كيف يمثل "الإخوان المسلمين" الجانب المظلم في تاريخ المجتمعات الإسلامية؟

كيف يمثل "الإخوان المسلمين" الجانب المظلم في تاريخ المجتمعات الإسلامية؟


12/08/2021

حسن حافظ

قيس سعيد أمه يهودية” هكذا خرجت الحسابات المحسوبة على جماعة “الإخوان”، بعد القرارات الأخيرة للرئيس التونسي، لتردد الجماعة وأنصارها نفس الشائعة التي رددتها الأذرع الإعلامية الإخوانية حول أن أم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يهودية، وتكشف الحملات التي من هذه النوعية عن استثمار “الإخوان” في الشعبوية كحقيقة أساسية في خطابها الموجه إلى الشارع العربي، معتمدة في ذلك على حملة التشويه المرتبطة باستدعاء نماذج جاهزة في التاريخ الإسلامي وإعادة ترويجها، وتمرير الدعاية السوداء عبر الحسابات المزيفة (اللجان الإلكترونية)، ثم العودة والتبرؤ منها بعدما تكون عملت علمها في الشارع العربي من تشويه لخصوم الجماعة، وهي هنا تكشف عن جانب مهم في تشكل ظاهرة “الإخوان” كونها تعبير عن جذور في بنية مجتمعات المسلمين تمثل التنفيذ والفهم الأكثر راديكالية ومحدودية في الفكر الإسلامي، وكونها معبرة عن أزمة فكر جامد تم تجاوزه بفعل الزمن لكنه يواصل محاولة الحياة على حساب المجتمعات التي يقتات عليها، ومن هنا يأتي خطورة الفكر الإخواني باعتباره الوارث الحقيقي لمحاولات اختطاف الإسلام وإعادة تمثيله في نسخ بشرية تدعي عصمة الأنبياء.

على ماذا يستند خطاب التشويه الإخواني في التراث العربي؟

خطاب تشويه الخصوم السياسيين لجماعة “الإخوان” ركن أصيل من أركان الخطاب الإخواني، وليس المقصود هنا لعبة التشويه السياسي المعتادة في عالم السياسة -رغم حقارتها من حيث المبدأ الأخلاقي، لكن المقصود هنا هو اتخاذ تكتيك التشويه الديني ركنا أصيلا في الخطاب الإخواني الشعبوي، لكن اللافت أن هذا التشويه المتعمد لشخصيات بحجم مصطفى كمال أتاتورك وجمال عبد الناصر وغيرهما الكثير، يستند إلى تجربة في التاريخ الإسلامي تعتمد على نفس سلاح التشويه بنفي الخارجين على خط الرواية الرسمية خارج الإسلام، ونسبتهم إلى أمهات يهوديات بهدف الحط منهم والتشكيك في نقائهم الإسلامي المتخيل.

الأزمة في أن هذا الخطاب الدعائي المتهافت لا يكشف عن فشل الإخوان، بل يكشف عن عمق الأزمة في عقل تيار من المسلمين المعاصرين، الذين لم يغادروا خطابات قديمة عفا عليها الزمن، فمنذ القرن الأول الهجري بدأت بذرة هذا التفكير المعوج، بالعمل على خلق تاريخ مثالي للمسلمين ونفي وجود أي أزمة أو انحراف داخل هذه المجتمعات عبر الإيمان المطلق بأن الأزمة دائما خارجية تأتي عبر مؤامرة الخارج، وليس أزمة في الداخل تحتاج إلى علاج عبر الاعتراف ابتداء بالأخطاء، كبديل لمواجهة تبعات تحليل أحداث الفتنة الكبرى، وهو ما جعل العقل المسلم يتجنب الاشتباك مع مثل هكذا قضايا على الدوام.

نما هذا الخطاب بداية من الترويج بأن صراعات الصحابة والزعم أن الفتنة سببها عبد الله بن سبأ (ابن السوداء)، لمحاولة نفي مسؤولية حكومة عثمان بن عفان عن تعقد الأمور، فتصبح الأزمة منحصرة في يهودي أظهر الإسلام لهدم الدين الجديد، هكذا يتم تسطيح الأمور. وهو ما يتكرر في كل ثورة أو حركة ثورية تعتمد على أسباب اجتماعية راسخة وتعبر عن أزمة حقيقية في عصرها، بنسبة قادة “الفتنة” إلى اليهود في محاولة إنكار أن المجتمع المسلم مجتمع بشري يجري عليه ما يجري على غيره من أحكام، ولحماية السلطة القائمة في تفسير آخر. وهو ما تكرر في تفسير انهيار الدولة العثمانية باعتبار أنه نتيجة لمؤامرة يهود الدونمة واليهودي المتخفي مصطفى كمال.

إذن يعبر الإخوان عن فكر معوج له جذوره في بنية المجتمعات الإسلامية منذ قرون، فكر لا يفكر ولا يتدبر يقوم على إنكار الوقائع ولا يعرف تعاطي أي قراءة تاريخية، بل المشكلة عنده دوما خارجية تأتي من مؤامرة القوى الأخرى، بينما جماعة المسلمين (وهي هنا جماعة الإخوان حصرا)، جماعة طاهرة لا تعرف الخطأ والخطيئة، ويصل هذا التفكير إلى ذروة بؤسه بالادعاء أن أزمة المجتمعات الإسلامية الحالية أزمة برانية وأنها نتيجة وحيدة لتدخل الغرب، وأن مجتمعاتنا لو تركت وحدها لكانت وكانت، وهو تفكير بالتمني يتجاهل الحقائق ويتعاطى المخدرات التي تغيب العقول ولا تنتج إلا الحنظل.

بطبيعة الحال سيخرج الإخوان ويعلنون أن هذا الخطاب لا يخصهم، وأن من يقول ذلك من أنصار الجماعة وليس من رجالاتها، وغيرها من الأحاديث التي تستند إلى أحد أهم الأفكار الشيعية والتي تسربت إلى فكر الجماعة، وهو مبدأ التقية الذي يتيح الكذب لنصرة الجماعة ويتيح لأعضائها إظهار غير ما يبطنون، لنكشف عن جانب آخر من جوانب “التلفيقية” الإخوانية التي تجعلها الوريث الشرعي للكثير من الأفكار المنحرفة في تاريخ المسلمين. ربما يتضح هذا أكثر عندما نعود إلى كيفية ظهور جماعة “الإخوان” وكيف ورثت هذه الرؤية المثالية للتاريخ.

كيف ظهرت جماعة الإخوان على ساحة العمل العربي؟

ظهرت جماعة الإخوان كتعبير عن صدمة قطاع عريض من المصريين لنبأ سقوط نظام الخلافة مع انتهاء حكم السلالة العثمانية في إستانبول، فهنا جالت فكرة إعادة الخلافة للوجود في ذهن حسن البنا وغيره من أبناء تيار نظر برومانسية لنظام الخلافة، واعتبرها من أصول الدين وأسسه، ولم يفهم أن هذا النظام من ابتكار المسلمين لهم الحق في البحث عن غيره بما يناسب متغيرات العصر وأدبياته السياسية، فجاءت الصدمة التي حبست ذهن حسن البنا بما يمثله من سذاجة الريفي، في تصور ضيق وهو أن المؤامرة تنسج خيوطها على العالم الإسلامي، غير فاهم ولا واعي بحقيقة الاستعمار الأوروبي الذي هو ابن الثورة الصناعية، فبدل الانخراط في تفكيك ظاهرة الاستعمار الحديثة، وتحليل واقع المجتمعات العربية والإسلامية والكشف عن سبب تأخرها في العلوم الحديثة، تفتق ذهنه عن أن الأزمة تقتصر في غياب الخلافة من ناحية، ووجود مؤامرة كونية على الإسلام من ناحية أخرى، وهي منظومة غير فكرية لا تزال مسيطرة على قطاع كبير في مصر والعالم العربي.

جاءت فكرة جماعة الإخوان المسلمين إذن بعد أربع سنوات من سقوط “الخلافة”، كمحاولة لتكوين جماعة “مسلمة” في زمن “ردة متخيلة” من أجل العمل على إعادة وحدة المسلمين تحت قيادة الأصلح، وهو حسن البنا –أو من يمثله على رأس التنظيم- باعتباره رأس هذه الجماعة “المسلمة” حصرا، فهنا نحن نتحدث عن جماعة عاشت على حلم الخلافة والتاريخ المتخيل المثالي للمسلمين والاستناد إلى نظرية غير حقيقية، وهي أنه بمجرد تحقيق هذا الحلم فستنتهي جميع مشاكل المسلمين فورا، لذا ترى “الإخوان” نفسها الجماعة الربانية التي تستعلي بالدين على بقية المسلمين، إذ يخاطب حسن البنا أنصاره بأنهم “الذين آمنوا بسمو دعوتهم، وقدسية فكرتهم، وعزموا صادقين على أن يعيشوا بها، أو يموتوا في سبيلها”، كما جاء في رسالته “التعاليم”.

هل التدرج في الكشف عن أفكار جماعة “الإخوان” استعارة من الدعوة الإسماعيلية؟

عبرت هذه الحركة عن الجانب الأكثر رومانسية في قراءة الوقائع فورثت كل جوانب الفشل والفكر المنحرف من مختلف التيارات السياسية التي ظهرت على مدار تاريخ المسلمين، كنتيجة طبيعية لعدم الميل للانخراط في أي قراءة جادة للتاريخ، والاكتفاء بقراءة تدعم الخط الذي تسير فيه بهدف ممارسة السياسة عبر تحويل الدين لمطية الوصول إلى الحكم، فسقطت كل هذه الحركات في خطأ تأويل الدين بل الآية الواحدة بحسب المواقف السياسية المتغيرة، فوقعت جميعا في ذات الفخ، وانتهت إلى نوع من أنواع عبادة الذات والاعتقاد بأن فكر الجماعة هو صحيح الدين وصحيح السياسة، وأن معارضتها هي خروج عن الدين يستحق من يقوم به كل التشويه الممكن بل النص على عدائه للإسلام وجماعة المسلمين، وهي أفكار ورثتها جماعة الإخوان وبات مكونا من مكونات خطابها، ومنها انتقل في صيغ أكثر وضوحا وفجاجة إلى الجماعات الإرهابية مثل القاعدة وداعش.

لذا لم يكن غريبا أن يأتي العمل التدريجي لجماعة “الإخوان” في إطار هذا التصور الراغب في الوصول إلى الحكم لتنفيذ حلم الأستاذية أي الخلافة، ففي رسالة حسن البنا “التعاليم”، يضع مراحل “الدعوة” تحت بند أولي هو “التعريف” بأفكار الجماعة التي لا يشترط في متلقيها “الطاعة التامة” طالما كان هناك اتفاقا مع مبادئ الجماعة، ثم تأتي مرحلة “التكوين” وهي تقوم على “استخلاص العناصر الصالحة لحمل أعباء الجهاد وضم بعضها إلى بعض، ونظام الدعوة –في هذه المرحلة- صوفي بحت من الناحية الروحية، وعسكري بحت من الناحية العملية، وشعار هاتين الناحيتين (أمر وطاعة) من غير تردد ولا مراجعة ولا شك ولا حرج… والدعوة فيها خاصة لا يتصل بها إلا من استعد استعدادا تاما حقيقيا لتحمل أعباء جهاد طويل”. ثم تزداد الأمور وضوحا في المرحلة الثالثة من الدعوة كما يقررها حسن البنا وهي مرحلة التنفيذ، “وهي مرحلة جهاد لا هوادة فيه، وعمل متواصل في سبيل الوصول إلى الغاية… وعلى هذا بايع الصف الأول من الإخوان المسلمين”.

هذه العملية المتدرجة قد تكون متشابهة في الكثير من التنظيمات السرية التي ظهرت على مدار التاريخ الإنساني، لكنها تبدو متشابهة بشكل واضح بالتنظيم السري للدعوة الإسماعيلية الشيعية، والتي نجحت في إقامة الخلافة الفاطمية فضلا عن عدد من الدول مثل دولة قرامطة البحرين، إذ نجد نفس الفكر التدرجي في الدعوة السرية عبر عملية التدرج في اختيار المستجيب وعملية الترقي في صفوف الدعوة السرية، مع الكشف التدريجي عن حقيقة الدعوة كلما صعد المرء في سلم الدعوة السرية، أو ربما يحتاج الأمر إلى مزيد بحث في هذه النقطة لاستطلاع التشابه بين مختلف الحركات السرية ومدى التشابه بينها في مختلف المجتمعات الإنسانية.

والأمر الأبرز أن فكرة البيعة رغم أنها محاولة للبناء على فكرة بيعة الرضوان إلا أن طريقة أداء العهد الإخواني أمام المرشد أو من يمثله، تبدو مقتبسة من أجواء العهد الإسماعيلي كما حفظته لنا المصادر السنية والشيعية على حد سواء. فترتبط بالداعي الإسماعيلي مهمة أخذ العهد على المستجيبين، فقبل الشروع في تلقينهم مبادئ المذهب الإسماعيلي كان المستجيب يقسم أمام الداعي على المحافظة على سرية باطن الدعوة وما يكشفه له الداعي من علوم وأسرار، وهي العملية المعروفة بأخذ العهد على المستجيب، وهي عملية لا شك في صحتها تاريخيًا، وقيام الدعاة بها مع المنضمين حديثا للحركة الإسماعيلية ليست مجالاً للطعن فيها لأن المصادر الإسماعيلية صريحة في النص على عملية أخذ العهد، مع التأكيد على أن الأسرار الباطنية للدعوة الإسماعيلية لا يتم الكشف عنها إلا بعد أخذ العهد على المستجيب، وهو ما نراه يتكرر في البيعة الإخوانية فالمرحلة الثانية من هذه الدعوة الإخوانية “التكوين” تقتصر على العناصر التي أخذت البيعة عليها، ويتم كشف أسرار الجماعة أمامها بأنها جماعة سياسية تتخذ الدين وسيلة للوصول للحكم وفرض نموذجها على بقية المجتمع بقوة السلاح.

وكما كان العهد الإسماعيلي يؤخذ في أجواء غامضة، كذلك كان الحال في بيعة النظام الخاص لجماعة “الإخوان”، إذ كانت تؤدى في غرفة مظلمة وعلى مصحف ومسدس، ولم يكن يباح لمن يبايع أن يعرف من بايع لأنه كان يؤديها في غرفة مظلمة، مع تلاوة آيات من سورة الفتح، خصوصا الآية {إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله، يد الله فوق أيديهم}، بحسب ما ذكر ثروت الخرباوي في كتابه “سر المعبد”، وأيده بسام العموش، وكلاهما من القيادات المنشقة عن جماعة “الإخوان” في مصر والأردن. المدهش أن نص العهد الإسماعيلي يتوافق مع النص الإخواني في بعض الأفكار، ففي الأول يتعهد المستجيب بأن “ينصر إمام زمانه ولا يخونه، وألا يظهر شيئًا من أسرار الدين لمن لا يستحقه ولمن لا عهد عليه، وألا يخون أحدًا من الإخوان المؤمنين الذين معه في العهد”، بينما يتعهد الإخواني بأنه إذا حنث بالعهد أو أفشى سر الجماعة فسوف يؤدي ذلك إلى إخلاء سبيل الجماعة منه، “ويكون مأواه جهنم وبئس المصير”.

كيف انتقلت بعض الأفكار الصوفية لجماعة الإخوان لتكريس الطاعة؟

وقد انتقلت بعض الأفكار الصوفية إلى جماعة الإخوان على يد حسن البنا نفسه، فقد سبق له أن انتمى إلى الطريقة الحصافية الشاذلية، لذا نرى فكرة الأوراد تنتقل من الصوفية إلى الإخوان، فمن المعروف أن الإخوان لديهم مثل الصوفية وردا يوميا يعرف باسم ورد “الرابطة”، الذي يلتزم كل عضو في الجماعة على تلاوته بشكل يومي، وهنا نقع في المفارقة التي يمثلها حسن البنا باعتباره جامع للتناقضات، فالرجل يقول في رسالة التعاليم: “كل بدعة في دين الله لا أصل لها. استحسنها الناس بأهوائهم سواء بالزيادة فيه أو بالنقص منه. ضلالة تجب محاربتها والقضاء عليها”، ثم تأتي جماعته ببدعة “الورد” وتقرها على جميع الأعضاء! بل أن مفهوم الطاعة العمياء المقرر عند الإخوان يعيدنا إلى العلاقة ذاتها عند الصوفية بين الشيخ والمريد، وهي علاقة طاعة مطلقة لا يحق للمريد فيها أن يسأل ليفهم قرارات الشيخ، كما هو حال أعضاء الجماعة أمام قيادتها، بل أن لفظ “المرشد” مستخدم في الأدبيات الصوفية ومنها على ما يبدو استعاره حسن البنا كلقب له، لكنه استعار اسم جماعته من الجيش الخاص بعبد العزيز آل سعود والذي نجح به في إقامة الدولة السعودية الثالثة وتثبيت نفوذه، هذا الجيش عرف باسم “إخوان من أطاع الله”، فالصوفية أمدته بنموذج الطاعة العمياء والوهابية أمدته بفكرة “الإخوان” أي العمل المسلح.

بل يمكن الجزم أن البنا أسس على روح التصوف، أكبر تنظيم إسلامي حركي على الإطلاق، فبنى بذلك جماعة حركية جمعت بين الصوفية والعسكريتارية، كما يذهب الباحث حسام تمام، الذي يرى أن حسن البنا استفاد من الفكر الصوفي في الوظائف والأوراد التي سنها في جماعته، كما أعطى للمكونات التنظيمية لجماعته حمولة معنوية قريبة من روح التصوف، بل يمكن أن نقول إنه نقلها من الفضاء التصوفي إلى واقع يناسبه في تنظيمه الوليد، سواء فيما يتعلق بالعلاقات الإنسانية داخل الأسر والكتائب، والسلطة الروحية للمرشد باعتباره القائد الأعلى للتنظيم والذي تجب طاعته.

بل أن التعريف المائع الذي يقدمه حسن البنا لجماعة “الإخوان” باعتبارها “دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، وروابط علمية ثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية”، تبدو محاولة مكشوفة لاتباع فكر التقية عبر تقديم أوجه مختلفة للإخواني أمام كل فرد في المجتمع بحسب ميول وانتماءات الأخير، فإذا كان الشخص صوفي يتم تقديم الوجه الصوفي، وإذا كان سياسي وفدي يتم الادعاء بالاتفاق مع أهداف الوفد، وهي نفس الحيلة التي اتبعتها الدعوة الإسماعيلية من قبل، إذ حرصت على إخفاء أهدافها الحقيقية عبر التقية وإظهار متابعة الأفكار السائدة في أي جماعات للمسلمين تنشط بين ظهرانيهم، فهل تتشابه كل الحركات السرية في اتباع نفس النمط من محاولة استقطاب أبناء مختلف التيارات وعدم الدخول في صدامات فكرية تكشف طبيعة حركة الإخوان؟

تبدو جماعة “الإخوان” وريثة ميراث طويل من المحاولات الفاشلة لإعادة تمثل بداية الإسلام مجددا، بزعم أنها تمتلك وحدها الحقيقة الربانية، ويتم تنصيب مؤسس الحركة في مرتبة قريبة من مرتبة النبي، وهو طريق مضت فيها على ما يبدو جميع الجماعات التي حاولت إعادة اختراع العجلة الإسلامية، باختراع لحظة تأسيس الإسلام على يد نبي الإسلام، لكنها لا تدرك إنه إمكانية إعادة خلق هذه اللحظة مستحيلة، وأن لا أحد بقادر على استعادة تجربة الوحي المنتهية بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن كل ما تبقى هو ملعب السياسة وصراعها وأن أي محاولات لاستخدام الدين كوسيلة لتحقيق غرض الوصول لسدة الحكم ستنتهي بالفشل والإساءة للدين معا.

عن "مركز الإنذار المبكر"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية