في عيد الحب.. فيروس كورونا يُجبر العُشّاق على التباعد

في عيد الحب.. فيروس كورونا يُجبر العُشّاق على التباعد


14/02/2021

ينتظر عشاق العالم يوم 14 شباط (فبراير) من كل عام، للاحتفال بعيد الحب، اليوم الذي اعتادوا إحياءه بالتقارب مع شركائهم وعائلاتهم؛ حيث كانت المطاعم والفنادق والمناطق السياحية في العالم تشهد ارتفاعاً كبيراً في الحجوزات على مرافقها في هذه الفترة من العام، وهو ما كانت تشهده أيضاً الأسواق التجارية ومحال بيع الورود والهدايا، لكنّ جائحة فيروس كورونا وما تبعها من إغلاقات وفرض إجراءات التباعد الاجتماعي التي تتنافى مع الطقوس المعتادة لهذه المناسبة، أضاعت على غالبية العشاق مناسبة انتظروها طويلاً، أو أجبرتهم على إحيائها بطقوس مختلفة عن الأعوام السابقة.

ويرجع أصل الاحتفال بالـ"فالنتاين" أو عيد الحب إلى القرن الثالث الميلادي، عندما كانت الإمبراطورية الرومانية تحت حكم كلايديس الثاني، الذي أمر بتحريم الزواج على كافة الجنود في جيشه وذلك حتى لا يشغلهم عن الحروب.

ينتظر عشاق العالم يوم 14 شباط (فبراير) من كل عام، للاحتفال بعيد الحب

لكنّ قديساً كان يدعى "فالنتاين" رفض أمر الإمبراطور، وبدأ بعقد زواج الجنود بشكل خفي حتى علم الإمبراطور كلايديس، الذي أمر بإعدامه في 14 شباط (فبراير) من العام 269 ميلادياً.

"لديك قلب..ابق بعيداً"

مظاهر كثيرة كان من المعتاد رؤيتها سنوياً بحلول عيد الحب لن نراها هذا العام بسبب الظروف الراهنة، ما بين تناول العشاء في المطاعم الفاخرة المزدحمة أو حضور الحفلات الغنائية، بسبب القيود المفروضة على التجمعات في العالم، حيث إنّه من المتوقع أن تكون الاحتفالات صامتة كما حدث في احتفالات العام الجديد في أكبر عواصم العالم.

من المتوقع أن تكون الاحتفالات بـ (عيد الحب) صامتة كما حدث في احتفالات العام الجديد في أكبر عواصم العالم بسبب تفشي فيروس كورونا

وأطلقت العديد من الهيئات في بعض البلدان تحذيرات وقائية من ممارسة بعض أشكال التعبير عن الحب؛ إذ قرّر مسؤولو الصحة في ولاية كاليفورنيا الأمريكية إطلاق حملة توعوية حملت اسم "لديك قلب..ابق بعيداً"، لحث السكّان على حماية أحبائهم من فيروس كورونا عبر تجنّب الاحتفال بعيد الحب هذا العام، مشددين على أنّه يجب على الناس تجنّب الاتصال الوثيق مع أي شخص خارج المنزل.

وكذلك الحال في روسيا، حيث نصحت الهيئة الرسمية الروسية للرقابة الصحية الجمهور بالامتناع عن "المصافحات والقبلات والأحضان".

وأُغلقت وجهات عديدة للتنزه والاحتفال أمام المرتبطين، مثل إغلاق المتاجر الكبرى والمطاعم، وإلغاء الاحتفالات الكبرى.

مظاهر كثيرة كان من المعتاد رؤيتها سنوياً بحلول عيد الحب لن نراها هذا العام بسبب الظروف الراهنة

كما وستغيب الاحتفالات هذا العام عن عاصمة الحب باريس، وذلك بسبب الإجراءات الصارمة لمواجهة الفيروس والتي تتطلّب وضع كمامات في الأماكن العامة ومنع التجمعات، والوضع نفسه يعيشه سكان العاصمة البريطانية لندن، التي كانت أيضاً واحدة من الوجهات المحببة للعشاق لقضاء بضعة أيام بهذه المناسبة.

ولن تكون هناك مظاهر للحب في جميع أنحاء ولاية فيكتوريا الأسترالية، في نهاية هذا الأسبوع؛ حيث تدخل الولاية بأكملها إغلاقاً سريعاً لفيروس كورونا لمدة 5 أيام.

والأمر ذاته ينطبق على أيرلندا، التي تُعدّ رمزاً بارزاً في عيد الحب ومصدراً للعديد من التقاليد الرومانسية في هذه المناسبة؛ حيث يقصدها الأزواج من جميع أنحاء العالم لزيارة المكان الذي يُعتقد أنّ القديس "فالنتاين" قد دفن فيه بالقرب من دبلن.

استغلّت مصممة أزياء لبنانية المناسبة لبث التوعية الصحية والأمل والطاقة الإيجابية في قلوب العُشّاق والمحبين بصناعة (كمامات عيد الحب)

واعتاد الكثير من الباحثين عن الحب أو العشاق على زيارة دبلن ليضعوا الآلاف من الرسائل المُحمّلة بقصصهم، لتحتضن المدينة أكبر مجموعة من رسائل الحب في هذا اليوم الاستثنائي، وهو ما لن تشهده المنطقة هذا العام بسبب الإجراءات الوقائية وتوقف حركة السفر في العالم.

كمامة الحب.. رمزاً للـ "فالنتاين" هذا العام

وفي مشهد من مشاهد الاستعداد لعيد الحب في ظل الجائحة، استغلّت مصممة أزياء لبنانية المناسبة لبث التوعية الصحية والأمل والطاقة الإيجابية في قلوب العشاق والمحبين، وقرّرت صناعة كمامات عيد الحب.

وتقول المصممة سارة ترجمان في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" إنّها صمّمت "كمامات الحب"، "التي ستختلف عن غيرها من الكمامات، سيما اذا كانت هدية من الحبيب، ما يُجبرك على ارتدائها وتنشّق أنفاسك من خلالها، وبث الروح الإيجابية في القلب".

وكانت ترجمان أصيبت في انفجار مرفأ بيروت المدمر في آب (أغسطس) الماضي، إصابات بالغة، وتخطتها بالعلاج الجسدي والنفسي.

تأثير كورونا على عيد الحب لا يشمل العشاق فحسب، بل يمتد إلى مجالات اقتصادية عديدة

وتقول عن فكرتها: "إنّها غير مُكلفة وااقتصادية، لا سيما بالنسبة للأسعار في لبنان، كما أنّ الهدف منها ليس الربح بقدر ما هو إيصال رسالة، وبما أنّ الكمامة هي الوسيلة الوحيدة التي باتت من مستلزمات كل لبناني فقد أردت أن أعبر عن رسالتي من خلالها".

أما محتوى التصميمات فيضم كلمات ذات صلة بالوباء، مثل: "عملت PCR وطلعت POSITIVE بحبك"، إلى جانب عبارات أخرى وشعارات العشق والقلوب الحمراء والورود من قبيل: "حبي الأول والأخير" و"حبيتك وبحبك" و"إنت الحب".

الفضاء الإلكتروني مجدداً

وفرضت جائحة كورونا منذ ظهورها التواصل الإلكتروني ليكون بديلاً عن التواصل الطبيعي، تجنّباً لانتشار العدوى، وهو الأمر الذي سيلجأ إليه العديد من العشّاق حول العالم في هذه المناسبة، سيما أولئك الذين يعيشون في مناطق مختلفة واعتادوا على لقاء بعضهم البعض لإحياء هذه المناسبة وقضاء الوقت معاً.

حذّرت المُحلّلة الطبية في كلية معهد (ميلكن) للصحة العامة بجامعة (جورج واشنطن) من أي تجمع داخلي مع أشخاص لا تعيش معهم في المنزل ذاته

ووفق نصائح "المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، في أحدث الإرشادات؛ فإنّ الطريقة الأكثر أماناً للاحتفال بعيد الحب، هي قضاء الوقت مع الأشخاص الذين تعيش معهم في نفس المنزل أو الاحتفال عبر الإنترنت مع أحبائك التي تفصلك عنهم المسافات.

ونصحت "مراكز مكافحة الأمراض"، الأشخاص الذين يرغبون بالتعبير عن حبهم لمن هم خارج الأسرة، بالاحتفال في الهواء الطلق، مع مراعاة قواعد التباعد الاجتماعي.

وفي تصريح لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، حذّرت المُحلّلة الطبية في كلية معهد "ميلكن" للصحة العامة بجامعة "جورج واشنطن"، الدكتورة لينا وين، من أي تجمع داخلي مع أشخاص لا تعيش معهم في المنزل ذاته.

لا يوجد خطر حقيقي في إرسال بطاقات أو مواد صالحة للأكل لأفراد آخرين

وأوضحت (وين) أنّه يمكن زيادة خطر الإصابة بكورونا عند إقامة حفل عشاء داخلي مع أصدقاء ليسوا جزءاً من الأسرة أو الذهاب إلى مطعم مزدحم.

وأشارت إلى أنّه لا يوجد خطر حقيقي في إرسال بطاقات أو مواد صالحة للأكل لأفراد آخرين.

ماذا عن اقتصاد الحب؟ 

تأثير كورونا على عيد الحب لا يشمل العشاق فحسب، بل يمتد إلى مجالات اقتصادية عديدة؛ إذ عادة ما يرتفع بهذه المناسبة حجم الإنفاق على طقوس العيد السنوي بقضاء العطلات في وجهات رومانسية وتخصيص مبالغ كبيرة للإنفاق في الفنادق والاحتفالات، وشراء الهدايا الثمينة من المتاجر المختلفة.

يشير الخبراء إلى نمو أعداد معاملات التجارة الإلكترونية في يوم الحب، وزيادة الإنفاق على الورود، في وقت تراجع فيه الإنفاق على السفر والفنادق وباقي القطاعات الخدمية

 

ومن المتوقع أن يلجأ معظم المستهلكين هذا العام إلى التسوّق الإلكتروني لشراء الهدايا؛ إذ يشير الخبراء إلى نمو أعداد معاملات التجارة الإلكترونية في يوم الحب، وزيادة الإنفاق على الورود، في وقت تراجع فيه الإنفاق على السفر والفنادق، وباقي القطاعات الخدمية.

وكانت المطاعم، قبل وصول فيروس كورونا، تعج بالزبائن خاصة في الأعياد، ومنها عيد الحب، وطلبات حجز الغرف الفندقية لم تكن تتوقف. وبعد تفشي الفيروس تغيّر كل شيء؛ فأصبحت المطاعم خالية من الزبائن، واختفت الحجوزات الفندقية مع توقّف قطاع النقل الجوي والسفر، إضافة إلى خوف الزبائن من انتقال العدوى.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية