لماذا تبدو إسرائيل مهتمة بمنع سقوط الرئيس عباس؟

لماذا تبدو إسرائيل مهتمة بمنع سقوط الرئيس عباس؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
13/09/2021

تبذل إسرائيل جهودها للحفاظ على مكانة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، وبقائه كرئيس للسلطة الفلسطينية، وذلك على خلفية التراجع في مستوى التأييد الشعبي للرئيس وحركة فتح في الضفة الغربية، فيما يبدو ومن خلال الأحداث الأمنية الأخيرة في الضفة الغربية، والمترتبة على مقتل الناشط السياسي الفلسطيني نزار بنات من قبل عناصر الأمن الفلسطيني، في يونيو(حزيران) الماضي، أنّ مكانة الرئيس الفلسطيني والسلطة الفلسطينية تواصل التدهور، والغضب الشعبي يتزايد، والتعبير عن انعدام الثقة به وبأجهزة السلطة الأمنية مستمر، كما أنّ النزاعات العنيفة والمظاهرات في شوارع الضفة الغربية، آخذة بالتصاعد، وباتت تشكّل خطراً على حياة المستوطنين.

اقرأ أيضاً: في ذكرى أوسلو: إدوارد سعيد اعتبره استسلاماً.. ودرويش خيانة

وأطلق سياسيون وعسكريون إسرائيليون، على رأسهم وزير الدفاع، بيني غانتس، دعوات بضرورة دعم السلطة الفلسطينية وتقويتها سياسياً واقتصادياً، وذلك للحفاظ على بقاء الرئيس عباس في سدّة الحكم، وعدم جرّ الضفة الغربية إلى فوضى داخلية، تؤثّر سلباً على المصالح الإسرائيلية في الضفة الغربية.

وقالت صحيفة "معاريف" العبرية: إنّ الحكومة الإسرائيلية الجديدة تفضل الحفاظ على الوضع الراهن مع السلطة الفلسطينية، وربما هذا هو موقف غالبية الجمهور الإسرائيلي والمجتمع الدولي؛ حيث إنّ مصالح إسرائيل في الساحة الفلسطينية، تتركز في محاولة الحفاظ على الاستقرار الأمني، وتحسين الوضع الاقتصادي وتقليل نفوذ حماس، وإضعاف عناصر المعارضة في السلطة الفلسطينية.

وأشارت الصحيفة إلى أنّ مقتل المعارض السياسي الفلسطيني، نزار بنات، أشعل كبرى مدن الضفة الغربية، وتسبّب في موجة من الاحتجاجات العنيفة، التي تهدّد بإشعال الضفة، والخوف يكمن في أن تتجدّد المواجهات وتتسرّب إلى الاشتباك مع قوات الأمن الإسرائيلية.

انهيار السلطة

 وبيّن الباحث الإسرائيلي، يوني بن مناحيم؛ أنّ إسرائيل وإدارة بايدن تتخوفان من انهيار السلطة الفلسطينية وصعود حماس في الأراضي الفلسطينية، وبهذا تسمح إسرائيل والولايات المتحدة لرئيس السلطة عباس بفعل ما يشاء مع خصومه السياسيين، وهو يشعر بالتجاهل الأمريكي والإسرائيلي إزاء ممارساته ويسعى للاستفادة الكاملة منها.

ولفت بن مناحيم إلى أنّ الأوضاع الأمنية المعقدة في الضفة الغربية، تتطلّب من إسرائيل تقييما فورياً ومتعمقاً، لأنّها تشكّل تهديدات أمنية خطيرة، ويمكن أن تتراكم فيها ديناميكيات صارمة.

إسرائيل وإدارة بايدن تتخوفان من انهيار السلطة الفلسطينية وصعود حماس، وبهذا تسمح إسرائيل والولايات المتحدة لرئيس السلطة عباس بفعل ما يشاء مع خصومه السياسيين

وأوضح أنّ الشارع الفلسطيني يدرك السلوك السياسي السلبي للسلطة الفلسطينية، لكنّه يعد بالانتقام وبانتظار ضعف صحّة عباس، بسبب تقدمه في السنّ، وعندما يحدث هذا سيكون الأمر بالغ الصعوبة لإسرائيل والولايات المتحدة، للتدخّل في معركة الخلافة في الضفة الغربية، المفترض أن تكون دامية نتيجة الخلافات الداخلية الفلسطينية المرتقبة للسيطرة على السلطة.

عباس شخصية مقبولة

بدوره، قال الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي، خالد صادق؛ إنّ "الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، يعدّ من أكثر الشخصيات قبولاً وارتياحاً لدى إسرائيل؛ فالرئيس عباس يواصل تقبل عيوب إسرائيل تجاه القضية الفلسطينية، وما يزال رغم الضغوط المفروضة على الفلسطينيين، يواصل البحث عن السلام مع الإسرائيليين، ولا يمتلك أيّة خيارات أخرى للخروج من الأزمة السياسية العالقة مع إسرائيل".

الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي خالد صادق

وأشار صادق، في حديثه لـ "حفريات"، إلى أنّ "الرئيس عباس يدفع ثمن سياساته غير المناسبة مع الشعب الفلسطيني، وذلك بتراجع شعبيته وتراجع مستوى التأييد الشعبي لحركة فتح في الضفة الغربية، فمن وجهة نظر غالبية الفلسطينيين، الرئيس متورط بقضايا فساد مترتبة على مواصلة التنسيق الأمني مع إسرائيل دون مقابل سياسي، كما أنّه يعطي الضوء الأخضر لمواصلة الملاحقة للسياسيين ولقادة المقاومة في الضفة الغربية".

 

اقرأ أيضاً: قطر تغير آلية دعمها لغزة.. ما علاقة السلطة الفلسطينية؟

وأضاف: "اللقاء الذي عقده وزير الدفاع، بيني غانتس، مع الرئيس عباس قبل أسابيع، له تداعيات متعلقة بمصالح إسرائيل الداخلية، فخطوة إسرائيل تعزيز مكانة السلطة اقتصادياً كبديل عن الحوار السياسي في الوقت الحالي، تنبع من محاولة إنقاذ السلطة من الانهيار المالي الذي يحدق بها، وهذه الأزمة في حال استمرارها ستشكّل تهديداً على أمن إسرائيل".

انشغال أمريكا وإسرائيل

وأكّد المختص في الشأن الإسرائيلي؛ أنً "التطورات الدولية المتلاحقة، خاصة انشغال الولايات المتحدة بالملفات في كلّ من أفغانستان وإيران، وانشغال إسرائيل بملفات أمنية متعلقة بخطر النووي الإيراني واحتمالية التصعيد على الحدود الشمالية مع حزب الله، يدفع بإسرائيل لتقديم الدعم للسلطة والحفاظ على مكانة عباس، وذلك للحفاظ على بقاء الضفة في حالة هدوء، نظراً إلى انشغال إسرائيل بالتهديدات الإقليمية".

المحلل السياسي خالد صادق لـ"حفريات": الرئيس عباس من أكثر الشخصيات قبولاً وارتياحاً لدى إسرائيل، ولا يمتلك أيّة خيارات أخرى للخروج من الأزمة السياسية العالقة مع إسرائيل

وبسؤاله عن مستقبل السلطة بعد رحيل الرئيس عباس ودور إسرائيل في ذلك، أجاب صادق: "إسرائيل هي التي تقرّر خليفة عباس بعد رحيله؛ فهي تريد أن تبقي يدها فوق يد السلطة وتتحكم في مجريات الأمور كلّها، كما أنّ صادق لم يخفِ أنّ هناك شخصيات فلسطينية مؤهّلة من قبل إسرائيل لتولي رئاسة السلطة بعد رحيل عباس، وهناك تواصل مستمر من قبل إسرائيل مع هذه الشخصيات داخل السلطة".

وتعاني السلطة الفلسطينية مشكلات حادّة مع الجمهور في الضفة الغربية، وينظر إلى القيادة على أنّها غير ناجعة وفاسدة، وتقمع المعارضة الداخلية، وأنّها قريبة جداً من إسرائيل؛ لذلك تتخوف إسرائيل من محاولات حماس استغلال حالة العداء وتراجع الرصيد الشعبي المؤيد للسلطة، لبث الفوضى ومحاولة السيطرة على السلطة، كما فعلت في قطاع غزة عام 2006. 

الكفاح المسلح

من جهته، بيّن الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي، عصمت منصور: أنّ "إسرائيل متخوّفة من وصول حركات متطرفة للسيطرة على الضفة والمقصود بذلك حماس، فتجربة انقلاب حماس على السلطة الفلسطينية في قطاع غزة والسيطرة على الحكم، تجعل إسرائيل متوجّسة من تكرار هذا السيناريو، في ظلّ تصاعد الحركات المناهضة للسلطة، والدعوة إلى تفعيل الكفاح المسلح ضدّ إسرائيل".

المختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور

وأوضح منصور، في حديثه لـ "حفريات"، أنّ "إسرائيل لا ترغب في إيجاد أيّ بديل، أو التعاون مع فصائل فلسطينية غير السلطة، لأنّ غالبية الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حماس، والتي تسعى من وجهة نظر إسرائيل للسيطرة على الضفة، تتبنّى نهج الكفاح المسلح ضدّ إسرائيل، على غرار أبو مازن، والذي وصف الكفاح المسلح ضدّ إسرائيل غير شرعيّ، ووصف التنسيق الأمني بأنّه ضروري لسيطرة السلطة".

تمكين السلطة

وأشار إلى أنّ "التسهيلات الاقتصادية الإسرائيلية الأخيرة المقدمة للسلطة الفلسطينية، تأتي في سياق تمكين السلطة وضمان استمرار وضيفتها في تحقيق مصالح إسرائيل، بعد أن عملت إسرائيل سابقاً على تقزيم هذه الوظيفة وتحويلها إلى دور إداري بعيد عن السياسية". 

وأكّد المختص في الشأن الإسرائيلي؛ على أنّ "الشارع الفلسطيني بات يرى أنّ الكفاح المسلح هو الخيار الوحيد لانتزاع الحقوق، وبات الشعب يرى في حماس هي الرابح من هذه التطورات لتبنيها الكفاح المسلح ضدّ إسرائيل، فالشعب قد ملّ حالة عدم الاكتراث من قبل السلطة على الإجراءات الإسرائيلية بحقّ المقدسات، كما أنّ استمرار المستوطنين والجيش الإسرائيلي في اعتداءاتهم المتواصلة على الفلسطينيين دون تدخّل من قبل السلطة، زادت من غضب الشعب".

 

اقرأ أيضاً: بعد انتهاك حقوق الأحياء: إسرائيل تعاقب جثامين الشهداء الفلسطينيين

ولفت إلى أنّ "إسرائيل وبعد الحرب الأخيرة على غزة، تشكّل لديها قلق كبير نتيجة التأييد الذي حظيت به حماس في مناطق نفوذ السلطة، وبروز معارضة كبيرة ضدّ السلطة الفلسطينية لصمتها على ما يجري من أحداث، إضافة إلى صعود حماس على المستوى السياسي الإقليمي على حساب السلطة التي لم تعد طرفاً قوياً في الصراع القائم، ولهذا ازدادت الدعوات الإسرائيلية المطالبة بترميم جسر المودة مع عباس، وتقديم الدعم لضمان بقائه في الحكم وعدم السماح لسيطرة حماس".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية