"قاعدة اليمن" يتشظى.. خلافات وتخوين وانشقاقات.. ما مستقبل التنظيم؟

"قاعدة اليمن" يتشظى.. خلافات وتخوين وانشقاقات.. ما مستقبل التنظيم؟


14/02/2021

أفاد تقرير للأمم المتحدة نشر منذ عدة أيام إلى القبض على زعيم تنظيم القاعدة بشبه الجزيرة العربية، خالد باطرفي، المعروف باسم "أبو مقداد الكندي"، خلال "عمليّة في مدينة الغيضة بمحافظة المهرة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أدّت أيضاً إلى مقتل نائبه سعد عاطف العولقي"، فيما شكّك موقع "سايت" الأمريكي ومسؤولان يمنيان بالتقرير الأممي، وذلك بعد أن نشر التنظيم تسجيلاً مصوراً له، تحت عنوان "أمريكا والأخذ الأليم" ومدته 20 دقيقة و22 ثانية، في إشارة إلى الهجوم الذي استهدف الكونغرس في السادس من كانون (يناير) 2021.

اقرأ أيضاً: أمريكا.. والملف اليمني

وما بين التأكيد والنفي لعملية القبض على زعيم القاعدة، ثبت أنّ ثمة خلافات داخلية كبيرة تعصف بجسد التنظيم، وهي ما أدت إلى التخلص من قيادات والإبلاغ عنهم، والتخوين فيما بينهم والاتهام بالجاسوسية.

هدم الجواسيس

في آذار (مارس) من العام الماضي أصدر منشقون من "قاعدة اليمن" بياناً ورقياً وصوتياً، ممهوراً بأسماء عدد من قادة "القاعدة" السابقين منهم (أبو عمر النهدي)، (مبارك الحضرمي)، ذكروا فيه أنه تم اتهامهم بالجاسوسية، وأنّ قائد التنظيم يستغل هذه التهمة للتخلص من بعض العناصر، وأنّ التنظيم كان يستغل الدعاية الإعلامية والتصوير الإجباري ليدلوا باعترافات باطلة، وأنّ كثيراً ممن اتهمهم التنظيم هم براء، وذلك يظهر، وفق البيان، واضحاً في تخبط أحكامهم حيث اتهموا سابقاً أنّ من قتل فلان هو الجاسوس الفلاني ثم بعد فترة يقولون: اتضح أنّ الذي قتل فلان هو جاسوس آخر، ثم بعد فترة يظهر في إصدار أنّ الذي قتل فلان هو شخص آخر قد انتزعت منه اعترافات! وأنّ سلسلة "هدم الجاسوسية"، التي أصدرها تنظيم القاعدة، حشوها بالكلام والاعترافات وغيرها، ليبعدوا التهمة عن آخرين.

استعرض البيان كيف قتل "القاعدة" بعض قياداته، ومنهم مهند الحضرمي، و"سجونهم التي عذبوا فيها خلق الله، بتهمة الجاسوسية"، ورسائل "أبو مريم الأزدي" الذي قُتل أيضاً، وهو على حد وصفهم، من كبار شرعييهم وأصحاب الخبرات، وكذا منصور الحضرمي، المسؤول العسكري لتنظيم القاعدة في قيفة، بتهمة أنه أنزل سلاح الرشاش الذي في موقع (جلاجل)، ليتم تصليحه أو تجهيزه، إلا أنّ أصحابه ظنوا أنه سيهرب من قيفة العليا إلى قيفة السفلى، ويتركهم يواجهون مصيرهم فاستوقفوه وألزموه بإرجاع الرشاش، واتهموه بأنه "شارد"، لكنّ المتهم ثبت أركانه ببعض التابعين له، الذين وقفوا معه وانشقوا عن الصف، وعندها علموا أنها لن تنطلي (تهمة الجاسوسية) على شخص مثله، فعقدوا له محاكمة اتهموه فيها أنه عقد لقاءات سرية مع التحالف لشق صف التنظيم.

الإفراط في التخوين والاتهام بالجاسوسية وكتابة التقارير على أتفه الأشياء هكذا ابتدأ بيان المنشقين عن قاعدة اليمن

تلك الأحداث أدت إلى جملة من الانشقاقات كان من أبرز الأسماء فيها: عمار القصيمي، عزام النجدي، فواز القصيمي، مصعب الشرقي، حسان القصيمي، أبو عمر النهدي (شرعي في القاعدة وأحد قياداتها، كان أمير المكلا أثناء سيطرتهم)، عزام الإبي، الدرداء الشروري، مبارك الحضرمي (أمير التنظيم في حضرموت)، جهيمان الحضرمي، حسين قروش العدني (خبير المدفعية في منطقة يكلا)، سعيد شقرة (المسؤول المالي للتنظيم في جزيرة العرب).

وكذلك شباب من شبوة (الحوطة - عزان) ومن أبرزهم: أبو محسن السيد، حسين الحوطي المكنى (البدوي)، عزام الحوطي (من كبار الأمنيين في منطقة شبوة).

داعش على الخط

"الإفراط في التخوين، والاتهام بالجاسوسية، وكتابة التقارير على أتفه الأشياء" هكذا ابتدأ بيان المنشقين عن تنظيم القاعدة في اليمن، والذي اتهموا فيه تنظيم القاعدة بحرف المسار وأنهم أدعياء للشريعة إذا لم ينزلوا لحكم الله وعمل محكمة مستقلة، بسبب "تجاوزات وأخطاء شرعية ومظالم عظيمة" كما وصف البيان.

تعليقاً على ما صدر، أصدر داعش بياناً بصفحته بتليجرام، سخر فيه من الظواهري وأتباعه، وقال: "إنّ المتابع في الآونة الأخيرة من إصدارات القاعدة عن "هدم الجاسوسية"، يظن أنهم فعلاً هدموا الجاسوسية في تنظيمهم الخرب، لكنّ "الجاسوسية" متجذرة في كبار قادة هذا التنظيم، فقد هدمت رأسهم الأول في الجماعة الهالك "قاسم الريمي"، فكيف تم الوصول إليه؟ ومن الذي استدرجه للخروج من جحره الذي كان مختبئاً به؟".

اقرأ أيضاً: إخوان اليمن: استعراض عسكري بدعم تركي لخنق عدن وإفشال المجلس الانتقالي

تلا داعش قصة ما يجري في بيانه قائلاً: بعد الانعزال الكبير الذي حصل في "تنظيم القاعدة" كان على رأسه المدعو "أبو عمر النهدي" أخزاه الله، أحد منظري القاعدة وقادتها، وهو تجمعه بخالد باطرفي -الأمير الحالي للتنظيم- علاقة قوية، فاضطر "الريمي" إلى الخروج عند أبو عمر النهدي، لتتم مرافعة أقوالهم لـ"الظواهري" ليتحاكموا إليه، وكانت نهاية الريمي عند خروجه من عند أبو عمر النهدي، ولا زال بعض من جنود التنظيم يبحثون عن كيفية مقتل أميرهم الريمي، ويتهمون بذلك أبو عمر النهدي وبعض أتباعه، بل ويهددونه بالتصفية.

استمرار عمليات الاختراق تعد من أخطر التحديات التي تواجه القاعدة خلال الفترة الأخيرة

وتابع بيان داعش: انخدع 4 أفراد من تنظيم القاعدة بدعاوى غيرهم، أنه يتوب على من يرجع إلى صفوفه من المنشقين وأنه يغفر له زلته، لكن بمجرد أن صدق الخديعة 4 منهم وعادوا إلى قيفة، إذ وجدوا أنفسهم أمام جلاوزة التنظيم "الأمنيين" وأخذوهم إلى سجونهم -وما أدراك ما سجونهم.

المستقبل على المحك

المطلع على ما يجري بتنظيم "قاعدة اليمن"، وآخره الأنباء المتضاربة عن القبض على زعيمه باطرفي بوشاية من أحد إخوانه، سيجد استمرار عمليات الاختراق من قبل العملاء والجواسيس، التي تعد من أخطر التحديات التي تواجه خلال الفترة الأخيرة، وأصبحت تهدد مستقبله بشكل كبير، وأدت إلى سقوط العديد من قياداته ورجاله، وهي مرجحة للاستمرار.

إنّ عدم وجود قائد رمزي له كاريزما يمكن أن تجتمع عليه العناصر، خاصة أنّ التنظير الفكري للقاعدة أنّ أميره ليس ممكّناً، وهذا بخلاف داعش، الذي يصنع قدسية لقادته بما يطلق عليه (القرشية والهاشمية والخليفة الممكّن على الأرض)، هو ما يفتح الباب أمام خلافات يمكن أن تتجذر، وانشطارات سواء في المركز أو الهامش.

افتقاد قائد رمزي كاريزمي يفتح الباب أمام خلافات يمكن أن تتجذر، وانشطارات في المركز والهامش

لذا فإننا نتوقع استمرار حمى التشظي والانشقاقات؛ خاصة أنّ الصراع أصبح يتجاوز القضايا المرجعية إلى الخلافات السياسية والتنظيمية حول مسائل السلاح والمال، ودارت معارك شبه يومية بينهما، لكن أهمها على الإطلاق هو الاتهامات المتبادلة بالإبلاغ عن بعضهم البعض.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية