فقدان البوصلة: واشنطن إذ تصادق الإرهابيين وتراقص الذئاب

فقدان البوصلة: واشنطن إذ تصادق الإرهابيين وتراقص الذئاب


22/03/2022

الذين يلومون دول المنطقة التي تبحث عن خيارات لفك "الارتباط الأبدي" بواشنطن، لا يدركون عمق المأزق الذي وضعتهم فيه الولايات المتحدة، ودفعتهم رغماً عنهم للبحث عن شركاء آخرين.

والذين يصفون إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنها "مخيبة للآمال" وأنها ضعيفة وركيكة، لا يجانبون الصواب، فقد فرّطت هذه الإدارة بشركائها وأصدقائها وما زالت تدير تحالفاتها بطريقة تنقصها الحكمة والنظر العميق. إنها إدارة تصادق الإرهابيين وتراقص الذئاب!

الكاتب الإماراتي محمد يوسف: الرئيس جو بايدن سيرتكب خطأ لا يغتفر، في حق بلاده أولاً، وفي حق أصدقائه ثانياً، وسيقطع خيوطاً امتدت بينه وبينهم لعقود مضت

فبعد أن ظل الرئيس بايدن يتلكأ ويسوّف في اتخاذ قرار يصنف الحوثيين كمنظمة إرهابية، مارست هذه الميليشيات الإرهابية وما انفكت سلسلة من الأعمال الإرهابية ضد السعودية والإمارات، في حين ما برح بايدن يفكر (دعه يفكر) في تصنيفهم جماعة إرهابية.

وكانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، قد أدرجت الحوثيين على قائمة المجموعات الإرهابية في كانون الثاني (يناير) 2021

إقرأ أيضاً: ماذا يعني أن تكون المنشآت النووية الإيرانية في عهدة الحرس الثوري؟

ولكن، بعد تسلم الرئيس بايدن مهامه ألغى تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية بذريعة "السماح باستمرار عمل المنظمات الإنسانية في اليمن، والمساهمة في الوصول لحل ينهي الحرب".

"إبداعات" إدارة بايدن

آخر "إبداعات" إدارة بايدن المصرة على مكافأة العدوان والشراكة مع الإرهابيين، هو رفع الحرس الثوري الإيراني من لوائح الإرهاب؛ حيث كشف تقرير عن شروط متعلقة بإسرائيل وضعتها إدارة بايدن لرفع الحرس الثوري الإيراني من لوائح الإرهاب.

وأفادت صحيفة "الجريدة" الكويتية، نقلاً عن مصدر مطلع في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أنّ الإدارة الأمريكية أبلغت طهران استعدادها لرفع الحرس الثوري من لوائح الإرهاب بشروط.

وفي التفاصيل، نقلت "الجريدة" عن المصدر قوله: "إن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أبلغت الإيرانيين في آخر الرسائل المتبادلة بين الطرفين عبر الأوروبيين بشأن إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، أنها مستعدة لرفع الحرس الثوري من لوائح الإرهاب، ورفع العقوبات المفروضة عليه، لكن (فيلق القدس) المكلف بالعمليات الخارجية للحرس، يستثنى من أي قرار مماثل، لأنّ وضعيته مختلفة والعقوبات المفروضة عليه جاءت قبل انسحاب الرئيس السابق دونالد ترامب من الصفقة النووية عام 2018".

إقرأ أيضاً: الحوثي مدعوماً بالحرس الثوري الإيراني يعيث تهديداً براً وبحراً وجواً

وقال المصدر لـ"الجريدة" معقباً على تقرير "أكسيوس" حول استعداد بايدن لرفع الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب في وقت سابق: "إن واشنطن وضعت شروطاً عدة لرفع الحرس الثوري من قائمة الإرهاب، بينها التوصل إلى تهدئة متوسطة الأمد بين إيران وإسرائيل، وخفض طهران للتوتر الإقليمي".

بماذا ردت طهران على الشرط الأمريكي؟

وأوضح المصدر أنّ "طهران ردت على الشرط الأمريكي الجديد باستثناء (فيلق القدس) من رفع العقوبات، بالتشديد على أنّ الحرس الثوري مجموعة واحدة، وأنّ رفع العقوبات عنه يجب أن يكون كاملا"، أي يجب أن يشمل فيلق القدس أيضاً.

وأضاف المصدر للصحيفة: "ربطت طهران الموافقة على مطلب واشنطن بالدخول في تهدئة مع إسرائيل، بالحصول على تعهد أمريكي بمنع الدولة العبرية من مهاجمتها أو أي من حلفائها، وكذلك رفع (حزب الله) اللبناني من لوائح الإرهاب، أسوة بما جرى مع جماعة (أنصار الله) الحوثية المتمردة في اليمن".

عضو مجلس الشيوخ الأمريكي، السيناتور رون جونسون: نظام طهران شرير يسير نحو الحصول على القنبلة النووية.. وضعف الرئيس الأمريكي جو بايدن قد يكون له تداعيات خطيرة

ويستغرب المعلق السياسي الإماراتي محمد يوسف، من أنّ انفتاح الإدارة الأمريكية على إيران يتزامن مع قيام طهران بضرب أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراقي، بصواريخ انطلقت من أراضيها، وبعدها ضربت قاعدة بلد بأربعة صواريخ، من أتباعها داخل العراق، وليلة الأحد، ضربت ذراعها اليمنية عدة مناطق سعودية، بتسع طائرات إيرانية مسيّرة.

وأضاف يوسف في مقال في صحيفة "البيان" الإماراتية أمس الاثنين: "الغريب في الأمر أنّ الرئيس الأمريكي وإدارته، يسربون أخباراً حول رفع الحرس الثوري الإيراني من لائحة الإرهاب، في نفس التوقيت، وكأن بايدن لا يرى ولا يسمع. إنه مندفع نحو إعادة إحياء الاتفاق النووي، ولا يهمه شيء قبله أو بعده، فهو، ومنذ عدة أشهر، يقدم التنازلات، واحداً تلو الآخر، فتجاوز شرط عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وتنازل عن قضية تزويد الميليشيات في العراق وسوريا ولبنان واليمن بالصواريخ والطائرات المسيّرة، ويريد أن يضيف فوق ذلك كله، إطلاق يد الحرس الثوري بفكره القائم على الهيمنة، كما يصرح قادته".

إقرأ أيضاً: تقرير يكشف طرق تهريب النفط الإيراني.. ما دور الحرس الثوري؟

وأكد الكاتب الإماراتي أنّ "بايدن سيرتكب خطأ لا يغتفر، في حق بلاده أولاً، وفي حق أصدقائه ثانياً، وسيقطع خيوطاً امتدت بينه وبينهم لعقود مضت، وغداً، عندما تفيق الولايات المتحدة من (فقدان البوصلة)، لن تجد خيطاً يمكن أن يوصل من جديد!".

"انتكاسة كبيرة"

في غضون ذلك،  قال مشرع أمريكي، إنّ رفع الحرس الثوري الإيراني من لائحة الإرهاب "انتكاسة كبيرة". وكان عضو مجلس الشيوخ الأمريكي، السيناتور رون جونسون، حذر في وقت سابق، من مغبة العودة إلى الاتفاق النووي مع ما وصفه بنظام طهران الإرهابي، واصفاً ذلك بالأمر الرهيب.

وأضاف جونسون، في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز الأمريكية أنّ "نظام طهران شرير يسير نحو الحصول على القنبلة النووية"، مشيرا إلى أنّ ضعف الرئيس الأمريكي جو بايدن قد يكون له تداعيات خطيرة، وفقاً لما ذكرته قناة "العربية".

من جانبه، أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، عن "قلقه" بشأن نية الولايات المتحدة الاستجابة لـ"المطلب الإيراني الصفيق"، وإزالة الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية.

ووصف بنيت إمكانية قيام الولايات المتحدة برفع الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب، من أجل تمهيد الطريق للتوصل لاتفاق نووي، بأنه "ثمن أغلى مما يمكن تحمله".

وقال بنيت في مستهلّ الاجتماع الأسبوعي لحكومته، أول من أمس الأحد: "إننا قلقون جداً إزاء نية الولايات المتحدة الاستجابة للمطلب الإيراني الوقح بإخراج الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية"، وشدد على أنّ "الحرس الثوري هو عبارة عن كبرى المنظمات الإرهابية حول العالم. وعلى عكس (داعش)، أو غيرها من المنظمات الإرهابية، تقف وراءه دولة، وهي إيران"، حسبما نقلت وكالة الأنباء الألمانية.

أكبر منظمة إرهابية في العالم

وكتب على صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك": "إنها ليست مشكلة إسرائيلية بحتة. فهناك دول أخرى، من الدول الحليفة للولايات المتحدة في هذه المنطقة، تتعامل يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة مع هذه المنظمة الإرهابية". وأضاف: "في هذا الوقت بالذات، نلاحظ عزماً على إبرام اتفاق نووي مع إيران بأي ثمن تقريباً، بما في ذلك الإعلان عن أنّ أكبر منظمة إرهابية في العالم ليست منظمة إرهابية. لكن هذا الثمن أغلى مما يمكن تحمله". وشدد على أنه "حتى لو تم اتخاذ هذا القرار المؤسف، فإنّ دولة إسرائيل ستواصل التعامل مع الحرس الثوري بوصفه منظمة إرهابية، وستواصل التحرك ضده بوصفه منظمة إرهابية".

إقرأ أيضاً : "تروث سوشيال": مشروع ترامب الفاشل لمحاربة تويتر

وفي سياق متصل، وافقت اللجنة الوزارية الإسرائيلية للتسليح على خطة دفاعية مناطقية في الشمال على الحدود مع لبنان وسوريا، في ظل مخاوف من تصاعد الأوضاع الأمنية مع إيران وحزب الله.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلي "كان" بأنّ اللجنة وافقت على شراء رادارات وصواريخ اعتراض لمنظومة الدفاع الجوي القبة الحديدية بقيمة مئات الملايين من الشواكل (الدولار الواحد يساوي 3.26 شيكل إسرائيلي).

ومنظومة القبة الحديدية هي إنتاج إسرائيلي بدعم أمريكي، للتصدي للصواريخ قصيرة المدى، وتشتري إسرائيل الصاروخ الاعتراضي المستخدم في المنظومة والمسمى "تامير" من الولايات المتحدة الأمريكية.

وحسب الهيئة، فإنّ تلك الخطة تعتمد على استنساخ إستراتيجية اتبعها الجيش الإسرائيلي في مواجهة الصواريخ التي تطلقها الفصائل الفلسطينية من قطاع غزة.

وأشارت إلى أنّ ذلك يعني "تغيير النظرة الدفاعية في المنطقة، للاستجابة لإطلاق صواريخ متطورة من خلال مراكز القيادة والسيطرة المناطقية".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية