لبنان رهينة في يد حزب الله وإيران إلى أن يأتي من يفاوض علينا والخوف من التضحية بهذه الرهينة لتكون نهاية بلادنا".

في المقابل، عبر الباحث السياسي لقمان سليم عن بعض التفاؤل في إمكانية أن تؤسس دعوة الراعي لمرحلة جديدة في لبنان وإن على المدى البعيد.

سليم أكد لـ"العين الإخبارية" أن الحديث عن الحياد اليوم رغم أهميته لكنه غير ممكن التطبيق في ظل هيمنة حزب الله على لبنان والحكومة والبرلمان لكن لابد وأن يساهم في الخروج من المأزق الذي يعيشه لبنان، قائلا: "الحصار على الشرعية كما سلاح حزب الله لا يمكن أن يكون قدرا علينا التعايش معهما".

ويرى أنه مجرد طرح قضية الحياد من قبل البطريركية المارونية، بما تمثل وتتمتع بغطاء الفاتيكان، لا يمكن لأحد أن يواجهها والدليل على ذلك أن حزب الله يختبئ خلف الصمت ويفلت بعض الشماتين لمواجهة الراعي".

ويختتم حديثه بالقول: "قبل ذلك كان كل من يطرح هذا الموضوع كان يتعرض للهجوم والاتهام بالخيانة، اليوم مع دعوة البطريرك الماروني بات هناك حصانة لهذا المطلب الذي يلقى دعما داخليا وخارجيا حيث تتقاطع المواقف الدولية من فرنسا وأمريكا وغيرها، مع دعوة الراعي، ما سيجعل من هذه المرحلة في لبنان مفصلية وجوهرية".

عن "العين الإخبارية"

    الصفحة الرئيسية