كيف يغدو التسامح زينةَ الحياة الدنيا؟

كيف يغدو التسامح زينةَ الحياة الدنيا؟


17/11/2021

فيما تقوم فلسفة التسامح على تعزيز التفاهم المتبادل بين الثقافات والشعوب، تحمل الأخبار كل حين صراعات واقتتالات تنزف دماً بسبب غياب التسامح الذي يعني "الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات عالمنا ولأشكال التعبير وللصفات الإنسانية لدينا"، بحسب المادة 1.1 من إعلان المبادئ بشأن التسامح الذي أطلقته الأمم المتحدة. وفي المؤتمر العام لليونسكو في 16 تشرين الثاني (نوفمبر) 1995، اعتمدت الدول الأعضاء إعلان المبادئ بشأن التسامح الذي يتعزز بالمعرفة والانفتاح والاتصال وحرية الفكر والضمير والمعتقد باعتباره الوئام في سياق الاختلاف. وهو ليس واجباً أخلاقياً فحسب، وإنما هو واجب سياسي وقانوني أيضاً. التسامح هو الفضيلة التي تيسّر إحلال ثقافة السلام محل ثقافة الحرب. وتشتد الحاجة الآن لقيم التسامح في ظل ما يشهده العالم من زيادة التطرف العنيف واتساع الصراعات التي تتجاهل قيمة الحياة البشرية.

جوقة طلابية خلال فعالية فنية في الأمم المتحدة عام 2019

وفي إطار تعزيز قيم التسامح والإخاء بين الشعوب، سيكون زوّار إكسبو 2020 دبي على موعد، بعد غد الجمعة، مع جولة تعزز روح المنافسة لديهم، بصحبة كوكبة من نجوم عالم الرياضة، خلال جولة في موقع الحدث الدولي.

الركض في إكسبو

تشمل فعالية "الركض في إكسبو" الاستثنائية مسارات بطول 3 كيلومترات، و5 كيلومترات، و10 كيلومترات، مروراً بأبرز أجنحة مناطق الاستدامة والتنقل والفرص في موقع إكسبو، إضافة إلى قبة الوصل العملاقة، القلب النابض للموقع.

ستكون الفعالية الاستثنائية سمة مميزة لتحدي دبي للياقة هذا العام، حيث سيشارك فيها نحو 10,000 متسابق، بينهم الرياضيون الكينيون البارزون فرديناند أوموروا، وجانيت جيبكوسغي بوسييني، وإزكيل كيمبوي تشيبوي، وبريسكا جيبتو، وبيثويل بيووت ييجون، وهيلين نزيمبي موسيوكا، وچوناثان كيبليمو مايو.

تقدم دولة الإمارات نموذجاً استثنائياً فيما يتعلق بالتآخي الإنساني، وبث روح التسامح، حيث تحتضن الإمارات أكثر من 200 جنسية، يعيشون بمحبة ووئام، بمختلف أعراقهم وأديانهم وألوانهم

وينطلق السباق من جناح كينيا في تمام الساعة السابعة صباحاً بتوقيت دولة الإمارات العربية المتحدة. ويشارك فيه أصحاب الهمم من ذوي الاحتياجات الخاصة.

وبمشاركتها العالم احتفالاته باليوم العالمي للتسامح، تقدم دولة الإمارات نموذجاً استثنائياً، بالنظر إلى خصوصية التجربة الإماراتية، فيما يتعلق بالتآخي الإنساني، وبث روح التسامح، حيث تحتضن الإمارات أكثر من 200 جنسية، يعيشون بمحبة ووئام، بمختلف أعراقهم وأديانهم وألوانهم، ورسخت الدولة التسامح والتعايش الإنساني من أجل مجتمع أكثر سعادة.

اقرأ أيضاً: كيف تنظر الديانات الكبرى إلى التسامح؟

وتضيء المناسبة على جهود القيادة الرشيدة لدولة الإمارات، في تعزيز قيم التسامح والتعايش بمختلف المجالات، وجعل التسامح نهجاً راسخاً في حياة كل من يعيش على هذه الأرض الطيبة، وعززت الانفتاح على الثقافات المختلفة، والتعايش السلمي، كما أفادت صحيفة "البيان".

التسامح قوة الإمارات الناعمة

وأكد مسؤولون أنّ التسامح مصدر تناغم المجتمع، وقوة الإمارات الناعمة، وأنّ الدولة قدمت نموذجاً فريداً في التعايش واحترام الآخر.

مسجد مريم أم عيسى في أبوظبي: رسالة عالمية للتسامح

وتعتبر دولة الإمارات شريكاً أساسياً في اتفاقيات ومعاهدات دولية عدة ترتبط بنبذ العنف والتطرف والتمييز، وأصبحت عاصمة عالمية تلتقي فيها حضارات الشرق والغرب، لتعزيز السلام والتقارب بين الشعوب كافة.

وتحتضن الدولة عدة كنائس ومعابد تتيح للأفراد ممارسة شعائرهم الدينية، ولدى الدولة مبادرات دولية عدة ترسخ الأمن والسلم العالمي، وتحقق العيش الكريم للجميع.

اقرأ أيضاً: الإباضية طريقة ثالثة للإسلام تتبنى التسامح وتنفتح على الثقافات

ومن الأمثلة العميقة لروح التسامح التي تتمتع بها دولة الإمارات، توجيه سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بإطلاق اسم مريم أم عيسى "عليهما السلام" على مسجد الشيخ محمد بن زايد في منطقة المشرف، وذلك ترسيخاً للصلات الإنسانية بين أتباع الديانات والتي حث عليها الإسلام والديانات السماوية.

جائزة محمد بن راشد للسلام

وأطلقت الإمارات أبرز الجوائز في هذا المجال وهي جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للسلام العالمية، التي تنطلق من التعاليم الإسلامية السمحة، وتتجلى فيها معاني التسامح والاعتدال، فضلاً عن دورها في خلق قنوات للتواصل مع الشعوب كافة، تعزيزاً للعلاقات الدولية، وتحقيقاً للسلام العالمي.

الشيخ محمد بن زايد مستقبلاً البابا في أبوظبي: ازدهار المحبة والتسامح والتآلف

وشهدت الزيارة التاريخية للإمارات من قِبل بابا الكنيسة الكاثوليكية، البابا فرنسيس، وشيخ الأزهر، الإمام الأكبر أحمد الطيب، في شباط (فبراير) 2019، حدثاً غير مسبوق في التاريخ. وقال حساب "لقاء الأخوة الإنسانية" على تويتر إنّ "التواضع والتسامح متمثلاً في شخصيتين عظيمتين.. البابا فرنسيس والإمام الطيب، قد تجسد، فهما يستقلان سيارة واحدة ويقيمان في بيت واحد".

وكان الشيخ محمد بن زايد، رحب، حينها بوصول ضيفي اﻹمارات العزيزين، وأكد أنّ هذه الزيارة تأتي في سياق "ازدهار المحبة والتسامح والتآلف، فهما غرس أصيل نما في هذه اﻷرض الطيبة.. هكذا أرادها زايد واحة للتعايش الإنساني تخدم كل ما فيه خير البشرية جمعاء".

محمد عابد الجابري: الفلسفة أكثر المجالات استعداداً لقبول التسامح والعمل به، وتاريخ الفلسفة يدلنا على أنّ التسامح كان دائماً مقوماً أساسياً من مقومات التفلسف، والبحث عن الحقيقة

وتزامنت زيارة البابا والإمام الأكبر مع انعقاد المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية في أبوظبي، وتجسيد تحول دولة الإمارات إلى عاصمة عالمية للتسامح.

ونظم المؤتمر مجلس حكماء المسلمين بمشاركة قيادات دينية وشخصيات فكرية وإعلامية من مختلف دول العالم، بهدف تفعيل الحوار حول التعايش والتآخي بين البشر.

ويسعى المؤتمر إلى التصدي للتطرف الفكري وسلبياته وتعزيز العلاقات الإنسانية وإرساء قواعد جديدة لها بين أهل الأديان والعقائد المتعددة تقوم على احترام الاختلاف.

التسامح زينة الحياة الدنيا

ولسفير السعودية في الإمارات الصحفي تركي الدخيل كتاب عنوانه "التسامح - زينة الدنيا والدين" يقول فيه إنّ "الحديث عن التسامح بوصفه العفو صار ماضياً لدى الحضارات الغربية (زمن فولتير ولوك) بسبب تقنين التسامح.. لهذا اعترض الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا على المعنى السطحي التاريخي للتسامح، حتى شكل الدولة الحديث أخذ فضاءاته نحو التسامح، بحيث بات من وظيفة الدولة رعاية الفضاء العمومي الذي يتحرك التسامح داخله".

اقرأ أيضاً: الإخوان يهددون الوحدة والتسامح في أندونيسيا

ونسج المفكر المغربي محمد عابد الجابري علاقة مضفورة بين الفلسفة والتسامح في التراث العرب الإسلامي، في كتابه "قضايا في الفكر المعاصر" وخلاصة شرحه، كما يبين الكاتب السعودي في صحيفة "الشرق الأوسط" فهد بن سليمان الشقيران، أنّ الفلسفة بما أنها منهاج للبحث في الحقيقة وعن الحقيقة، وبما أنّ التسامح هو تفهم لآراء الغير، فـ"إذا نحن نظرنا إلى العلاقة بين الفلسفة والتسامح فقط من خلال هذين التعريفين فإننا سنحكم بسهولة ويسر بأنّ الفلسفة هي أكثر المجالات استعداداً لقبول التسامح والعمل به".

البابا فرنسيس والإمام الطيب: لقاء الأخوة الإنسانية

ثم يستطرد الجابري قائلاً: "إنّ تاريخ الفلسفة يدلنا على أنّ التسامح كان دائماً مقوماً أساسياً من مقومات التفلسف، أعني البحث عن الحقيقة، حتى إذا ترك الشك المنهجي مكانه لليقين المذهبي وحل تعميم الأفكار محل تحليلها، ونقدها، انقلبت الفلسفة إلى أيديولوجيا، أي تقريراً للحقيقة التي تقدم نفسها كاملة واحدة لا حقيقة بعدها، وزال التسامح وحل محله اللاتسامح، أعني اللجوء إلى القوة والعنف فكراً وسلوكاً. والسؤال الآن؛ متى ولماذا تتحول الفلسفة إلى أيديولوجيا، من مجال حيوي للتسامح إلى مجال يغلق الباب بقوة في وجه التسامح؟ تتحول الفلسفة في نظرنا إلى أيديولوجيا كلما تخلت عن مهمتها النقدية، واستسلمت للأمر الواقع تعكسه بوصفه الحقيقة، أو انساقت مع إغراء أمر واقع آخر يشيده الخيال - والخيال الفلسفي نفسه - مثالاً ونموذجاً وبديلاً عن الوضع السائد. هنا يسود منطق صراع المصالح على منطق البحث عن الحقيقة، فتحل مقولة الصراع محل مقولة التسامح".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية