لماذا رفضت القوى السياسية والقبلية قرارات الرئيس اليمني؟

لماذا رفضت القوى السياسية والقبلية قرارات الرئيس اليمني؟


20/01/2021

أثارت قرارات الرئيس اليمنيّ، عبد ربّه منصور هادي، موجة كبيرة من الغضب بين المكوّنات السياسيّة المشاركة في الحكومة المنبثقة عن اتفاق الرياض؛ لما رأوه فيها من مخالفة صريحة للاتفاق، وتمكين لحزب الإصلاح الإخواني، ومتورّطين في قضايا فساد.

وأصدر هادي مراسيم رئاسية بتعيين مدّعٍ عام من خارج السلك القضائي، ورئيس لمجلس الشورى، ونوابه، إضافة إلى أمين مجلس الوزراء، ما تسبّب في غضب شعبي كبير، وأثار الغضب القبلي في مأرب.

اقرأ أيضاً: اليمن: لماذا أثار إعلان الإخوان افتتاح ميناء قنا كل هذه السخرية؟

ودانت كافة القوى السياسية التعيينات الرئاسية، عدا حزب الإصلاح الإخواني، الذي صبت هذه القرارات في مصلحته، عبر تمكين قياداته في مناصب مهمّة.

قرارات مثيرة للجدل

وأصدر الرئيس اليمنيّ قرارات جمهورية، في الخامس عشر من الشهر الجاري، نصّت على؛ تعيين أحمد عبيد بن دغر رئيساً لمجلس الشورى، وعبد الله محمد أبو الغيث نائباً له، و وحي طه عبد الله جعفر نائباً ثانياً، وتعيين مطيع أحمد قاسم دماج أميناً عاماً لمجلس الوزراء، وتعيين أحمد أحمد صالح الموساي نائباً عاماً للجمهورية.

رئيس مجلس الشورى المعين، أحمد عبيد بن دغر

ورفضت معظم القوى السياسية المشاركة في الحكومة الشرعية هذه القرارات. وفي تصريح للمتحدّث الرسمي باسم المجلس الانتقالي الجنوبي، أكّد عضو هيئة الرئاسة، والمتحدث الرسمي، على كثيرين؛ أنّ هذه القرارات تعدّ تصعيداً خطيراً، وخروجاً واضحاً ومرفوضاً عن ما تمّ التوافق عليه، ما يعدّ نسفاً لاتفاق الرياض.

وقال الكثيري: "تتدارس هيئة رئاسة المجلس ما حدث، وستعلن موقفاً رسمياً في القريب العاجل".

وفي السياق ذاته؛ أعلن الحزب الاشتراكي اليمني، والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، في بيان مشترك، رفضهما للقرارات،  ووصفا التعيينات بأنّها: "خرق فاضح للدستور، وانتهاك سافر لقانون السلطة القضائية، وانقلاب على مبدأ التوافق والشراكة الوطنية، ومرجعيات المرحلة الانتقالية".

تحذيرات من مخاطر تعيين نائب عام موالٍ لحزب الإصلاح الإخواني على جهود مكافحة الإرهاب، حيث يرتبط الحزب بتنظيمَي؛ داعش والقاعدة

وطالب الحزبان الرئيس هادي "بالتراجع عن هذه التعيينات، وإنهاء حالة التفرّد، والالتزام بالشراكة والتوافق ومبادئ المرجعيات الحاكمة لإدارة المرحلة الانتقالية".

ومن جانب آخر؛ علّق رئيس مجلس الشورى المُعين، أحمد عبيد بن دغر، على القرارات، مؤكداً على شرعيتها، بالقول: "شكراً، فخامة الأخ الرئيس، على تكليفنا برئاسة مجلس الشورى، لقد مارستم حقّكم الدستوري، وترجمتموه بما رأيتم فيه خيراً لليمن واليمنيين، وخطوة مهمة في الطريق، لقد منحتمونا فرصة للعمل معكم، سنكون -إن شاء الله- عند حسن ظنكم بنا، وفي مستوى الأمل الذي يعلقه شعبنا على قراراتكم الوطنية الصائبة".

مخالفات دستورية

وتعدّ القرارات الرئاسية تهديداً لمبدأ الشراكة الذي نصّ عليه اتفاق الرياض، الذي تشكّلت على إثره الحكومة الجديدة، التي تعبّر عن النفوذ السياسيّ للقوى الفاعلة في المناطق المحررة من سيطرة الحوثيين.

أحمد الموساي

وهناك مآخذ عدّة على هذه القرارات، تنقسم إلى؛ الانفراد الرئاسي بقرارات مهمّة، وينبع ذلك من كون سلطة هادي لا تعبّر عن جميع القوى السياسية؛ فحتى الأمس القريب كانت القوات الجنوبية تخوض قتالاً عنيفاً ضدّ قوات الجيش، التي يعدّ هادي قائدها الأعلى.

إضافة إلى المآخذ الدستورية حول تشكيل مجلس الشورى، الذي عُطل عقب الانقلاب الحوثي، عام 2015، وانقسام أعضائه، وعدم إشراك الحراك الجنوبي فيه.

وكان مجلس النواب قد أقرّ تعديلاً دستورياً، أتاح زيادة عدد أعضاء مجلس الشورى من 111 عضو إلى 221 عضو، لاستيعاب الحراك الجنوبي والحوثيين ومكونات أخرى، وذلك في 4 حزيران (يونيو) 2014، لكنّ عُطِّل المجلس، ولم يتم ضمّ أعضاء جدد.

اقرأ أيضاً: هل ربطت واشنطن الصراع اليمني بالبرنامج النووي الإيراني؟

وجاءت تعيينات الرئيس في مجلس الشورى لتنسف التعديل الدستوري الذي كان وراءه، وهو ما عدّته الأحزاب والقوى السياسية مخالفة دستورية واضحة، إلى جانب استمرار نهج تنحية الجنوب من مؤسسات الدولة.

وتعليقاً على ذلك؛ يقول عضو الجمعية الوطنية الجنوبية، وضاح بن عطية: "قرار تعيين أحد كبار الفاسدين، ممن أحيلوا إلى التحقيق، رئيساً لمجلس الشورى، فيه استفزاز للشعب الذي طالب بمحاكمة الفاسدين، وفيه مخالفة لاتفاق الرياض الذي نصّ على التوافق، ومحاسبة الفاسدين، وفيه مخالفة دستورية؛ حيث ينصّ الدستور اليمني على أن ينتخب أعضاء مجلس الشورى رئيساً من بينهم".

عضو الجمعية الوطنية الجنوبية، وضاح بن عطية

علاوةً على ذلك؛ هناك مأخذ شخصية على بن دغر، وعنها يقول الكاتب اليمني، صلاح السقلدي: "رئيس مجلس الشورى المعيّن، بن دغر، متهم بالفشل والفساد حين كان رئيساً للحكومة، ومحال للمحاكمة وفق القرار الرئاسي الذي أقاله من رئاسة الحكومة عام 2018".

مخالفات قضائية

 وأثار القرار الجمهوري رقم أربعة غضباً قضائياً كبيراً؛ بسبب تعيين مسؤول أمني سابق، في منصب النائب العام، الذي جرى العرف على أن يكون من السلك القضائي.

وأصدر نادي القضاة الجنوبي بياناً دان فيه تعيين أحمد أحمد صالح الموساي نائباً عاماً للجمهورية، ووصف القرار بأنّه "مخالف لقانون السلطة القضائية"، مشيراً إلى أنّ؛ تعيين النائب العام يصدر بقرار جمهوريّ، بناء على اقتراح مقدَّم من رئيس مجلس القضاء الأعلى، بعد موافقة المجلس، بحسب المادة (60) من قانون السلطة القضائية رقم (1) لعام 1991، وتعديلاته لعام 2013.

الكاتب اليمني صلاح السقلدي لـ"حفريات": يستحوذ حزب الإصلاح الإخواني على مؤسسات الدولة؛ السياسية والعسكرية، وهو الأمر الذي يزعج المجلس الانتقالي

وقال البيان عن القرار: إنّه "يتنافى مع مبدأ استقلالية القضاء، والديمقراطية الناشئة التي تتماشى مع المجتمع الليبرالي، ويتنافى ذلك مع المعايير الدولية بشأن القضاء واستقلاله".

وفي تصريح آخر للناطق الإعلامي باسم النادي، القاضي شاكر محفوظ بنش، في 16 كانون الثاني (يناير) الجاري، أعلن أنّ المكتب التنفيذي لنادي القضاة قرّر إعداد دعوى إدارية مستعجلة، للتقدم بها أمام المحكمة الإدارية الابتدائية في عدن، بإلغاء القرار الجمهوري رقم 4.

ولم تقف ردود الفعل الغاضبة على المواقف القانونية والسياسية؛ حيث خلّف القرار الرابع ردود فعل قبلية غاضبة؛ إذ دانت قبيلة مراد، كبرى قبائل مأرب، والتي تضطلع بدور كبير في محاربة الحوثيين،  القرار، بسبب عزل النائب العام السابق، علي الأعوش، المنتمي لها.

وأصدرت القبيلة بياناً، في 16 من الشهر الجاري، ندّدت فيه بعزل الأعوش، وطالبت الرئيس بالتراجع عن القرار، مؤكدة أنّه استهداف لها، وانتقاص من تضحياتها في سبيل الوطن.

تمكين الإخوان

وإلى جانب الانتقادات الدستورية والقانونية والقبلية، هناك بعد آخر، وهو أنّ قرارات هادي لا تخدم أحد سوى الذراع السياسية للإخوان المسلمين، حزب الإصلاح، الذي فقد هيمنته على الحكومة، بعد سيطرة دامت 5 أعوام.

اقرأ أيضاً: ميليشيات الحوثي تستكمل مخططات إفساد قطاع التعليم في اليمن... ماذا فعلت؟

ويبين وضاح بن عطية، في حديثه لـ "حفريات"، كيف يهدّد تمكين الإخوان المنجزات الأخيرة، قائلاً: "القرارات لا تخدم إلا تنظيم الإخوان اليمني وشركائه الفاسدين، وقد فكّت الخناق عن الحوثيين، بعد التوافق الذي حصل، وشروع الحكومة في عدن بالعمل بكلّ يسر، وبعد تصنيف أمريكا الحوثيين، أتت القرارات لتعيد الصراع إلى الداخل، وقد أنقذت الحوثي، وهذه ليست المرة الأولى".

وبدوره، يؤكد الكاتب اليمني، صلاح السقلدي، خطورة الانفراد الرئاسي بالتعيينات، وتهديد ذلك لمبدأ الشراكة الوليد، خاصة أنّ الجنوب اليمني عانى من التهميش والإقصاء منذ الوحدة الاندماجية، عام 1994.

الكاتب اليمني، صلاح السقلدي

ويقول السقلدي، لـ "حفريات": "تقريباً يستحوذ حزب الإصلاح الإخواني على مؤسسات الدولة؛ السياسية والعسكرية، وهو الأمر الذي ظل يزعج المجلس الانتقالي، ويحذّر من مغبة ذلك على حكومة المناصفة، وعلى قرارات الرئاسة، ويزيد من حساسية ذلك غياب الثقة، التي  تكاد تكون معدومة بسبب تراكمات ربع قرن من الصراع".

ويُحسَب النائب العام الجديد، أحمد الموساي، على الإخوان المسلمين، ما يهدّد بفقد النيابة العامة استقلاليّتها، ويوظّفها في خدمة الإخوان، والنيل من خصومهم.

واستنكر الكاتب، صلاح السقلدي، تعيين مسؤول أمني إخواني، شارك من قبل في محاولة الإخوان اقتحام عدن، في منصب من المفترض أن يمثّل الشعب، ويدافع عن مصالحه.

اقرأ أيضاً: اليمن: إدراج الحوثي على قوائم الإرهاب ينقذ المدنيين

ونوّه عضو الجمعية الوطنية الجنوبية، وضاح بن عطية، إلى أنّ تعيين نائب عام موالٍ للإخوان يمثّل خطورة على جهود مكافحة الإرهاب؛ حيث يرتبط حزب الإصلاح بتنظيمَي داعش والقاعدة، ويوظّفهما ضدّ الانتقالي الجنوبي، خاصة في شبوة.

وكان النائب العام الجديد، أحمد الموساي، وكيلاً لوزارة الداخلية لقطاع الأمن، وهو من مواليد مديرية حريب في مأرب، ، وحاصل على الدكتوراه في القانون الجنائي.

كما تضمّنت قرارات هادي تعيين النائب العام السابق، علي الأعوش، سفيراً في وزارة الخارجية.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية