فلسطينيو النقب يرفضون التشجير ويقاومون التهجير

فلسطينيو النقب يرفضون التشجير ويقاومون التهجير


26/01/2022

تشهد الصحراء الفلسطينية "النقب"، منذ مطلع العام الجاري، هبّة شعبية واسعة في وجه الاحتلال الإسرائيلي، احتجاجاً على مخططات التهجير ومصادرة الأراضي وطرد سكانها الأصليين منها، فخلال الفترة الماضية تمت مصادرة 800 ألف دونم من أراضي قرى النقب غير المعترف بها، وذلك من خلال عمليات تجريف وتحريش تنفّذها الآليات الإسرائيلية؛ إذ إنّ تلك الهجمة الشرسة على سكان النقب لا تختلف كثيراً عن أحداث النكبة الفلسطينية عام 1948.

ويسعى الاحتلال الإسرائيلي، من خلال تلك الإجراءات، إلى إلغاء الوجود العربي بالنقب، والسيطرة على تلك الأرض، ومنحها للمستوطنين، وكان تجريف الأراضي التي يعتاشون عليها بالزراعة وتربية المواشي، وتحويلها إلى أراضٍ مزروعة بالأشجار الحرجية، وهدم المنازل، الحلّ الأمثل بالنسبة إلى الاحتلال لإرغامهم على ترك تلك المنطقة.

 

اقرأ أيضاً: "أهلاً بكم في دولة هاني عامر": هكذا يهزأ الفلسطينيون من إسرائيل

وفي خطوة لمواجهة الحراك العربي الواسع، نفّذت سلطات الاحتلال حملة اعتقالات واسعة، طالت أكثر من 130 شخصاً، كانوا قد تظاهروا ضدّ هذه العمليات، واتّهموهم بتنفيذ أعمال شغب وتخريب.

تشهد الصحراء الفلسطينية "النقب"، منذ مطلع العام الجاري، هبّة شعبية واسعة في وجه الاحتلال الإسرائيلي

ومنذ أحداث أيار (مايو) الماضي، صنّفت إسرائيل الساحة الفلسطينية في أراضي عام 1948، على أنّها تهديد إستراتيجي خطير، يفوق التهديد الذي تشكّله الصواريخ.

 وحذّرت أوساط إسرائيلية متعددة من أنّ الفلسطينيّين البدو، في منطقة النقب، يمرّون فيما سمَّتها "مرحلة الفلسطنة والأسلمة"، وطالبت بمواجهة هذه الظاهرة، قبل تحوّلها إلى خطر حقيقي على الدولة العبرية.

فلسطينيو النقب لن يسمحوا للاحتلال بأن يجرّدهم أراضيهم، حتى يقيم عليها المستوطنات، ويغرسها بالأشجار التابعة للصندوق القومي اليهودي، تطبيقاً لسياسة التهجير والطرد والمصادرة التي تتّبعها إسرائيل

وتبلغ مساحة النقب 14 ألفاً و230 كيلو متراً مربعاً، أي أكثر من نصف مساحة فلسطين التاريخية، البالغة 27 ألف كيلو متراً مربعاً و9 كيلو مترات، بينما يعيش البدو على مساحةٍ تصل إلى 4 ملايين دونم، تقلّصت الآن إلى نحو 300 ألف فقط بعد النكبة.

 

اقرأ أيضاً: المستشفى الأمريكي في غزة: للعلاج أم للتجسس على الفلسطينيين؟

وبعد النكبة الفلسطينية، عام 1948، تمّ تهجير 90% من أهالي النقب، فبقي 12 ألفاً يرابطون في أراضيهم، وارتفع عددهم اليوم إلى 300 ألف، وهذه الزيادة فيها قوة للفلسطينيين، في الوقت الذي تريد دولة الاحتلال فيه الحفاظ على يهودية الدولة، ويوجد في هذه المناطق الفلسطينية حالياً 10 مدن إسرائيلية، ونحو 140 قرية، تتلقى الخدمات على حساب ضرر بالغ يلحق بالمواطنين الفلسطينيين البدو أصحاب الأرض، الذين يسكن الجزء الأكبر منهم في قرى لا تعترف بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

محو الوجود العربي

وفي هذا السياق، يقول رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب، عطية الأعسم، لـ "حفريات": "ما يحدث في النقب تعدٍّ سافر على السكان من قبل الشرطة الإسرائيلية، ووحدات حرس الحدود، بسبب رفضهم التنازل عن أرضهم والرحيل من قراهم، فالاحتلال يهدف من خلال من ذلك إلى الحدّ من تكاثر الفلسطينيين على الأراضي المحتلة عام 1948، وتهجير مَن تبقّوا من أهل النقب، ودفع الناس إلى ترك أراضيهم، لمحو الوجود العربي".

رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب، عطية الأعسم: ما يحدث في النقب تعدٍّ سافر على السكان من قبل الشرطة الإسرائيلية

يضيف: "ما تقوم به السلطات الإسرائيلية له تداعيات خطيرة على وجودنا في تلك المنطقة، وهم يخوضون صراع بقاء، نكون أو لا نكون، ويصارعون من أجل البقاء على هذه الأرض، ولن يسمحوا للاحتلال بأن يجرّدهم أراضيهم، حتى يقيم عليها المستوطنات، ويغرسها بالأشجار التابعة للصندوق القومي اليهودي، تطبيقاً لسياسة التهجير والطرد والمصادرة، التي تتّبعها إسرائيل مع كافة الفلسطينيين".

الناشط السياسي من النقب، أسامة العقبة  لـ"حفريات": السياسة التي تتبعها إسرائيل في النقب تتمحور ما بين الهدم والمصادرة، وهي تسمى بسياسة التشجير، وتتمثّل بزراعة غابات في أماكن سكن المواطنين

يواصل حديثه: "التوتر السائد  في منطقة النقب سوف يستمر طالما استمرت السلطات الإسرائيلية  بما تقوم به، من محاولة الاستيلاء على الأرض، وذلك سيدفع الأهل في النقب إلى المطالبة بالحق، والحفاظ على الوجود أكثر وأكثر، وما يقومون به من وقفات احتجاجية وتصدٍّ هو دفاع مشروع عن وجودهم، وحقّهم بالعيش الكريم في قراهم وعلى أرضهم، في ظلّ غياب التضامن الدولي والعربي مع قضيتهم.

ويبين أنّ حقيقة الأطماع في منطقة النقب، من منطلق دينيّ توراتيّ؛ فهم يرون أنّ الأرض التي لا يسيطرون عليها محتلة، ويجب تحريرها من الأغراب، لتعود إليهم، كما يدّعون.

الناشط السياسي من النقب، أسامة العقبة: الحرب على النقب لم تبدأ اليوم، وإنما هي سياسة مستمرة منذ النكبة الفلسطينية

وبحسب الأعسم؛ فإنّ القرى التي لا يعترف بها الاحتلال الإسرائيلي في منطقة النقب، لم توضع على الخرائط، ويتم التعامل معها على أنّها غير موجودة، وتلك القرى محرومة من الخدمات الأساسية، وتحيط بها مصانع المواد الكيمياوية، وهذا في حدّ ذاته ضرر صحيّ  يؤثر على حياة الأطفال والمرضى وكبار السنّ، ويسبّب حالات إجهاض بشكل متكرر، خاصة في المناطق الجنوبية.

 

اقرأ أيضاً: أسرى فلسطينيون يواجهون القمع الإسرائيلي في السجون.. بهذه الطريقة

وينوّه إلى أنّ السلطة الفلسطينية لم تتدخل مع الأزمة الحالية في أراضي النقب، وتتعامل معها وكأنّها شأن إسرائيلي، كون تلك المنطقة تقع تحت السيطرة الإسرائيلية.

ودعا الأعسم السلطة الفلسطينية، والمنظمات الدولية، ومنظمات حقوق الإنسان، إلى التحرّك الفوري والعاجل، لفضح الجرائم الإسرائيلية بحقّ بدو النقب.

لماذا تشدّد إسرائيل الخناق على عرب النقب؟

وفي سياق متصل، يبيّن الناشط السياسي من النقب، أسامة العقبة، أنّ الحرب على النقب لم تبدأ اليوم، وإنما هي سياسة مستمرة منذ النكبة الفلسطينية، وتعامل الاحتلال الإسرائيلي مع النقب موجود في منهجية الحكم العسكري، وأن لديهم وحدات في الشرطة للتعامل فقط مع عرب النقب، ويعدّونها خطراً وجودياً وتهديداً لوجود "دولة إسرائيل" على الأصعدة كافة.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية