فلسطينية من غزة: هل سيعيد قرار محكمة الجنايات قدمي المبتورة؟

فلسطينية من غزة: هل سيعيد قرار محكمة الجنايات قدمي المبتورة؟


16/02/2021

بعد طول انتظار، وسنوات من النضال القانوني في المحافل الدّولية؛ أعلنت المحكمة الدولية؛ أنّ اختصاصها القضائيّ الإقليميّ فيما يتعلّق بالوضع في فلسطين، الدّولة المنضوية في نظام روما الأساسيّ للمحكمة الجنائية الدّولية، سوف يمتدّ إلى الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967؛ "الضفة الغربية، مدينة القدس، قطاع غزة".

يقول رئيس اللجنة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطينيّ صلاح عبد العاطي إنّ قرار محكمة الجنايات الدولية هو ثمرة نضال الشعب الفلسطيني

ويتمنّى الفلسطينيون أن يعيد القرار حقوقهم وينصفهم، حيث تأمل الشابة الفلسطينية جميلة الهباش  أن تستكمل المحكمة إجراءاتها، لمحاكمة قادة الجيش الإسرائيلي الذين تسببوا في بتر قدميها.

وبموجب هذا القرار، سيتمكن الفلسطينيون من ملاحقة قادة الاحتلال بالمحافل الدولية، ومحاسبتهم على الجرائم التي ارتكبوها خلال السنوات الماضية، وهو الأمر الذي أربك الاحتلال الإسرائيلي وجعله يعيد حساباته؛ إذ إنّ المعركة الحقيقة بين الشعب الفلسطيني ودولة الاحتلال بدأت الآن.

ورحّب الفلسطينيون بقرار محكمة الجنايات الدولية، وعدّوه انتصاراً قانونياً على الاحتلال الإسرائيلي، وإنصافاً لضحايا الاعتداءات المتكررة، وأنّه بمثابة رسالة لكلّ مسؤول إسرائيلي شارك في ارتكاب مجازر بحقّ الشعب الفلسطيني بأنّهم سوف يكونون عرضة للملاحقة القانونية.

وبدأت وزارة الخارجية الفلسطينية، بالتنسيق مع المحكمة الجنائية الدولية، لمباشرة تحقيقاتها في فلسطين، بعد قرار المحكمة بولايتها القضائية على الأراضي الفلسطينية، في حين دعت حركة حماس إلى "جلب مجرمي الحرب" الإسرائيليين إلى المحاكم الدولية.

اقرأ أيضاً: مؤتمر الفصائل الفلسطينية في القاهرة... الواقع والطموحات

وقال وزير الخارجية والمغتربين الفلسطينيّ، رياض المالكي؛ إنّ الجهات المختصة بدأت على الفور التنسيق مع الجنائية الدولية لتسريع فتح تحقيق رسمي في فلسطين، معتبراً أنّ "القرار يتيح محاسبة مجرمي الحرب في إسرائيل أمام المحكمة الجنائية".

ثمرة النضال الفلسطيني

وفي هذا السياق، يقول رئيس اللجنة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطينيّ، صلاح عبد العاطي، في حديثه لـ "حفريات" إنّ قرار الدائرة التمهيدية الأولى لمحكمة الجنايات الدولية هو "ثمرة نضال الشعب الفلسطيني، الذي استمرّ طوال سنوات الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، وسوف يعطي مكتب الادّعاء العام الحقّ في مباشرة التحقيقات في جرائم الاحتلال الإسرائيلي، بالتالي، سيمنع إفلاتهم من العقاب".

رئيس اللجنة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطينيّ، صلاح عبد العاطي

ويتطلب هذا الأمر، من السلطة الوطنية الفلسطينية إحالة ملفات الأسرى والمعتقلين داخل السجون الإسرائيلية، وملف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى محكمة الجنايات الدولية، إيماناً بالمادة 14 من ميثاق روما، حتى يشمل التحقيق كلّ أوجه انتهاكات الاحتلال، وضمان تواصل الضحايا مع المحكمة، ولجان التحقيق عبر الوسائل التكنولوجية.

اقرأ أيضاً: الانتخابات الفلسطينية: هل تحطّم فتح وحماس تشاؤم المراقبين؟

في المقابل، مارست إسرائيل، بحسب عبد العاطي، كلّ الضغوطات؛ لأنّها تخشى ملاحقة جنودها وقادتها السياسيين والعسكريين من قِبل محكمة الجنايات الدولية، وبدأت بإعداد مذكرات سرّية في هذا المجال، إضافة إلى تدخلات بعض الدول لقطع الطريق أمام المحكمة، "وهذا يدلّ على خوفها من تداعيات هذا القرار، والذي سيمنع دولة الاحتلال من شنّ أيّ هجوم جديد على الشعب الفلسطيني".

كيف سيتمّ اعتقال مرتكبي الجرائم؟

يبيّن عبد العاطي؛ أنّه "في حال ثبتت إدانات على قادة الاحتلال الإسرائيلي فإنّ إسرائيل، سترفض تسليمهم، لكن ستصدر المحكمة مذكرات سرّية، وسيتم اعتقالهم من خلال الدول الأعضاء في ميثاق روما، وتسليمهم إلى محكمة الجنايات الدولية، وسيمنَعون من السفر في إطار الحصار القانونيّ والدبلوماسيّ.

مواطن فلسطيني لـ"حفريات": قرار المحكمة أثلج صدورنا وزرع الأمل في قلوبنا، بأن نأخذ حقوق أطفالنا الذين قتلوا في الجرائم الإسرائيلية النكراء

ويوضح أنّه؛ لا يمكن للاحتلال الإسرائيلي استخدام هذا القرار ضدّ فصائل المقاومة الفلسطينية؛ لأنّ الفلسطينيين تحت احتلال، ومن حقّهم الدفاع عن أنفسهم، وسبق أن سُجّلت نقطة لصالح المقاومة أنّها تدافع عن شعبها، ولم تستهدف المدنيين.

ويطالب عبد العاطي محكمة الجنايات الدولية البدء بالتحقيق الفعلي بالجرائم المختلفة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وأن تحافظ المحكمة على النزاهة والاستقلالية في محاكمة قادة الاحتلال، وعدم التعاطي مع أيّ نوع من التصعيد الذي يمكن أن يؤثر في استكمال القضية".

وينوّه إلى أنّ قرار المحكمة الدولية سيساهم في حماية الأسرى والمدنيين الفلسطينيين من الانتهاكات، وأنّه أصبح بإمكان كافة الفلسطينيين الذين تعرضوا لأيّ انتهاك أن يتابعوا تلك الانتهاكات أمام محكمة الجنايات الدولية.

إنصاف الشعب الفلسطينيّ

وفي سياق متصل، يرى الكاتب والمحلل السياسيّ، إبراهيم المدهون؛ أنّ قرار محكمة الجنايات الدولية "يمنح الشعب الفلسطيني إنصافاً محتملاً، خاصّة أنّ الاحتلال الإسرائيليّ ارتكب جرائم واضحة بحقّ الفلسطينيين، منها الحروب الثلاث على قطاع غزة، والاعتداءات بالضفة الغربية".

الكاتب والمحلل السياسيّ، إبراهيم المدهون

ويشير، في حديثه لـ "حفريات"، إلى أنّ إعلان محكمة العدل الدولية ولايتها على الأراضي الفلسطينية يعني أنّها قادرة على أن تجرّم قادة الاحتلال الإسرائيليّ الذين ارتكبوا المجازر؛ من قصف البيوت الآمنة، وقتل المدنيين، والإعدامات الميدانية، وبناء المستوطنات والجدار، وهذه تعدّ جرائم وفق القانون الدولي.

وعلى الرغم من تأخّر المجتمع الدولي بالتعاطي مع القضية الفلسطينية، إلا أنّ هذا التوقيت مناسب، خاصّة في ظلّ التراجع الكبير بالعلاقات الدولية مع الاحتلال الإسرائيليّ، والانقسامات داخل الأحزاب، والأزمات السياسية التي تحدث بالداخل الإسرائيلي.

معركة جديدة

ويبيّن المدهون؛ أنّ قرار محكمة الجنايات الدولية بداية معركة جديدة  مع الاحتلال الإسرائيلي، وأنّ من حقّ الشعب الفلسطيني  الاستمرار بتقديم طلبات لمحاكمة  قادة الاحتلال على الجرائم التي ارتكبها خلال السنوات الماضية، وتفعيل ذلك بمؤسسات قانونية ورفع قضايا.

اقرأ أيضاً: لماذا تئنّ عاصمة الرّومان الفلسطينيّة؟

وبسؤاله عن إمكانية استطاعة الفلسطينيين تثبيت قرار محكمة الجنايات الدولية وحدهم؛ أبلغ المدهون "حفريات" بأنّ الفلسطينيين لن يستطيعوا تثبيت هذا القرار لوحدهم، وأنّ تلك القضية تحتاج إلى تحشيد دولي، وتوجه السلطة الفلسطينية إلى جامعة الدول العربية لتجريم الاحتلال الإسرائيليّ، ودعم محكمة الجنايات الدولية من أجل أخذ دورها في وقف الجرائم بالأراضي الفلسطينية.

ونوّه إلى أنّ إعلان محكمة الجنايات  الدولية ولايتها على الأراضي الفلسطينية يشكّل خطورة على قادة الاحتلال، وسيجعلهم يعيدون حساباتهم، ويدرسون جرائمهم بدقة كي يتمكّنوا من إيجاد مخرج، وهذا يعني أنّ الاحتلال أصبح مكشوفاً أمام المؤسسات الدولية، وغير قادر على تسويق جرائمه.

محاسبة قتلة الأطفال

ويأمل المواطن رامز بكر أن يرى من تسبّب بمقتل طفله وثلاثة آخرين من عائلته، في قصف إسرائيليّ، وهم يلعبون على شاطئ بحر غزة، خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، صيف عام 2014، في قفص الاتهام، وأن ينالوا أشدّ العقوبات.

ويقول رامز بكر، لـ "حفريات": "الاحتلال الإسرائيلي قتل طفلي، وثلاثة آخرين من عائلة واحدة، دون اقترافهم أيّ ذنب، إلا أنّ الكرة التي كانوا يلعبون بها على شاطئ البحر أزعجت دولة الاحتلال؛ لذلك قتلتهم، ونحن لن نتنازل عن حقوق أبنائنا، وسوف نتوجه إلى محكمة الجنايات الدولية، وكافة المؤسسات الحقوقية لمحاسبة المسؤولين عن ارتكاب هذه الجريمة".

ويضيف: "قرار محكمة الجنايات الدولية أثلج صدورنا وزرع الأمل في قلوبنا، بأن نأخذ حقوق أطفالنا الذين قتلوا في الجريمة النكراء، وحقوق كافة ضحايا الاحتلال خلال السنوات الماضية، ونطالب السلطة الوطنية الفلسطينية ووزارتَي العدل والخارجية أن تكون قضية أطفالنا ضمن القضايا التي يتم التحقيق بها".

اقرأ أيضاً: الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.. هل يصلح بايدن ما أفسده ترامب؟

ويبيّن بكر؛ أنّ "عائلته كانت قد تواصلت مع مؤسسات حقوقية داخل فلسطين وخارجها، لرفع قضية على الاحتلال الإسرائيلي لمحاسبة المسؤولين عن جريمة مقتل أطفالهم الأربعة، لكنّها لم تتمكّن من ذلك نظراً لعدم إدراج فلسطين ضمن اختصاص محكمة الجنايات الدّولية".

وتتمنّى جميلة الهباش (26 عاماً)؛ أن تستكمل محكمة الجنايات الدولية إجراءاتها، لمحاكمة قادة الجيش الإسرائيلي، خاصّة من تسبّب في بتر قدميها خلال الحرب الإسرائيلية الأولى على قطاع غزة، عام 2008، واستشهاد شقيقتها وابنة عمها.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية