"عين عيسى" صفقة تركيا - روسيا الجديدة لمكاسب أكبر قبل وصول بايدن

"عين عيسى" صفقة تركيا - روسيا الجديدة لمكاسب أكبر قبل وصول بايدن


30/12/2020

يبدو أنّ اتفاقاً تركياً روسياً جديداً قد عُقد في الغرف المغلقة بين البلدين، فيما يتعلق بسوريا، يهدف إلى تصعيد الأوضاع ميدانياً في مواجهة قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، والسيطرة على مناطق حيوية خاضعة لنفوذها، وذلك لتضييق الخناق على الأكراد، والحصول على أكبر مكاسب ممكنة، قبل أن يصل الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى البيت الأبيض، بأجندة تحمل وعوداً مغايرة لما انتهجه سلفه دونالد ترامب نحو الكرد وتركيا.

اقرأ أيضاً: سوريا وبايدن والمتغيرات الأمريكية

وشدّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ونظيره التركي مولود جاويش أوغلو، على استمرار التعاون العسكري بين البلدين، وذلك خلال زيارة للأخير إلى مدينة سوتشي الروسية.

وسبق أن انتقد بايدن، في مواضع عدة، انسحاب معظم القوات الأمريكية من شمال سوريا، والتخلي عن قوات سوريا الديمقراطية، بعد تحالف لأعوام تحت عنوان "مواجهة تنظيم داعش"، قبل أن يتخلى دونالد ترامب عن التواجد الأمريكي في الشمال لصالح نفوذ وتواجد أكبر لتركيا.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف

وقد تعهّد بايدن قبل فوزه بالانتخابات الأمريكية، خلال حواره مع "نيويورك تايمز"، بدعم الأكراد في سوريا حال دخوله البيت الأبيض، قائلاً: آخر شيء كان يمكن أن أفعله هو التنازل لأردوغان فيما يتعلق بالمسألة الكردية، كما فعل ترامب أمامه في سوريا...، وتابع متحدثاً عن أردوغان: ما أعتقد أننا يجب أن نفعله هو اتباع نهج مختلف تماماً تجاهه الآن.

اقرأ أيضاً: من سوريا إلى ناغورنو كاراباخ: هكذا استعمل أردوغان المرتزقة

وقبل أقلّ من شهر من دخول بايدن إلى البيت الأبيض، صعّدت تركيا والقوات السورية الموالية لها هجماتها على مدينة عين عيسى (شمال سورية)، التي تخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ما أسفر في غضون أيام عن مقتل العشرات من عناصر قسد، كما سقط مدنيون، وفق تأكيدات كردية.

قبل أقلّ من شهر من دخول بايدن إلى البيت الأبيض، صعدّت تركيا والقوات السورية الموالية لها هجماتها على مدينة عين عيسى التي تخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية

وتكتسب مدينة عين عيسى أهمية حيوية نظراً لموقعها الاستراتيجي على الطريق الدولي (الحسكة- الرقة- حلب) المعروف باسم (M4) الرابط بين شرق سوريا وغربها.

يأتي ذلك في وقت يتمّ فيه التحدث عن تواطؤ القوات الروسية المتواجدة بنقاط للمراقبة داخل المدينة، فلم تكتفِ تلك القوات بالصمت على التصعيد التركي، بل تزامن ذلك مع أخبار تداولتها وسائل إعلام روسية، في مقدّمتها "سبوتنيك"، عن اتفاق بين روسيا وقسد انتهى إلى انسحاب الأخيرة من مدينة "عين عيسى" وتسليمها إلى النظام السوري، بعد اشتداد القصف التركي للمدينة.

ردّ الأكراد

ومن جانبها، نفت القوات الكردية ذلك في مقطع فيديو لقائد عسكري مساء أمس، اطلعت "حفريات" عليه، وقد تمّ تجاهله من وسائل الإعلام الروسية وتلك الموالية للنظام السوري وتركيا.

وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو

 ويقول رئيس مجلس تل أبيض العسكري رياض الخلف، خلال الفيديو: ما زالت الانتهاكات التركية مستمرة في حق أهلنا في عين عيسى وريفها، القذائف العثمانية الصاروخية تواصل القصف، وبالنسبة إلى ما ورد في بعض مواقع التواصل الاجتماعي من حديث يُروّج لمصلحة الحكومة السورية والاحتلال العثماني، فإننا لم نتفق حتى الآن مع الروس، ولم يطرح هذا المشروع (الاستسلام والانسحاب)، بأيّ شكل من الأشكال.

اقرأ أيضاً: لماذا سحبت تركيا نقاطاً عسكرية شمال غرب سوريا؟

وشدّد الخلف قائلاً: قوات سوريا الديمقراطية ومجلس تل أبيض العسكري موجودان، ونحن نحترم الاتفاقيات الدولية، لكنّ الانتهاكات مستمرة على شعبنا وأهلنا، ولن نسلّم عين عيسى بأيّ شكل من الأشكال، ولنا الحق المشروع في الدفاع عن أهلنا.

 

قوات سوريا الديمقراطية ومجلس تل أبيض العسكري موجودان، ونحن نحترم الاتفاقيات الدولية، لكنّ الانتهاكات مستمرة على شعبنا وأهلنا

 

وحول الموقف الروسي قال الخلف: حسب الاتفاقات السابقة بيننا وبين الضامن الروسي، شكّلنا 3 نقاط للمراقبة بإشراف روسي، لكنّ الضامن الروسي في حالة صمت، لم يوقف الانتهاكات، مضيفاً: لا نعلم ما تخفيه الصدور، هو لا يحرّك ساكناً مع العلم أنه موجود وفق النقطة الروسية، ولم يقم بدوره المترتب عليه.

ولفت القائد العسكري إلى "وجود جثث من المدنيين من أهلنا تحت الأنقاض، وحتى الآن لم نستطع أن نخرجها، ولم يسمح الاحتلال التركي بانتشال تلك الجثث".

 المقايضة

ويرى الكاتب والباحث السوري "بدرخان علي" أنّ تركيا تستغلّ الفترة الانتقالية بين ولاية ترامب وولاية بايدن في محاولة للحصول على أكبر مكاسب ممكنة، لكنه على خلاف المتفائلين بإدارة بايدن، فيما يتعلق بفسحة أكبر للأكراد، قال لـ"حفريات": ليس مرجّحاً أنّ بايدن سيغيّر مسار سياسة الولايات المتحدة مع تركيا في سوريا وغيرها من أجل الأكراد أو غيرهم، فالشراكة بين واشنطن وأنقرة عميقة ومتعددة المستويات، رغم التوتر بين العاصمتين بسبب شراء تركيا منظومة صواريخ S400 الروسية.

ويُعدّ النهج الأمريكي نحو تركيا وقضايا الشرق الأوسط أكثر ما يثير الفضول والترقب مع وصول بايدن إلى البيت الأبيض، بين توقعات لتغيرات جذرية تنبع من الأجندة الديمقراطية للرؤساء الأمريكيين مقابل الأجندة الجمهورية، وهناك آخرون يتوقعون تغييرات طفيفة، لا سيّما على صعيد العلاقات الخارجية، في ظل ثقل الملفات الداخلية التي ستكون شُغل بايدن الشاغل عند دخوله البيت الأبيض.

 

نفت تركيا عبر وزير خارجيتها خلال لقائه لافروف في روسيا أمس أن تكون علاقتها بروسيا بديلاً عن علاقتها مع الولايات المتحدة أو حلف الناتو

 

وحول أسباب الموقف الروسي، قال بدرخان: إنّ روسيا تستفيد من مقايضاتها مع تركيا، فمن السهل السماح لتركيا باجتياح منطقة سورية أخرى، ضمن مسلسل المقايضات بين موسكو وأنقرة، فيما يتمثل الهدف الروسي في كسب تركيا إلى جانبها وتوتير علاقات تركيا مع واشنطن وشقّ وحدة حلف الناتو، وكذلك إضعاف موقع "قوات سوريا الديمقراطية" بسبب تلقيها الدعم من واشنطن.

اقرأ أيضاً:  تقرير جديد يكشف: كيف انصهر دواعش سوريا داخل الفصائل الموالية لتركيا؟

وكانت تركيا قد نفت عبر وزير خارجيتها، خلال لقائه لافروف في روسيا أمس، أن تكون علاقتها بروسيا بديلاً عن علاقتها مع الولايات المتحدة أو حلف الناتو، ورغم النفي تبقى بديهية أنّ التقارب التركي ـ الروسي، خصوصاً على خلفية صفقة الصواريخ المرفوضة من قبل واشنطن والناتو، تعني مزيداً من الجفاء بين أنقرة وواشنطن والناتو.

اقرأ أيضاً: كيف أصبح المتمردون في سوريا مرتزقة لتركيا؟

وميدانياً يرى بدرخان أنّ قوات سوريا الديمقراطية بين تلك القوى هي الأقلّ حظاً، وقال: سواء في العلاقة بين تركيا وواشنطن من جهة، أو بين موسكو وأنقرة من جهة أخرى، فإنّ قوات سوريا الديمقراطية هي الأضعف في هذه المعادلة المعقدة بين أنقرة وواشنطن وموسكو.

ولفت إلى أنّ قوات سوريا الديمقراطية تمكّنت حتى الآن من صدّ هجوم جماعات تركيا السورية، رغم الدعم العسكري التركي بالمدفعية والأسلحة الأخرى. وتابع: لا تستطيع هذه الجماعات هزيمة قوات سوريا الديمقراطية دون تدخل جوّي تركي مكثّف.

وتنذر الأوضاع ميدانياً بإمكانيات التصعيد التركي وصولاً إلى غطاء جوي مكثف لاجتياح عناصرها المدينة، ويبقى التساؤل حول إمكانية تدخل قوى إقليمية جديدة مثل فرنسا لدعم الأكراد في مواجهة المخطط التركي ـ الروسي.

اقرأ أيضاً: شرق سوريا وفق النموذج التركي: تشيّع ومُرتزقة وأسماء فارسية

وسبق أن لعبت فرنسا دوراً في دعم قوات سوريا الديمقراطية بعد انسحاب الولايات المتحدة في العام 2019، لكنّ الكاتب السوري يستبعد قدرة فرنسا على مواجهة أو مضاهاة التواجد العسكري التركي ـ الروسي في الشمال.

وقال بدرخان: فرنسا لا تستطيع التحرّك بمفردها دون واشنطن، ولا تستطيع مواجهة تركيا وروسيا وإيران، هي ترغب في لعب دور كبير في الساحة السورية، لكنها لا تستطيع.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية