لماذا تختلف إدارة بايدن وإسرائيل حول عودة القنصلية الأمريكية للقدس؟

لماذا تختلف إدارة بايدن وإسرائيل حول عودة القنصلية الأمريكية للقدس؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
21/11/2021

تعارض الحكومة الإسرائيلية بزعامة نفتالي بينيت وبشدة، خطوات واشنطن في إعادة فتح القنصلية الأمريكية الخاصة بالفلسطينيين في القدس الشرقية، والتي أقدم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على إغلاقها، بعد أن أوقفت القيادة الفلسطينية اتصالاتها بالإدارة الأمريكية، على خلفية قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

وفي محاولة لاحتواء الأزمة المتصاعدة بين واشنطن وتل أبيب، قدم وزير الخارجية في الحكومة الإسرائيلية يائير لابيد مقترحاً، يسمح بإعادة فتح القنصلية الأمريكية في مقر الحكومة الفلسطينية في رام الله بدلاً من القدس، ولكن حتى هذا المقترح واجه معارضة شديدة من قبل رئيس الوزراء نفتالي بينت، والذي قال لا يوجد مكان لقنصلية أمريكية تخدم الفلسطينيين.

إصرار أمريكي

في مقابل ذلك تصر إدارة بايدن رغم الرفض الإسرائيلي، على المضي قدماً في خطوة إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، حيث قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إنّ الولايات المتحدة ستمضي قدماً في عملية إعادة فتح قنصليتها في القدس، وهذه طريقة مهمة لبلدنا للتعامل مع الشعب الفلسطيني وتقديم الدعم له.

صحيفة "إيديعوت أحرونوت" العبرية، قالت إنّ "إصرار الولايات المتحدة على إعادة فتح قنصليتها في القدس الشرقية، جعلها في مواجهة مع الحكومة الإسرائيلية، التي قد تنهار بسبب هذا الخلاف الذي يتطور بين الجانبين".

وأشارت الصحيفة، إلى أنّ "إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تواجه مقاومة شرسة من قادة إسرائيل في هذه المسألة، خاصة من أعضاء اليمين الذين يقولون إنّ القرار سيؤدي إلى انهيار الحكومة الائتلافية الهشة".

خطوات أحادية

أما صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، فقد بينت أنّ "هناك تخوفاً إسرائيلياً من نشوب أزمة مع إدارة بايدن لاسيما في موضوع القنصلية، ما قد يجعلهما يحرصان على معالجة الموضوع بعيداً عن الأضواء، تزامناً مع القلق من وقوع مفاجأة من القيام بواحدة من الخطوات أحادية الجانب، سواء فتح القنصلية من قبل واشنطن، أو القيام بمشاريع استيطانية من قبل إسرائيل خلال الأشهر المقبلة".

إسرائيل تحاول فرض واقع جديد ينزع التمثيل الفلسطيني في القدس، فمسألة القنصلية سياسية بالدرجة الأولى وخطوة فتح القنصلية بالنسبة للإسرائيليين، تعني وجوداً ورمزية للفلسطينيين وهذا ما لا تريده

وأشارت الصحيفة، إلى أنّ "إدارة بايدن ستكون خلال المرحلة المقبلة أقل لطفاً مع الحكومة الإسرائيلية، لكنها أيضاً ستحرص على عدم تمزيق الحبل معها، ووفقاً للطريقة نفسها تماماً سيتعين على الجانب الإسرائيلي أن يقيد خطواته بحكمة، حتى لا يدخل في مواجهة مع واشنطن، الأمر الذي قد يعرض وجود الحكومة للخطر أكثر من أي شيء آخر".

المحلل السياسي المختص في الشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش: القنصلية التي أقيمت في القرن التاسع عشر تعتبر  ذات مكانة تاريخية

وأضافت أنّ "القضية الفلسطينية تشكل المسألة الأكثر حساسية من الناحية السياسية بين واشنطن وإسرائيل، في ضوء رغبة المسؤولين الحكوميين في واشنطن فتح قنصلية أمريكية في شرقي القدس، مقابل نوايا إسرائيل الموافقة على خطط بناء إضافية في القدس والضفة الغربية".

اقرأ أيضاً: مخطط إسرائيلي لتحويل مقبرة إسلامية في القدس إلى حديقة توراتية

الضابط السابق في جهاز الاستخبارات الإسرائيلية، عيران ليرمان، دعا "الحكومة الإسرائيلية الجديدة للعمل مثل الحكومة السابقة، من خلال عدم الموافقة على إعادة فتح قنصلية أمريكية منفصلة في القدس، يكون هدفها الرئيسي تمثيل الولايات المتحدة لدى الفلسطينيين، فمن المحتمل أن يفسر الفلسطينيون وغيرهم استئناف عمل القنصلية في القدس، على أنه اعتراف أمريكي بشرعية مطالبتهم بدولة عاصمتها القدس".

تصحيح أخطاء ترامب

في غضون ذلك، قال المحلل السياسي المختص في الشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش إنّ "الولايات المتحدة ليست مصرة على افتتاح القنصلية، ولكن ما يجري من ضغوط أمريكية هو محاولة ما تزال لفظية، وذلك في إطار الوعود لتصحيح خطيئة كارثية أقدم عليها الرئيس السابق دونالد ترامب، وهي خطيئة دلت على أبشع أشكال الانحياز المطلق من قبل الأمريكيين للجانب الإسرائيلي، وبالتالي هذا ينقض الدور الذي تلعبه الإدارة الأمريكية تجاه عملية السلام".

وأوضح أبو غوش في حديثه لـ"حفريات": أنّ "القنصلية التي أقيمت في القرن التاسع عشر تعتبر  ذات مكانة تاريخية، فهي تخدم المصالح التجارية والإدارية لرعايا الدولة، وهي نافذة للعلاقات مع الشعب الفلسطيني، في المقابل توجد قنصلية أخرى في القدس الغربية للتعامل مع الإسرائيليين، ولذلك فإن إغلاق القنصلية يعني أحد أمرين، إما أنّ الإدارة لا تريد علاقات مع الشعب الفلسطيني، أو أنّ على الشعب الفلسطيني أن يتنازل طواعية عن حقوقه الوطنية، ويقر بأنّ القدس خاضعة للسيادة الإسرائيلية".

فتح القنصلية يخدم الفلسطينيين والأمريكيين

وأشار إلى أنّ "إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس هو مطلب فلسطيني، وهذه الخطوة ترمز بشكل أو بآخر إلى أنّ القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية عام (1967)، وأنّ الفلسطينيين في القدس هم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، وبالتالي إعادة فتح القنصلية سيخدم الفلسطينيين كما أنها ستخدم الأمريكيين، وذلك بإعادة تقديمهم كطرف مؤهل لرعاية عملية السلام".

اقرأ أيضاً: الاستيطان العامودي: بنايات عملاقة بخدمات فريدة لجذب الإسرائيليين

ولفت إلى أنّ "العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة ليست ندية، بحيث تقرر إسرائيل دائماً ما الذي على واشنطن فعله، صحيح أنّ العلاقات متميزة وهي خاصة جداً، ولكن ليس إلى الدرجة التي تقرر فيها الحكومة الإسرائيلية أولويات السياسة الأمريكية، إلا في حال وجود قيادة متهورة مثل إدارة ترامب السابقة".

المحلل السياسي الفلسطيني نهاد أبو غوش لـ"حفريات": الولايات المتحدة ليست مصرة على افتتاح القنصلية، ولكن ما يجري من ضغوط أمريكية هو محاولة ما تزال لفظية

وتوقع أبو غوش أن "ترضخ الإدارة الأمريكية في نهاية المطاف للموقف الإسرائيلي الرافض لافتتاح القنصلية في القدس، واللجوء إلى الخيارات الإسرائيلية المقبولة، من خلال إقدام واشنطن على فتح  قنصليتها سواء في رام الله أو أبوديس، وهذا المقترح قدمه زعماء إسرائيليون".

هل إدارة بايدن في مآزق؟

بدوره أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس الدكتور سعيد زيداني على أنّ "إدارة بايدن لن تتراجع عما قامت به إدارة ترامب من نقل السفارة واعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، في المقابل من الصعب موافقة بايدن وإدارته على السيادة الإسرائيلية على القدس الشرقية، لأنّ ذلك يعني إغلاق جميع الطرق والآفاق أمام استئناف المسيرة السلمية والمفاوضات مع الفلسطينيين".

وبيّن زيداني في حديثه لـ"حفريات" أنّ المقترح الإسرائيلي الذي قدمه وزير الخارجية يائير لابيد في محاولة لاحتواء التصعيد بين واشنطن وتل أبيب لا يمكن قبول أمريكا به، "لأنّ نقل مركز العلاقة مع الفلسطينيين إلى رام الله، يعني تغييراً جوهرياً في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط".

اقرأ أيضاً: إيران تعود للتفاوض النووي وإسرائيل ترفع جاهزيتها العسكرية

وأوضح أنّ "إدارة بايدن تتجنب حالياً الضغط على حكومة بينيت – لابيد، حتى لا يحرجها ذلك أمام خصومها من المعارضة وخاصة نتنياهو الذي لا ترغب إدارة بايدن في عودته، وبالتالي من الأرجح أن يطول الأمر قليلاً، حتى لا تساهم الخطوة في إضعاف حكومة بينيت وربما انقسامها وانهيارها".

تحالف عميق

وتابع زيداني إنّ "الرفض الإسرائيلي هو نوع من الامتناع، ولكن في حال وجود رغبة أمريكية جدية لن يصمد هذا الرفض، في المقابل إنّ أي خلاف بين إسرائيل وأمريكا لا يمكن أن يفسد التحالف الإستراتيجي العميق بين الطرفين، الذي يشمل جميع مجالات السياسة والاقتصاد والأمن والدبلوماسية، وبالتالي قضية القنصلية هي مجرد مسألة صغيرة قياساً بحجم العلاقات والتفاهمات المتشابكة".

أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس الدكتور سعيد زيداني: الرفض الإسرائيلي هو نوع من الامتناع، ولكن في حال وجود رغبة أمريكية جدية لن يصمد هذا الرفض

ولفت إلى أنّ "إسرائيل تحاول فرض واقع جديد ينزع التمثيل الفلسطيني في القدس، فمسألة القنصلية سياسية بالدرجة الأولى، فهي لا تريد للفلسطينيين سواءاً كانوا بصفة رسمية أو فردية أنّ يتواجد تمثيل لهم في القدس، فخطوة فتح القنصلية بالنسبة للإسرائيليين، تعني وجوداً ورمزية للفلسطينيين وهذا ما لا تريده إسرائيل".

يذكر أنّ القنصلية الأمريكية في القدس، مهمتها التواصل مع الفلسطينيين في القضايا التي تخص الجانبين، وذلك بعيداً عن السفارة التي تختص بالاتصال مع الإسرائيليين، في المقابل لم تحدد إدارة بايدن موعد إعادة فتح القنصلية، ولكن الفلسطينيين أعربوا عن أملهم أن يكون ذلك قريباً.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية